الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الماركسيه نظرية استعمارية نمطيه؟!!/3

عبدالامير الركابي

2023 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تقوم الماركسية على تعميم نمطي مجتمعي خاطيء، اسهم وهج النهوض الغربي الحديث، و" علمويته"، في تكريسها، بالاضافة للحاجة ودواعي الانتقالية الاليه غير الكلاسيكيه، في مجتمعات البرجوازيات غير المكافئة للبرجوازية الاوربية الاصل، وماركس ليس عالما بالمجتمعية، بقدر ماهو مهتم لاسباب عملية، بالتماشي مع النموذجية الغربية الاوربية، وتعميمها على المعمورة كطليعه منطوية على انقلابيه شامله، استنادا للحظة تاريخيه مؤقته، ماكان واردا ابانها النظر في المنجز الغربي وتقييمه خارج نطاقه، بما يفضي الى اظهار ماينطوي عليه من مؤقتية "ايهاميه".
ومن القضايا الاساس التي لم يتوقف عندها ماركس، الاجابه على الاسباب التي تجعل مجتمعات تبدا "شيوعية"، تنقلب الى "طبقية" لتظل كذلك لمدى اصطراعي طويل، متعدد المراحل، قبل ان تعود الى "الشيوعيه" بصيغتها العليا، وهو بصورة عامه، وحيث يقدم مخططة المحسوب، والمصمم من قبل جهة لانعرفها، ولايقاربها منشئها، فانه يحيل الفعل الاعلى، القدري الخفي، مع التصميم المسبق المفضي للعدالة المطلقة "حتما"، الى الطبيعة و "ديالكتيكها"، بما هو ديالكتيك دكتاتوري، احادي اكراهي، ليس من المفترض ان توصف الطبيعه به.
ولعل من اهم ماقد كرسه ماركس عن الظاهرة الغربية، القول بانطوائها الى جانب كل منجزاتها، مع فظاعاتها، على الاحتمالية الاعظم المتاتية من تحقق "العدالة العظمى"، بعد تحول اليوتوبيا الى فعل واع، هذا مع العلم بانه لم يفرق كما سبقت الاشارة، بين مجتمعية بيئية/ بشرية، ومجتمعية بيئية آلية، والاهم من كل هذا واخطر، مع تكريسه ل "خصوصيته" وذاتيته الانماطية، مع الاصرار على تعميميها، انه لم يحاول الخروج من دائرته التي ينتسب لها، ليرى فيما اذا كانت "الشيوعية"، او "اللاطبقية اللاتمايزيه"، يمكن ان تكون موجودة كنمط مجتمعي دائم، ومستمر بالوجود، هذا اذا لم يكن هو المجتمعية الاولى، الحرية والجديرة بالاعتبار عند البحث عن الظاهرة المجتمعية، وخاصياتها الاساس.
وهنا يتجلى جهل ماركس الكلي بالظاهرة المجتمعية، مع انحباسه تفكيرا بما هو موجود ضمنه باعتباره هو العالم، مع حدوده وممكناته الاعقالية المتدنيه، فماركس لاينظر في الظاهرة المجتمعية كمنتجين بشريين/ وبيئه، مع تعدد هذه الاخيرة، وتغير شروطها، بحيث يمكن ان تكون لاارضوية، البنية المجتمعية فيها لاتمايزيه، وتضامنيه قصوى ضد قهر البيئة، واشتراطاتها الطاردة لدرجه وضع الكائن البشري على حافة الفناء، الامر الذي يغير مفعول الحاجاتيه التمايزيه لصالح التضامنية الاكراهية الموضوعية، لنصير امام نمطية مجتمعية لاتمايزيه، لاتعرف الطبقيات، ولا الملكية الخاصة، ولا اي شكل من اشكال التسلط، وهو مانجده في ارض الرافدين جنوبا(2)، ارض الدورات والانقطاعات، وفي ارض سومر تحديدا، مع كوراجينا اول من ذكرت على لسانه كلمه "حرية/ امارجي " في التاريخ، مع حقوق المستضعفين، وكل مايعرف اليوم بحقوق الانسان، الى حمدان قرمط (3)*، في الدورة الثانيه العباسية الانتظارية، والى الدورة، الحالية الثالثة اللاكيانيه.
وهنا بدات اصلا الظاهرة المجتمعية تبلورا نهريا، يقابلها شكل اخر مغاير ومخالف في ارض النهر الواحد، في وادي النيل، حيث البيئة المطاوعة المؤاتيه تنتج مجتمعية دولة احادية لاطبقية، بمعنى ان المجتمعات قامت ابتداء "لاطبقية" من ناحية، ولاارضوية اصلا، لتبقى هذه الاخيرة من ساعتها، غاية وهدف الظاهرة المجتمعية الاعلى، لا مايظنه ابن المجتمعية البيئية الارضوية التمايزية الطبقية، الارضوية على النسق المصري بوجه عام، والاعلى ضمنه اليات وديناميات، وهكذا تكون "الشيوعية"، او مايطلق عليه ماركس الاسم المذكور، نمطا بذاته، اساس بدئي، ومستمر وجودا ضمن قانون الدورات والانقطاعات بصفته الابعد من الطبقية،"التحولية اللاارضوية" مابعد الارضية، وهي التعابير الاصح والاكثر دقة وانسجاما مع الحركة التاريخيه، وديالكتيك الطبيعه، غيرذلك المنقوص، المفترض، او المتوهم.
والامر لهذه الجهه ينقلنا من حيث هدف الوجود بعيدا، اتفاقا مع الحقيقة الكونيه، لا الى المساواة الارضويةوزوال الطبقات، بل الى مابعد مجتمعية ارضوية، هذا وماركس اصلا يرتكب خطئا فادحا من حيث الانطلاق، فهو يتصور جازما بان المجتمعات تبدا "مشاعية بدائية" ثم تتحول الى " طبقية"، وهذا مالا وجود له الا في خياله، فالانمطاط المجتمعية هي نتاج التفاعلية الحاجاتية البيئية، ونوع البيئية هو مايحددها كما حدث ابتداء بالاختلاف الكلي النوعي، بين ارض مابين النهرين، ومقابلها ارض النيل، عدا مجتمعات اللادولة في امريكا اللاتينيه، او الجزيرة العربيةحيث مجتمع اللادولة الاحترابي، او في امريكا قبل الغزو الاوربي الابادي، او في استراليا ومواضع هامه من افريقيا، نشات كذلك، وظلت على ماهي عليه، لم تتغير نمطيا كما حال الغرب نفسه، ومن هنا لايمكن ان تكون المجتمعات على الاطلاق واحدة وموحدة النمطية، وهو ماتتجلى بناء عليه الابعاد الاعمق والاثرى لديالكتيك الطبيعة، الموائم للغرضية التي تحكم المجتمعات، وقيامها الاصل، بناء لما تنطوي عليه من غرضية هي سائرة اليها بالتفاعل التاريخي المعقد، والمتراوح دورات واشكال تعبير، وصولا الى الاله، حين يتغير وقتها الايقاع التفاعلي، لابل والمجتمعات ذاتها، متخذة صيغه اخرى من الديناميه النمطية.
عن الشروط البيئية تتولد النمطية ونوعها، وبما ان البيئة ومقابلها الكائن البشري وحاجاته، وطرق انتاجه واحدة، فان تبدل النمطية والحالة هذه لايكون واردا، هذا بينما يظل بالامكان بحسب مسارات الزمن والتفاعليه الشامله، ان تطرأ متغيرات على النمط نفسه، وضمن مايعزز استمراره وتطوره، من دون تبدل في النمطية، انما كمراحلية، وهنا عند هذه النقطة الاساسية والفاصلة، يلوح الجانب الايهامي التوهمي الغربي في طوره الالي، بالذات بما يتعلق بعلاقته بالظاهرة المجتمعية، وادعائه ازاحه النقاب عنها، كما جرى التاكيد باصرار مبالغ، استبطن الكثير والخطير للغاية من مناحي التضليل، والتجني على ماله علاقة بالعلم والعقلانيه المدعاة بفجاجه.
فما يعرف ب"علم الاجتماع" الغربي الشائع، يجزم بان الظاهرة المجتمعية هي ( التجمع + انتاج الغذاء) وهو مايكرس انطلاقا، التعميم النمطي النوعي الاحادي، بمقابل ماهو جوهر واساس مفتقد وناقص، ذلك الذي يوجب القول، بان الظاهرة المجتمعية هي ( التجمع + انتاج الغذاء + التفاعلية البيئية النمطية) فلا اكتمال للظاهرة المجتمعية، الا بالعنصر النمطي وتعدديته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*يتم تثبيت الهوامش مع الحلقه الاخيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية