الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهْمُ حلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بإقامة دولتين

ضيا اسكندر

2023 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قديمٌ هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إذ تعود بداياته إلى عام 1897، تاريخ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا، الذي نجم عنه قرار السعي لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. تلا ذلك وعد بلفور عام 1917 وخلاصته تأييد حكومة بريطانيا لإنشاء كيان قومي لليهود في فلسطين، وبدأ تنفيذ المخطط على مراحل بتدفق المهاجرين اليهود من شتى بقاع الأرض إلى فلسطين.
ومع مرور السنين، تفاقم النزاع بين العرب واليهود وصولاً إلى استصدار قرار التقسيم رقم (181) عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية.
رفض العرب هذا القرار؛ لإجحافه بحق الفلسطينيين. إذ تشير بعض الدراسات إلى أن اليهود كانوا أقلية آنذاك (8%) من عدد السكان، وكان قرار التقسيم يخصص لليهود 51% من أرض فلسطين، وقد أعقب ذلك حرب 1948 بعد إعلان قيام دولة إسرائيل وانتهت الحرب بهزيمة العرب، فأطلقوا عليها حرب "النكبة".
وفي عام 1967 قامت الحرب الثانية بين العرب وإسرائيل، ودامت ستة أيام، أسفرت عن هزيمة الجيوش العربية، حيث احتلّت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية. وصدر على إثرها القرار رقم (242) من مجلس الأمن الدولي، القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير، وإنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمناً بإسرائيل، دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين.
وفي عام 1973 قامت حرب تشرين بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وصدر على إثرها القرار الدولي (338) الذي ينص على وقف إطلاق النار والدعوة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (242) لعام 1967 بجميع أجزائه، وإجراء مفاوضات بين الأطراف المعنية تحت الإشراف الملائم بهدف إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
كل هذه الحروب والقرارات الدولية التي صدرت في أعقابها لم تؤدِّ إلى حل النزاع بين الدول العربية وإسرائيل، باستثناء مصر التي وقّعت اتفاقية كامب ديفيد للسلام استعادت بموجبها شبه جزيرة سيناء عام 1978، ومعاهدة أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات عام 1993، والتي عمّقت الشروخات بين فصائل المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى معاهدة السلام في وادي عربه عام 1994 بين الأردن وإسرائيل والتي اتفقا خلالها على التطبيع بين البلدين.
ومع استمرار النزاع والانفراد بالحروب الأخيرة مع إسرائيل، من قبل حركة حماس والجهاد الإسلامي، والرافضتان لمعاهدة أوسلو، اضطرت إسرائيل للانسحاب من قطاع غزة عام 2005 وأخلت مستوطناتها منه.
وفي عام 2006 جرت الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وفازت حماس في قطاع غزة بفضل تعهداتها بالقضاء على الفساد في السلطة الفلسطينية وقتالها ضد إسرائيل، ونشب على إثرها قتال بين قوات فتح وحماس كانت نتيجته سيطرة حماس على قطاع غزة في حزيران 2007.
وتعددت الحروب بين إسرائيل وحماس بعد تولّي الأخيرة الحكم في غزة وصولاً إلى الحرب الدائرة حالياً منذ 7 تشرين أول من هذا العام وحتى كتابة هذه السطور، وارتفعت أصوات بضرورة التعجيل بوقف القتال الذي راح ضحيته الآلاف بين قتلى وجرحى، وذكّرت بضرورة حل النزاع بين الطرفين من خلال إقامة دولتين لوضع حد ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق قرار التقسيم المذكور آنفاً، عن طريق إنشاء دولة فلسطين التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة بموازاة دولة إسرائيل. والذي تم التوافق عليه بموجب معاهدة أوسلو لعام 1993، حيث تم الاتفاق على سلطة فلسطينية انتقالية، تُقام أولاً في غزة وأريحا، وتمتد تدريجياً إلى مناطق في الضفة الغربية، وتأجيل البحث في قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والترتيبات الأمنية، إلى ما بعد ثلاث سنوات من بدء العمل بالسلطة الفلسطينية الانتقالية، على أن تنتهي هذه المفاوضات خلال سنتَين من بدئها، أي بعد خمس سنوات من إنشاء السلطة الفلسطينية، وينتج عنها حل دائم للقضية الفلسطينية بحلول شهر أيار عام 1999، الا أنها لم تتكل بالنجاح ولم تنهي الصراع.

هل يمكن حل النزاع بين الطرفين من خلال إقامة دولتين؟
قدّم القائد عبد الله أوجلان بهذا الصدد أطروحات في المجلد الخامس "مانيفستو الحضارة الديمقراطية"، ومجلد "الدفاع عن الشعب" لحلّ هذا الصراع العصيّ، والمستمر منذ 75 سنة.
ففي المجلد الخامس تطرّق القائد إلى أن الدولتين القوميتين الكردية والفلسطينية لن تجلبا الحل: «الإصرار على الدولة القومية يعني مزيداً من القضايا والتناحر والنزاع. وحتى لو أريد بناء دول قومية أخرى (كالدويلتين القوميتين الكردية والفلسطينية) فإنها لن تجلب الحل. بل ولن تؤدي سوى إلى إضافة قضايا جديدة".
اذا فالدولة القومية أو الدينية – التي يسعى الطرفان إلى إقامتها – لا يمكن أن تجلب المساواة بين المواطنين ممن يختلفون قومياً أو دينياً مع قومية أو ديانة نظام الحكم في تلك الدولة، وبالتالي فإن النزاع بين مواطني الدولة سيبقى مستمراً. والأمثلة على ذلك عديدة في العالم. (سوريا، ولبنان، والعراق، وتركيا، والسودان، ونيجيريا، وميانمار "بورما".. وغيرها الكثير).
وكما قال عبد الله أوجلان: «إن الدولة القومية لا تحل القضايا بل تنتجها، ولن يستطيع أي مشروع إنقاذ الشرق الأوسط من أزماته الغائرة وقضاياه العالقة، أو تجنيبه الحروب والاشتباكات الدموية؛ ما لم يتخطَّ منطق الدولة القومية».
وفي مجلد الدفاع عن الشعب، سلّط القائد عبد الله أوجلان الضوء على أهم النزاعات في الشرق الأوسط والتي أسفرت عن تعزيز النعرات القوموية والدينية بقوله: «لقد أدرك العالم، وبكل يقين، استحالة حل الصراع العربي – الإسرائيلي المزمن عبر النعرات القوموية والدينية، ولا يمكن اختراق هذا الانغلاق إلا بتخطّي القيادة القوموية والدينية، وبروز مجموعة القواد الديمقراطيين».

ومما سبق ذكره، أعتقد أن التغيّرات التي حصلت خلال العقود الماضية في فلسطين، تستوجب البحث عن حلولٍ جديدة منطقية وقابلة للتنفيذ، فالقرارات الدولية ذات الصلة، مضى على أحدثها أكثر من خمسين عاماً، تغيرت خلالها خريطة فلسطين جذرياً وخاصة على الصعيد الديمغرافي، حيث ترعرع جيلان على الأقل من الطرفين؛ وُلِدا فيها وأنجبا أولاداً وأحفاداً، وبات من الصعب إن لم يكن من المستحيل، تهجيرهم إلى بلدان أخرى.
كما أن المطالب الفلسطينية بإقامة دولة، قد اختُزلت لتشمل أقل من 23% من مساحة فلسطين التاريخية التي تبلغ 27.009 كيلو متر مربع، بينما الدولة الفلسطينية المقترحة على الأراضي المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة) فتبلغ 6209 كيلو متر مربع؛ حيث تبلغ مساحة الضفة الغربية وحدها 5844 كيلو متر، وتشكّل 21.6% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية، فيما تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كيلو متر مربع، ويشكل 1.35% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية.
فضلاً عن أن الضفة الغربية فيها أكثر من 800 ألف مستوطن يهودي، وبناء المستوطنات فيها لم يتوقف حتى الآن. كما أن جنوب الضفة الغربية يبعد عن شمال قطاع غزة عشرات الكيلومترات، إذ لا يوجد أيّ اتصال جغرافي بينهما.
والحل بتقديري يكمن بتعايش اليهود والفلسطينيين في دولة واحدة علمانية ديمقراطية واحدة، يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات من دون أي تمييز قومي أو ديني أو جنسي أو عرقي.. وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم والتعويض العادل لمن لا يرغب بالعودة.

ولكن المعضلة الكبرى أن كلا الفريقين المتصارعين يرفضان هذا الحل؛ فإسرائيل تسعى إلى إقامة الدولة اليهودية وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن وإلى سيناء وربما إلى دولٍ أخرى، والاستفراد في وجود اليهود فيها. فيما لا تتنازل المنظمات الفلسطينية، وعلى الرغم من اختلاف فصائلها حول العديد من القضايا، عن إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتُلّت عام 1967 وعلى أن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
عِلماً أنه سبق ووافقت بعض الأحزاب الشيوعية واليسارية في خمسينيات القرن الماضي على اقتراح (الدولة الواحدة للشعبين)، إلا أنها سرعان ما تراجعت عنه بعد أن اتُّهِمت بالخيانة والتفريط في الحقوق وما إلى ذلك.
والحقيقة إن هذا الحلّ يحتاج إلى جهودٍ ومساعٍ كثيرة من دول وأحزاب وشخصيات مشهود لها بالحكمة والجرأة والعقلانية، وإلى ندوات ومؤتمرات عديدة لترسيخ فكرة الدولة الواحدة للشعبين اللدودين.
وأخيراً وليس آخراً، فإن ما يحدد آفاق الصراع الدائر حالياً في الكثير من الملفات العالقة والشائكة في العالم، ومن بينها الملف الفلسطيني الإسرائيلي، هو التغيّرات والتطورات المتسارعة على الصعيد الدولي، والتي تبشّر بولادة عصرٍ جديد يسوده عالم متعدد الأقطاب، وانتهاء الهيمنة الأحادية القطبية إلى غير رجعة، ما يجعلنا نتفاءل نسبياً بإمكانية الوصول إلى حل عادل لهذه الأزمة التي دفع الشعب الفلسطيني تحديداً، أثماناً باهظة بسببها، ومن حق الأجيال الجديدة من هذا الشعب أن تنعم بالأمن والسلام والاستقرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب