الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فٍي خَلَاءٍ يُفْنِي وَلَا يَفْنَى

عبد الله خطوري

2023 / 12 / 3
الادب والفن


_فَرَسُ آلقَائِدِ :
في خَلاء يُفْني ولا يفْنَى، رَنَا القائدُ وراءَهُ، لَمْ يَجدْ إلا طيفَ جَماجم تُعانقُ بسخاء هياكل وسُيوفا وسماوات مُلَبّدَة بضغائن وأودية ووهادا من ثلوجٍ حمراء كأشلاء الحياة .. حائرا عَقَدَ يديْهِ أسفل ظهْره .. مَسَحَ على عُنق الحصان .. وفي ثورةٍ عارمةٍ أَخْرَجَ دِماغَهُ من رأسِه آلمفلوق ثم رَمَى به تحت رجليْه وطفقَ يعفسه حتى فَقَدَ تَوَازُنَهُ وَسَقَطَ ...

_جندي يتقاعد :
.. بووووم .. تنفجر بلا آستئذان تفلق آلرؤوس وآلبآبئ والرقاب، وصفير الرصاصات يحاصر المآقي .. كل المساحات، كل الأمكنة زمهرير عذاب، وها أنذا الآن، بعد هذه السنين كلها _ يا نفسُ _ أضربُ كفا بكف متذكرا خيبتي وخيبة آلأنام .. نعم كنتُ مُخلصا سافرتُ كجميع المُخلصين بين الكثبان والرمال ومُنعرجات القفار وحاربتُ عانيتُ قاومتُ وأرسلتُ الكثيرينَ إلى جهنم أو إلى الجِنان أو إلى مصائب الدنيا .. سيان عندي الآن ..!!.. لم يكن يهمني شيء إلا خدمتي وتطبيق التعليمات كما تَردُ أنفِّذُ .. وها أنذا بعد كل هذا الاخلاص يُقْذَفُ بي كخرقة مُهَلهلَة لا تصلح حتى للمُهْمَلات بعد أنْ رمتني تلك الصاعقة التي أمطرتْ على حين غرة من السماء هوتْ علينا نحن صغار المُجَنَّدين أوْدَتْ بالكثيرين قتلى وتركتِ الباقي مثلي نفاياتٍ جرحى مَعطوبين لاحول لهم لا عون ... قالوا لي: شكرا .. ربتوا على كتفي ابتسموا جميعا والتقطوا صوراً مُلونة وغير ملونة معي مُكَشِّرِينَ عن أسنانهم مُتعاطفين .. وأشفقوا لحالي ثم أودعوا في جيب سترتي المهترئة رزمةً من الدراهم و ... سَرَّحُوني لأنْعَمَ بالحرية التي طالما تقْتُ اليها .. هكذا قالوا لي .. ليبيراسيونْ ريفُورْمْ (١) .. سَنُسَاندُكَ سنعتني بكَ سنتكفل بالعائلةِ الكريمةِ .. وصدقتهم بطبيعة الحال ناسيا ألمي وعجزي وإعاقتي ... وها أنذا الآن أحلمُ كمعتوه ببنات آوى تجتزئ ركبتي من مفصلها تعضني أنيابُها النتنة تعقر عمودَ الساق شراستُها تقتات مِشْيَتِي لأمسي شبحا زاحفا مُقعيا كقرد بهلوان مُهْمَل التفاصيل في خلاء يُفْني ولا يَفْنَى ...

_جندي يموت :
وعيناي خسيفتان في محجريْهما لا تقويان حتى على إذراف الدموع .. يلهث القلب .. أعوي كخليع في المنعطفات .. أنتكسُ وحيدا في عَراء بلا عزاء .. أنتحي ركنا في الصحراء .. أحاول أقفَ كما وقف الرجال .. أضعُ سبّـابتي على الزناد .. أشهر الرشاش في وجوههم الصفيقة أطلق أرش لا أبالي .. يندفعون يتكالبون يتقاطرون لا أبالي .. أضرب أقذف أرعد أزبد أرش .. يهجمون .. يقذفون سعارهم .. أُدْخِلُ ما تبقى من الفوهةَ في فمي .. ثـم .. كمثل سنابلَ إذْ يشعشع نورها في سنابك الضّابِحاتِ ضُحَيات نهارات آلربيع في بلدات آلجبال ( إيواسَّنْ نْتِيفْسَا دي تيمورانغ ) ..أرمي الرصاص .. لقد عرفت الطريق _ يا بُنَـيّ _ لنْ أبالي .. أشقُّ حياتي داخلكَ أغوصُ مغاورك آلغائرة أتيهُ وسط أصوات أطفال لا حصرَ لعددهم أرتع في لُجج جِنان قطعان الأرو وسرب اليمام .. هناك في أعالي شاهقات الجبالِ .. كانوا ينشدون أغاني تِيفَّارْ (٢) .. يسحقون في كل الوهاد .. يرقصون .. أذوبُ أُصْهَـرُ متوغلا بين الجموع .. أعْـرُجُ .. أموتُ .. أعاني .. نعم .. لكن، لا أبالـــي ...

☆ترجمات :
١_ليبيراسيونْ ريفُورْمْ : تسريح من الخدمة لدواعي صحية
٢_تِيفَّارْ : نوع من الأهازيج الأمازيغية يغنيها منشد برفقة جوقة تردد لازمة تتكرر طيلة الأهزوجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??