الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة بين الكاتبة والساردة في رواية -إلى أن يزهر الصبار- ريتا عودة

رائد الحواري

2023 / 11 / 28
الادب والفن


العلاقة بين الكاتبة والساردة في رواية
"إلى أن يزهر الصبار" ريتا عودة
غالبا ما تأتي النصوص النثرية التي يقدمها للشعراء ممتعة، لما فيها من لغة ولقدرتهم على التصوير وتقديم ما يريدونه بصورة أدبية، اللافت في رواية "إلى أن يزهر الصبار" أنها تتناول أكثر من موضوع، الزواج من الطوائف الأخرى، سلبية رجال الدين والمجتمع من العديد من القضايا الاجتماعية، ممارسات الاحتلال القمعية ضد الفلسطيني وما فيها من تميز عنصري.
إذن الموضوع المركزي يتمثل في الزواج من غير الطائفة وممارسات الاحتلال، بالنسبة للطرح الأول دفع السردة لاستشهاد بنصوص من الكتاب المقدس، بعده القديم والجديد، فهي تماثل حالها بحالة آدم وحواء، حتى أن أبطال الرواية حملوا أسماء "حواء، آدم، حياة" فقدمت قصة حبها وكأنه قصة (مقدسة) تتماثل ما حالة (آدم وحواء) وما خروجهما من الجنة بعد أن تم اعتقال "آدم" من قبل الاحتلال واتهامه بتهم باطلة/كاذبة، إلا مقاربة أدبية/دينية/وطنية/إنسانية لهذه العلاقة.
وإذا ما توقفنا عند طريقة تقديم الرواية نجد أنها جاء من خلال ثلاثة فصول الأول رواه "آدم" والثاني "حياة" والثالث "حواء" فالفصل الأول هو الأقصر وهذا يشير إلى أن الساردة تنحاز لجنسها، وما قلة القصائد فيه إلا تأكيدا أن الشاعرة/الساردة تكتب (ذاتها) أو تكتب شيئا منها/عنها، من هنا أسهبت في الفصل الثاني والثالث وقدمت العديد من المقاطع الشعرية والقصائد فيهما، حتى أنها وضعت بعض القصائد كما هي، محافظة على شكل تقديمها كما هو الحال في الصفحة 19 و20، وهذا يقودنا إلى أن هناك علاقة بين الساردة والكاتبة، وما وجود اسمها ضمن النص الروائي: "هي في جمال الندى، أما أنا ففي جمال القديسة (ريتا)" ص149، ولم تكتفي بهذا بل تقدمت أكثر وأوجدت العديد من المؤشرات إلى هذه العلاقة، كما هو الحال في هذه الومضة:
"غرد العصفور
فبكيت
أما الشجرة
فظلت صامتة" ص51، من يعرف ريتا عودة، يعلم أنها تكتب الومضة، حتى أنها متخصصة في هذا الجنس الأدبي، فغالبة ما تكتبه يأتي على شكل ومضة، من هنا يمكننا القول إن هناك العلاقة بين الساردة والكاتبة، وها هي تؤكد هذا الأمر بقولها على لسان "حياة": "فتنني هذا الفن، لكونه يتطابق مع شغفي بكتابة قصيدة الومضة، أدركت أن قصيدة "الهايكو" تستوحي صورها الشعرية من (الطبيعة) بأشجارها وطيرها وبحارها وورودها ومنها نتعلم (الطبيعة البشرية) بخفاياها" ص62، وتحدثنا عن بداياتها في هذا النوع من نوع القصيدة وكيف أصبحت تتقن كتابتها: "ثم أخذت هذه القصيدة خطوة أخرى نحو الخيال فكتبت:
"ريح خفيفة
لم يبق من طائر الورق
إلا خيطها"
وحصلت على المرتبة الأولى على مستوى العالم هذه مرة عن هذه القصيدة" ص63، قد تبدو هذه الفقرة وكأنها (سيرة ذاتية) لكنه جاءت ضمن سياق الرواية.
وتستمر في هذا السيرة فتحدثنا عن بداية ممارستها الكتابة: "قضيت سنوات من طفولتي أكتب الخواطر وأخفيها عن عين الرقيب (أبي) داخل عتمة جارور المكتبة" ص64، وبعد أن تصل إلى حالة متقنة تبدأ الكتابة بصورة احترافية، تحمل فكرتها وتقدمها بصورة ألأدبية: "الكتابة، هذا الوجع السرمدي، صارت لي بطاقة هوية افتخر بها، وأجدها وسيلة للبحث عن الذات، فقد أتاحت لي المجال لطرح العديد من الأسئلة الوجودية:
"أما آن لي أن
أحرر من قارورة العطر
...جسدي
أحرر من توابيت القبيلة
...وجعي
من مرايا الوهم
...وجهي" ص114، فهنا نجد شيء من (السيرة) ومقتطفات من رؤيتها للحياة، للواقع الذي قدمته بصورة الومضة، فالومضة هي المؤشر على وجود علاقة بين "حياة" وبين "ريتا عودة": "فأظل متحفزة متوترة إلى أن أتمخض النص وأضعه في مذود الإبداع.
كثيرا، ما استيقظت على ومضة جاهزة أو فكرة جاهزة فكنت أسارع في تدوينها قبل أن تتوه مني" ص116، هذه الفقرة التي تتحدث عن حالة (التوهج/الاستشراق) عند الكاتبة، لا يمكن أن يكتبها/يتحدث عنها إلا شاعر/ة، فتناولها لهذه الأمر وبهذه الصيغة يؤكد وجود همزة وصل بينهما.
لغة الأنثى
هذا على صعيد الشكل الأدبي والمضمون الذي جاء به الرواية، لكن هناك طريقة أخرى يمكننا أن نجد فيها علاقة "ريتا عودة" بالساردة، فمن خلال النص الروائي المجرد يمكننا إيجاد رابط بينهما، كما هو الحال في هذا المقطع: "كم أخبرني أنني سنونوة وأنه لي مدى؟ كم مرة أخبرته أنه لو كان لي عينا، أكون له الدمعة، لو كان لي وردة أكون عطرها، ولو كان بحرا أكون حوريته" ص149، هذه اللغة الأنثوية التي تحمل الرغبة في التوحد مع الحبيب من خلال تكامل المعنى: "سنونوة/المدى، عين/دمعة، وردة/عطرها، بحر/حورية" فهذا التوحد والتكامل يشير إلى أن المتحدثة أنثى تريد التماهي مع الحبيب.
وهناك مقاطع شعرية تؤكد أن الكتابة هي أنثى كما هو الحال في هذه الومضة:
"أريد أن أحيا:
أريد أن اصغي
لصوت قطرات المطر
وهي تعمد العشب
والشجرة" ص59، فالأنثى هنا تستر خلف "قطرات، المطر، تعمد، العشب والشجر" فالإيحاء برغبتها في الحبيب من خلال "قطرات المطر، تعمد العشب والشجر" كل هذا يشير إلى أن الأنثى "ريتا عودة" حاضرة في رواية إلى أن يزهر الصبار.
الرواية من منشورات مركز الحضارة العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى2018.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا