الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة تُدار بالتفاهمات وتطييب الخواطر !

محمد حمد

2023 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يكاد العراق ان يكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا يُحترم فيها الدستور ولا يلتزم به اقطاب العملية السياسية في بغداد. ومواده وفقراته غالبا ما تخضع إلى سجال عنيف وجدل بيزنطي وتفسيرات مبنية على اهواء ورغبات ومصالح ضيّقة ابعد ما تكون عن دستور دولة.
ومعظم الخلافات التي تحصل، وهي تحصل في كل مكان وبلاد، يلجأ الفرقاء، والأصح الشركاء في جريمة نهب ثروات وخيرات شعب لم تقم له قائمة حتى الان. يلجأ الفرقاء إلى دستور التفاهمات وقانون المشاكسات، لحل مشاكلهم. والغريب، بل المضحك هو أن جميع الاطراف تكرّر كالببغاوات "حلّ الخلافات السياسية حسب الدستور" . وهي جملة اصبحت بلا قيمة ولا معنى ولا تقنع حتى المجانين. واعترف أنني لم اسمع في أوروبا وعلى مدى عشرات السنين أن حزبا سياسيا لجأ إلى "الدستور" لحل مشاكله مع الآخرين. ولم أعرف سابقا أن الدستور "حلّال مشاكل" في أي بلاد على كوكب الارض. فدساتير الدول الاخرى، باستثناء العراق، شفافة في نصوصها وواضحة وضوح الشمس لا تقبل التأويل ولا التلاعب بالكلمات ولا تفسّر وفق إرادة أو مصلحة حزب أو طرف أو جهة سياسية معيّنة.
ان الدستور في العراق هو المشكلة. وعندما يكون الدستور هو المشكلة فان عشرات المشاكل الثانوية تخرج، واحيانا دفعة واحدة، إلى العلن لتزيد طين العملية السياسية بلّة.
ان دستور العراق بُني على اسس باطلة. وكل شيء بني على باطل فهو باطل ولا شرعية له. وتم حشره، لأهداف ومصالح ضيقة، قومية وطائفية ومناطقية، بقنابل موقوتة والغام مخبئة بعناية تامة نحت سطوره وكلماته. وبين فترة وأخرى يتم تفجيرها عن بعد، بوجه الخصوم والمنافسين. وعندما تزداد الامور تعقيدا بين الاطراف المتصارعة على كعكة العراق الشهية، يتمترس الجميع خلف حائط الدستور. وعادة ما يكون هذا الحائط من سراب خادع سرعان ما ينقشع ويتبدّد.
ان السياسيين في العراق لا يحترمون الدستور لانه، على شاكلتهم، لا يستحق الاحترام. لسبب بسيط جدا هو ان كل المشاركين في العملية السياسية التي انتجها الاحتلال الامريكي للعراق، انتزعت منهم ضمائرهم (أن كانت لديهم ضمائر اصلا) وتم تجريف كل ذرّة من الانتماء للعراق في دواخلهم. وغالبيتهم العظمى تنقصهم الثقافة الديمقراطية في العمل السياسي. واكثرهم من الجهلة في إدارة شؤون دولة كالعراق. ويعتمدون على التفاهمات وارضاء بعصهم البعض لتطييب الخواطر في عملية مخجلة تشبه السمسرة المبتذلة تحت جنح الظلام.
ان حال العراق، إذا بقي على هذه الحال، سوف لن تتغيّر ابدا وسوف تصبح في يوم ما "حال السِدانة بالماي" كما يقول مثل شعبي قديم. ان لم تحصل "معجزة" من العيار الثقيل يتم من خلالها اجراء هدم كامل لجميع المفاهيم والقيم والممارسات الدخيلة على المجتمع العراقي، خصوصا في العمل السياسي. تنتهي بصياغة دستور حقيقي للبلاد مبني على اساس المواطنة فقط وليس على اساس المحاصصة البغيضة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ