الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطلالة علي مملكة التاء

بهاء الدين الصالحي

2023 / 12 / 3
الادب والفن


رؤية للمجموعة القصصية ( نزف الورد ) لعزة ابو العز
مدخل رئيسي
الإبداع مدخل إنساني للتعبير عن ذات المبدع وطرح مساهمته في اثراء الواقع وذلك تأسيسا علي فكرة العقل الجمعي ( عبارة عن مجموعة من الارادات الحرة وهي مجموعة ذوات مبدعة تمارس المبادرات من خلال اللغة )،وبالتالي يأتي العمل الإبداعي من خلال اللغة حيث يتم التوافق مابين كم المشاعر المختزنة داخل ذات المبدع ،ومجموع ماتمثله مفردات اللغة والتي تعد الأداة الأهم في التعبير عن العقل الجمعي، وهنا وطأة الموروث والمساحة المتاحة للفعل الإنساني الذي يعد تكراره نوعا من إعادة إنتاج اللغة ٠،وذلك لأن الواقع له سطوته بفعل أنماط تلبية الحاجات الإنسانية والمعادل اللغوي .
ثم تأتي قواعد الجنس الادبي ومصدر شرعيتها حيث تباين الأصول من حيث بدايتها التاريخية فلو اعتبرنا البداية من ال تيمور وال عبيد لكانت نظريات الحداثة هي المرجع في قراءة تلك النصوص ،وبالتالي يتم لي عنق النص ليواءم النظرية الحداثية القادمة من واقع اجتماعي له تطوره التاريخي ،وبالتالي جاءت النظرية النقدية مواءمة ولعل قياس بعض القصائد علي غرار الأرض اليباب ل ت اس اليوت والقياس عليها علما بأن الشعراء الانجليز أنفسهم قد تجاوزوها، وكذلك لو اعتبرنا ان بداية الفن القصصي منذ ملحمة الملك الضليل واسطورة مي ومضاد تلك التي راجت ولكن تراجع السرد أمام النص القرأني ذي السياق الدرامي المعلم ،ولكن المقامة وما عيب عليها من سجع واغراق في الزخرف اللغوي كان مرهونا باستعمالات اللغة في الواقع العملي ،وكذلك ضعف التيار الاجتماعي المعبر عن توظيف اللغة اجتماعيا لصالح اللغات المستخدمة اداريا مع وجود المصالح المرتبطة بظروف الاحتلال .
هنا يلزم الناقد اللجوء الي مناهج علم الاجتماع الادبي وهو الادق وفق المدرسة الفرنسية حيث يصبح الجنس الادبي عاكسا لفكرة المؤشر النابع من قدرة الأديب علي تقديم ذاته المنفردة كمشروع للتطبيع الاجتماعي للأدب بخصوصه، وبالتالي يصبح البعد الموضوعي هو مناط التقييم بالتوازي مع مجموعة القواعد التي ارساها نمط ثقافي لتطور مجتمع دون اخر ،وبالتالي يصبح البعد الرئيسي من خلال محاولة الإجابة علي عدد من الأسئلة المحورية :
1 ماهي ملامح الواقع المعاش عبر تفاصيل العمل الإبداعي من خلال مهارة القاص في بناء الجمل المكونة للنص حيث تمتلك اللغة العربية ثراءا تاريخيا نابع من طبيعة التاريخ الصراعي الذي أدي لخلق مترادفات تعبر عن واقع تاريخي غابت تفاصيله ولكن معانيه بقيت من باب الفرح بالمنجز والتاريخ ، وهنا قدرة المبدع علي الإمساك بمقود اللغة ،وذلك متوازيا مع قدرته علي تقطيع اللحظة الدرامية وذلك نابع بطبيعة الحال من الدور الاجتماعي للمبدع حيث أن الإبداع كالطاقة لا يولد من فراغ ولايذهب في الفراغ .
2 ماذا أضاف النص للواقع الادبي من حيث التوفيق مابين اعتيادية القضية او جدتها وقدرة المبدع من خلال لغته وعلي امتلاك مشاعر القارئ وذلك لخلق حالة من التوافق النفسي مابين المبدع والقارئ.
وفوق ذلك كله الي اي حد تحققت تلك الأبعاد في النص الذي نتناوله؟
يأتي العنوان الجامع مستغلا روعة البديع العربي من خلال جمع المتناقضات فالورد في الانطباع الاولي للمستمع مرهون بكل ماهو حياة وأمل بينما النزف مرتبط بفكرة الموت البطئ وفكرة الحركة العكسية للأسفل دون صعود الامل في اتجاه السماء ، وهنا الاختزال للغة بطريقة مبسطة وموحية وتأتي العناوين الفرعية للقصص المكون للمجموعة معبرا عن مكون الحدث ومتوافقا مع طبيعة الصراع وبذلك تكون القصة الافتتاحية خالقة للانطباع الأول والمدخل الرئيسي للمجموعة ،ولننظر للعنوان وهو قابل للتأويل حيث معركة جهاد مابين طموحها كوردة حاملة لجينات المحبة ولكنها صدمت بواقع الازدواجية التي يعانيها الواقع حيث تصبح ازمتها في انهيار الصورة التي كونتها عند ارتباطها بزوجها والذي سرعان ماتغير ،لتتحول حياتها الي عناق مع الألم مع عدم اعتبار من حولها لمشاعرها خاصة مع معاناتها من العنف المصاحب لتداعيات نظرية الامتلاك والمؤدلج بحديث فرضية سجود المرأة لزوجها كمكمل ثقافي لطبيعة مالكي الثروة تلك الشريحة المكون الرئيسي في الطبقة الوسطي ،مع دحض فكرة تمرد المرأة حال عدم تحقق الشروط الموضوعية للعلاقة الزوجية ،وبالتالي فأن المعركة قائمة مابين طرف واحد وهو جهاد ضد مجموعة اولهم الزوج الذي يمارس نوعا من الاحتقار لذات الزوجة ،مع قدرة القاصة علي خلق نوع من التعالي اللغوي بمزيد من القدرة اللغوية علي نسج الجمل الدلالية ،وذلك لوصف حالة الازدراء الجسدي من خلال اعتباره مادة قابلة للاستخدام وأن المرأة مجرد وعاء لا ذات قابلة للاعتبار ،وهنا الصراع مابين الذات والموضوع داخل جهاد وكذلك معركة جهاد مع المحيطين من الأسرة وكأن المرأة عبء يجب التخلص منه .
ولكننا كنا نقترح توصيفا للمجموعة علي اعتبار انها متوالية روائية وذلك تأسيسا علي وحدة البطل عبر القصص المكون للمجموعة حيث تتوافق عقدة القصة في معركة جهاد وكذلك المرأة العفية تلك المرأة التي قامت بانتهاك جسد الفتاة الوردة وكأن تلك القطعة هي بضع الشيطان في جسدها ،والعقدة الرئيسية هنا هي اعتبار الجسد مادة للاستغلال دون اعتبار لحاملته.
مع نقد لمجمل الثقافة الشعبية والتي تعبر عن اعتبار الجسدنة المفرطة من خلال السرد النقدي لأغنية ( ياللي ع الترعة حود ع المالح ) من خلال تلك الأسئلة عن الألم المصاحب للمتعة وارتباط تلك المتعة بالانتهاك الجسدي وكأنه طبيعة مسلم بها .
الريبوتوار القصصي ( السهل الممتنع )
في ظل تداخل الأجناس الدرامية تمارس القاصة نوعا من إعادة إنتاج القصة القديمة مع بعض التصرف في أحداثه وذلك تمشيا مع مقولة الجاحظ الخالدة ان المعاني والأفكار ميراث إنساني متداول المهم جزئية التناول من واقع زاوية التناول النابع من طبيعة المبدع وخلفيته الإنسانية ولعل استعارة تيمة الحرام في بنت رحيمة بكسر الحاء منعا لفكرة التأويل ومن باب السخرية من قدرية التناقض مابين الاسم ومجريات القدر ،ولعل وظيفة الريبوتوار هنا هي الإشارة لقدرية واستمرارية المحنة فبدلا من وجود ابن الخطيئة في الحقل حيث موطن عمل عمال التراحيل ،جاء التطوير من خلال مفهوم الإجهاض كنوع من استمرار القهر الجسد واستغلال العلم بدلا من الرفاهية بل توجيهه لصالح الفئات الأقوى في مجتمع القرية وكذلك ايراد الشهادة علي ذلك الواقع من منظور انثي تحاول إنتاج ذاتها من خلال فكرة الارتقاء النوعي بالعلم كوسيلة لمقاومة منظومة انتهاك الجسد كبعد رئيسي في ثقافة ذلك الواقع وممارساته اليومية وهنا الادانة لتوظيف العلم ممثلا في الطبيب الذي قام بعملية الإجهاض ولكن المرأة ماتت نزفا ،هنا نجد حرفية القاصة من خلال دقة اختيار العنوان لتجد مقابلة موضوعية له عبر صفحات المجموعة، هنا يصبح الوعي هو القيمة الرئيسية في مواجهة منظومة الاستغلال ،من خلال مقولة الام كختام تثويري نقدي للواقع وأن قضية الانتهاك تلك مظهر من مظاهر الارتداد الاجتماعي :
الحقيقة المعلومة مع الخوف العميق لا قيمة لها في قريتنا يأبنتي بل هي سراب ، ووهم وذل ، ووجع في القلوب والعيون . الي هنا انتهي الاقتباس من المجموعة ، ولكن الريبوتوارهنا فيما يقارب التناص في الشعر مع الفارق في تعقد العلاقات مابين مكونات النص حيث الفارق الزمني يفرض نفسه .
ويحضرنا هنا توافق البناء الفيزيائي للقرية مع هشاشة الوجود الإنساني للمرأة كمثل البيوت التي يحيون فيها وكأنها عامل من عوامل الدراما .
هنا الريبوتوار نوعا من الترسيم المزدوج وكذلك اللعب علي فكرة البناء علي مخزون معرفي سابق كنوع من النقاش مع المتوارث كفكرة فلسفية حيث نقض الواقع وذلك من خلال مقارنة القارئ لمعالجة القصة القديمة وملامح ذلك الواقع المعاش ، هنا يصبح الزمن ممتدا من خلال عقل المتلقي المقارن مابين ما يعرف وما تطرحه القاصة من معرفة جديدة تمهيدا لخلق أبنية بديلة في الوعي القائم وكأنها صرخة لاتزال المرأة في ذلك الجسد المفترض كونه مرأة لروح أبدعت كون وقت المجتمع الامومي حال مشاعية الملكية اما نمط الإنتاج الذي يقوده الفارس الرجل حيث القوة العضلية والتي تحتاج لتسرية ، وبناء عليه أن يصبح الأسر واستعادة الآخرين من مضمار الحرية سلوك اعتيادي ومشرعن .
سعدنا بقراءة مجموعة قصصية راقية في لغتها متعالية علي الألم قادرة علي خلق روح من المناعة القائمة علي الوعي ،مع اعتبار الجسد مرأة لذلك الواقع وذلك دون الوقوع في مأزق المباشرة ،وبذلك تصبح اللغة ميدانا للتباري عبر الساحة الابداعية .
حفظ الله مصر بمبدعيها ولمبدعيها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا