الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


: دور ومكانة اميركا في (( صناعة)) الانظمة: سماتها / خصائصها --- العراق، اوكرانيا انموذجا

نجم الدليمي

2023 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة :
ان سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تنطلق دائماً من مصالحها السياسية والاقتصادية والايديولوجية والعسكرية الخاصة بها وخاصة خارج حدودها وهي دائماً ترفض اقامة علاقات مع الدول على اساس مبدأ المساواة والنفع المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهذا النهج يتبع مع خصومها وكذلك مع (( حلفائها -- واصدقائها)) انها سياسة تتعارض مع القانون الدولي الإنساني والشرعية الدولية وان مصلحتها فوق كل شيء، لانها لو اتبعت سياسة التعاون والتكافو وعدم التدخل في الشؤون الداخلية سوف يؤثر هذا النهج على وضعها السياسي والاقتصادي والايديولوجي والعسكري الداخلي ووضعها المالي بشكل سلبي ولا تستطيع ان تعالج مشاكلها وازماتها المختلفة وعلى هذا الأساس فهي تقوم بخرق القانون الدولي الإنساني والشرعية الدولية وتقوم بالتدخلات في الشؤون الداخلية للدول المستقلة وتحت مبررات واهية من اجل تصريف جزء من ازمة نظامها المازوم بنيويا،وهذه استراتيجية ثابتة لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

ان استراتيجية اميركا اتجاه الدول، الاحزاب السياسية...، تقوم على أساس التدخل في الشؤون الداخلية سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر ومنها :: القيام بانقلابات عسكرية ضد الدول المناهضة لنهجها وما حدث في العراق عام 1963، وفي شيلي عام 1973 وفي اوكرانيا عام 2014... ما هي الا انقلابات تحمل طابعاً فاشيا بامتياز وكذلك تستخدم اسلوب اخر (( الديمقراطية وحقوق الإنسان.. )) كحجة- غطاء للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة من خلال القيام بالانتخابات البرلمانية، او الرئاسية وعبر اسلوب التزوير وشراء الذمم... بهدف وصول حلفائها واصدقائها للسلطة وكذلك تستخدم اسلوب التدخل العسكري المباشر لتقويض الانظمة ومنها ما حدث للعراق عام 2003 ناهيك عن القيام بالاغتيالات لقادة دول واحزاب سياسية وخاصة الوطنية والتقدمية واليسارية والشيوعية وما حدث ويحدث في بلدان اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية وما يحدث في رابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفيتي) وفي اوربا الشرقية سابقاً الا ادلة وبراهين ملموسة على نهج اميركا. هناك علاقة حميمة بين الدولار الأمريكي والخيانة لبعض ((قادة)) الدول الأحزاب السياسية، غورباتشوف -- بوريس يلسين وغيرهم الا دليل حي وملموس على ذلك.

ان هذا النهج وهذه الاستراتيجية المتبعة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن العشرين والقرن الحالي يتعارض ذلك مع القانون والشرعية الدولية وكذلك يتعارض مع شعاراتها التي تدعي بها ومنها ما يسمى بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية والعلنية وحرية التعبير. نقدم للقارئ الكريم العراق -- اوكرانيا انموذجا لنهج (( رائدة الديمقراطية)).

ان من اهم السمات / الخصائص التي يتميز بها العراق اوكرانيا (( كصناعة)) اميركية هي الاتي :

1- ان النظامين في كييف وبغداد، الاول جاء عبر الانقلاب الفاشي في شباط عام 2014 وبثمن بخس جدا الا وهو 5 مليار دولار لشراء ذمم كبار المسؤولين في السلطة الاوكرانية، اما العراق فتم احتلاله عسكرياً في عام 2003 خلافاً للقانون والشرعية الدولية وان النظام الحاكم في اوكرانيا هو نظام بنديري - نيونازي بامتياز في حين النظام الحاكم في بغداد هو نظام المحاصصة الغير مالوف والغير شرعي والمخالف للدستور العراقي الجديد وكان ثمن شراء ذمم كبار المسؤولين من عسكريين ومدنيين ما بين 600 مليون دولار أمريكي الى مليار دولار حسب ما تم الحديث ونشر المعلومة في وقتها . وكما يلاحظ ان النظامين يتميزان بظاهرة خطيرة الا وهي تفشي فيروس الفساد المالي والإداري من اعلى قمة السلطة حتى ادناها وهذا تم ويتم تحت علم واشراف الادارة الامريكية.

2- ان قيادة البلدين في كييف وبغداد واقعتان تحت تأثير القوى الدولية والاقليمية سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر وليس لديهم صلاحيات فعلية / حقيقية في اتخاذ القرارات الهامة وان تشكيل السلطة في البلدين يتم بالتشاور والتنسيق بين القوى الدولية والاقليمية وبما يضمن مصالحهم بالدرجة الأولى وان تعيين رؤساء البلدين ايضاً يحسم من قبل القوى الخارجية عبر التوافق، التنسيق...، وان السفير الأمريكي في البلدين يعتبر عملياً هو الحاكم الفعلي ( الخفي -- العلني) وهذا لم يعد سراً على الشعبين العراقي والاوكرايني اما السلطة في البلدين دورها يكمن في تنفيذ القرارات الخارجية الرئيسية بالدرجة الأولى وصلاحياتها محدود وهناك خط احمر مرسوم لهم وغير مسموح تجاوزه.

3- يلاحظ، ان القوى الحاكمة والفاعلة في اوكرانيا هي: البنديرين والكتائب النيونازية ( ازوف -- ايدار) والقطاع الايمن والقوى القومية الاوكرانية المتطرفة...، وحضيت هذه القوى بدعم واسناد من قبل واشنطن ولندن وباريس وبون وبعض القوى الاقليمية واصبحت هذه القوى السند الرئيس لدعم وبقاء النظام الحاكم في اوكرانيا اليوم وبنفس الوقت شكلت القاعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنظام البنديري الحاكم في اوكرانيا واصبحت قيادات هذه القوى اغنياء، مليونيرية ومليارديرية وبالدولار الاميركي ، اما في العراق المحتل اليوم، فان المليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة اليوم في الحكم اسست بعلم وموافقة القوى الاقليمية والدولية والهدف الرئيس لها هو الدفاع عن النظام الحاكم في العراق والحفاظ عليه، ناهيك عن دورها السياسي والاقتصادي... اذ تحولت غالبية قيادات هذه المليشيات الى اغنياء جدا وبالدولار الاميركي وتشابكت مصالحهم مع مصالح القوى السياسية المتنفذة في الحكم وكذلك مع القوى الاقليمية... وهذه حقائق موضوعية لا يمكن لأحد من انكارها.

4- يلاحظ ان قيادة البلدين يعملون وينفذون وصفات محددة حددت لهم من قبل المؤسسات الدولية وهي وصفات تخريبية للمجتمع والاقتصاد الوطني في البلدين فتم تخريب منظم للقطاعات الانتاجية والخدمية ومنها ( القطاع الزراعي والصناعي وقطاع التعليم والصحة...) ومن اخطر افرازت هذا النهج الليبرالي والنيوليبرالي المتوحش هي: تنامي معدلات البطالة والفقر والبؤس والمجاعة والجريمة المنظمة وتفشي البطالة , وتنفيذ وصفات المؤسسات والبنوك العالميه...، وتكمن المحاور الرئيسية لهذه الوصفات في :: تنفيذ برنامج الخصخصة السيئ الصيت في شكله ومضمونه عبر بيع مؤسسات الشعب الانتاجية والخدمية وبثمن بخس جدا لا يتعدى ال3 بالمئة من قيمتها الحقيقية في السوق، ابعاد دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية...، واضعاف مخطط لقطاع الدولة في كافة المجالات والتخلي عن مجانية التعليم والعلاج والسكن والضمان المادي عند الشيخوخة بالمقابل يتم العمل على فسح المجال واسعاً امام القطاع الخاص الراسمالي المضارب وخاصة في مجال الخدمات ( تعليم، صحة،سكن،كهرباء، نوادي ليلية...) لان هذه القطاعات مربحة وربحها مضمون وسريع وهذا يصب لصالح الاوليغارشية المافيوية الحاكمة، فالهدف الرئيس هو تعظيم الربح فقط وليس لتطوير قطاع التعليم ولجميع مراحله الدراسية او تطوير قطاع الصحة...، وبما يخدم مصلحة الغالبية العظمى من المواطنين.

6- ان من اهم المشتركات بين البلدين هو وجود مايسمى بمنظمات المجتمع المدني والتي هدفها الأساس والرئيس هو(( تفريخ)) عملا النفوذ والطابور الخامس والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون في السلطة والمجتمع بدليل يوجد في اوكرانيا نحو 10 الف منظمة مجتمع مدني وفي العراق اكثر من5000 منظمة مجتمع مدني والغالبية العظمى من هذه المنظمات تحصل على دعم واسناد مالي من الداخل ومن الخارج وخاصة من قبل اميركا وهي تشكل اداة طيعة ومنفذة لتوجيهات القوى الخارجية وكذلك تعمل غالبية هذه المنظمات على نشر ثقافة الجندر والجندرية والمثلية وعبر وسائل عديدة ومن اهمها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ففي النظام الحاكم في اوكرانيا تم تشريع قانون خاص للمثلية... وفي العراق هناك انقسام في قمة النظام الحاكم في بغداد البعض يؤيد والبعض الآخر يرفض وفي كردستان يكاد أن يكون ذلك وبشكل علني.

7-- ان من اهم المشتركات ايضاً بين قادة البلدين هو غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني والعسكري ودخول البلدين في فوضى ومآزق وأزمة حقيقية وفي طريق مسدود وكذلك يلاحظ انهيار للعملة الوطنية في البلدين اتجاه الدولار الأمريكي وهذا يعني اضعاف للسيادة الوطنية، لان قوة العملة الوطنية تعكس قوة الاقتصاد الوطني وثقة الشعب بالنظام الحاكم وكما يلاحظ ايضاً ان قادة البلدين لديهم عدائية للفكر الاشتراكي وللشيوعية و بدرجات متفاوتة بدليل اقدم زيلينسكي المتهم بتعاطي المخدرات وفريقه الاجرامي وبعد الانقلاب الفاشي عام 2014 بمنع عمل ونشاط الحزب الشيوعي الاوكرايني ويعود السبب الرئيس الى ان قيادة الحزب الشيوعي الاوكرايني رفضت الانقلاب الفاشي ولم تعترف به وكما رفضت الحرب الغير عادلة ضد شعب لوغانسك ودونيتسك كما ايضاً ورفضت التعاون مع النظام البنديري - الارهابي وفي كافة المجالات وعلى هذا الأساس تم منع نشاط الحزب الشيوعي الاوكرايني وملاحقة واعتقال اعضائه وكوادره المتقدمة... اما فيما يخص الوضع في العراق فان القيادة المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي قد شاركت في مجلس الحكم البريمري الفاسد والفاشل والمشاركة في العملية السياسية والسلطة وهي قيادة قد تخلت وابتعدت عن نهج فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي في نهجها السياسي والاقتصادي...، وهذا يعد اكبر خطأ تاريخي ارتكبته القيادة المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي، وان التاريخ سوف لن يرحم هذه القيادة المتنفذة وبعض الكوادر المتقدمة في الحزب ناهيك عن موقف (( الدراويش)) من اعضاء.. الحزب.

8- يلاحظ، وجود تعاون وتنسيق وتشاور بين الأجهزة الأمنية المختلفة والجيش الاوكرايني مع الأجهزة الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية والبولونية... وكذلك مع قوات حلف الناتو وخاصة في الحرب الاميركية الاوكرانية ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك للمدة 2014-2021 واستمر هذا التعاون والتنسيق لغاية الآن ولكن لم ينجح النظام النيوفاشي - النيونازي في اوكرانيا في اقامة قواعد عسكرية للناتو لان ذلك يعد خطا أحمرا بالنسبة القيادة الروسية وترفضه رفضاً قاطعاً اما في العراق فهناك عدة قواعد عسكرية في غرب وشمال العراق وهناك تنسيق وتعاون من قبل الجهات الحكومية المعنية مع القيادة العسكرية الاميركية المتواجدة في العراق ويعد هذا خللاً في الامن والسيادة الوطنية ويعكس بقاء العراق محتلا.

9- ان البلدين تابعين من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية... للقوى الاقليمية والدولية وتلعب اميركا الدور الرئيس في ذلك، وان قادة البلدين يسعون ويهدفون الى بناء نظام راسمالي، رأسمالية طفيلية ومتوحشة في بلدانهم وهم عملياً يسيرون في طريق مسدود في جميع المجالات بسبب اتباع النهج النيوليبرالي المفرط في وحشيته وعدائه للغالبية العظمى من المواطنين. ان هذه السمات - الخصائص للبلدين تعد انموذجا حيا وملموسا على تدخل اميركا وحلفائها وباساليب عديدة وهي اساليب غير مالوفة وغير شرعية اصلاً وتتعارض مع الشعارات التي تتبناها اميركا ومنها العمل على نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية والسعي لفرض الجندر والجندرية والمثلية على البلدان واعتبارها قيم اميركية ومن لا يطبق هذه القيم الاميركية يتم فرض عقوبات مختلفة، ومع ذلك يدعون الديمقراطية وحقوق الإنسان... هذا هو جوهر نظام القطب الواحد الذي كان فاعلاً وموثرا للمدة 1992-2006، اما بعد عام 2007 فان العالم اليوم يعيش نظام التعددية القطبية.

10- لقد اثبتت الحياة بواقعيتها الملموسة، ان (( صناعة)) الانظمة يعد نهجاً فاشلا وله تداعيات خطيرة جدا على الشعوب وما حدث ويحدث للشعب العراقي والشعب الاوكرايني الا دليلاً حيا وملموسا على ذلك، وبالتالي على القوى الاقليمية والدولية ان تحترم وتلتزم بالقانون والشرعية الدولية والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعلى الشعبين العراقي والاوكرايني ان يناضلوا من اجل انهاء الاحتلال الاجنبي في بلدانهم والحصول على السيادة الوطنية والاستقلال السياسي والاقتصادي الحقيقي وعدم السماح للقوى الخارجية ان تتدخل في الشؤون الداخلية لهم.

ان انهاء الاحتلال الاجنبي يعد مهمة وطنية وواجب مقدس اتجاه الوطن، فمن حق الشعوب ان تناضل من اجل التحرر السياسي وكذلك التحرر الاقتصادي، لان التحرر السياسي لا قيمة له بدون التحرر الاقتصادي ومن حق الشعوب استخدام كافة الوسائل المتاحة لها من اجل تحقيق هدفها المشروع وهذا ما يضمنه القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -