الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيدة رجال سوريا

علي الحاج حسين

2006 / 11 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حين أقرأ أو اسمع ما تقوله حسيبة عبد الرحمن وهي تغز أسهمها بأنف النظام المتورم "استكثر" عليها البقية الباقية من حريتها، خصوصا وأنها تعيش طليقة في رحاب السجن السوري الكبير، في الوقت الذي يستكثر فيه النظام على الناس استنشاق الهواء النقي دون تدخل عصابات المخابرات السورية، فيتسابق الكتاب والمنمقون متلمظين متملقين الفتات من أهل النظام مشيدين مهللين بجمال قباحته الأخاذ.

"الإنسان دائماً قادر على الحب أيما كانت الظروف فهناك من أحب وهو يعلم أنه سيشنق في اليوم التالي". تلك هي كلمات "سيدة رجال سوريا" الكاتبة والسجينة السياسية السورية المعروفة بجرأتها ونقدها اللاذع للمعارضة والنظام، ما علمتها عتمة السجن البغض أو الحقد، و لم تتمكن سنوات الاعتقال الطويلة أن تغيب الابتسامة العريضة التي تزين محياها ولم يتمكن الجلادون من قتل الحب في قلبها الكبير.إنها الشابة أبدا حسيبة عبد الرحمن.

نشرت حسيبة رواية (الشرنقة ) ثم مجموعة قصص قصيرة (سقط سهواً) وكثير من المقالات السياسية. فرغت من كتابة روايتها الأخيرة منذ ثلاث سنوات ولا احد يقبل أن يطبعها خشية ما يخشاه كل السوريون من حكامهم. تنشط المعارضة السياسية المخضرمة حسيبة في مجال حقوق الإنسان، ويتميز أسلوبها النقدي اللاذع بالقوة والوضوح. لقد ساهمت بإعادة تشكيل لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا وكذلك شاركت في الاجتماع التأسيسي للجمعية السورية لحقوق الإنسان، تكتب وتنشر المقالات السياسية. تشارك في الأنشطة السياسية المتعلقة بالحريات العامة من اعتصامات ومظاهرات وتعرضت للضرب والإهانات في الشارع، دعيت إلى مؤسسة "هنرش بول" الألمانية التي تعنى بالكتاب الذين يتعرضون للاضطهاد وكذلك دعيت لحضور المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بذكرى اليوبيل الذهبي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1998م. ومنعتها السلطات السورية من السفر ولم تتمكن من حضوره آنذاك، تعرضت للاعتقال أربع مرات كانت أطول مدة قضتها في السجن ست سنوات، وتعد من المناصرين لحقوق الأكراد السوريين وقد شاركت في ملتقى جمعية الصداقة الكردية العربية في اربيل، نعتها محبوها لجرأتها بـ "الرجل الوحيد في سوريا" وأرها بحق سيدة رجال سوريا.

في خضم هذا الخصام الأبدي بين نور الحرية وظلام الاستبداد، في ظل الخوف والتخويف طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وارتعشت الأفئدة متدفقة من الحناجر، علا صوت سيدة رجال سوريا على لسان الأستاذة حسيبة عبد الرحمن، ومازال عاليا بوجه الاستبداد حتى هذه اللحظة.

في أوربا يخفي خجلا حكاية سجنه، لأن رواد السجون هم الذين يعتدون على حريات الآخرين أو يتصرفون بما يخالف القانون، بينما في بلادنا السجين هو من صودرت حريته وحقوقه، يضعونه في السجن ليكف عن المطالبة بها، سأذكر بعض أولئك الذين تفتقت في سجون القمع جراحهم، واحتضنت عتمة الزنازين آلامهم وطموحاتهم لعقود طويلة، عانوا شتى صنوف القهر والإذلال والقمع والتنكيل في الأمكنة التي تتوارى فيها إنسانية الإنسان، بل تتلاشى القيم البشرية... كانوا شابات وشبان، شيبا وصبيان، ومن مختلف القوميات والأديان والشرائح الاجتماعية السورية. هؤلاء لا يخجلون من السنوات التي قضوها في سجون نظام دمشق، هؤلاء الذين لم يتاجروا بجراحهم كثر في سوريا وليس بوسعي حصرهم جميعا.

لن يفوتني أن أبدأ بالمناضل ياسر مخلوف، الذي قبع في سجن ابن عمته قرابة 12 سنة، ورفض طلب حافظ أسد حينذاك بالتخلى عن أهدافه ليهديه أغلاله (ويروى أن حافظا قال لأنيسة مخلوف، التي توسلت إطلاق سراح ابن أخيها: ياسر يريد راسي، أنا أو هو..!). وكان بوسع ياسر مخلوف أن يعيش في بحبوحة، ويمكنه الحصول على نسبة من أي استثمار في سوريا أو أن يؤسس شركة اتصالات للخلوي في سوريا أو يستولي على الأملاك العامة. ومثل هذا الرجل سوريون كثر رفضوا نعيم الاستبداد الموهوم وفضلوا العيش بكرامة وشرف، ثلة من خيرة المثقفين السوريين من مختلف القوميات والأديان والطوائف والبلدات السورية، أولئك الساعين للحرية والإنعتاق، ابتلعتهم السجون لمدد مختلفة، نذكر على سبيل الذكر لا الحصر: منيف ملحم من حمص اعتقل أكثر من 16 سنة، وأخوته، نبيل 6 سنوات، ياسر 10 سنوات، منذر 6 سنوات. وزوجة منيف لبضع سنوات أيضا. فاتح جاموس قرابة عقدين من الزمن، عصام الدمشقي سجن 14 سنة، جوان اليوسف من القامشلي سجن سبع سنوات. خليل حسين من عامودا سجن عشر سنوات وبسبب إعلان بيروت - دمشق اعتقل مؤخرا وأطلق سراحه ويجري البحث عنه الآن. عبد العزيز الخير حكم بأكثر من عقدين من الزمن على فترات متقطعة. فواز حسن من عامودا سجن 12 سنة ومشرد حاليا، عبد الكريم كردية من حلب سجن لأكثر من عشر سنوات، فاروق العلي من حوران أكثر من 12 سنة، مروان محمد من عامودا أكثر من 10 سنوات ومازال في وضع مشين، محمد ديب عبد الله حوالي 10 سنوات.الطبيب أيمن داغستاني أكثر من 6 سنوات، عباس عباس (أبو حسين) من دير ماما ثلاث دفعات بحدود 14 سنة وعباس عباس (أبو خلدون) أكثر من 12 سنة. أصلان عبد الكريم 16 سنة، الأخوين جابر علي ديب وثائر علي ديب من اللاذقية.

حسيبة عبد الرحمن على دفعتين قرابة عشر سنوات، زهرة كردية من السلمية ما يزيد على ثلاث سنوات واعتقل معها ابنها كرم كردية أما زوجها فقتل بأحداث احتراب السلطة-الأخوان. غرناطة الجندي من السلمية سجنت كبقية البنات حوالي 4 سنوات. بهجت شعبو أكثر من عشرة سنوات، أما زوجته كانت حبلى وأخذت رهينة حتى يسلم بهجت نفسه، ولدت في السجن، وبعد سنة أخرجوا الطفلة من السجن، ومع أنهم قبضوا على بهجت بقيت الرهينة بعد اعتقاله لمدة سنة. مي حافظ أستاذة جامعية في حلب، اعتقلت لمرات عديدة متقطعة وكانت في وضع صحي سيء. عدنان حيدر بقي حوالي عشر سنوات وكذلك شقيقه. عبدو عبد المنان من عفرين 4 سنوات، حنيف يوسف من عفرين ما يزيد على أربع سنوات. شاهر شاهر من دير الزور قرابة 10 سنوات، عبد طعمة (أبو فينوس) من قرية أم حسن على دفعتين بما يزيد على 12 سنة، جديع دوارة من السويداء قرابة 6 سنوات، مروان محاسن من السويداء أكثر من 12 سنة ولا يعرف عنه شيء. غسان المفلح من حوران أكثر من عشر سنوات، سمير عبدو من القامشلي 6 سنوات، أندراوس أبو مايك من القامشلي 6 سنوات، غسان مارديني من دمشق فوق 12 سنة، غسان قسيس من دمشق أكثر من 6 سنوات. الشاعر فرج بيرقدار سجن أكثر 12 سنة وشقيقه أكثر من 6 سنوات، وائل السواح من حمص أكثر من 12 سنة، أسامة مصري من حمص أكثر من عشرة سنوات. الطبيب بسام قاضي من السويداء أكثر من 6 سنوات. علي البرازي من حماة أكثر من 10 سنوات وعبد الحميد البرازي أكثر من 12 سنة، راشد صطوف من الرقة فوق 12 سنة. والأديبة هند قهوجي، سجنت 9 سنوات، فضل السقال من حوران لأكثر من 16 سنة، أنور بدر من طرطوس لأكثر من 14 سنة، فارس الشوفي 6 سنوات، فيصل ملحم 7 سنوات، خضر عبد الكريم من الحسكة 6 سنوات وبرأته المحكمة بعد ذلك. فاضل فاضل من الرقة أكثر من 14 سنة، مصطفى خليفة من الطبقة أكثر من 12 سنة، مجموعة ضباط من الرتب العالية جردوا من كافة حقوقهم وكلهم فوق 12 سنة من مختلف القوميات والأديان والطوائف.. أما زميلهم السابق الطبيب صارم أبو داوود من طرطوس فلم يسجن سوى لبضع ليال ولم ينله أذى السلطة المستبدة وصار عبرة للتاريخ.

تعتبر الأستاذة حسيبة بحق شريكة في هذا الإرث العظيم وحلقة من سلسلة المطالبين بتحرير سوريا والسوريين من الاحتلال الداخلي. وكما عهدناها ومازالت تنتف بلحية نظام الابن وقبله الأب الحاكم بأمره، ولم توفر النقد لزملائها في المعارضة، بينما استبعدت أرباع وأنصاف الرجال الراكبين على عربة المعارضة ولم تر فائدة من فضح المفضوح لمن يضع الحصان أمام العربة. ولا يفرح السوريين أن النظام أعور طالما في المعارضة أعمى قاصر.


علي الحاج حسين – محرر منبر سوريا











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة