الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية المعرفة الشاملة والاستبداد الشعري

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 11 / 19
الادب والفن


بعد ان انهيت قراءاتي للكتاب المهم (الانسان المهدور ) لمؤلفه المعروف (مصطفى حجازي ) والذي جاءتكمله لكتابه الذي اثار جدلا في الاساط الثقافية في ثمانينات القرن الماضي(سيكولوجية الانسان المقهور ).اثارت قراءاتي لهذا الكتاب اشكالية معرفية مازالت تعاني منها الثقافة العراقية يدلل عليها نقص فادح في المكتبة العراقية فيما يتعلق من فضاءت ثقافية ومعرفية خارج الاطار الشعري او الابداع التقليدي لصنوف البلاغة في بقية اشكال السرد الاخرىوالتي تسيدت هذه الثقافة لعقود من السنين للدرجة التي انتجت بها ظواهرا ابداعية وتفرعت تحت ظلالها جماعات ادبية وتحقبت فيها ما يسمى بالاجيال الادبية والتي اثارت الكثير من الجدل والتساؤل لدى الباحثين والمؤرخين والمعنيين بخصوصية الثقافة العراقية واسهاماتها الانسانية.
وازاء ذلك ظلت المشاريع الفكرية والتجديدية والمعرفية التي تتفرع اوتصب في فروع االمعرفة ومجالاتها الحيوية والملتصقة بالواقع وارهاصاته التغييرية ومواكبة تحولاته والسعي لاادراكها وتبسيطهاوخاصة في المجال السياسي والعلوم المتعلقة بعلم النفس السياسي اودراسة ظاهرة الاحزاب او تاسيس الثقافة الديمقراطية اوترسيخ الوعي الاجتماعي وفروضه ونظرياته الحديثة.
بقيت هذه المشاريع بحدود المبادرة الفردية والمبدع الموهوب ذو البصيرة العلمية والوطنية كمحاولات (عبد الفتاح ابراهيم) في الفكر الديمقراطي و(على الوردي) في علم الاجتماع و(فيصل السامر) في الرؤية الجديدة ةللتاريخ الاسلامي و(نوري جعفر) في المشروع العلمي التقدمي ونظرياته الانسانيةو(ابراهيم كبة )في الفكر الاقتصادي و(حسام الالوسي )في المشروع الفلسفي وغيرهم ممن يعدون عدابعدد المحاولات التي لم تتحول لظاهرة ابداعية تاليفية كما هوالحال في المجال الادبي الذي هيمن على الذائقة والسوق العراقيين لعقود من السنوات
لايمكن الخوض في اسباب هذه الظاهرة او الاشكالية المعرفية بهذا العجالة بقدرالذي يعنينا هنا اثارة المشكلة لااستفزاز الاخرين لحلها اووضعها نصب الاهتممام والرعاية.بدلا من الاستفاضة فيها.
تبدو مفارقة هذه الاشكالية واضحة من خلال الهوة الكبيرة ما بين مجريات الوقع الدرامية ومتغيراته الفجائعية وما بين قدرة المثقف على تحليل هذا الواقع واستشراف البدائل الممكنة خارج النسق السياسي التقليدي وفضاءته المحددة بهويات اثنية وعرقية وطائفية تتنافى والمنطق الثقافي والمعرفي وتهدد كيان الوطن والمواطنةاللتين لم تجدا تماهيا ملائما لهما في ادبيات وابداعات ا لكتاب العراقيين الذين افرطو ا كثيرا في الانغماس بالنظريات الاسلوبية الادبية ومدارسها ومعارك اولويات الاجيال الادبيةا واهمال الواقع بحثا واستشرافا ومجريات وكذلك الموروث الثقافي الوطني في بيئاته العراقية المتنوعة.
ولربما بالامكان تاجيل النقاش في هذه الاشكاليةحتى اشعار اخر ولكن الذي لايحتمل تاجيله هو السؤال الذي يلح على المثقف العراقي في هذه المرحلة المتداعية المصبوغة بالدم واهدار الكرامة الانسانية وهزيمة العقل والاعتدال في معركة غير متكافئةيتلخص السؤال ببساطة.:
ماذا نقرا؟وماذا نكتب ؟في مثل هذا الواقع المتداعي والمائل للانهياروالتدميروالخراب.
سؤال استفزازي لفتح ابواب جديدة في فضاء الثقافة العراقية في مرحلتها الجديدة وقد ينفتح على اجابات متشعبة واشكاليات كبيرة تنتظر الحلول والمعالجة
مثلا لماذا افتقرت مكتبتنا الى الان لدراسة نفسية علمية توظف جميع العلوم لبحث (ظاهرة الاستبداد والطغيان )الذي اكان سببا مباشرا بهذا الخراب وعاملا مهما من عوامل العقم الثقافي وتقنيناته التعسفية ؟
لماذا يقف المثقف مذهولا لحد الخرس في تحليل مايجري من نزيف دموي سببه حروب طائفية ومعارك لهويات فرعية ضيقة وهي بالتاكيد نتائج طبيعية لاشكاليات اجتماعية وسياسية وثقافية اهملتها الثقافة العراقية في غمرة انشغالاتها الشعرية والسردية وتحقيب اجيالها،ماعداحسرات يقدمها النص الابداعي لاتغن عن تحليل الظاهرة ولااستشراف بدائلها الممكنة.
ولكن هل يعني ذلك تجاهل صنوف الكتابة والتاليف الجمالي ونطلق تاريخنا الشعري الذي كتبنا على صفحاته الخالدة اوراق ذاكرتنا الوطنية وتحولاتها السياسية والاجتماعية
لايمكن ذلك ولكن ندعو هنا للتوازن واعادةصياغة المعادلة الابداعية والتاليفية بتجاه الظاهرة المعرفية الشاملة التي تثير الاسئلة وتفتح الافاق وتتماهى مع الواقع وتتخطاه وتعطي دورا جديدا للثقافة والمثقفين العراقيين ووظيفتهما التاريخية
فليس من مبرر لااستمرار السيادة الشعرية والبلاغية على تاريخ ثقافتنا العراقية في لحظة زمنبية فريدة تم بها هزيمة الطغيان والاستبداد بكل اشكالهماوثقافتهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مكتب العربية بفرنسا: التمثيل داخل البرلمان الأوروبي مرت


.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا




.. مفارقة في قضية ترمب ودانيلز.. الممثلة مدينة له بآلاف الدولار


.. مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف




.. -تكسرت أضلاعي والغناء يخنقني-.. سيلين ديون تروي مأساتها مع م