الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة ما وراء السطور حول عريضة إصلاح الامم المتحدة و مجلس الأمن الدولي .

عبير سويكت

2023 / 12 / 5
دراسات وابحاث قانونية


لم يعد المكان هو المكان سان فرانسيسكو و لم يعد الزمان هو الزمان 26 يونيو 1945.

عبير المجمر (سويكت)

فى يوم السبت الموافق الثاني من ديسمبر 2023 و اثناء إنتظارى للقطار فى باريس، لفت نظرى رجل يحمل لافته و يرتدي T-shirt فيها العديد من الكلمات و الجمل و الرسائل. لكن من بعيد لم أتمكن من ملاحظة ما هو مكتوب فهمست لصديقة قريبة منى كنا نقوم بعمل ما سويًا فسألتها هل من مكانها تتمكن من قراءة ما كتب على تلك اللافتة ؟ فاذا بها تتحرك و تتوجه لمكان الرجل مباشرةً ثم تعود و تخبرنى بانه عن الأمم المتحدة دون شرح مفصل. و ما ان سمعت انه عن الأمم المتحدة فاخذني الفضول بما انى انشط فى منظمتنا فى العمل على تحقيق أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر و عليه توجهت بنفسي نحو الرجل لأقرأ بالتفصيل ما كتب فى اللافتة فاذا بها عريضة تدعو لإصلاح الأمم المتحدة و مجلس أمنها اللاإمنى على حد ما ورد فى العريضة التى نصت على أسباب الدعوة لإصلاح الامم المتحدة للأسباب الآتية بناءا على العريضة :
1- الفشل في حل الصراعات الكبرى مثل تلك التي وقعت بين إسرائيل والفلسطينيين على مدى عدة عقود.
2-الفشل في التصويت على وقف إطلاق النار لحماية السكان المدنيين في غزة.
3- الفشل في وقف أو منع الغزو الروسي لأوكرانيا.
4- الفشل في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري بسرعة.
4- فشل منظمة الصحة العالمية و تباطئها في إعلان فيروس كورونا (كوفيد-19) وباءً.

لهذه الأسباب مجتمعة تدعو العريضة لجمع التوقيعات للدعوة السلمية لإصلاح المتحدة و مجلس الامن على حد طلبهم. و لآن لدى حب الاستطلاع دخلت مع الرجل فى حديث و حوار حول العريضة و أهدافها، فوجدته رجلًا سلميًا لطيفًا منفتح على الحوار العقلاني و فهمت منه أبعاد العريضة.

لكن للمصداقية المهنية هذه ليست المرأة الأولى التى أستمع فيها لمثل هذا الحديث او اقرأ هذا الكلام بل تردد كثيرا و سمعته فى الأوساط الأفريقية بالتحديد فى فترة أزمة الساحل و الأصوات الشبابية الأفريقية التى تقدم نفسها على أنها تعمل على تحرير افريقية و من يقدمون انفسهم كذلك على أنهم مفكرين أفارقة.
فى المقابل لم أسمع بدعوات بهذا الشكل فى الوسط العربي او قد تكون لم تصادفنى حتى الآن.
فى الجانب الآسيوي هذا الحديث متردد أيضًا، كذلك فى دول امريكا اللاتينية هو أكثر تصعيدًا.

فى ذات السياق، ما ان فتح باب للحديث عن أصلاح الأمم المتحدة و مجلس ألأمن إلا و ذكرت ما تسمى بمجموعة الأربعة ‎(ألمانيا والبرازيل والهند واليابان) التى تدعو لتمثيل أكبر في مجلس الأمن. فمن المعروف ان ألمانيا منذ فترة طويلة كانت تدعو لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحيث يكون مجلس الأمن أكثر تمثيلا للواقع الجيوسياسي الحالي. و أن يضم دولا مثل ألمانيا كأعضاء دائمين. كما دعت ألمانيا إلى مزيد من الشفافية وزيادة مشاركة الدول الأعضاء في عملية صنع القرار في الأمم المتحدة. أما الهند فهى الأخرى كانت من المؤيدين لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتطالب بمقعد دائم في مجلس الأمن، إبرازًا لأهمية التمثيل العادل للبلدان النامية في مجلس الأمن. مع التوضيح بأهمية التأكيد على مكانتها ومساهمتها الكبيرة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على حد تعبيرهم. أما البرازيل فهى كذلك تعتبر كدولة أخرى تدعم إصلاح مجلس الأمن. وتدعو لزيادة عدد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وإلى تمثيل أكثر توازنا للدول النامية. و أن الحقائق الجيوسياسية الحالية لا تنعكس بشكل كامل في التكوين الحالي لمجلس الأمن، وبالتالي فإن الإصلاحات ضرورية لضمان تمثيل أكثر عدالة. و الأسباب يطول سردها و لكن هذا جانب منها.

فى ذات السياق، عصا الاتهامات توجه نحو موضوع حق النقد، حيث ان المطالب الرئيسية تدور حول موضوع التمثيل و العدالة في مجلس الأمن، و إستنكار ان يتمتع خمسة أعضاء دائمين (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة) بحق النقد الفيتو . فى الوقت الذي يرى فيه آخرين ان حق النقد هذا يعطي الكثير من القوة لهذه الدول الخمس ويحد من عملية صنع القرار الديمقراطي. كما تنظر بعض الدول الى أن النظام الحالي لا يعكس التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية في عالم اليوم.

فى المقابل هناك من يرون انه من الصعب التوصل إلى اتفاق بشأن التغييرات الضرورية، لأن ذلك قد ينطوي على إعادة تحديد صلاحيات وامتيازات الأعضاء الحاليين. ومع ذلك، هناك مناقشات جارية حول كيفية جعل الأمم المتحدة أكثر فعالية وشفافية وشمولا.

و جهات اخرى تنظر الى ان عملية إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن عملية معقدة تتطلب إرادة سياسية وتوافقا في الآراء بين الدول الأعضاء.

مع وجود مقترحات متنوعة تم تداولها حول كيفية جعل الأمم المتحدة أكثر فعالية وشفافية وشمولا
على سبيل المثال لا الحصر :
0 إصلاح مجلس الأمن بحيث يشمل هذا الإصلاح زيادة عدد الأعضاء الدائمين وغير الدائمين من أجل تمثيل التنوع الجيوسياسي في عالم اليوم بشكل أفضل. مع النظر فى إمكانية تخفيض أو تقييد سلطة النقض.
. العمل على تعزيز عامل الشفافية بتحسين شفافية أنشطة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. و تحقيق ذلك من خلال جعل إجراءات صنع القرار في متناول الجمهور بشكل أكبر، ونشر تقارير منتظمة عن الإجراءات المتخذة وتشجيع مشاركة الدول الأعضاء والمجتمع المدني في عمليات صنع القرار.
0 إشراك البلدان النامية بشكل أكبر في المناقشات والقرارات المتخذة داخل الأمم المتحدة. ومنحهم صوتًا متساويًا في المداولات وإدراجهم في المبادرات والبرامج العالمية.
. تعزيز التعاون الدولي بتشجيع التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء لحل المشاكل العالمية. و تحقيق ذلك من خلال تعزيز آليات التنسيق، وتعزيز الشراكات الدولية، وتشجيع تبادل المعرفة والموارد.
. تعزيز آليات المساءلة عبر إنشاء آليات مساءلة تضمن احترام الدول الأعضاء لمبادئ والتزامات الأمم المتحدة. و امكانية ان يشمل ذلك آليات مراقبة مستقلة، وإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان، وفرض عقوبات على عدم الامتثال للالتزامات الدولية.

و قائمة المقترحات المتداولة تطول و المشكلة تكمن فى أنها قد لا تعبر عن تطلعات الجميع و يمكن ان لا تمثل آراء الجميع . و عليه من اهم المعضلات التى يمكن ان تواجه عملية أصلاح مجلس الامن و الأمم هى عملية الإجماع و الإتفاق و التوافق. و الاهم من ذلك توافر إرادة سياسية حقيقية للإصلاح. و بخلاف ذلك تصبح عملية معقدة ومتعددة الأوجه ان لم يوجد إجماعًا واسع النطاق من آجل اتخاذ قرارات شاملة.

ختامًا ، الأحداث التي شهدها عالم اليوم و التغييرات السياسية و الجيوسياسية تجعل وضع العالم فيما يختص ببعض القضايا المهمة متأرجحًا، بالإضافة لظروف استثنائية تحتاج لإعادة مراجعة جذرية شاملة للوضع القائم، كذلك التحديات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك قد تفتح المجال واسعا امام فرص نشوب صراعات سياسية حقيقية و حروبًا جديدة و أزمات إنسانية و قد يؤثر ذلك في العلاقات الدولية و الاقليمية و الاقتصادات الناشئة و العالمية على حد سواء و يمكن ان يُهدد السلام و السلم الدوليين و الأمن والاستقرار و الازدهار و اهداف التنمية المستدامة و علاوة على ذلك حماية حقوق الانسان و ضمان سيادة القانون و تطبيقه و أيضا من اجل عالم أكثر استقرارًا و سلمًا و ديمقراطية، و عليه الأحداث و الظروف و التغيرات الإقليمية والدولية قد تتطلب إعطاء فرصة لإعادة تقييم و مراجعة الانظمة والقوانين الدولية من اجل مشاركة عامة أوسع نطاقا لضمان عدالة التمثيل و مخاطبة و معالجة القضايا الأساسية و القضايا العالقة. فلابد من إعادة النظر و التفكير في ما هو الأنسب لمخاطبة عالم اليوم . فالأنظمة و القوانين و المعاهدات ليست مجرد حبرا على ورق لكنها مجموعات مبادىء و مقاصد و قواعد و سلطات و مهام وضعت و صيغت و سطرت و إعتمدت فى لحظة محددة من تاريخ العالم فى زمان ما و مكان ما لهدف ما لتنظيم العالم و إدراته بشكل رشيد و لكن لم يعد المكان هو المكان سان فرانسيسكو و لم يعد الزمان هو الزمان 26 يونيو 1945، و اذا أخذنا فى الاعتبار تغييرات العالم و الأحداث من حولنا بإلاضافة للتجربة التطبيقية و العملية فقد يكون من المحتمل أنها لم تعد تساير و تواكب التطورات الاقليمية والدولية بناءا على الواقع الذى يشهد تطورات فى مستجداته كل يوم و كل ساعة و كل دقيقة و على رأس كل ثانية . و بما ان الممارسة الديموقراطية تعبر عن تطلعات الشعوب المختلفة و طموحاتها و لا تختصر على مصالح فئات محددة. و عادة تلك الأصوات الشعبية تلجأ لمحاولة التغيير بالطرق السلمية و عن طريق عريضة دعوة للإصلاح او وقفات سليمة … الخ و لكن فى حالات لم تجد آذانًا صاغية و عندما تيأس فئات معينة و يتغذى عندها شعور ما قد تلجأ لمحاولات التغيير بالإكراه و القوة او ممارسة ضغوط بطرق مختلفة .
و تبقى الأنظمة المرنة هى الأكثر اتساقًا لإنها تتطور بمرور الوقت نسبةً للتغيرات و للاحتياجات و الظروف الاقليمية والدولية من حولنا. و مرونتها تمكنها من الإصلاح و التعديل و التغيير بشكل آلى و يسير وفقًا لما قد تشهده عجلة العالم من تطور منذ عام 1945 و حتى يومنا هذا و نحن مقبلين على عام 2024.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا