الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة المفهوم والآثار وسبل للمواجهة-الحلقة -2

ابراهيم حجازين

2006 / 11 / 19
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الآثار الناجمة عن العولمة أو عن سياسات الليبرالية الجديدة المعممة على العالم
يقول أنصار العولمة أن زمن الدولة القومية قد ولى وأن التحكم بالعمليات الاقتصادية والاجتماعية من قبل هذه الدولة أصبح عديم الفاعلية لأن قوى السوق قد نحتها جانبا لذا فالمطروح حاليا هو التحرر من قيود السياسة وإعطاء الدولة القومية وظائف البلديات ، وهكذا فقط يسمح للشركات والأسواق أن تتحكم بتوزيع عوامل الإنتاج بما يحقق لها أعظم منفعة ويستطرد هذا الخطاب إن حقوق العمال ونظم الرفاه الاجتماعي التي سادت في المرحلة السابقة ويعنوا بها فترة الحرب الباردة ووجود الاتحاد السوفيتي تقوض القدرة التنافسية للمجتمعات الغربية وهذا يجب أن نتخلص من مخلفاتها ومن المكتسبات التي حققتها طبقات العمال والطبقة الوسطى .
إذا تسعى الدوائر الليبرالية لسحب مكاسب هذه الطبقات وهو يعبر عن إرادة سياسة واعية في مصلحة الشركات الاحتكارية الدولية . لذا يمكننا الاستنتاج أن هذه العولمة في حقيقتها ليس إلا نتيجة حتمية خلقتها سياسات معينة بوعي وإرادة الحكومات والبرلمانات التي وقعت على القوانين التي فرضت بالقوة تطبيقات السياسات الليبرالية الجديدة ، وألغت الحدود والحواجز أمام حركات تنقل السلع ورؤوس الموال وسحب المكاسب التي حققت سابقا وسيتم من خلال منظمة التجارة الحرة توقيع العقوبات على من لا يذعن لهذا .
ومع السير على هذا المنوال يزداد تركز الثروة وتتسع الفروق بين البشر والدول اتساعا لا مثيل له ، فالإحصائيات تكشف أن هناك حوالي 358 ملياردير يملكون ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من البشر .ومن نتائج نمو هذه الظاهرة ستزداد البطالة وتقلص قدرة المستهلكين واتساع دائرة المحرومين جراء سياسات الليبرالية في الركض وراء الأرباح .
تنادي العولمة بالديمقراطية على أساس أن الديمقراطية مرتبطة باقتصاد السوق لكن في الحقيقة الأمر مختلف لأن ضرب مكتسبات الناس وزيادة استغلالهم تتناقض مع التوجه لتجاهل البعد الاجتماعي لآثار العولمة مما يدمر الاستقرار الاجتماعي الذي عرقلته العولمة وهذا سيفرض نظم تسلطية على الشعوب لقمع مقاومتها لتأثير الاتجاهات الرأسمالية الحديثة ،وفاتحة انعدام خيار الديمقراطية أو التراجع عنه القوانين التي أقرت تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وهكذا فإن الديمقراطية ستكون ديمقراطية الأغنياء في الدول الغنية ، وبالمقابل سيمارس التسلط على البقية الباقية من البشر .
أما التوقعات الأكثر مأساوية لآثار العولمة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فهي كما أشار بعض الباحثون بأن 20% من سكان الأرض سيكونون قادرين في المستقل على سد حاجاتهم أما الباقون فسيعتبرون سكان فائضين في نموذج العالم الجديد وستلتحق نسبة قليلة من سكان العالم النامي بالناجين من طوفان العولمة أو سياسات الليبرالية الجديدة وهي بالمناسبة تتشكل من أصحاب رؤوس الأموال المرتبطين بالاحتكارات الغربية .
ما العمل ؟
إن مجابهة هذه الظاهرة هي محلية وصراع عالمي يشترك به كل الناس الذين تتضرر مصالحهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم ، فسياسات أنصار العولمة المحليين هي محلية في الأساس ، وتقوم على تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة في مجال تشريع القوانين الخاصة بالاقتصاد والسياسيات النقدية والمالية والثقافة وحقوق الإنسان وخاصة العمال بهدف الانقضاض على المكتسبات التي تحققت في الفترة السابقة ، وفي مجال السياسات المحلية والقومية والخارجية فإن السياسات المعولمة تخضع خضوعا تاما للمصالح الأمريكية ومتطلباتها في المنطقة . إن المجابهة والتصدي للعولمة هو عمل إنساني في الدرجة الأولى يهدف إلى الحفاظ قيمة الإنسان أمام هجمة وحشية لا مثيل لها في التاريخ البشري تطال مقومات الوجود الإنساني نفسه ، لذا فإن مناهضة هذه السياسات ذات بعد أممي ، أما على صعيد المواجهة العملية فإن الأمر ذو بعد محلي وقومي واضح وتتطلب عمل علمي وسياسي جاد للكشف عن آثار تطبيق مثل هذه السياسات في بلداننا قوميا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، فإن الأمر يفترض أيضا التنسيق المشترك على الصعيد العربي والدولي مع كافة من يقاومون مثل هذه السياسة وآثارها والقيام باختراقات لآلياتها وقوانين السوق لتضيق مجال عملها ،ويمكن إجمال أثار العولمة في بلداننا وخاصة على صعيد العمال والمستخدمين بما يلي :
بزيادة البطالة وانخفاض الأجور وتقلص وتراجع الخدمات الاجتماعية المختلفة أمام سطوة الخصخصة وتراجع دور الدولة في النشاطات الاقتصادية وبيع مقدرات الوطن لشريك استراتيجي استحوذ على عوائد الشركات التي شارك فيها وحرم أصحابها الشرعيين منها . وسياسيا تتعرض المنطقة كلها للتمزق والتفتيت إلى كانتونات طائفية وعرقية وإعادة صياغتها من جديد لإخضاعها لهيمنة وكيل محلي لصاحب النفوذ الدولي تحقيقا لهيمنة إمبراطورية دولية تجعل من العمال والمستخدمين وكافة البشر في المنطقة عبيد في آلة الاستغلال الوحشية للرأسمالية المعاصرة ، كما وستتراجع الثقافة العربية أمام ثقافة الوجبات السريعة والكوكا كولا وما يترتب على ذلك من انهيار خلقي وذوقي ...الخ
بعض المقترحات على هذا الصعيد:
1-إصلاح حال البلاد العربية ديمقراطيا من خلال إقامة برلمانات حقيقية منتخبة وترسيخ مبدأ تداول السلطة وتقوية العمل العربي المشترك .
2-تحرير الفئات غير القادرة من سطوة قوى السوق مثل الأطفال والشيوخ والفقراء والعاطلين عن العمل .
3- العمل استمرا تقديم خدمات التعليم والصحة المميزة كحق شرعي للمواطنين واستمرار تقديم الوقود والكهرباء والماء للمواطنين بأسعار مخفضة بما يفي بحاجاتهم المعيشية .
3-إخراج مناطق محددة بسبب الأوضاع المتردية فيها –الفقر، والأمراض الوبائية ، والكوارث وعدم القدرة تسديد متطلبات خدمات الصحة والتعليم - من مجال قوانين العرض والطلب .
4-تطوير مؤسسات المجتمع المدني العاملة في كافة المجالات النقابات، البيئة ،حقوق الإنسان ، الرعاية للحالات الخاصة ،الطفل، المرأة ، العمل الخيري ، شبكات العمل الاجتماعي ..
5-تطوير التنسيق الاقتصادي بين الدول العربية وتحقيق السوق العربية الحرة وصولا إلى عملة موحدة.
6-وضع قوانين ضريبية عادلة تخدم الاقتصاد الوطني ومصلحة الأكثرية من السكان وتوحيدها مع الدول العربية .
7- فرض ضرائب عالية على السلع والخدمات الكمالية المستوردة .
8-وضع معايير بيئية على الصناعات المختلفة الأجنبية والمحلية .
9- تنشيط النقابات في مسالة الدفاع عن مكتسبات العمال والمستخدمين وإيجاد آليات اجتماعية لمساعدتهم بما فيها بدل البطالة والتأمين صحي بما يضمن زيادتها بارتفاع مستوى الأسعار ضمن معادلة متفق عليها مع ممثلي العمال ومنظماتهم النقابية.
10-تطبيق قوانين ضريبة الدخل تصاعديا وتخفيض الضرائب غير المباشرة
11- التنسيق مع المؤسسات المناهضة للعولمة والعمل على الاستفادة من خبراتها وصولا إلى تشكيل جبهات عالمية.
12- رعاية الثقافة القومية والتراث القومي ودمقرطة الحياة الثقافية والانفتاح على الحضارة والثقافة الإنسانية واستثناء هذه النشاطات من قيود قوانين العرض والطلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24