الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تعني حروب الثأر ؟

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 12 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


ماذا تعني حروب الثأر

تعني حروب الثأر زمنياً  : قصرها ، انها حروب قصيرة خاطفة ، تشبه الغزوة من حيث الفترة الزمنية التي تستغرقها ، ولكنها تختلف عنها من حيث تكنولوجيتها  ، وقوة نارها التدميرية ، وسرعتها .  اهدافها الحقيقية مُضمرة ، رغم ازدحام الفضائيات وعموم الفضاء الإعلامي بأهدافها المعلنة . وهي لا تمعن بتدمير قوة العدو القتالية ، وبنيته التحتية ، وثرواته الطبيعية : من اجل هزيمته فقط : وانما من اجل هدفها المضمر المتمثل بإثارة الكراهية والبغضاء بين الشعوب ، وتهييج غرائز العدوان لديها ، وتجديد ولاءها لمجموعة خرافاتها واوهامها السيئة . فهي حروب مقصودة لذاتها : حروب من أجل الحروب . انها حروب التناقضات الضخمة بين المعلن من اهدافها وبين الدوافع الأساسية التي ستتولى تكذيب صراخها الإعلامي من أنها : حروب من أجل تحرير الأرض .  يحدث هذا مع انتهاء كل دورة من دورات حروب الثأر ، فالوثائق التي ستتولى نشرها : مراكز القوى المتصارعة لفضح منافسيها : ستشير إلى أن الدوافع الحقيقية للحرب كامنة في صراعاتها الداخلية التي يطمح كل منها إلى التفرد بالسلطة والقرار ، ونفي المعارضة . ولم تقم هذه الحروب من أجل : تحرير الأرض ، فالحرب دائماً هي العلاج الجاهز لحل  ازمات الداخل وصراعاته المستمرة ...

ستبقى قضية فلسطين تدور في أروقة عقول اليمين العربي والصهيوني لسبعين سنة أخرى دون حسم : طالما صدقت الشعوب العربية بأن الميليشيات التي انتشرت في العالم العربي من ليبيا الى العراق مروراً بلبنان وسوريا واليمن هي القوة البديلة المرشحة لتحرير فلسطين بقيادة الولي الفقيه ( الذي تقيّدَ بأوامر السفينتين الامريكيتين  فلم يطلق صاروخاً بالستياً واحداً ، وفضَّلَ أن يستمر ببيع طائراته الدرونز الى بوتين الروسي على أن يرسلها لحماية غزة ) . ولهذا لم تخسر ايران ولاية الفقيه خلال خمسين يوماً من حرب غزة ، قتيلاً واحداً . واذا مرت ٧٠ : عاماً على الفلسطينيين من التشرد واللجوء والسكنى في الخيام : فسيتلوها سبعون اخرى يتشرد فيها الفلسطينيون : ليس بفعل القصف والتهجير  الصهيوني الاسرائيلي فقط  ، وانما سيتشرد أهالي غزة بفعل الرصاص العربي ، وبفعل الميليشيات الولائية ، وربما بفعل الصراع الفلسطيني الفلسطيني . ولا غرابة في ذلك : الم يسقط العالم العربي في دوامة العنف ، ويقتل بعضه بعضاً ، منذ العشرية السوداء في الجزائر ، وما تلاها من ذبح العراقيين لبعضهم البعض في حربهم الطائفية القبيحة في اقل من عشرية : تفجرت بعدها سلسلة من الحروب الأهلية التي بدأ فيها السوريون واليمنيون والليبيون بالانتحار الجماعي من غير أن  تكون فلسطين هي السبب . كل حروب العرب الاهلية منذ أعوام ٢٠٠٣ وحتى اليوم  هي محاولات للانتحار الجماعي : خوفاً من الحرية (الخوف من الحرية :  اسم كتاب اريك فروم )  العرب في جميع البلدان العربية : يتصارعون فيما بينهم من أجل أن يضعوا القيود في أيدي من يحاولون الإشارة إلى ان الطريق هو للمستقبل وليس للماضي ، فكيف يحبون غيرهم  ؟
اذا لم يتحرر العرب من عقدة الخوف من المستقبل ، فلن يحبوا غيرهم ابداّ ، وسيظل حوارهم مع غيرهم : حوار الحرائق والدخان والموت  ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة