الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدنة المؤقتة الأولى في الحرب الإسرائيلية على غزة ، ومعادلات انتصار حماس .

نزار فجر بعريني

2023 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في اليوم الثالث من الهدنة المؤقتة،
يتحدّث رئيس أركان "جيش الاحتلال" عن استعداده للعودة إلى القتال بكلّ عزيمة، من أجل ...."تفكيك حماس". .
" تفكيك" حماس ؟!
ماذا يعني عمليا، من وجهة نظر مصالح إسرائيل المعادية للتسويات السياسية... وهل يختلف من حيث النتائج والأدوات عن هدف "إسقاطها"، الذي أعلنته حكومة الحرب الإسرائيلية كأولوية في مواجهة عواقب هجوم طوفان الأقصى؟
أعتقد أنّ "تفكيك" حماس يعني تقويض مرتكزاتها العسكرية، خاصة الصاروخية، القادرة على تجاوز حدود قطاع غزة الذي تحكمه، دون إسقاط أدوات سيطرتها على الفلسطينيين داخل القطاع، ومع المحافظة على وظيفتها السياسية الداخلية و إضعاف إمكانيات توظيفها خارجيا كأداة معادية لإسرائيل في سياق الصراع التنافسي الإقليمي مع النظام الإيراني.
ما هي وظيفتها السياسية الداخلية التي تتقاطع مع مصالح وسياسات إسرائيل، المعادية لسبل التسوية السياسية مع الفلسطينيين؟
لفهم طبيعة المعادلة في علاقات "التخادم المتبادل" بين سلطتي حماس وإسرائيل، من الضروري فهم طبيعة سياسات اليمين الإسرائيلي:
يرى اليمين الصهيوني اليهودي المتطرف الحاكم اليوم، والمهيمن على السلطة بعد اغتيال "رابين" ١٩٩٥، أن إقامة دولة فلسطينية على جغرافيا موحدة، تضمّ القدس والضفة الغربية والقدس الشرقية (أو حتى من دون القدس) يشكّل خطرا استراتيجيا على مصالح وأمن إسرائيل العليا، (وهو الخطر الحقيقي، وليس إيران وأذرعتها الميليشياوية، وقنبلتها النووية)، لذلك يجب أن تتمحور السياسات والممارسات الإسرائيلية على منع توفير شروط التسوية( تهويد وضم واستيطان)، وعلى تدمير مقوّماتها الفلسطينية (والإسرائيلية !!)، خاصة تهويد القدس، وجعلها موحّدة كعاصمة للدولة اليهودية، وتقسيم الجغرافيا الفلسطينية بين سلطتين فلسطينيتين، متناحرتين على الحكم والشرعية!!
عندما انسحبت "إسرائيل" من غزة عام ٢٠٠٥، في نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ٢٠٠٠ ٢٠٠٥، كانت تدرك أنّها ستخضع في النهاية لحكم حماس الإنفرادي، المتصارع مع سلطة أوسلو الفلسطينية على شرعية تمثيل وحكم الفلسطينيين، والرافض لكلّ أشكال التسويات السياسية مع إسرائيل.
سيطرة حماس بالقوّة المسلحة على السلطة في غزة، بمواجهة مع سلطة "ابو مازن" الشرعية يؤدّي عمليا إلى تكريس التقسيم السياسي والجغرافي لدولة "فلسطين الموحّدة" التي يعترف المجتمع الدولي بشرعيتها، والتي تقوم على قاعدة سلطة وجغرافيا واحدة.
بناءعليه رؤية ما يبدو موضوعيا من قيام علاقات تخادم متبادل بين قوى اليمين المتطرف الإصولي ، الإسرائيلي والفلسطيني، يبدو لي أنّ السيناريو الأكثر موضوعية في مآلات الحرب الراهنة، مع نهاية اليوم الثالث من الهدنة الأولى، هو الذي يتحدّث عنه رئيس الأركان حول "تفكيك" حماس.
هو سيناريو موضوعي، من وجهة نظر مصالح إسرائيل المعادية للتسويات السياسية.
أعتقد أنّ بقاء حماس، مجردة من السلاح الذي يزيد عن حكم الفلسطينيين، وكسلطة سياسية، منافسة للسلطة الوطنية، يتوافق مع مصالح وسياسات إسرائيل تجاه تدمير مقوّمات التسوية الفلسطينية اوّلا، وفيما يرتبط "بتحييد" ذراع إيران العسكري، ثانيا.
يذكّرنا هذا السيناريو باستراتيجية حكومة "بيغن -شارون" والإدارة الأمريكية (رولاند ريغن- جورج بوش الأب- جورج شولتز - كاسبار واينبرغر) تجاه منظمة التحرير الفلسطينية خلال غزو لبنان في حزيران ١٩٨٢، وحصار بيروت، خلال آب، و صفقة "فليب حبيب" التي أدّت إلى"تفكيك" منظمة التحرير الفلسطينية- "تحييد" قدراتها العسكرية القتالية، مع المحافظة على القدرة للقيام ب"وظيفة سياسية "،هي أهم أخطر الثوابت في السياسات الإسرائيلية التي تفسّر طبيعة قوانين الإشتباك التي صنعتها سياسات إسرائيلية محدّدة مع قيادة حماس، وقد عزّزها السعي الايراني/ القطري لتحويل حماس خصوصا، واليمين الأصولي الفلسطيني بشكل عام، إلى ورقة ضغط في الصراع على السيطرة الإقليمية... ولم تجد معارضة عملية من الولايات المتّحدة...ولا تملك الأنظمة العربية المعارضة لهذا النهج إرادة تغييره ...
هي أيضا إحدى أوجه مشروع "المقاومة" الإقليمي، الذي أنتج كلّ هذا الخراب الحضاري، وبات تغيير قواعد لعبته المحلية والإقليمية الشرط اللازم والضروري لخروج شعوب ودول المنطقة من النفق المظلم.
في ضوء القراءة السابقة، ليس من المرجّح أن تعمل الحكومة الإسرائيلية على تقويض شامل لسلطة حماس سياسيا وعسكريا، إلّا اذا كانت ترى في هذه الحرب فرصة لكسر قواعد اللعبة، وتوجيه ضربة قاضية لمقوّمات التسوية الفلسطينية .
فهل باتت الحكومة الإسرائيلية تملك هذا الترخيص، في ظل متغيّرات مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي؟ هذا ما ستكشفه الأسابيع القليلة القادمة !
على أيّة حال، من الجدير بالذكر أنّ مشروع "التطبيع الإقليمي" الذي تعمل عليه الولايات المتّحدة منذ نهاية ٢٠١٩ بالتنسيق مع مرتكزات سيطرتها الإقليمية الذين تصارعوا على تقاسم الحصص طيلة عقود ، خاصة بعد ٢٠١٠، يسعى إلى قيام تهدئة مستدامة، تُتيح تطبيع العلاقات وشرعنة الوقائع، وتثبّت الحصص، ويضع اللمسات الأخيرة على خارطة السيطرة الجيوسياسية للشرق الأوسط الجديد، التي صنعت وقائعها سياسات ومصالح السيطرة الإقليمية التشاركية للولايات المتّحدة طيلة ما بعد الحرب العالمية الثانية،وعبر ثلاثة مراحل رئيسية- الحرب الباردة، ما بعد الحرب الباردة وهيمنة القطبية الأمريكية، وفي مواجهة استحقاقات الربيع العربي الديمقراطية، خلال سنوات العقد الثاني، حين شكّل "الإسلام السياسي الجهادي"، بأذرعه القاعدية والداعشية والحشدية، أخطر أدوات مشروع السيطرة الإقليميّة التشاركية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتدي ضربا على مسيرة مؤيدة لفلسطين في فلوريدا


.. كيف تحايل ترمب على قرار حظر النشر في قضية شراء الصمت ؟




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح.. 30 ألفا يغادرون يوميا منذ ا


.. جذب الناخبين -غير المهتمين-.. مهمة يسعى لها كل من ترمب وبايد




.. العملات المشفرة.. سلاح جديد لترمب لجذب الناخبين -غير المهتمي