الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والشريعة الإسلامية ح 13

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 12 / 3
دراسات وابحاث قانونية


الشريعة الإسلامية وتنظيم حق الشركاء على الشيوع
الشركة والشركاء والمشاركة جميعها تعود للمصدر اللغوي شرك ويشرك وأشرك والمصدر منهما شراكة أو مشاركة، ويقصد بها أن إرادتين منفصلتين تقعان على أمر يجعل محله مملوكا أو خاضعا لسلطانهما بما يتفقان عليه، بالنوع والماهية فيكو الأمر مثله مثل السرك الذي يربط شيئا معا، والشركة لغةً أيضا بكسر الشين وسكون الراء (الشِّرْكة)، وحُكِيَ فتح الشين وسكون الراء وكسرها(الشَّرْكة - الشَّرِكة)، وهي أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا. وَيُقَالُ: شَارَكْتُ فُلَانًا فِي الشَّيْءِ، إِذَا صِرْتَ شَرِيكَهُ، وَأَشْرَكْتُ فُلَانًا، إِذَا جَعَلْتَهُ شَرِيكًا لَكَ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} طه 32.
والشركة قد تكون شائعة في المال كله ويسمى حينئذ بالمال الشائع أو الشركة الشائعة كما في حالة الأتفاق الرضائي على ذلك، أو من خلال حكم الشرع كما في (أنصبة الورثة في المال المستورث من مورثهم)، أو بحكم القانون كما ورد في الدستور (أن الثروات الطبيعية في العراق هي ملك الشعب العراقي)، وأيضا تكون الشركة لطبيعة الأشياء ما لم تحرز أو تنحاز بسبب شرعي أو قانوني، وقيل (الناس شركاء في ثلاث _الماء والهواء والكلأ)، والملكية الشائعة هي أقدم أنواع الملكية وأشهرها وما زالت على أوصافها بالرغم من ظهور التعدد في ماهية الملكية مع تطور التجربة والتنظيم القانوني والشرعي لها على يد المشرع والمنظم الأجتماعي لتحسين إدارة الملكية، أو بفعل عوامل الحيازة والسيطرة واستخدام القوة في بسط النفوذ والتمتع بما تفرضه من مظاهر التملك.
وقد ورد مفهوم الشركة والمشاركة والشيوع في القرآن الكريم والسنة النبوية ليشكلا قاعدة مؤسسة لمفهومهما في الشريعة الإسلامية، أما في القرآن الكريم فقد ورد فيه {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} النساء 12، وقال في موضع آخر وفي معنى مقارب لكنه في جوهره يشير للشيوع بعنوان المخالطة {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } ص 24، أما في السنة المحمدية فكثيرة هي الإشارات والأحاديث والروايات التي تناولت موضوع الشركة والشيوع والمخالطة، منها ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الذي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَ عن قُولُ اللَّهُ «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا».
الشيوع مصدر من شاع´ – يقال شاع يشيع شيعا، وشيعانا˝ وشيوعا:˝ إذا ظهر وانتشر، يـقال: شاع´الخبر شيوعا فهو شائع إذا ذاع وانتشر، وإشاعة أطاره وأذاعه وأظهره، وجاء´ في لسان العرب ´شاع الشيء يشيع، وشعي´ شعشعا وشعاعا˝ كالها إذا تفرق وشاع الشيب ´شيعا˝ وشياعا˝ وشيعانا˝ وشيوعا˝وشيعوعة ومشيعا:˝ ظهر وتفرق وشاع فيه الشيب، ويقال نصيب فلان شائع في جميع هذه الدار ومشاع فيها أي ليس مقسوم ولا معزوم، قال الأزهري: إذا كان في مجيع الدار فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها، وجاء في المصباح المنير: شاع الشيء يشيع شيوعا˝ ظهر.
يرى فقهاء الشريعة أن حق الشريك في المال المشترك على الشيوع هو حق ملك، فالشريك على الشيوع يملك في المال المشترك حصة شائعة، فالمال المشترك في نظر الفقهاء لا يعد مملوكا كله لكل شريك على أنفراد وإنما يملك في المال المشترك حصة شائعة منتشرة فيه، إذ أن الشيء المملوك على الشيوع لا يقبل أن يكون مملوكا للجميع في وقت واحد، إذا فتعدد الملكيات تعدد محالها، وهذا ينافي واقع الحال، لذا صار تعلق الشريك بالملك من خلال أن له حصو في كل جزء منه ولكن ليس كل الجزء، فهنا هو يملك من الجزء بما يملك من الكل والعكس صحيح، وأن ما يملك قد تفرق في جميع أجزائه من غير فصل ودون استثناء أي جزء فيه، وكان تعلقه به كله على معنى أن له في كل جزء منه حصة من ذلك الجزء، لا على معنى أن له كله.
وكانت النتيجة ذلك أن الحق لكل شريك من الشركاء على الشيوع يتعلق بالشيء المشترك في مجموعه وإن كانت محدود بمقدار حصته فيه، فلم يكن له بسبب ذلك أن يستأثر بجميع مزاياه دون حق الشركاء الأخرين معه في هذا المال، وتمتعهم بما يتمتع به في حدود حصصهم "وتجوز الوصية بالمشاع والمقسوم لأنه تمليك لجزء من ماله فجاز في المشاع والمقسوم كالبيع.
ويجوز التصرف بالمجهول كالحمل في البطن واللبن في الضرع وعبد من العبيد وبما لا يقدر على تسليمه كالطير الطائر، ولأن الشياع لا يمنع حكم التصرف وشرطه لأن حكم الهبة الملك والشياع لا يمنع حكم هذا التصرف، ولا يمنع الملك ألا ترى أنه يجوز بيع المشاع وكذلك هبة المشاع فيما لا يقسم وإن كان القبض فيها شرطا لثبوت الملك فيها، وإن الجزء المشاع محل لما هو موجب بهذا العقد وهو الملك، وإنما يشترط في المحل المضاف إليه العقد كونه محلا لحكم العقد وبه فارق الصوف على ظهر الغنم فإنه مملوك وصفا وتبعا لا مقصود .
أما في ما ورد عن شراح الفقه والشريعة عن الملكية الشائعة والشركة بشكلها العام فقد أجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة، وإنما اختلفوا في أنواع منها.
تقسم الشركة إلى قسمين، هما: شركة الأملاك، وشركة العقود، ويتفرع عن هذين القسمين أقسام أخرى، سنقوم بالتحدث عنها في المطلبين التاليين.
أ- شركة الأملاك: وهي أن يتملَّك شخصان فأكثر عيناً من غير عقد الشركة كأن يمتلكانها عن طريق الإرث أو الهبة، وهي نوعان: نوعٌ يثبت بفعل الشريكين، ونوعٌ يثبت بغير فعلهما، على النحو الآتي:
ب- شركة اختيار: وهي التي تنشأ بفعل الشريكين، مثلاً أن يشتريا شيئاً، أو يوهب لهما شيء أو يوصى لهما بشيءٍ فيقبلا، فيصير المشترَى والموهوب والموصى به مشتركاً بينهما شركة ملك.
ج- شركة جبر: وهي التي تثبت لشخصين فأكثر بغير فعلهما، مثلاً يرث اثنان شيئاً فيكون الموروث مشتركاً بينهما شركة ملك.
أما حكم شركة الأملاك والنوعين الأخرين فيعتبر كل واحدٍ من الشريكين أجنبياً في نصيب صاحبه، فلا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه، إذ لا ولاية لأحدهما في نصيب الآخر، وهذا عين ما نقله القانون المدني متأثرا بالمفهوم الشرعي في تحديد إطار الولاية وحدود المسئولية طبقا للتعريف المقدم في الشريعة، الفرق بين الشريعة والقانون ليس بالتوصيف المجرد ولكن يعتمد المفهوم الشرعي على قواعد التعامل الأساسية التي تبنى عليها وصف كل الألتزامات بين الأفراد، أي بالأوصاف الأساسية لطبيعة التصرف من حيث الحل والحرمة أولا، وثانيا أن الأساس الذي يفسر كل تصرف يبنى على قاعدة البراءة الطبيعية ما لم يثبت خلاف ذلك بالفعل والقول لينهي وصف البراءة بإرادة الشريك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو