الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب : إغتيال طبيب عسكري جريمة أخرى تنضاف إلى جرائم الديكتاتورية العلوية.

علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)

2023 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كان المحامي في المغرب يُمنع منعا كليا من استعمال الدراجة الهوائية كوسيلة لتنقلاته ، و إلا تم تجريده من مزاولة مهنة المحاماة. و إذا كان الجُنود بمختلف الرُتب لا يحق لأحدهم مُغادرة الثكنة العسكرية في عطلة إلا بالحصول على التصريح ، و ملأ معلومات دقيقة حول كل الأماكن التي ينوي أن يقصدها . و إذا كان رجال السلطة ممنعون حتى من تصرفاتهم اللينة و تعاملهم اتجاه المواطن، التي تبدو في بعض الأحيان إنسانية ، أو تضامنية مع الإنسان المغربي العادي . و إذا كان الشك و الصراع و عدم الثيقة هو اللأسلوب الوحيد للتعامل بين رجال السلطة فيما بينهم ، حيث أن الدركي لا يحق له التقرب وبناء الثيقة مع أي شخص ما من جهاز أخر غير جهاز الدرك ، و هو نفس الشيء الذي ينطبق على الشرطي ، و المخزني ، و السيمي ، والعسكري ، و القائد ، والباشا ، و الولي و العامل، و هلم جرا ، و إذا تم حضر و منع كل القوات المسلحة ، و رجال السلطة من الانتماء السياسي ، أو النقابي ، أو الحقوقي ، وحرية الإدلاء بالرأي و التعبير ، او حتى عدم السماح للبعض منهم بقراة الجرائد ، و إذا فُرض على الكل أن يشك في الكل ، وعلى الكل أن لا يتعلق مُقدسا فقط سوى لثلاثية الوهم" الله الوطن الملك " مبديا لذلك كل ولائه وطاعته؟
فماذا كان سينتظر الطبيب العسكري " مراد الصغير" الذي تحدى كل تلك العراقيل ، وتجاوز كل الجواجز ، و استطاع أن يفر هاربا ببذلته العسكرية من قبضة الديكتاتورية العلوية بالمغرب التي لا ترحم أحدا من مُنتقديها ، أو من معارضي لسياستها التخريبية الهدامة ، المبنية على الرشوة ، والزبونية و المحسوبية ، و العبودية ، و الرق و الاستعباد ، وما بالك في تعامل هذه الديكتاتورية مع من انشق عنها بعدما اطلع على اسرارها ، وخباياها ، و جرائمها مثل هذا الطبيب العسكري ، الذي فر بجلده من حبل المشنقة ، وشق بذلك اوروبا وحيدا مشيا على الأقدام متجها نحو دولة " السويد " لاجئا إليها ، هاربا حتى من دولة فرنسا الحامية للديكتاتورية العلوية بالمغرب ، لأنه يدرك أن تواجده بفرنسا لن يحميه من قبضة الديكتاتورية العلوية ، وهو الذي لا يجهل أن فرنسا متوطئة في اغتيال كل من يشكل خطرا على الديكتاتورية العلوية بالمغرب من أمثال المهدي بن بركة و غيره ، لأن معاهدة الحماية الفرنسية مع الديكتاتورية بالمغرب لازالت سارية المفعول.
لقد هاجر هذا الطبيب العسكري المغربي دولة السويد ، متجها إلى مكان ما بأسيا ، و على ما اعتقد أنه قد استقر به المطاف بدولة ماليزيا. لكن الأسئلة التي ستبقى عالقة هي : كيف قرر عودته إلى المغرب مع العلم أنه يعلم علم اليقين ما سينتظره هناك من محاسبة و عقاب؟ هل أبرم صفقة مع طاقم " ياسين المنصوري " أي أنه تلقى وعودا ما من المخابرات العسكرية بعدم المس به ، لكونه طبيب عسكري ، و من درجة عسكرية عالية ؟ هل تم استدراجه بحيلة ما من أجل التخلص منه ؟ أم أنه قد ظن بسذاجة أن الديكتاتورية العلوية لن تصل بها رغبة الإنتقام إلى حد القيام بتصفيته ؟
كم من إنسان مغربي تم اغتياله تحت التعذيب بمخافر الشرطة العلنية منها و السرية ا ؟ وكم من تحقيق تم فتحه في تلك النوازل ؟ كل التحقيقات لم تفضي إلى أية نتائج تذكر ، لأن هم الديكتاتورية العلوية بالمغرب وراء أكاذيب " إجراء التحقيق " هي مجرد خدعة لربح الوقت ، و مراوغة منها لطمأنة الأسرة الصغيرة للفقيد ، وإسكات أصوات الشعب من الغيورين المتضامنين معه كأسرة كبيرة له. خاصة و أن الديكتاتورية العلوية تعي جيدا أنها بذلك تحتقر و عي الشعب ، بل تُدرك جيدا الطُرق التي تجعلها تحقق ذلك. فهي تمرر عبر إعلامها المسخر إفتراءات ، وتروج أكاذيب ، وتسخير أقلام العملاء للتفنن في إبداع قصص و همية ، وروايات مختلفة حول الفاجعة لجعل القاريء و المتتبع يتيه في اتجاهات مُختلفة بعيدة كل البعد عما هو حقيقي و مُؤكد ، ألا وهو جريمة إغتيال منظمة مع سبق الإصرار و الترصد من قبل أجهزة السلطة المأمورة بأوامر الديكتاتور محمد السادس.
لقد عودتنا الروايات المحبوكة الكاذبة التي تصيغها أجهزة المخابرات بالمغرب كلما تعلق الأمر بقضية تصفية أحد المعارضين على أن الأمر مجرد موت عادي ، أو انتحار ، أو إصابة بجنون ، أو حادثة سير ، أو سقوط من شُرفة ، أو بسبب عراك ، لكن الحقيقة غير ذلك ، إذ أن لا شيء بالمغرب يمكن تصديقة. لأن لكل مخفر من مخافر الشرطة ، و لكل سجن من السجون ، ولكل فيلا أو مأرب من الأماكن السرية التي تستعملها مختلف أجهزة المخابرات في الاستنطاق و التعذيب ، و الإغتيال حكايات مختلفة حول الأسباب الحقيقية التي أفضت إلى الموت و النهاية. فقد يتم تعذيب الإنسان حتى الموت بالسجن أو بمخفر الشرطة لانتزاع أقواله ، وسرعان ما يتم إخفاء الجثة على ذويه حتى لا تنكشف لهم الجروح و أثار التعذيب ، و قد يُجبر الطبيب حينها لتبرير الأسباب المؤدية لموت الفقيد إلى مجرد اسباب عادية لا تشير إلى التعذيب ، هذا فيما يتعلق بالإنسان الذي لا يشكل خطرا مباشرا على الديكتاتورية.
أما الإنسان المغربي الذي قد يشكل خطرا مباشرا على الديكتاتورية فقد يتم التعامل معه بأسلوب أخر ، إذ يتم اختطافه ، أو استدراجه من قبل المخابرات ، ويتم اقتياده إلى مكان مجهول حتى الشرطة العادية لا تعرف عنه شيئا ، عندئذ يتم تعذيبه ، واستنطاقه ، ونزع تصريحاته ، وتجريده من وثائقه التبوثية ، وقتله بالسم أو بحبس أنفاسه ، أو بغطس رأسه في إناء مليء بالماء العكر المختلط أحيانا بالبول ، و الأوساخ للمزيد من إهانته ، و التنكيل به ، ولما يلفظ أنفاسه يتم أخد جثته ليلا أو في الصباح الباكر و التخلص منها في مكان خالي من المارة ، أو جانب واد مائي ، أو ممر قطار ... حينها تتدخل الشرطة القضائية ، أو الدرك ، أي حسب النفود السلطوي بالمنطقة التي وجدت به جثة الهالك ، للقيام بالبحث عن الأدلة المؤدية للوفات ، دون أي انتباه لتورط المخابرات في تلك الجريمة.
من هنا تكون بداية حبك رواية كاذبة ، لما تتحول القضية إلى أيادي الشرطة القضائية العادية التي تنقل جثة الضحية إلى المستشفى لاجراء فحوصات روتينية ، ومن هنا تفتح تحقيقا في النازلة ، وغالبا ما يتحول الأمر إلى مجرد الإشارة إلى حادثة سير ، أو انتحار ، أو تسمم ، أو تعرض الضحية للسرقة و لعمل إجرامي من قبل مجهول. فلا الطبيب الذي عاين الجثة ، وقام بتشريحها ، و لا الضابطة القضائية يستطعان مجرد التفكير و لو للحظة ما في تعرض الضحية للإغتيال من قبل المخابرات ، لما سيجلبه لهم ذلك من عذاب أليم ، حيث سيكون مصيرهم نفس مصير الضحية الذي هو جثة أمام أعينهم.
هكذا يقتلون القتيل بالمغرب و يمشون في جنازته ، خاصة و أن كل مجرم ينتمي إلى جهاز المخابرات بالمغرب لا يتوفر لا على الحس الإنساني ، و لا الحس الوطني ، و لا على ضمير يجعله يُقر في يوم من الأيام بفضاعة تلك الجرائم ، التي إرتكبها ، أو شارك في ارتكابها ، أو شاهد على ارتكابها ، أو سمع عن مرتكبها. وفي هذا السياق ، وبنفس الأساليب و الممارسات تمت تصفية الطبيب العسكري " مراد الصغير " بدم بارد شأنه شأن الكثير من المغاربة ، الذين تم إغتيالهم ، لا لشيء إلا لأنهم يحملون أفكارا ، ومبادئا ، وأراءا غير التي تريدها الديكتاتورية العلوية بالمغرب. إذ لا يُعقل أن يختفي هذا الطبيب عن الأنظار لأسابيع ، وحتى عائلته تجهل مكانه ، مع العلم أن باب منزله يتعرض بين حين لأخر للطرق والمداهمة من قبل المخابرات في لباس مدني ، وقد سجل ذلك بنفسه وبثه في شريط على قناته باليوتوب ، و بعد ذلك وُجد جثة هامدة مجهولة بإحدى المستشفيات ، التي بقي بها في ثلاجة الأموات مند 2023 - 11- 11 إلى غاية يوم 2023- 11- 30 إذ لم تكن بحوزته أوراقه الثبوتية ، ولا هاتفه النقال ، و أن سبب موته هو تعرضه لنزيف بالمعدة حسب الرواية المحبوكة من قبل أجهزة الديكتاتورية العلوية بالمغرب. فكيف لطبيب عسكري ، ياقظ ، متعلم ، مثقف ، و اعي و ذكي ، ومعارض أن يغادر منزله بدون هاتفه النقال ، وبدون وثائقه الثبوتية ، و كيف لطبيب أن يعاني هو نفسه من ألم في المعدة و لم يقوم بعلاجه حتى وصل به الأمر حد النزيف؟
كما أنه جاء في تصريح الشرطة العادية على أن الفقيذ قد فارق الحياة على الساعة الحادية عشر و 45 دقيقة من يوم 11 من الشهر 11 ، فيما أن الطبيب الذي عاين الجثة يقول غير ذلك ، إذ صرح على أنه الضحية فارق الحياة على الساعة الثامتة صباحا من اليوم الثاني عشر حسب ما رواه صهره على مواقع التواصل الإجتماعيى؟ كلها مجرد أسئلة تم دفنها مع جثة الهالك ، لكن حقيقة إغتياله من قبل مخابرات الديكتاتورية العلوية تبقى حقيقة مجردة ، و مؤكدة ، و هي عمل ارهابي ، إجرامي شنيع ، لا يمكن للتاريخ دفنه ، مهما اجتهدت المخابرات في حبك روياتها ، وقصصها الخيالية المفبركة .
فإذا كان صدر الديكتاتورية العلوية ضيقا إلى حد أنها لا تقبل أي نوع من أنواع الاحتجاجات السلمية كاحتجاجات العاطلين عن العمل ، أو الطلبة بالجامعة ، أو العمال ، أو الأساتذة ، أو الحقوقيين ، أو رافضي التطبيع ، الذين لا يطالبون سوى بحقوق متعارف عليها دوليا ، لأنها تخشى زوال عرشها عبر تلك الاحتجاجات ، فماذا سيكون رد فعل نفس الديكتاتورية لما يحتج أحد من رجالها الذين تعتمد عليهم في بقائها و استمرار حكمها ، كما هو شأن الطبيب العسكري المغتال ، الذي تحدى كل الحواجز ، و على رأسها الخوف؟
في كل الحالات قد تم الغذر به ، لإن الديكتاتورية العلوية لا تعير أي إهتمام لا للشعب المغربي ، ولا لأحدى الدول التي بإمكانها أن تضغط عليها في أطار العلاقات الدولية للكف عن جرائم الاغتيالات البشعة التي ترتكبها في حق أبناء الشعب المغربي من المناضلين الأحرار ، فالديكتاتورية العلوية لاتزال تعيش في القرون الوسطى ، حيث تمارس كل أشكال التنكيل بالإنسان المغربي ، حيث الإنتقام و التعذيب ، و الإعتقال التعسفي ، و الإغتيال ، و التجويع و التشريد ، وتلفيق التهم ، وطبخ الملفات ، وتزوير المحاضر ، وتسخير القضاء للزج بالأبرياء في السجون ، حيث تحول إلى مجرد قضاء انتقامي يخفي و يزور الحقائق تنفيدا لأوامر الديكتاتورية ، لا لشيء إلا لفرض عقليتها الاستبدادية على الشعب ، و إخضاعه لحكم العبودية و الاستعباد ، و الطاعة العمياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح