الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادب المقاومة

بهاء الدين الصالحي

2023 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


جاء مصطلح ادب المقاومة كجزء من الأدب في اختلاطه مع الهم الاجتماعي اذا ارتبط بدور الأدب في مقاومة الاستغلال الاجتماعي وكذلك مقاومة الاحتلال علي المستوي الثقافي وبالتالي يصبح العنوان ناقصا لان تحديد المنطقة المحررة والذات المحررة ممثلة في شاعر او ناثر وبالتالي يصبح العنوان ادب المقاومة الفلسطينية حيث ارتبط الأدب الفلسطيني بالقضية الاجتماعية والسياسية خاصة مع وجود الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين منذ ١٩٤٨ حتي الآن.
الإطار المنهجي
نستعير مقولة محمد عابد الجابري ( ان نقد الاخر شرط لوعي الذات بنفسها ، ولكن وعي الذات هو نفسه شرط لاكتساب القدرة علي التعامل النقدي الواعي مع الاخر )
وبالتالي يكون الاحتلال كمثير لإنتاج ادب المقاومة الفلسطينية ،وذلك تأسيسا علي ان الأدب العربي عامة في عهد الدولة العثمانية لم يكن ذا هوية محدده بحكم هلامية الحياة الاجتماعية وقتذاك ،ولما كان المعروف من أداء المقاومة هم من تم الترويج النقدي لشعرهم في الوطن العربي وذاك تمشيا مع فكرة ان الأدب لاينشأ من فراغ وليس مدينا لاحد لأنه قادر علي بلورة ما يقوله ويشعر به الوعي الجمعي حيث هو روح الرأي العام في المجتمع في وقت معين عبر أزمة المجتمع وتاريخها ونوعية أدوات القهر .
أهداف الدراسة :
١ التعريف بتاريخ القضية الاجتماعية من خلال تحليل النماذج الأدبية المعبرة وذات التأثير عبر تاريخ الازمة حيث لم يعرف كثيرا خارج الأرض المحتلة سوي محمود درويش وسميح القاسم كشعراء عبروا عن أزمة الاحتلال وعرف شعرهم علي مستوي العالم العربي ،ولكن الداخل الفلسطيني ملئ بالشعراء المقاومين الذين اسسوا لحركة المقاومة بالشعر والابداع عامة وتتلمذ علي يدهم هؤلاء المشهورين لدينا مثل الشاعر الكبير حنا ابو حنا .
٢ رد الاعتبار لفلسطيني الداخل وخاصة عرب ١٩٤٨ والذين اضطروا تحت قهر الاحتلال المسلح الي الخيار مابين الرحيل عن أرضه او المقاومة بأضعف الوسائل بحكم غياب الظهير العربي وكذلك غياب التنظيمات الفلسطينية بما يعني حفظ الحياة الاجتماعية خاصة وأن عالم اللغة عندما تتعثر الحركة الاجتماعية التي تسمح بدرجة مت الحرية للفلسطيني في ظل الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين ، وذلك تأسيسا علي تفض المقولة الدرجة ان الفلسطينين هم من باعو أرضهم للاحتلال وهي جملة منقوصة تاريخيا وأن الشعب الفلسطيني ممثلا في صفوته بقادر علي ان يفرز شعراء وناثربن يعبرون عن واقعهم التاريخي.
٣ التعريف بالنثر الفلسطيني المهدر علي سبيل عدم شهرته علي الرغم من طم الإبداع الذي قدمه الناثر الفلسطينين مثل غسان كنفاني وغيره وهنا تزدوج حركة ادب المقاومة من الداخل والخارج وهنا مرحلة العمل الفلسطيني الادبي من معسكرات اللاجئين في لبنان وسوريا والمعسكرات المتحركة من خلال اللاجئين المنتشرين في دول الخليج ومصر ، وهنا دور مبدع مثل غسان كنفاني ومعين بسيسو .
هنا أدب المقاومة يعبر عن الوعي بالذات والقدرة علي تحليل المواقف ،وهما جزء رئيسي من مهارات المبدع حيث هو ضمير الأمة ولأن الكلمات هي الأبقى حيث تعبر اللغة عن الواقع لان اللغة اقوي أدوات التواصل الإنساني وهنا عبقرية القرأن الكريم حيث تبقي فكرة الجذور اللغوية هي بني حضارية بقيت لتعبر عن الأحداث الماضية بحكم الغياب الفيزيائي للأشخاص بحكم الموت ،ولكن الذاكرة البشرية تريد تخليد النموذج الاسمي للفعل خاصة مع تدني واقع الاحتلال التعليمي حيث حرص العدو علي عدم تجاوز الفلسطينيين لمرحلة تعليمية محددة ،وكذلك حرصه علي تسويق نمط أخلاقي من خلال الأنشطة الطلابية، وذلك كله خلاف النمط الأخلاقي النابع من الطبيعة الدينية والاخلاقية لفلسطين .
هنا يصبح الأدب متجاوزا لمجرد التعبير عن خواطر متعلقة بذات الفرد دون المجموعة ،ولكن ثقل الاحتلال اكسب حياة المبدع نوعا من القتامة وبذلك يصبح الوطن المحتل هم من هموم الذات لأنها قتلت قدرة الذات علي التحقق وتجاوز الاطر المحددة ،ومن هنا اخذت الأشعار المنشورة لمبدعي فلسطين بعدا تعبيريا حيث تصبح لسان الأمة في التعبير عن ذاتها تجاه ثقافات العالم المجاور ،وكذلك القدرة علي حفاظ ذاكرة الاجيال القادمة من داخل فلسطين ،وذلك لفهم الطليعة الثقافية ممثلة في المبدعين لأبعاد المخطط الصهيوني الذي يستهدف محو الشخصية الفلسطينية المترسخة عبر تاريخ المنطقة لصالح تلك الثقافة المصطنعة لتخليص أوربا من صداع المسألة اليهودية هناك .
هنا تصبح الأرض موضوعا رئيسيا في الإبداع لتصنع قاموسا خاصا بفلسطين داخل مملكة اللغة الابداعية الناطقة بالعربية عبر العالم وبالتالي تتحول تلك الأشعار الي وطن يتداوله التلاميذ في مدارسهم والعامة في جلساتهم، وبالتالي تصبح تلك الأشعار عنصر معادل للوطن المفقود.
ذلك كله مع البقاء علي الارض بصيغة المقاوم وليس بصيغة التابع كما أراد المحتل ، وذلك متوافقا مع كون المبدع الفلسطيني عنصر فاعل في الحركة الوطنية والتنظيمات الفلسطينية التي شكلت بديلا لتنظيم الحياة الاجتماعية للفلسطينيين وتخفيف سطوة الاحتلال وحصره لحياة الفلسطينيين في نطاق لا يليق بكونهم أصحاب ارض وحضارة وتاريخ .
ومن هنا كان حرصنا علي طرح سيرة الرواد من شعراء المقاومة من داخل الأرض المحتلة
الشاعر حنا ابو حنا
ولد ١٩٢٨ في قرية الرينة قضاء الناصرة ،تنقل عبر فلسطين بحكم عمل ابيه في دائرة مساحة فلسطين ، تعلم في كتاب قرية اسدود، ثم التحق بالمدرسة الاميرية في حيفا ،ثم الناصرة ،وشارك كطالب في ثورة ١٩٣٦ كطالب ، درس منحة في الكلية العربية بالقدس ، ثم رشح لبعثة في إنجلترا عام ١٩٤٧ ولكن ظروف النكبة لم تسمح بذلك ، بعد النكبة عاد لحيفا ١٩٥٠ وشارك في تحرير جريدة الاتحاد مع توفيق طوبي واميل حبيبي واميل توما وصليب خميس ومحمد خاص وعلي عاشور وجبرا نقولا ، ثم شارك في إنشاء مجلة الغد ، مجلة الجديد والتي صدرت كملحق لجريدة الاتحاد ، اعتقله الاحتلال واودعه سجن الرملة ١٩٥٨ ، ساهم في تأسيس جوقة الطليعة وكأن عضوا في الهيئة الإدارية للمسرح الناهض ومسرح الميدان في حيفا ،ثم عمل في كلية اعداد المعلمين العرب حتي ١٩٩٥ .
أعماله الشعرية : نداء الجرح – قصائد من حديقة الصبر – تجرعت سمك حتي المناعة/عراف الكرمل.
الدراسات: عالم القصة القصيرة – روحي علي راحتي : ديوان عبدالرحيم محمود تحقيق ودراسة – رحلة البحث عن التراث – الأدب الملحمي- ديوان الشعر الفلسطيني .
من اشعاره: طفل من شعبي لما يتجاوز عشر سنين
يتسلق شباك السجن / ويطل لكي يبحث عني / وانا في زاوية الغرفة / ارقبه وفي قلبي لهفة/ وتساورني في القلب ظنون / هل جاء به عبث وشجون ؟ / وتطفل طفل في ان يبصر شكل سجين ؟ / ّاو ارسل يبلغني أمرا/ يتسلق شباكي سرا / كحمامة يمني يحمل لي بشري وشئون؟ / ( فالشعب يحبذ بنضاله / عونا من فيلق أطفاله/ يرسلهم كحمام زاجل / وكتائب تسعي وتنازل ) .
القصيدة تحمل نبوءة بجيل الغضب الذي حمل السلاح بعدما كان الشاعر مثالا له ،وقد ارسل الشاعر تلك القصيدة لرفاقه بينما كان سجينا عام ١٩٥٨ ليؤكد علي استمرار فكرة الحرية لفلسطين في وعي كل الاجيال فالشاعر امتداد لفلسطين الحقيقية ماقبل الاحتلال والتي كانت حلما للجميع فهي بلد الأقصى ،هنا دور الشعر المقاوم والشاعر الصادق مع نفسه من خلال اندماجه في قضية الوطن ويأتي نداء الطفل الذي يمثل المستقبل للشاعر المقاوم :
وبصوت سحري الايحاء/ منحوت من ماس وضاء / هتفت شفتاه : / احمد لا تخشهم ابدا وتشجع لا ترهب أحدا / وتشجع لا ترهب احدا/ احمد فالنصر لمن صمدا .
ثم يطرح الشاعر في قصيدته تساؤله الخالد النابع من ديمومة العطاء لذلك الشعب المحاصر:
طفل ؟ / بل هو جيل الفجر / وبشائر ألوية النصر / وربيع يعبق بالزهر / يتحدي أعشاب الشر / في حقل المأساة المر / ويصون الاشواك ليومي كف الباغين!
تلك القصيدة ابدعها الشاعر في محبسه ١٩٥٨ لتتحقق نبوءته مع أطفال الحجارة ،وبعد ذلك يخرج لضرورة النصر : خلف القضبان يطل جبين / وانا شعب في دهليز الارهاق سجين / درعي صبري ،وكفاحي الصامد/ عشر سنين / وسلاحي العزم أصول به وحماي حصين / وجموعي تبني وحدتها في السجن عرين / فجر الحرية يشرق في سجن المأفون / يطأ العتمات ،يبددها،ويدك سجون / وتشجع لا ترهب أحدا/ احمد ، فالنصر لمن صمد .
وكأن حنا ابو حنا معلما لمحمود درويش الذي ولد عام ١٩٤١ في مرسية البروه وهدم الاحتلال قريته ١٩٤٩ ،وسجن ثلاث مرات عام ١٩٦١، ١٩٦٧ وكأن مقيما تحت الإقامة الجبرية في حيفا حتي تسعينيات القرن الماضي .
توفيق زياد
توفيق امين زياد ،ولد بمدينة الناصرة ٧/٥/١٩٢٩ ،تعلم في المدرسة الثانوية هناك ثم ذهب الي موسكو ليدرس الأدب السوفيتي ، شغل منصب رئيس بلدية الناصرة ثلاث مرات انتخابية ( من ١٩٧٥حتي ١٩٩٤) عضو في الكنيست لثلاثة دورات .
أعماله الشعرية : أشد علي اياديكم / أغنيات الثورة والغضب / تهليلة الموت والشهادة / سجناء الحرية / ادفنوا موتاكم وانهضوا .
من اشعاره :
يابلادي لم نطف علي حفنة ماء / ولذا لن نغرق الساعة في حفنة ماء / من هنا مروا الي الشرق غماما أسود / يطأون الزهر والأطفال والقمح وحبات الندي / ويبيضون عداوات وحقدا وقبورا ومدي )سكين ) / من هنا سوف يعودون وأن طال المدي / ثم ماذا بعد، لا أدري ، ولكن / كل ما أدريه ان الأرض حبلي والسنين / كل ما أدريه ان الحق لا يفني/ ولايقوي عليه غاصبون / وعلي ارضي هذي / لم يعمر فاتحون/ فأرفعوا أيديكم عن شعبنا / كيف تحيون علي سفينة / وتعادون محيطا من لهب ؟ / اننا للمرة الالف نقول :/ لا !وحق الضوء / من هذا التراب الحر / / لن نفقد ذرة / اننا لن ننحني/ للنار والفولاذ يوما / قيد شعره / انها للخلف كانت خطوة / من أجل عشر للأمام.
ومن هنا كانت الضرورة علي التأكيد علي ان ارض المقاومة اليانعة زهورا في أيامنا هذه هي ابنة شرعية لهؤلاء المقاومين بالكلمة والذين دفعوا ثمنا من أعمارهم ليصبحوا فيما بعد ايقونات للحرية حتي ولو لم تدركهم مسيرة الشهرة لأنهم اسسوا لتاريخ من المقاومة فصاروا اساسا للبناء مغروسا بالأرض التي اثمرت درويش وسميح وغيرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل