الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد انهيار غزة ؟

محمد رضا عباس

2023 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


اتمنى ان لا يتحقق كل ما أقوله ادناه , لان الخاسر هو نحن , انا وانت , وكل مواطني الشرق الأوسط بلا استثناء في حالة فشلت المقاومة في غزة حسب شروط الكيان الصهيوني وتخاذل بعض الدول العربية والإسلامية في الوقوف امام مخططاتها .
من تداعيات الانتصار الإسرائيلي في غزه هي انجاز الهيمنة الامريكية على منطقة الشرق الأوسط بالكامل . أي تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة مغلقة للغرب ولا يجوز لأي دولة اختراقها . بكلام اخر انسى طريق الحرير الذي من المزمع ربط الشرق الأوسط بأوروبا عبر العراق , وبدلا من ذلك سوف يحل محله طريق الهند - الامارات- السعودية -إسرائيل – أوروبا وبذلك فان الخاسر الأكبر من الانتصار الإسرائيلي هي ايران والعراق .
فشل المقاومة في غزه يعني تراجع أهمية قناة السويس وسوف يحل محلها او جزء من أهميتها قناة بن غوريون , وبذلك فان البضاعة التي تأتي من الهند سوف تدخل السوق الأوربي عن طريق القناة الجديدة . كلفة الشحن ستكون مرتفعة مقارنة مع كلفة البضاعة القادمة عن طريق الحرير , ولكن الغرب يستطع تحميل هذه الكلفة على كلفة صادراتها الى الدول الأخرى .
بعد انهيار المقاومة يصبح لا معنى لوجود قوى الرفض , وهنا ستجتهد الدول العربية و الغرب بمحاربتها والقضاء عليها , خاصة وان هذه الدول ستجد كل العون من الإدارة الامريكية والدول الغربية . انها إعادة تجربة القضاء على القوى اليسارية في دول أمريكا اللاتينية , فبعد القضاء على الحركات اليسارية في هذه المنطقة استتب الامر للإدارة الامريكية وأصبحت المنطقة مغلقة لا يجوز لأي دولة فيها الخروج عن الطاعة الامريكية والا فان مصيرها الحصار الاقتصادي او الغزو المسلح . وبالقضاء على المقاومة الفلسطينية , تفرغ ساحة الشرق الأوسط للقوى الموالية للغرب وتنتهي القضية الفلسطينية , ويصبح العرب سكان الضفة الغربية وغزة مجرد سكان محميات ضمن الحدود الإسرائيلية تماما مثل تواجد سكان أمريكا الأصليين " الهنود الحمر" في محميات يغطيها الفقر والبؤس و استخدام المخدرات .
وسينظر العالم الى العرب على انهم اقوام لا يصلحون للحضارة الحديثة وللتقدم الإنساني وان الغرب متفوق ليس فقط بالتكنلوجيا الحديثة وانما أيضا يحسن التعايش السلمي بين الأمم , وان العرب يحتاجون الى من يحتويهم ( يستعمرهم ) حتى يكونوا اناسا صالحين يستحقون الحياة . وليس ببعيد ان يفصل الأطفال عن عوائلهم بحجة إعادة تربيتهم , حيث ان الحية لا تلد الا حية وعلى الأمم المتحضرة العمل على قتل الحية قبل ان تكبر .
ولكن الشرق الأوسط سوف لن يستقر بعد هذا الحل , وهنا سوف تظهر كتلة ترفض الهيمنة الامريكية والصهيونية على المنطقة , وبذلك فان المنطقة بعد ان كانت توحدها قضية فلسطين , تصبح الان عامل انقسام وليس بعيدا ان ينقسم الشرق الأوسط بين شرق اوسطي يرفض الهيمنة الأجنبية , و غرب اوسطي يتمتع بالحماية الأجنبية. روسيا ستكثر من تواجدها في سورية , المعقل الأخير لها في العالم , وعليه فان سوريا ستكون مركز تجمع الرافضين للهيمنة الامريكية على المنطقة . العراق سيكون وضعه محرج جدا , وربما سيتجه نحو التقسيم بين رافض للهيمنة الامريكية والقابل بها.
ومن اجل ان يقف كل جانب يتحدى الجانب الاخر , فان كلا المنطقتين سوف يخصصون نسب كبيرة من ميزانياتهم المالية لشراء السلاح وبكل انواعه , وتصبح التنمية الاقتصادية ليست من الأهمية القصوى عند حكومات المنطقتين. وطالما وان النفط هو العمود الفقري لبعض دول المنطقة , فان منظمة اوبيك سوف تكون اكثر واكثر تحت الهيمنة الامريكية مما يؤدي الى انهيارها بمرور الزمن , وتصبح المنافسة هذه المرة بين المنتجين للطاقة وليس بين المنتج والمستهلك لها.
وعلى الرغم من وجود مشتركات بين دول المنطقة مثل الدين , التاريخ المشترك , اللغة , والثقافة , الا ان بمرور الزمن سيكون في الشرق الأوسط مجتمعيين لا يود الواحد الاخر , تماما مثل المجتمع الكوري , حيث ان الحرب الكورية قسمت البلد الى بلدين : شمال وجنوب وبمرور الزمن اصبح من الصعب جدا حل المشاكل العالقة بينهما . واذا قدم الغرب كل ما يمكنه من اجل ازدهار الجنوب من كوريا فان من المشكوك به ان يقدم الغرب نفس التسهيلات لدول غرب الشرق الأوسط . لا يمكن التصور ان يسمح الغرب لمصر ان تتفوق على إسرائيل صناعيا او زراعيا او في حقل التكنلوجيا .
الغرب قرر على ان يكون الشرق الأوسط مصدر طاقة وليس من حقه صناعة السيارات والطائرات والقطارات ذات التكنلوجية العالية . النظرية الاقتصادية الرأسمالية تقول ان التنمية الاقتصادية تبدء من حيث تواجد الموارد الطبيعية والبشرية . فاذا كان البلد غنيا بالأيدي العاملة فعليه التركيز على الصناعات التي تتطلب ايدي عاملة كثيرة ( مواد استهلاكية او بضائع قصيرة الاجل) , واذا كان البلد غنيا برأسمال , عليه التركيز بالصناعات الرأسمالية ( مكائن ومعدات), واذا كان البلد غنيا بالأراضي الزراعية , يجب على أبناء هذا البلد ان يبقوا فلاحين الى الابد , والبلد الغني بالطاقة يجب ان يعتمد على تصديرها ويسمح لا بناءه النوم حتى الظهيرة . وبموجب هذا التقسيم , فان دول الشرق الأوسط سوف تنقسم بين مصدر للطاقة , مكان للإنتاج الزراعي والحيواني , او منتج للمواد الاستهلاكية , فيما ان إسرائيل سوف تحتكر الصناعات الرأسمالية والتكنلوجيا.
التأثير الإسرائيلي السالب على منطقة الشرق الأوسط سوف يستمر طالما وان إسرائيل لا تحترم القوانين الدولية وان هناك من يدعمها بدون حدود . ان هذا الدعم إشارة واضحة للأمم في الشرق الأوسط ان الغرب يستطع التخلي عن جميع دول المنطقة الا إسرائيل ويجب ان تبقى إسرائيل الدولة القاهرة لها, وعلى دول المنطقة مراعاة ذلك.
واذا استطاعت دول الجانب الشرقي من الشرق الأوسط حماية حدودها وتماسك سكانها والتفافهم حول حكوماتهم , فان من الصعب جدا على دول الجانب الغربي من الشرق الأوسط السيطرة على شعوبهم , خاصة وان القضية الفلسطينية تمشي في عروقهم . شعوب هذه المنطقة سوف لن تقبل بذل التطبيع و هيمنة الكيان الصهيوني على مناطقهم , وبذلك سيكون هناك فجوة بين الشعب وحكوماتهم قد تؤدي الى اضطرابات سياسية كثيرة ومستمرة. صحيح ظهر بعض المدعين بالتدين وهم يلعنون حماس والمقاومة على مواقع التواصل الاجتماعي , الا ان هناك اخرون يرفضون التطبيع وقد يكونوا قادة لانتفاضات المستقبل.
هذه الشعوب سوف لن ترضى بان تكون حكوماتهم صديقة الى حكومات بالأمس شجعت على إبادة الشعب الفلسطيني . لا اعتقد ستكون دولة فرنسا من الدول المرحب بها في هذه المنطقة ورئيسها يمنع حتى خروج تظاهرت تؤيد وقف اطلاق النار . ولا اعتقد ان بريطانية ستكون من المرحب بها وان رئيس وزراءها نقل السلاح بيده الى الكيان الصهيوني بالوقت الذي كان أطفال غزة يموتون من القصف الإسرائيلي عليهم , وكذلك المانيا وإيطاليا و الولايات المتحدة الامريكية .
هناك حديث لرسول الله , انه قال " لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ ، فَلَيَسُومُنَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ لا يَرْحَمُ صَغِيرَكُمْ ، وَلا يُوَقِّرُ كَبِيرَكُمْ" . أئمة السلطان طبقوا الحديث بالتمام ولكن بعكسه . لقد ظهرت حملة شرسة ضد حركة حماس من رجال الدين على اقل ما يقال عنها مخزية . أربعون الف طن من المتفجرات تلقى على قطاع اصغر من دولة البحرين ويقتل اكثر من 20 الف ويجرح اكثر من ثلاثين الف من سكان غزه , ويخرج "علماء دين" ينادون ان المسبب لهذا القتل هو حماس ! وبذلك أرادوا من تحويل المظلوم الى ظالم والظالم الى مظلوم . فبدلا من ان ينددوا بالمجازر التي وقعت في القطاع , واذا يخرج علماء يلعنون حماس , وكان فلسطين وحماس شيئين مختلفين . لو كانوا يطبقون الإسلام الصحيح لكانوا هم في الخطوط الامامية ضد الكيان الصهيوني الذي اغتصب الأراضي الإسلامية كما يدعون . لقد كانوا في الخطوط الامامية عندما قام تنظيم القاعدة وداعش بشن حملاتهما الاجرامية ضد العراق وسوريا , ولكن عندما وصل الامر الى فلسطينيين اصبحوا في الخطوط الخلفية يقتلون بفتاويهم ابطال المقاومة . فهل من احد سيلوم الجيل الجديد عندما ينظرون الى هؤلاء بعين الشك و الاحتقار ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا ترفع دعوى قضائية ضد شركة طيران إسرائيلية لنقلها أسلحة


.. المغرب يُعلن عن إقامة منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية




.. تصاعد الضغوط على إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب| #غرفة_الأخبار


.. دمار واسع طال البلدات الحدودية اللبنانية مع تواصل المعارك بي




.. عمليات حزب الله ضد إسرائيل تجاوزت 2000 عملية منذ السابع من أ