الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة تفضح الأكاذيب الوطنية للنظام

ابراهيم فوزي

2023 / 12 / 4
القضية الفلسطينية


كل من يقصر دور الحكومة المصرية على الوساطة بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في تمرير إتفاق إعلان الهدنة ويقلل من وضاعة وحقارة الدور الحقيقي لعبد الفتاح السيسي و يغفل المصالح المشتركة التي تربط الدكتاتورية العسكرية في مصر وحكومة الإحتلال الإسرائيلي في هزيمة المقاومة الفلسطنية ، فالحكومة المصرية لم تكن أبدا وسيطة في تلك الحرب منذ اليوم الأول بل انها كانت تلعب الدور الاساسي في نزع سلاح المقاومة وحصارها بهدف هزيمتها منذ ان أنقدت الثورة المضادة بقيادة السفاح السيسي علي راس السلطة واستغلت ورقة غزة بشكل حقير من أجل تعزيز سلطته .

نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر في تحقيق مكاسب مذهلة خلال عمليتهم النوعية ضد كتيبة غزة وسائر القوات المحيطة بغلاف قطاع غزة والمستوطنات الإسرائيلية الواقعة في منطقة التماسّ مع القطاع وكبدتها خسائر فادحة أكثر من ألف قتيل و 250 أسير ،وما كدنا نفرح بالانتصار حتي أدمت قلوبنا المجازر الوحشية والجماعية وعمليات الإبادة و التصفية العرقية التي مارسها جيش الإحتلال الإسرائيلي بحق المدنين العزّل والأطفال والنساء وامتد القصف ليستهدف المستشفيات والمدارس والأطفال وتبعها إجتياح بري وضع المؤسسات الصحية هدف لإجتياحه فحتى كتابة هذا المقال أكثر من 14000 شهيد اكثر من ثلثيهما أطفال ونساء وما يقارب 40 ألف مصاب .

ما كانت لإسرائيل أن ترتكب كل هذا الجرم إلا وهي مطمئنة للدعم الدولي العلني السياسي والعسكري لجرائمها وتأييد فعلي غير معلن لمجازرها تجاه الفلسطينيين من الحكومات العربية عامة والحكومة المصرية خاصة وتلاقي مصالحهم المشتركة في تلك الجرائم .

السيسي النسخة الأكثر دموية وحقارة من نظام مبارك وجد في حصار قطاع غزة ورقة يمكن استغلالها من أجل تثبيت أقدامه في السلطة ولها عدة منافع سياسية واقتصادية، فأطلق إعلامه وكتابه ومروجي الدعاية لسياسته في الخارج موجة من الأكاذيب تم بها شيطنة حركة حماس واستغلال العلاقة الايدلوجية بينها وبين تنظيم الإخوان المسلمين من أجل حصوله علي دعم الحكومات اليمنية العالمية و تمرير قمعه لقيادات وقواعد الأخوان المسلمين بدون محاسبة دولية تذكر ،ومحاولة منه في إحداث حالة اقتسام داخل المجتمع المصري تساعده علي تنفيذ إجرامه تجاه الثورة المصرية وقمعه للآلاف ، تخلى عن خطاب أسلافه بأن مؤامرة صهيوأمريكية ماسونية تنسج لتدمير مصر واستبدلها بالخطاب الذي لقي استحسان ودعم من اسرائيل والامارات والسعودية وحكومة ترامب -حلف التطبيع الخليجي الاسرائيلي -بان المؤامرة تحاك ضدنا من قبل الفلسطينين وبالأخص حركة حماس وتم الترويج لمئات الأكاذيب حول مطامع الفلسطينين في أرض سيناء ودعمهم للإرهاب وتمويلهم جماعات متطرفة وقيامهم بعمليات استهداف لضباط الجيش والشرطة .

لم تتوقف المصالح المشتركة بين النظام السفاح في مصر وقرينه الصهيوني في إسرائيل عند الدعاية وتشويه الفلسطينين بل توسع وتغلغل ونفذ إستراتجيته في إحكام حصار غزة بنفس تكتيكات جيش الإحتلال وخطة متفق عليها بين السيسي و نتنياهو ولم يشعر السيسي بالخجل عندما أعلن في خطاب علني أنه نسق مع الجانب الاسرائيلي في حربه المزعومة علي الإرهاب ،تلك التكتيكات قادته إلى تهجير الآلاف قسريًا من أبناء سيناء الواقعين في الخط الحدودي الملاصق لقطاع غزة ،ونفذا الجزء الخاص بالجانب المصري من خطة شارون بتدمير البنية التحتية لقطاع غزه بإغراق الأنفاق بالمياه بعد إغلاقها بالخرسانة الثقيلة من الجانب المصري والمفارقة هنا أن النظام المصري نجح في تدمير الأنفاق بالكامل في المنطقة الواقعه بطول الحدود التي تربط بين سيناء والقطاع وهو ما فشل جيش الاحتلال فيه ولايزال يأمله في حربه البربرية في قطاع غزه .

ماكانت إسرائيل لتسمح لمصر بزيادة أعداد وتسليح الجنود والضباط بالدبابات والمركبات والأسلحة الثقيلة والطيران في سيناء متجاوزة للبنود المجحفة في اتفاقية كامب ديفيد إلا وهي مطمئنة من الجانب المصري ومتيقنة بأن المصالح المشتركة بينهم ستدفع النظام بكل إجرام علي حماية الأمن الإسرائيلي .

لم يكن شيطنة حماس خيارًا سياسيًا يعبر عن المصالح المشتركة بين السيسي ونتنياهو بل وجد فيه أيضًا منافع إقتصادية كبيرة علي الطبقة الحاكمه المصرية تلك الطبقة اللصوصية التي تجد في السمسرة والنهب والفساد في تمرير صفقات شراء الطعام و السلاح وسيلة لزيادة ثروتها، ودللته ما جاء واضحا في بيان الحقائق المنشور في 28 يناير من هذا العام علي موقع الحكومة الأمريكية الرسمي نفسه تحت عنوان العلاقات الأمريكية المصرية جائت تلك الفقرة "مصر شريك مهم للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، ومكافحة الإتجار بالبشر، والعمليات الأمنية الإقليمية، التي تعمل على تعزيز الأمن الأمريكي والمصري. وتعزيز الشراكة الدفاعية المستمرة منذ عقود ركيزة للإستقرار الإقليمي منذ عام 1978، ساهمت الولايات المتحدة بأكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية، مما ساهم في تعزيز قدرات مصر على حماية حدودها البرية والبحرية والدفاع عنها ومواجهة التهديد الإرهابي المتطور " فالربط المباشر بين المساعدات العسكرية والمالية التي تتلقاها الطبقة الحاكمة المصرية-جنرالات الجيش - مقابل حربها علي الارهاب والعمليات الأمنية الإقليمية التي تضمن الإستقرار الإقليمي من وجهة نظر الولايات المتحدة هو دعم الأمن الإسرائيلي وإحكام الحصار الإقتصادي والعسكري علي المقاومة الفلسطنية -الأرهاب من وجهة النظر الحكومة الأمريكية الإمبريالية- ويبرز أن استعداء النظام المصري للفلسطينين عامة وحركة حماس خاصة وإحكام الحصار عليها لتشتيت جهدها في توفير الوقود والغذاء والدواء بدل من المقاومة من أجل التحرر ضمن لمصر والطبقة الحاكمة تدفق الأموال والمساعدات الأمريكية في جيوب طبقة النهب والقمع في القيادة المصرية وربط استمرار السيسي في السلطة باستمرار توفير تنازلات وطنية وسيادية ماكان ليقدمها إلا الديكتاتور تضمن بها الولايات المتحدة أمان إسرائيل واعاقة المقاومة الفلسطنية ، فلم يقتصر مشاركة مصر في تشويه المقاومة وأهلنا في غزة بل امتدّ لقمع مباشر طال أعضاء في حركة حماس دخلوا الأراضي المصرية بشكل قانوني وأخفاهم النظام قسريًا لمدة تجاوز العامين كما شارك النظام المصري في تقديم معلومات إستخباراتية عن قطاع غزة لإسرائيل .

إن خيارات الحكومة المصرية في تمرير المساعدات لقطاع غزة يوضح بتجلي الدور الخسيس الذي لعبه السيسي في تلك الحرب ويفضح الأكاذيب الوطنية الرخيصة التي تبثها وسائل الإعلام المحكومة من جهاز المخابرات ،فقداختار السيسي مرور شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم -معبر تحت سلطة الاحتلال الاسرائيلي -وتخضع فيه المساعدات لتفتيش ومنع وتضييق أدى إلى الكارثة الإنسانية الواقعة على الأهالي في قطاع غزة من نقص الماء والغذاء والوقود والمواد الطبية الضرورية لإسعاف المرضى وما يقارب الأربعين ألف مصابًا في الحرب الأخيرة ،فالسيسي رفض الإستجابة للنداءات المتكررة التي تلقاها من المقاومة بضرورة فتح المعبر من أجل دخول المساعدات الإنسانية وأن المعبر واقع بين أرض مصرية وأرض فلسطنيه تحت سلطة المقاومة في غزة،و إن التساؤلات التي تحمل في داخلها إدانة بالعمالة سمعها كل المصريين من لسان أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام تفضح إدارة مصر للمعبر ،ورأى السيسي في معبر كرم أبو سالم الاسرائيلي الذي يقع على 5 كيلو مترات مسافةً أقرب من معبر رفح الفلسطينية الواقع على بعد أمتار فقط من الجانب المصري .

أطلق النظام في مصر عدة أكاذيب متضاربة حول لجوئه للمعبر الإسرائيلي بدل الفلسطيني منها أن القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر أخرجه من الخدمة وهو ما كذبته المقاومة ثم خرج علينا أنه أراد تأمين دخول المساعدات وأطقم الإغاثة وعدم تعرضها للقصف خوفًا على حياتهم وهو ما يفضحه رفض النظام لدخول الصحفيين والأطقم الطبية والنشطاء المستعدون لتقديم الدعم بأجسامهم وأرواحهم من أجل تخفيف الأوضاع الكارثية الواقعه في قطاع غزة ، إن خيار التبعية للصهاينة في إدارة ملف المعبر تُجلّي حقيقة عدم السيادة المصرية علي أراضيها وتبعيتها للإمبريالية العالمية الداعم الدائم للإحتلال .

يراهن عبد الفتاح السيسي بشكل حقير علي إحتياجات الشعب الفلسطيني وحكومته في قطاع غزة لدخول المواد الطبية والطعام والوقود من معبر رفح -المنفذ الوحيد لإستمرار الحياة لقطاع غزة-في ظل ظروف كارثية يعانيها شعب غزة بسبب الحرب وما نتج عنها من تدمير وحصار وما أحدثه من نقص المواد ، ويعلم أن المقاومة لن تكون قادرة علي فضح كامل ألاعيبه علانية وأنها ستفضل تحت ظروف الحرب القاسية من جانب جيش الإحتلال أن لا تفتح حرب إعلامية أخرى مع النظام المصري الذي تدرك مدى حقارته وستضطر إلى قبول ما توافق إسرائيل على تمريره من معبر رفح وتأمل ان تحقق إنتصارات عسكرية علي أرض المعارك والإشتباك مع جيش الإحتلال داخل القطاع تجبر بها إسرائيل وحكومة السيسي بتمرير قدر أكبر من المواد الإنسانية الضرورية.

إن النظام المصري القائم وأغلب الحكومات في المنطقة العربيه المفروضة بفعل القمع والإنقلابات الدموية أو فرضها الإحتلال في السابق لاتعبر عن رغبة شعوبها وتتعارض مصالح الطبقة الحاكمة فيها مع جماهير تلك البلاد وخاضت تلك الحكومات حروبًا عديدة ضد ثورات الربيع العربي فقد قتلت وأسرت وهجرت وانتهكت وقامت بكل أشكال القمع الصهيوني وبنفس تكتيكاته العسكرية وتجد في الإحتلال المباشر والتخويف الدائم واحدة من أهم ركائز تثبيت حكمها ،فهي بالضرورة تتضامن فيما بينها من أجل إسقاط كل حركة ثورية وتدعم أكثر التيارات يمينة ودموية في كل مناطق النزاع ،وبسبب مركزية القضية الفلسطينية في الوعي العربي تجد الحكومات العربية والحكومة المصرية خاصة خطر حقيقي في انتصار المقاومة ونجاحها في تحرير الأرض حتى ولو كان انتصار جزئي ، فإن حكومة السيسي تخشى أن تمتد فكرة المقاومة خارج حدود فلسطين ، ويدفع الشعوب التي تعاني القمع والظروف الإقتصادية الصعبة في النضال من أجل الحصول علي حريتها وطعامها .
عبد الفتاح السفاح يدرك أن المقاومة في فلسطين تشكل خطر حقيقي علي استقرار سلطته ولذلك ضيق الحصار على قطاع غزة ومايزال يفعل مهما علت أصوات التضامن التي يطلقها .

إن خوف النظام من حالة التضامن المصري الفلسطيني والتي خلقت متابعة جادة ليوميات الحرب في غزة من الجماهير المصرية وبالأخص الشرائح الأكثر تضررًا من الظروف الإقتصادية الصعبة هي ماتقوده اليوم لإطلاق حملات التضامن الإنساني والصياح بالتنديد بويلات الحرب ورفض التهجير القسري لأهل غزة الي سيناء حتى يستطيع تمرير الإنتخابات الرئاسية في بداية الشهر المقبل دون استفزاز أو صدام مع الجماهير المشتعلة غضبًا.

إن النظام المصري صاحب القبضة الأمنية العنيفة في حقيقته نظام يعاني أزمة اقتصاديّة عنيفة ورفض شعبي واسع وآمال حقيقية من الجماهير في الخلاص من هذا القمع والفقر و غضب حقيقي يؤججه انتصارات المقاومة الفلسطنية ، ان لقطاع غزه وجه آخر لم يحسب لها هذا النظام حساب وتكاد تكون القشة التي سوف تقسم ظهره وتطرح علينا اليوم أكثر من ذي بدء ضرورة تنظيم صفوف الثورة ونشر الخطاب الثوري بدون مناورة ولا مواربة ، وإدراك أن النظرية الثورية هي الوحيدة القادرة علي نجاح ثورة إجتماعية حقيقية في وطننا ضد الطبقة الحاكمة العفنة وهي التي تضمن توفير الدعم السياسي والمادي والعسكري للمناضلين الفلسطنيين من أجل اتساع نضالهم وضمان استمراره حتي تحرير كامل الأراضي الفلسطينية بنضال وانتفاضة جماهيرية ثورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها