الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع مطلع الشهر الثالث للحرب : المقاومة في قطاع غزة تنتصر في المعارك الدفاعية كما انتصرت في معركة السابع من أكتوبر التاريخية

عليان عليان

2023 / 12 / 5
القضية الفلسطينية


مع مطلع الشهر الثالث للحرب : المقاومة في قطاع غزة تنتصر في المعارك الدفاعية كما انتصرت في معركة السابع من أكتوبر التاريخية
بقلم : عليان عليان
دخل العدوان الصهيوني النازي على قطاع غزة شهره الثالث بدعم أمريكي وغربي غير مسبوق، دون أن يتمكن العدو من تحقيق هدفه المعلن للحرب ، ممثلاً بالقضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة، وإنقاذ الأسرى الإسرائيليين ، والأهم من ذلك أنه فشل في تحقيق الهدف الاستراتيجي من الحرب ممثلاً بتهجير أبناء القطاع الأشم، جراء تمسكهم بتراب الوطن وصمودهم الأسطوري رغم التدمير غير المسبوق في تاريخ الحروب ، ورغم مئات المجازر التي أدت إلى ارتقاء ما يقارب (16) ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن (40)ألف بجروح .
ولا نبالغ إذ نقول أن العامل الذاتي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بدعم وإسناد من أطراف محور المقاومة ، في طريقه لتحقيق نصر إعجازي يراكم على النصر التاريخي الذي تحقق في السابع من أكتوبر 2023 ، استناداً إلى عدة عوامل أبرزها :
1-أن المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام ،أعدت العدة جيداً لهذه المعركة التاريخية على صعيد التسلح بالأسلحة المطلوبة لحرب المدن ، وتخزين كميات هائلة من قاذفات الدروع والتحصينات والأسلحة الخفيفة والذخائر وقذائف الهاون والمدفعية ، وتخزين آلاف الصواريخ بمداياتها المختلفة ، والأهم من ذلك أنها تمكنت من تطوير وصناعة العديد من الأسلحة مثل قاذف الدبابات والآليات " ياسين 105 الترادفي ، وقاذف التاندوم والقذائف الخارقة للتحصينات وغيرها .
2- أن المقاومة تمكنت من التعويض عن تضاريس القطاع السهلية والمنبسطة التي قد تضعف الموقف العسكري للمقاومة، بإنشائها منظومة أنفاق عنكبوتية متطورة تحت مدن وبلدات ومخيمات القطاع ، يستخدم قسم منها في التخزين ، وأقسام منها لإطلاق الصواريخ وأخرى للعمليات العسكرية في إطار حرب العصابات المدينية ، حيث ذهبت بعض الصحف الغربية إلى القول" أن المقاومة وظفت الأنفاق بطريقة أكثر تطوراً من تلك التي بنتها الدول المتحاربة في الحربين العالميتين الأولى والثانية".
وبهذا الصدد حذر رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي السابق " داني ياتوم" من خطورة الأنفاق التي أنجزتها كتائب القسام بقوله : " أن أنفاق غزة هي مصيدة موت لجنودنا ، أقول ذلك بشكل قاطع ، ممنوع دخول الجيش إلى داخل الأنفاق ، وهي مكونة من التفافات متعددة وهي طبقات فوق طبقات ، لديهم أماكن ينزلون إليها ، بارتفاع منزل من ثلاث طبقات وحسب المعطيات هناك جهاز التفافي على امتداد (500) كيلومتر تحت الأرض".
3- أن المقاومة تدير معركتها استناداً إلى ما تقدم، بكفاءة نادرة ،على صعيد الجمع بين الدفاع والهجوم في إطار تكتيك الدفاع الهجومي ، ففي الوقت الذي تحول فيه دون سيطرة العدو على أي شارع في قطاع غزة رغم توغلها فيه ، جراء تكتيك الدفاع الهجومي ممثلاً بقيام مجموعات بالتصدي للتقدم ، وقيام مجموعات بالخروج من الأنفاق لضرب العدو من الأجناب ومن المسافة صفر ، وقيام مجموعات بضرب قوات العدو من الخلف .
ويمكننا الجزم بأن معارك اليومين السابقين في الثالث والرابع من ديسمبر / كانون أول شكلت علامة فارقة في هزائم العدو العسكرية ، بعد تمكن المقاومة من قتل (60) جندياً داخل خيام في نقطة تموضع لها في شرق جحر الديك ، عبر تفجير ثلاث عبوات مضادة للأفراد جرى زرعها بشكل دائري حول التمركز ، ومن ثم الإجهاز على باقي أفراد القوة بعد التفجير، وقتل العشرات في معارك حي الشيخ رضوان وشرق غزة والفلوجة وجباليا وغيرها من المناطق عبر الهجمات من المسافة صفر ، وكلك تدمير 28 آلية عسكرية إسرائيلية ، ناهيك أن المناطق التي اجتاحتها في بداية المعركة مثل بيت حانون وبيت لاهيا باتت صيداً سهلاً لكمائن رجال المقاومة.
وفي إطار تكتيك الدفاع الهجومي ،الذي تستخدمه المقاومة بعبقرية عسكرية غير مسبوقة تستمر المقاومة في اليوم الستين للحرب، بإطلاق صواريخها في محيط قطاع غزة وفي عمق الكيان الصهيوني في تل أبيب والقدس وبئر السبع ، وفي مختلف المستوطنات وآخرها مستوطنات " تقوع " شرق بيت لحم على مسافة قريبة من البحر الميت ، حيث اعترف العدو بتمكن المقاومة من إطلاق (11) ألف صاروخ منذ بداية الحرب.
وتكتيك الدفاع الهجومي ، الذي ينفذه رجال المقاومة البواسل ، من مختلف الفصائل باقتدار دفع قيادة العدو لسحب (70) في المائة من قوات الاحتلال من مناطق شمال قطاع غزة ( ثلاثة فرق) في الوقت الذي اعترف فيه المتحدث العسكري الصهيوني بعدم تمكن قوات الاحتلال من حسم المعركة مع كتائب القسام وفصائل المقاومة في مناطق شمال غزة .
4- القيادة الصلبة والمتماسكة للمقاومة ، التي تدير الحرب بكفاءة نادرة وبأعصاب فولاذية في مختلف أرجاء القطاع، وفق خطط مرنة ومتحركة ، وتماسك هذه القيادة رغم الخذلان العربي الرسمي ، الذي يتوزع في معظم مفاصله بين أنظمة خائنة للشعب الفلسطيني وبين أنظمة متخاذلة ، ورغم دور سلطة تحمل اسم " السلطة الوطنية الفلسطينية" التي لعبت ولا تزال تلعب الخادم الأمين للاحتلال ، عبر دورها المخزي في التنسيق الأمني وقمعها لجماهير شعبنا في الضفة الفلسطينية... هذا التماسك في القيادة عامل حاسم من عوامل إدامة المعركة على طريق الانتصار الحتمي ، وهزيمة العدوان وإفشال أهدافه .
5- الحاضنة الشعبية للمقاومة : فالعدو الصهيوني رغم استمراره في مجازره ضد المدنيين غير المسبوقة في تاريخ الحروب ، وتدميره للمستشفيات وللبنية التحتية للقطاع ،وقطعه إمدادات الماء والكهرباء والغذاء والدواء ، وقصفه لأحياء بكاملها بقنابل
أمريكية يصل وزن بعضها طن من الديناميت ، ورغم ضرب القطاع بما يزيد عن 40 طناً من الصواريخ وقذائف المدفعية، بما يعادل أكثر من قنبلتين نوويتين ضربتا بهما مدينتا هيروشيما وناكازاكي في الحرب العالمية الثانية ، إلا أنه فشل في ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة ، فجماهير شعبنا في القطاع ظلت وفية للمقاومة ، حيث بتنا نشهد بالصوت والصورة أبناء شعبنا وهم يحملون الشهداء من بين الأنقاض يعلنون أنهم مع المقاومة وأنهم لن يغادروا القطاع إلا باتجاه العودة إلى مدنهم وقراهم في فلسطين المحتلة عام 1948.
ما يجب الإشارة إليه هنا ،أن بدء العدو هجومه البري في القطاعين الأوسط والجنوبي يواجه فشلاً ذريعا لا يقل عن فشله في الشمال ، رغم القصف الصاروخي الهائل لمدينة خان يونس ومحيطها ، ورغم الأحزمة النارية ، إذ أن قوات المقاومة في مدن دير البلح وخان يونس ورفح وفي المخيمات والبلدات المحيطة بها ، بدأت في استخدام ذات التكتيكات في القتال ، مستفيدة من استراتيجية الأنفاق التي تربط شما القطاع بجنوبه ، وهذه الاستراتيجية جعلت خطط العدو لفصل شمال القطاع عن وسطه ، وفصل الوسط عن الجنوب لا قيمة لها من الناحية العسكرية.
مقاربات انتقامية للعدو في مواجهة صلابة المقاومة وتماسك قيادتها
وفي مقابل تماسك المقاومة وصلابة قيادتها ، وتكتيكاتها المتقدمة في الدفاع والهجوم وجرأة مقاتليها في القتال وفق شعار ناظم " جهادنا إما نصر أو استشهاد" ، وفي مقابل انتصارات المقاومة في قطاع غزة ، التي ألحقت خسائر هائلة في صفوف قوات العدو وآلياته قدرها الخبراء العسكريون بما يزيد عن 3000 ما بين قتيل وجريح ، وبما يزيد 350 دبابة وآلية ، نرى قيادة العدو الصهيوني تتخبط في مواقفها وتتناقض بين مسؤول وآخر ، وتقدم سردية كاذبة حول خسائرها التي تخضع لرقابة محكمة من الرقيب العسكري الإسرائيلي ، حيث تزعم أن خسائرها على صعيد العسكريين لم تتجاوز 308 ما بين جندي وضابط ، وإصابة 1000 بجروح جراح (202) منهم خطيرة ...هذا كله من جهة .
ومن جهة أخرى يلحظ المراقبون تخبط في إدارة الحرب وقيادتها ، وهذا ما نلمسه في ظهور أعضاء المجلس العسكري " نتنياهو ، ووزير حربه يو آف غولانت ، ورئيس حزب المركز بيني غانتس " معاً على شاشة التلفاز ، كل يدلي بدلوه حول إدارة المعركة وسيرها وأهدافها ، ما يعكس التناقض بين أعضاء المجلس ، وكذلك التناقض بين المستوى العسكري والسياسي ، ناهيك أن تصريحات نتنياهو تعكس حالة من التخبط في تحقيق الهدف من الحرب ، فتارةً يعلن أن الهدف هو تدمير حركة حماس ، وتارة يتحدث عن تقويض سلطة حكومة حماس ، وتارةً يتحدث عن تدمير البنية التحتية والعسكرية للمقاومة ثم نراه بعد ذلك ، يعلن في إطار حكومة الكابينت المصغرة ، أنه أصدر تعليماته لجهاز الموساد ، بقتل كل من ينتمي لحركة حماس في الضفة والقطاع وفي الخارج ، بما في ذلك قطر وتركيا ، ما يعكس حالة من الارتباك والتخبط ، وأنه بأسلوب إدارته للحرب يعكس مصلحته الشخصية بشأن عدم الخروج من الحياة السياسية ، وعدم الذهاب للسجن بشأن قضايا الفساد التي تلاحقه ، في حال فشل العدوان في تحقيق أهدافه .
وأخيراً : في ضوء ارتباك القيادة العسكرية والسياسية ، وإدارتها للحرب في سياق ردود الفعل الارتجالية ، وعدم وجود خطة محددة للحرب... هذا ( أولاً) ( وثانياً) في ضوء التناقض بين الثلاثي " نتنياهو وغالانت وبيني غانتس " حول الأهداف السياسية من الحرب، ففي حين يحدد نتنياهو الهدف من الحرب إقامة منطقة عازلة في الشمال ، نرى يو آف غولانت يطالب باحتلال القطاع وإعادة بناء المستوطنات ، نرى بيني غانتس يؤكد هو الآخر على احتلال القطاع والدفع باتجاه تنفيذ مخطط الترانسفير ..( وثالثاً) وفي ضوء لجوء قيادات العدو إلى المقاربات الانتقامية، بالاستمرار في القصف السجادي لأحياء مدن ومخيمات وبلدات قطاع غزة ، تعويضاً عن هزائم قواتها في الميدان ، يمكننا الجزم بأن المعركة ستنتهي لمصلحة المقاومة بوقف إطلاق النار ، وخضوع العدو لشروط المقاومة بشأن تحرير الأسرى وفق معادلة الكل مقابل الكل ، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أيضاً إلى الأزمات المركبة ، التي بات الكيان الصهيوني يعيشها جراء الحرب ، والعوامل الدولية الضاغطة على الكيان لوقف العدوان على قطاع غزة ، الناجمة عن الثورة الشعبية العالمية المؤازرة للقضية وللمقاومة الفلسطينية، والمنددة بالعدوان وبالحركة الصهيونية.
وهذا الاستنتاج بشأن فشل العدو في تحقيق أهدافه وبشأن وقف إطلاق النار القادم وخضوع حكومة العدو لشروط المقاومة، أكدته الصحافة الصهيونية التي لا تخضع لرقابة العدو العسكرية ، على النحو الذي تخضع فيه القنوات التلفزيونية الإسرائيلية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى ما جاء ما جاء في صحيفة يديعوت الصهيونية "أن (إسرائيل) ستضطر إلى قبول وقف إطلاق النار ، وأن لا انتصار في الأفق ، وأن أقوال نتنياهو عن حرب لفترة طويلة هي بديل تسويقي مكشوف لانتصار غير موجود" ، مؤكدةً أن السابع من أكتوبر الماضي ليس له تاريخ انتهاء ، ومشددةً على عدم القدرة على تصور حجم الرعب وأبعاد الضرر بالنسبة ل ( إسرائيل)"..
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة