الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القومية الكيميتية !! هي المشرحة ناقصة قتلى !؟

عبدالله محمد ابو شحاتة

2023 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لقد نشأت الحركة القومية في أوروبا كنتيجة لصراع الطبقات البرجوازية في مختلف دول أوروبا على الأسواق. لقد كان على كل برجوازيات أوروبا أن تغلق أسواقها المحلية في وجه أي منافسة خارجية، وأن توسع أسواقها أيضا بدعمها التوسع الاستعماري. ولم تجد في سبيل ذلك أفضل من الأيدولوجية القومية التي تُشيطن كل ما هو أجنبي، كل ما هو ليس نحن، وتمجد القوة الجبروت الاستعماري الذي يوسع نطاق طرح سلعها.
نحن الأقوى، نحن الافضل في الماضي والحاضر والمستقبل، تلك هي شعارات القومية التي وجدت في العديد من دول أوروبا ما يذكيها، فتلك ألمانيا جوتة ونيتشة، ألمانيا الصناعة والماكينات، وتلك فرنسا الثورة والحرية، فرنسا حيث فولتير ومونتسكيو.
ذلك هو الأساس البرجوازي النفعي التي بُنيت عليه القومية. ولكنها كانت خطأ البرجوازية الأضخم، لقد ساقت الخراب على كل بقعة تفشت فيها. من ألمانيا إلى إيطاليا إلى اليابان التي تماهت معها القومية .
ثم استوعبت البرجوازية الدرس، و عُلقت جثة نجم اليمين القومي الفاشي بينيتو موسوليني من قدمية. حيث رأت البرجوازية أن ضالتها في الكوزموبوليتان والشركات والشراكات التي تتجاوز الحدود والمواطنة. فبزغ لنا قرناً جديداً بقيماً إنسانية تخدم برجوازية عالمية تهيمن على مقدرات الكثير من شعوب العالم.
وإن كان تحليل القومية الأوروبية يحتاج إلى معرفة سياسة، فإن تحليل ما يسمى الآن بالقومية المصرية يحتاج إلى معرفة سيكولوجية، يحتاج لمعرفة بمكامن الاضطرابات والمتلازمات النفسية. فإن كانت القومية الاوروبية قد صنعتها مصالح مفترضه للبرجوازية، فموجة القومية المصرية التي نشاهدها الان ( طبعاً على التواصل الاجتماعي فقط ) قد صنعها اختلال نفسي ناجم عن رغبة الهروب من واقع شديد السوء نحو ماضي سحيق مر عليه آلاف السنين.
أنها قومية بدون أي مقوم من مقومات القومية، قومية بدون حركة سياسية، بدون رؤيا للحاضر أو المستقبل. ليس لديها ما تُعول عليه في حاضرها أو ماضيها القريب، ليس لديها ما تدعي أنها تحافظ عليه من غزو الأجانب واللاجئين.
هي حالة مشوهة تمام التشوه، قومي بدون سياسة بدون مكتسبات ليحميها. قومي يكويه التضخم وتسحقه الأسعار وتُقطع عليها الكهرباء ساعتين او ثلاثة يومياً معرضة للزيادة.
ثم هو يحاول أن يستنسخ صورة القومية الأوروبية. فيدعي لنفسه قوة لا يملكها و صورة كرتونية للواقع لا توجد إلا في عقله وأعداء من اللاجئين المنتفعين ليسوا أصلا لاجئين ولا منتفعين، بل هو من ينتفع منهم وبإسهامهم في اقتصاده المتوعك.
إنني كمصري أعرف جيدا تلك الحالة النفسية من الهروب من الواقع، الناتجة عما نعانية من انسداد أفق التغيير السلمي. فبعد أن أدرك هؤلاء في ذواتهم عجزهم عن أي مستقبل افضل.
فقالوا في اللاوعي "لنخلق إذا لأنفسنا مصفوفة القومية ونعيش بداخلها. لنسمي أنفسنا رمسيس وحابي ونخرج لنهاجم من نسميهم اللاجئين و الذين ساهموا في اقتصادنا بالمحال والاستثمارات. ثم نتحدث ونقول أن مصر ليست عربية ولا رومانية ولا بطلمية ولا فارسية. نلعن أكثر من نصف تاريخ مصر، نمحيه من صفحات التاريخ، ثم نقول كانت مصر عرقية نقية وستظل، كانت عظيمة ولازالت عظيمة وستظل عظيمة. "واحلم وطرمخ على الكابوس"
تلك الحالة من الانفصام والتخدير التي لا تخدم أحد سوى من احترفوا فصم الشعوب وتغييبها، سواء أكان هذا التخدير بواسطة الدين أو القومية أو الوطنية أو المخدرات الفيزيقية...المهم أن تبقى العقول خارج نطاق الخدمة. تبقى متعلقة بتلك الجدالات التي تنتمي للثلاثينيات حينما احتدم الجدال على الهوية المصرية، هل هي إسلامية أم عربية أم قبطية ؟ جدالات فاقدة لسياقها التاريخي، بعد أن أصبحت الدولة كيانا ً يتجاوز ضيق أفق المسألة العرقية والقومية لمواطنة حداثية قائمة على التشاركية والمساواة وتقبل الاختلاف.
إن ما نريده ليس بالطبع تهميش تاريخ مصر القديمة ، كما أننا لا نريد تهميش تاريخ مصر البطلمي أو الروماني، ولا نقبل بالطبع الإضرار بالآثار الإسلامية أو التعامل بعها باستخفاف. إن كل ما سبق هو جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر الممتد لآلاف السنين. التاريخ الذي لم يقف بالطبع عند غزو الفرس قبل ٢٣٥٠ عام.
إن الأهم في التاريخ على الجانب الثقافي هو النظرة النقدية للتاريخ ، فأين يا ترى النظرة النقدية للتاريخ في الواقع مصري سواء تاريخ فرعوني أو إسلامي؟ إننا لا نرى هنا أو هناك سوى مُقدسين سُذج لا يملكون حتى شجاعة الخروج بنظرتهم الساذجة خارج إلى فضاء التواصل الاجتماعي لإحداث أي تأثير في الركود المعاش حتى وإن كان سلبي. إن تأثير تلك الجماعات لا يتمثل إلا في تشتيت طاقات بعض المراهقين والشباب في قضايا تافهة لا تمس واقعهم ولا مأساتهم المُعاشة، إنها تهدر أوقاتهم فيما لا ينفع في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة لتلك الأوقات والطاقات لخلق مستقبل يليق بنا كبشر أولًا قبل أن نكون أي شيء آخر. فما هي قوميتك؟ ولأي عرق تنتمي ؟ وهل أجدادك عرب أم رومان ام قبطيين؟ ما الذي يهمنا بعد كل هذا سوى أن نحيا بعدالة وحرية في أوطاننا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فراغ
ابراهيم المصري ( 2023 / 12 / 3 - 00:41 )
تمطرنا بكلام فوقي مخاصم للحقيقه وكأن مصر بناسها نايمه فلاتري ان تحقيق زراعه مايقارب 4مليون فدان ويستهدف زراعه مايقارب الرقعه المنزرعه سابقا 10500000 فدان وزياده الاعمار لتصل مساحته ل 15% من مساحه مصر اي مضاعفه المساحه الزراعيه والمساحه المسكونه وكل دا مش عاجب سيادتك وتصور الامر وكأننا نيام نيام 5

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟