الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يمكن قوله عن الرقية والسحر والشعوذة 2.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

بنعيسى احسينات

2023 / 11 / 23
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية





إن ما يسعد الشيطان الرجيم، ويفتح له باب الوسوسة، هو ضعاف النفوس، وهيمنة النفس الأمارة بالسوء، وغياب كلي أو مؤقت للنفس اللوامة. مما يفتح الباب على مسرعيه، لممارسة السحر والشعوذة بأشكالهما المختلفة، طمعا في تحقيق مكاسب واهية، لا تمت للعقل والواقع بصلة، لا من بعيد ولا من فريب.

من الدين أن نُسَلم بحقيقة الرقية الشرعية، في إطار العقيدة الإسلامية، باعتبار أن الرسول النبي (ص) قد مارسها. لكن في الأصل، يمارسها الفرد على نفسه أو على أهله وذويه، وحتى على غيره، من باب الإحسان والمساعدة عند الحاجة، لكن بدون مقابل. واليوم يمتهنها من هب ودب لربح المال، من دون معرفة وأخلاق، ومن دون هيكلة وتقنين.

فكل من هو مسلم، يصلي بآيات قرآنية قصيرة بسيطة، يستطيع أن يرقي بها نفسه وأهله وذويه، دون اللجوء إلى الراقي المتخصص أو المتطفل في غالب الأحيان، الذي يطلب مقابلا، قد يتجاوز كثيرا ما يطلبه الطبيب. فالرقية هي في حد ذاتها، دعاء وطلب الشفاء من الله، باستعمال آيات من القرآن الكريم، بكل نية وصدق، وبكل خضوع وتضرع.

دكاكينُ ودورُ الرقاة، تنتشر بكثرة في المدن والقرى. تقدم خدماتها للرجال والنساء والأطفال، الراغبين في العلاج وقضاء حاجات مستعصية للحل، في تراجع مؤسسات الاستشفاء والرعاية الصحية في البلاد. إنها تعمل خارج التأهيل اللازم، وخارج الهيكلة والتقنين الشرعيين القانونيين. إنها ظاهرة غير صحية تحتاج إلى ضبط وتنظيم.

انتشار دكاكين الرقية الشرعية في مدن المغرب وقراه، يرجع أساسا إلى النقص والإهمال المهولين، في المؤسسات العمومية للاستشفاء بالبلاد. زد على ذلك، الغلاء الفاحش المستشري في العيادات والمستشفيات الخصوصيتين، وفي الصيدليات ومختبرات التحاليل ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها. ويبقي الملجأ الوحيد، هو الشعوذة والرقية.

من السهل ترقية أي شخص، يكفي حفظ بعض الآيات، والقيام بالرقية المعهودة بصيغتها المتداولة. لكن الأمر يتعلق بالراقي كوسيط بين المُرَقى والله المستجاب. فكيف هي سريرته وهدفه؟ هل هو مقبول وصافي النية؟ هل يطلب مقابلا؟ لذا من الأحسن ممارستها شخصيا، أو من قبل أقرب الناس بلا مقابل. فالله وحده هو الشافي وليس الراقي.

ما دام الشافي والرحيم هو الله، لا نحتاج إلى رقاة محترفين، يحتالون على الناس المحتاجين، بنصبهم وجشعهم المفضوحين. فكيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بهذا العمل المشين؟ وهم يستغلون جهل وضعف وحاجة أناس مغلوبين على أمرهم؟ فكيف يحق للراقي أن يجعل وساطته بين الله وعباده، مهنة من أجل الاغتناء والشافي هو الله لا غيره؟

ما يُساهم في تخَلف المجتمعَ، استعمال الرقية الشرعية، لتضبيع الناس وسلب أموالهم، وهم في حالة ضعف وقلة الحيلة. فممارسة الشعوذة والسحر والرقية، لا تخضع لتنظيم ومراقبة، إنها غير مهيكلة، لا مهنيا ولا دينا ولا قانونا. فمن يحمي الناس من هؤلاء؟ فأين دور الدولة والمجالس العلمية والقانون، للحد من هيمنتهم المتزايدة؟

لقد أصبح التعاطي للرقية الشرعية اليوم، مهنة لمن لا مهنة له، بل طريق للغنى الفاحش، من غير رقيب أو حسيب، على حساب الفقراء وضعاف النفوس. إن كل ما يساهم في تضبيع الناس، مسموح به ومرغوب فيه، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالدين. مثال ذلك التعاطي الفج للرقية الشرعية، وانتشارها في كل مكن، بالمدن والقرى.

في هذه السنين الأخيرة، تم ترويج ملفت، للتعاطي للرقية الشرعية على "الويب" وغيره، أمام غياب ونقص في العلاج الحق، وتخلف وعي الناس. فأين دور المجالس العلمية، في مدننا وقرانا، من دور ودكاكين الشعوذة والسحر والرقية؟ إنها تستغل ضعف الناس وسذاجتهم، وتعمل خارج القانون والضوابط الدينية والأخلاقية.

إن كل ما يساهم في تطبيع الناس، مسموح به ومرغوب فيه، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالدين. مثال ذلك، التعاطي الفج للرقية الشرعية. لكن في هذه السنين الأخيرة، تم ترويج ملفت، للتعاطي لهذه الظاهرة على المواقع الاجتماعية، أمام غياب ونقص في العلاج الحق، وتخلف وعي الناس، وغياب التنظيم والهيكلة للمجلس العلمي ووزارة الأوقاف.

أغلب ممارسي الرقية الشرعية، هم شباب عاطل، أو فاشل في الدراسة، أو فاقد لمهنة ما، يحفظ بعض الآيات وبعض الطقوس، حسب مطالب المهنة. إلا أنه في كل راق من الرقاة، ساحر ومشعوذ بالقوة. فهو يمارس كل هذا بالفعل دفعة واحدة، للنصب على الناس، خارج الضوابط الدينية والشرعية والقانونية.

ليس الثمن المقترح، أو أسلوب المعالجة والكاريزما والمعرفة لدى الراقي، هو السبب في نجاح عمله وإقبال الناس عليه، بل الأمر يعود إلى مشيئة الله، ونية المترقي وصدقه. فكل ممارس للفرائض، باستطاعته ترقية نفسه، وأفراد أسرته وعائلته، ما دام يحفظ بعض الآيات من الذكر الحكيم. فالرقية بالمقابل تجارة بالقرآن، والله هو الشافي لا غيره.

إن الهدف من الرقية الشرعية، هو التخفيف من ما نزل؛ قد يصيب الصحة البدنية، أو العقلية أو النفسية، وليس ابتزاز الناس المغلوبين على أمرهم، من أجل الاغتناء. فمع ذلك نجد جل ممارسي الرقية الشرعية، يمارسون معها السحر والشعوذة، تحت غطاء الدين، بواسطة القرآن الكريم، في غياب الضوابط الدينية والقانونية.

ليست ممارسة الرقية مهنة من المهن. بل هي في الأصل أفعال، كان يقوم بها النبي (ص) أو الصحابة، ثم الفقهاء والشيوخ بعد ذلك. وذلك طبعا بدون أي مقابل كان. واليوم في الغالب، يحارب الرقاة الجدد، كل ما هو علمي وطبي وصيدلي، لأنهم جاؤوا ليقوموا مقام كل هذا. ولقد يلجأ المستضعفين إليهم، لصعوبة ولوج مستشفيات للعلاج.

أغلب ممارسي الرقية الشرعية، هم شباب عاطل أو فاشل في الدراسة أو فاقد لمهنة ما، يحفظ بعض الآيات وبعض الطقوس، حسب مطالب المهنة. هكذا ينتعش ويزدهر السحر والشعوذة والرقية الشرعية، في عالم يعيش تحت وطأة الجهل والفقر والتخلف، في أحضان القهر والاضطهاد والتسلط، خارج أي محاسبة.

جل ممارسي الرقية الشرعية، يمارسون معها السحر والشعوذة، تحت غطاء الدين، بواسطة القرآن الكريم، في غياب الضوابط الدينية والقانونية. ففي الغالب يحارب هؤلاء الرقاة، كل ما هو علمي وطبي وصيدلي، لأنهم جاؤوا ليحلوا مكانهم، وقد يلجأ الناس إليهم مرغمين ومكرهين، لصعوبة ولوج المستشفيات والمصحات للعلاج.

إن الهدف من الرقية الشرعية، هو التخفيف من ما نزل؛ قد يصيب الصحة البدنية، أو العقلية أو النفسية، وليس ابتزاز الناس من أجل الاغتناء . فممارسة الرقية الشرعية أصلا، ليست مهنة من المهن، هي في الأصل أفعال كان يقوم بها النبي (ص) أو الصحابة، ثم الفقهاء والشيوخ. وذلك طبعا بدون مقابل.

إن كل ممارس، للفرائض المفروضة من الله عز وجل، باستطاعته ترقية نفسه، وأفراد أسرته وعائلته، ما دام يحفظ بعض الآيات من الذكر الحكيم. لأن جل الرقاة يبيعون خدماتهم، بل يتفاوضون على الثمن وعدد الجلسات العلاجية، كأنهم خريجي أرقى الجامعات والمعاهد. فهل القرآن أصبح للبيع والشراء؟

ليس أسلوب المعالجة والكاريزما والمعرفة لدى الراقي، هو السبب في نجاح عمله وإقبال الناس عليه، بل الأمر يعود إلى نية المترقي وصدقه، إن العيب ليس كله في ممارس الرقية، بل بالخصوص، في الذين يلجئون إليه، طلبا للعلاج أو التدخل في حالتهم الصحية العقلية منها والنفسية. فكيف يثقون في أوهام شخص لا يفيدهم بشيء؟

إذا كان للرقاة الحق في الممارسة، فعلى المجلس الأعلى للعلماء، تنظيم مباراة لذلك، مع تحديد اختصاصهم، وإخضاعهم للمراقبة وللضربة كالمهن الأخرى. لكن الدولة بمجلسها الأعلى للعلماء، مخترقة من طرف ممارسي السحر والشعوذة والرقية، لغض الطرف عن ممارساتهم وأفعالهم، وحمايتهم إن اقتضى الحال.

يبيع جل الرقاة خدماتهم، بل يتفاوضون على الثمن وعدد الجلسات العلاجية، كأنهم خريجو أرقى الجامعات. فهل القرآن أصبح للبيع والشراء؟ إن تشجيع كل ما "يُضبع" المواطنين، أمسى أمرا اعتياديا، يستقبله الناس بشكل عادي، ويعملون على ترويجه بينهم؛ كالسحر والشعوذة والرقية. فمتى يعرف الوعي طريقه إلى الناس؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو