الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء القضاء... في تطبيق القانون وأنتهاك الدستور ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 11 / 30
دراسات وابحاث قانونية


هذا القرار ومن قراءة فقهية صرفة يشير إلى أنتهاك متعمد للدستور ولقانون مجلس النواب وتشكيلاته وللنظام الداخلي بشكل مؤكد، وهو بالتأكيد أجتهاد علني وواضح وأكيد ليس في معرض النص فقط بل وضده ومناقض له، فمن الناحية الدستورية وأستنادا للقياس العملي الفقهي لمبدأ (لزوم التشريع الفرعي من التشريع الأصلي مع وحدة الموضوع لسد النقص التشريعي)، وبالنظر للمبدأ الوارد في المادة (5 ) من الدستور التي تلزم وجوبا قطعيا حكم عدم مباشرة المجلس سلطاته الوظيفية (التشريعية والرقابية) ما لم يتم أنتخاب الرئيس ونائبيه، فقد ورد فيها (يرأس الجلسة الأولى لإجتماعات مجلس النواب أكبرُ أعضائه سناً من الحاضرين، وتنحصر مهمتُه في إدارة الجلسة الأولى وإجراء إنتخابات رئيس المجلس ونائبيه)، فليس للرئيس المؤقت بحكم القانون أن يمارس أي سلطة من سلطات رئيس المجلس المنتخب بأي حال، عليه عندما يفقد الرئيس منصبه ويصبح المجلس بلا رئيس قانوني منتخب، لا يجوز لأي شخص أن يحل محله ويمارس صلاحياته لمكانة الرئيس القانونية والأعتبارية.
أما أنتهاكه لقانون مجلس النواب فإن التسليم بهذا الرأي الأستشاري الفقهي الملزم والأجتهاد القضائي يعارض وتنتهك قانون مجلس النواب ذي الرقم 13 لسنة 2018 المعدل بالمادة 2 أولا، والمادة 14 أولا، كما وينتهك أيضا أحكام الفصل السادس من النظام الداخلي لمجلس النواب (مهام رئيس المجلس ونائبيه) المحدد في المادة 33 التي تنص على أن "رئيس المجلس هو الذي يمثله ويتحدث بإسمه"، وبالتالي أن فقدان الممثل القانوني والدستوري والمتحدث باسمه وهي وظيفة حصرية لا يمكن له حتى أن يتنازل عنها بموجب صلاحيته بالتخويل أو الإنابة، فيكون من باب أولى عدم إمكانية ممارستها حين لا يكون الأصيل موجودا أو قادرا على ممارستها بالعزل أو الفصل أو فقدان الصفة.
وتطبيقا لأحكام الفقرة 3 من المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على (إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل)، بمعنى أخر أن موضوع أنتخاب الرئيس الذي شغر منصبه نتيجة قرار أو واقه حال أو بالاستقالة أو أي سبب أخر لا بد أن يتم تحديدا في أول جلسة يعقدها المجلس، ومن المعروف عرفا دستوريا أن المجلس لا يعقد جلساته إلا بعد التوافق غالبا على قضايا أساسية، والنص صريح لا يمكن الأجتهاد به ولا يمكن أن يسن قرار مخالف له بناء على تلمس مصلحة، السبب الأخر لو سلمنا برأي المحكمة ولم يتم أنتخاب رئيس طيلة الفترة التي يعقدها وبناء على مبدأ التوازنات السياسية التي تقتضي أن يكون رئيس مجلس النواب من السنة العرب، ولعدم أنتخابه أو تعذر ذلك ولفترة طويلة ألا يعد ذلك أنتهاكا لمبدأ دستوري يستوجب مراعاة التمثيل المتوازن لمكونات الشعب العراقي المادة 49 أولا من الدستور.
وحيث أن قرار أنهاء عضوية رئيس مجلس النواب من المجلس صدرت في أثناء العطلة التشريعية للمجلس، فكان على المجلس أن يباشر في أنتخاب رئيسا له في أول جلسة تعقد أثناء بداية الفصل التشريعي أو في جلسة طارئة أستثنائية بالشكل المرسوم قانونا تعقد لهذا الغرض فقط، وليس من حق أي شخص سواء أكان عضوا في المجلس أو حتى النائب الأول المباشرة بعقد جلسة أستثنائية لأغراض أخرى وترؤس جلسات المجلس بأعتبار أن أحكام الفقرة الأولى من المادة (35) من النظام الداخلي تتيح له ذلك، للأسباب التالية:.
• تنص الفقرة أعلاه على ما يلي (يمارس النائب الأول المهام الآتية:- أ – القيام بمهام رئيس المجلس عند غيابه أو تعذر قيامه بتلك المهام)، وحيث أن الغياب مصطلح قانوني يشير إلى عدم حضور عضو كامل الصلاحية والصفة القانونية والدستورية له كعضو في المجلس ، مما يعني أن الغائب هو عضو مستمر في واجباته المرسومة قانونا ودستورا وبصفته التي أقرها الدستور والقانون في المجلس، وحيث أن العضو الذي أنهيت عضويته من المجلس لم يعد له صفة قانونية ولا مركز وظيفي، فلا يكون غائبا ولا يمكن عده كذلك، لأنه فاقد للسبب الذي يوجب حضوره أو تعريفه، أما تعذر قيامه بتلك المهام فهي تعني أنه مكلف بمهمة وبالتالي لا بد أن يكون عضوا أصلا كأن يكون التعذر صحيا أو ظرفيا يمنع التواصل في الحالات التي يكون العارض أمني أو نتيجة عوارض من الطبيعة كالفيضانات أو تقطع السبل من التواصل، فمن فقد الصفة بالعضوية لم يعد له مهام في المجلس للزوم ترافق المهام مع حضور العضوية، وبذلك لا يمكن تطبيق أحكام هذه المادة بفقرتها الأولى كي يمارس النائب الأول مهام الغائب أو المتعذر الحضور، لعدم وجود رئيس أصلا حتى نعتبره غائبا أو متعذر عليه الحضور.
• بالعودة إلى أحكام المادة ( 4 ) من النظام الداخلي للمجلس التي تنص على (يلتزم الرئيس ونائبا الرئيس وأعضاء المجلس في مناقشاتهم وما يتخذونه من قرارات بأحكام الدستور وقانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 وهذا النظام)، وبالتالي لا يجوز ولا يتيح الدستور والقانون والنظام الداخلي للمجلس لنائب الرئيس أن يخرق أحكاما دستورية أو نصوصا قانونية، أو أنتهاك النظام الداخلي، كل ذلك تحديدا فيما يخص الصلاحيات الحصرية للرئيس والتي لا يمكن أن تمارس بخلو منصب الرئيس أو عده شاغرا من قبل النائب الأول أجتهادا أو تقريرا، وهي المواد التالية:_
1. المادة 9 يمارس (رئيس المجلس ونائباه) مُجتَمعِينَ المهام الآتية:- أولاً: تنظيم جدول الأعمال بالتنسيق مع رئيس اللجنة المعنية أو ممثليهم من اللجان لجلسات مجلس النواب وتوزيعه على الأعضاء ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الوزراء مرفقاً به مشاريع ومقترحات القوانين والتقارير الموضوعة للمناقشة مع مراعاة أولوية إدراج مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة والتي أنهت اللجان المختصة دراستها وكذلك الموضوعات المهمة الجارية، وذلك قبل يومين في الأقل من عقد الجلسة ما لم ينص الدستور على مدد أُخرى.
2. المادة " 34 " يمارس الرئيس المهام الآتية":-
أولاً: العمل على تطبيق الدستور والقوانين والنظام الداخلي للمجلس.
ثانياً: افتتاح جلسات المجلس وترأسها.
ثالثاً: دعوة مجلس النواب إلى جلسة إستثنائية.
سادساً: عرض الأمور التي تتطلب إجراء التصويت عليها وإعلان نتائجها.
3. المادة 39 أولاً: يفتتح الرئيس كل جلسة مع ذكر رقم الجلسة على الوجه الآتي:- ... الخ.
4. الشق الأخير من المادة 37 ثالثاً: تناقش فقرات جدول الأعمال بحسب تسلسلها الوارد في الجدول ولا يصار إلى مناقشة أي فقرة جديدة إلا بعد الانتهاء كلياً من مناقشة الفقرة السابقة، وإذا تعذر إتمام النقاش فلـ (رئيس المجلس ونائبيه) مجتمعِينَ تأجيل النظر فيها إلى جلسة ثانية.
هذا القرار وبهذه الحجج التي تبين مدى الأنتهاك الذي مارسته المحكمة الأتحادية العليا فيما يمثل خرقا لوظيفتها الأساسية، وهي حماية الدستور بشكل أساسي من خلال إبطال وفسخ التصرفات القانونية أو التشريعات والأعمال التي تنتهكه، فكيف لها أن تنتهك هي ما هو واجب عليها حمايته، وفي هذه المناسبة وبنفس التبرير والتعليل وبعد مضي أكثر من أربعة عشر عاما ونيف تكرر الخطأ الفادح من قبل ذات المحكمة وبقرار يحمل نفس الرقم 9 / أتحادية / 2023 في 14 / 11/ 2023 أصدر حكما أخر فيه أنتهاكا لوظيفتها وهو محصن من الطعن والمراجعة، حين حكمت بعزل الرئيس المنتخب لمجلس النواب العراقي في دعوى أقامها عضو مجلس النواب لغرض الطعن في أمر نيابي دون أن يطلب في عريضة الدعوى أكثر من ذلك، لكنها وعند ختام المرافعة وتحديد يوم النطق بالحكم وبناء على طلب يمثل دعوى جديدة ولم تكن من أصل الدعوى القائمة ولا متعلقة بها.
ولا يجوز للمحكمة حسب أحكام قانون المرافعات النافذ أن تضاف طلبات تغير من موضوع الدعوى أو تحدث فيها دعوى جديدة وفقا لأحكام المادة 59 / 2 التي تنص أن الدعوى مقيدة بعريضتها، هذا ما أكدت عليه المحكمة الاتحادية في قرارها المرقم 2/اتحادية/2006 جاء فيه "لدى التدقيق والمداولة وجد أن المدعي وفي عريضة الدعوى طلب إلغاء قانون اجتثاث البعث أو تعديله بما ينسجم والمبادئ الدستورية التي تكفل حق التقاضي وأن وكيل المدعي في جلسة 30/4/2006 حدد عريضة الدعوى بطلب إلزام المدعى عليها بإلغاء قرار شطب اسم موكله المدعي من القائمة وليس قانون اجتثاث البعث كما ورد بعريضة الدعوى...لذا يكون والحالة هذه قد غير موضوع الدعوى تغييراً جوهرياً إذ أن الادعاء والطلب في عريضة الدعوى كان منصباً على طلب إلغاء القانون المذكور أو تعديله...بينما حدد وكيل المدعي دعوى موكله بإلغاء قرار هيئة اجتثاث البعث ..وإذ أن هذا التغيير تنطبق عليه أحكام المادة (59/2) من قانون المرافعات المدنية التي أجازت للطرفين تنقيص أو تعديل دعواهما أو دفعهما إلا أنه لا يجوز تغيير موضوع الدعوى تغييراً جوهريا ولما كان هذا الطلب من وكيل المدعي قد غير موضوع الدعوى فتكون الدعوى محكومة بالرد شكلاً عملاً بأحكام المادة المشار إليها أعلاه....لذا قرر رد دعوى المدعي شكلاً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم يتضمن عقوبة الإعدام.. قانون جديد في العراق يجرّم المثلية


.. غانتس: لا تفويض لاستمرار عمل الحكومة إذا منع وزراء فيها صفقة




.. شبكات | الأمم المتحدة تغلق قضية وتعلق 3 في الاتهامات الإسرائ


.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل




.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800