الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدنة المؤقتة في الحرب الإسرائيلية على غزة، ومعادلات الانتصار الحمساوي.

نزار فجر بعريني

2023 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يوبّخ " الناطق العسكري باسم القسام"، العدو الصهيوني لبطلان زعمه أنّه يستطيع إطلاق سراح الرهائن "بالقوة العسكرية" ولأنّه "لم يقبل بشروط طرحتها القسام سابقا ومبكرا" والتي أكّدت "أنّ السبيل الوحيد لإعادة أسرى العدو... هو التبادل"، وقد ظهر الحق لأنّ "الشروط التي قبلها" العدو في الهدنة المؤقتة وصفقة التبادل الجزئية "هي ما كانوا يطرحونه" قبل بدء المناورات البرية الصهيونية"، ولأنّ "ما حققه العدو هو المزيد من البربرية والمجازر. والتدمير الأعمى ...وفقدانه عددا من جنوده قتلى وأسرى ...وقتل عدد من الرهائن"...(١).
يتجاهل أو يجهل هذا المنطق القسّامي المقاوم أنّ المهمّة الرئيسية "للبربرية العسكرية الإسرائيلية" هو "ارتكاب المجاز والتدمير الأعمى" بحق المدنيين الفلسطينيين، وأنّ من الطبيعي أن تسعى لتجيير ما أعطته نتائج استهداف هجوم الأقصى البطولي لبعض المدنيين من " ترخيص " محلّي ودولي من أجل إحداث أكبر حالة تدمير وترويع و تهجير بين الفلسطينيين بغضّ النظر عن عدد ا الخسائر بين قتيل وأسير، وذلك في سياق استراتيجية متواصلة لتدمير شروط "التسوية السياسية" التي بات الخَيار الأفضل للحفاظ على الحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني السياسية وحماية المدنيين من ويلات الحروب!!
يريد الداعية الحمساوي أن يقنع الرأي العام أنّ انصياع العدو لإرادة حماس حول شروط تبادل الأسرى يمثّل دليلا على انتصار المقاومة، متجاهلا دوافع العدو الخاصّة(ضغوط داخلية كبيرة )،التي لا تدخل في حسابات الربح والخسارة الحمساوية طالما أنّ أي سيناريو لهذه الحرب لا يؤدي إلى انتهاء سيطرة القيادة على قطاع غزة سيُعتبر نصرًا، بغضّ النظر عن خسائر المقاومين الابطال البشرية والمادية وحجم الدمار في غزّة وحجم الخسائر في صفوف المدنيين.
في منطق تغييب الحقائق عن الرأي العام ونكران عدد ضحايا وحجم خسائر الانتصارات الحمساوية،
يريد هؤلاء الموظفون" الإعلاميون" وقياداتهم السياسية (والذين يطبّلون في أعراس انتصاراتهم، أو المستفيدين من استمرار المذبحة بين الشعبين )أن يقنعوا الرأي العام المناصر لقضايا الفلسطينيين العادلة أنّ تحرير ١٥٠ أسيرا هو انتصار لنهج المقاومة ،ويتجاهلون الظروف و الثمن :
تحرير ١٥٠ أسيراً - لن يجدوا في غزة مكانا يأويهم، ولا مشفى يعالجهم، ولا سلطة تحميهم، وستكون حياتهم تحت رحمة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة او الاغتيالات - مقابل أكثر من ١٥٠٠٠ ضحية، بين شهيد وجريح، وآلاف الأسرى والمعتقلين الجدد، ومئات من ضحايا الاغتيالات، التي طالت قرى ومدن الضفة الغربية!
"تحرير أسير واحد مقابل ألف شهيد و مئة أسير ،.. وتدمير وإعادة احتلال نصف غزة "هي المعادلة التي تريد المقاومة الحمساوية أن تصنع منها انتصارا!؟
إذا كنّا نتفهّم دوافع ومبرّرات قيادات حماس في تركيز دعايتها على إنجازات الهجوم الخاصة، وتجاهل ثمنه الفلسطيني الباهظ ،على غرار ما تقوم به الدعاية ذاتها التي تضخّها وسائل إعلام و أقلام طيف واسع من" قوى المقاومة" في طهران والضاحية والدوحة، التي تدّعي انّها تناصر حقوق الشعب الفلسطيني، فكيف نفسّر ما يحصل من تناغم مع أقلام مؤيّدة لإسرائيل ،على صعيد صنّاع الرأي العام في وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية ؟
ما هي طبيعة التقاطعات التي تدفعها لتحويل تهجير أكثر من مليون فلسطيني وقتل عشرات ألوف، وتدمير واحتلال أكثر من نصف غزة، مقابل تحرير بضعة عشرات من الأسرى، إلى انتصارحمساوي؟!(٢)
التساؤل الأكثر مرارة :
لماذا تشارك أقلام ومنصّات "نخب ثقافية وسياسية يسارية" تدّعي الديمقراطية، في ترويج أوهام انتصارات خلبية لقوى اليمين الفلسطيني ، على حساب معاناة ملايين الفلسطنيين ومصير الحل السياسي ؟ (٣).
لماذا يتجاهل هؤلاء جميعا الحقيقة الفلسطينية المرّة :
إنّ ما تحققه قيادة حماس من انتصارات دعائية على صعيد مسألة الأسرى يحصل على حساب قضية الشعب الفلسطيني السياسية المركزية، لاّنه يأتي في سياق حروب تدّمر إمكانات وفرص التسوية السياسية عند الفلسطنيين والإسرائيليين، وتعزز مواقع قوى اليمين المتطرف، وهي الأسباب التي تفسّر "فشل "الحكومة الإسرائيلية اليمنية في تحقيق أهداف استراتيجيتها المُعلنة من الحرب، الذي يلومها عليه " جون بولتون " مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، وهو" الفشل " الذي يحقق مصالح اليمين الإسرائيلي في " تأبيد" حالة الاشتباك القائمة مع حماس. (٤).
____________________________
(١)-
الناطق العسكري باسم القسام :
"..إنّ ما قبل به العدو في الهدنة المؤقتة وصفقة التبادل الجزئية هي ما كنا نطرحه قبل بدء المناورات البرية الصهيونية. رفضه العدو في حينه، وزعم أنه يحقّق هذه النتيجة بالقوة العسكرية...في حين أكّدنا، وما زلنا نؤكّد أنّ السبيل الوحيد لإعادة أسرى العدو...هو التبادل...يقبل بشروط طرحتها القسام سابقا ومبكرا ..".
(٢)-
"العربي الجديد":
"خبراء أميركيون: خسرت إسرائيل وانتصرت حماس"
"المرشد الإيراني":
" إسرائيل تلقّت ضربة قاضية من حماس"!
(٣)-

يتجاهل هؤلاء "الديمقراطيون العلمانيون" أنّ أفضل ما يمكن للأحزاب الديمقراطية أن تفعله، وخاصة اليسارية – القومية والاشتراكية- منها، هو دعم مَن يسعون إلى تحقيق مستقبل ديمقراطي مشترك للعرب واليهود في فلسطين التاريخية. لقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية محقّة في منتصف الستينيات من القرن الماضي، عندما أعلنت أنّ دولة "إسرائيل كيان استيطاني يجب إنهاء استعماره، واستبداله بديمقراطية شاملة"، وعندما تخلّت في العام 1988، بناء على دروس تجربة نضالية قاسية بين ١٩٦٨ ١٩٨٢، عن النضال المسلّح بعد ظهور بوادر "حل الدولتين"، ودخلت في "عملية سلام" صعبة من أجلها، فشلت في تحقيق أهدافها، بسب نجاح علاقات التخادم بين اليمين المتطرف الإصولي، الفلسطيني / الصهيوني. يحتضر "حل الدولتين" ليس فقط لأن المستوطنين وممثليهم السياسيين لم يعترفوا أبداً بالحقوق الوطنية للفلسطينيين الذين جرّدوهم من ممتلكاتهم، تحت مظلّة دولة إسرائيلة عنصرية، بل وبفعل تكامل أهدافهم و أدواتهم المعادية لتوفير شروط سلام تاريخي مع مصالح قيادات "اليمين الإسلاموي" وعرابيه الإقليميين والدوليين !!
(٤)-
عشرات المقالات التي تضخها وسائل إعلام مدعومة من قطر والسعودية تروّج لمعادلة الانتصار الحمساوي، وتغييب عوامل سياق الحرب الإسرائيلية الساعية لتقويض شروط التسوية السياسية، التي يقودها اليمين الصهيوني اليهودي المتطرف،( خاصة بعد تأسيس السلطة الفلسطينية ١٩٩٤ و مقتل رابين ١٩٩٥)، والذي وجد بعنصرية اليمين المتطرف الفلسطيني " الإسلاموي" وعدائه للتسوية السياسية شريكا مناسبا في لعبة اشتباك، تؤدّي في الأدوات والسياق إلى تدمير مقوّمات عيش الفلسطينيين، وفرص السلام ! هذا الجانب الابرز في العلاقات الصدامية بين قيادة حماس وحكومة نتنياهو الذي يشكّل عمليا "علاقة تخادم متبادل" هو الذي يتجاهله مقال طويل للسيد "جون بولتون" مستشار الأمن القومي الأميركي السابق في مقال "غاضب" في صحيفة "تلغراف" البريطانية تحت عنوان مضلل "حماس حققت انتصارا كبيرا على إسرائيل"، عندما يرى في اتفاق الهدنة أنّه "معيب بشكل قاتل" بالنسبة لإسرائيل"، لأنّه "من غير الواضح ما إذا كانت الصفقة تشكّل سابقة سلبية نهائية بالنسبة لإسرائيل"، وأنّها "تلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت ستحقق هدفها المشروع المتمثل في القضاء على التهديد الإرهابي الذي تشكّله حماس".
يركّز على الجوانب التي تجعل من الاتفاق " فرصة نجاة " بالنسبة لحماس ، وتشكّل بالتالي فشلا إسرائيلا في تحقيق هدفها المُعلن لتقويض سلطة حماس، ويستنتج "إنّ الخطر السياسي الحاسم الذي تواجهه إسرائيل هو تقويض تصميمها على القضاء على حماس"، متجاهلا انّ صفقة تبادل الأسرى تشكّل انتصارا لعلاقات "التخادم" ولعبة "الاشتباك" بين قيادة حماس واليمين المتطرف لإسرائيلي، وقد وضعت قوانينها سياسات إسرائيلية محدّدة، بهدف تقويض شروط التسوية، وتدمير مقوّماتها الفلسطينية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يقصف منزلاً مأهولاً بالسكان شمال قطاع غزة


.. مصر تعلن اعتزامها الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أما




.. بيسان إسماعيل ومحمود ماهر.. تفاصيل وأسرار قصة حبهما وبكاء مف


.. إسرائيل تتوغل في جباليا شمالا.. وتوسع هجماتها في رفح جنوبا |




.. واشنطن: هناك فجوة بين نوايا إسرائيل بشأن رفح والنتيجة | #راد