الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 89

عبدالرحيم قروي

2023 / 12 / 5
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


اَلنَّصُ اَلْمُؤَسِّسُ وَمُجْتَمَعُه
اَلسِفْرُ اَلأَوَّلُ وَاَلثَانِى
خليل عبد الكريم
الحلقة الثامنة

الباب الأول
آيات كريمة أشرقت تحقيقًا لِرغبة القائد
وأخرى تلبية لرجاوات تبعه
الفصل الأول
آيات كريمة أشرقت تحقيقًا لِرغبة القائد
[ 1 ]
موادعة اليهود
ظل " سيد الناس وذؤابة العرب" ثلاثة عشرة عامًا يدعو ويبشر بالديانة الجديدة " الإسلام" بيد أن المرازبة الجحاجح صناديد قريش أعرضوا عنها ومنهم نفر من بنى هاشم الفرع الذى ينتمى إليه أو رهطه وحذا حذوهم طواغيت ثقيف بالطائف وصدوه صدًا جافيًا غليظًا نم عن الجلافة وكشف عن الغلظة وأثبت البداوة.
ولأسباب تند عن هذه الدراسة رحب بنو قيلة " الأوس والخزرج" وفيما بعد سماهم " الأنصار" بدعوته وطلبوا منه أن ينتقل إلى قريتهم وفيها سيجد المنعة وتعهدوا له بحمايته وحراسته وفعلاً نزح إلى يثرب وسبقه إليها العدد المحدود الذى صدقه.
امتازت تلك القرية بكثافة يهودية سيطرت على المقدرات الإقتصادية حصرً وتحديدًا بالإضافة إلى أن بأيديهم إسطيرًا مقدسًا وهو أقدم الإسطيرات المقدسة ويزعم أصحابه أنه أصل الأصول ومن معينه استقى من جاء بعده ومتح من بيره ونهل من منيعه ولعل هذا شكّل أحد أسباب غطرسة اليهود وغرور أولاد يعقوب وعنجهية بنى إسرائيل.
و" النذير البشير" عبقرى لايشق له غبار ولا يُلحق به فى مضمار, فرأى بثاقب نظره ووسيع أفقه ونافذ بصيرته أن يوادع يهودًا , فحاول استمالتهم وخطا خطوات حثيثة منها: أنه أقر بنى قيلة " الأوس والخزرج والأنصار" على عرف مستقر لديهم وغيرهم من القبائل القريبة من أثرب وهو الزواج من بنات يعقوب, وكالعادة نطرح دليلاً هو: كعب بن الأشرف الذى ناوأ " المنصور بالرعب مسيرة شهر" وحرض عليه بالقول " الشعر" والفعل حتى إنه لم يجد طريقة لإسكاته إلى الأبد سوى انتداب نفر من قيلة فإغتالوه وأراحواه من شره. هذا الكعب أمه يهودية, وفى شريعتهم لايعد منهم إلا من ولدته يهودية.
وأباح " من جُعلت له الأرض طهورًا" لأتباعه طعام ذرية يعقوب وهو إعتراف بأمر واقع لأن الخلطة بين بنى قيلة وبينهم متينة الأسر وتتخذ صورًا متباينة: الحلف والولاؤ والجوار والمصاهرة والشراكة فى التجارة والمعاملات الآخرى: الزراعة والصناعة ـ صناعة السلاح .. بل إن بعض بنى قيلة تركوا أولادهم ينشأون وسط بنى إسرائيل ومنهم من من اعتنق دينهم ورفض التخلى عنه والدخول فى الإسلام رغم الضغط عليه من خاصته وذويه ونفر منهم نزح مع يهود عندما أجلاهم " صاحب السيف".
فتحريم طعامهم لابد أن يجر على الأوس والخزرج بلوى عمومية تصيب حياتهم بالربك ومصالحهم بالمرج ومعيشهم بالإضطراب.
بيد أنه عندما أدرك " الأمين المأمون" ذاك أباح مطامعهم وقصد فى ذات الوقت التقرب إلى أبناء يعقوب, خاصة إذا وضعنا فى الحسبان أنه حرم على تبعه بنصوص باترة كحد السيف نكاح المشركات ومآكل المشركين.
[ 2 ]
صيام عاشوراء
عَلِمَ " الإنسان الكامل" إثر نزوحه إلى يثرب أن بنى إسرائيل يصومون العاشر من محرم يُسمى لدى العامة وغيرهم يوم " عاشوراء". بمقولة أن ربهم نجّى نبيهم موسى عند هروبه وتبعه من مصر بتلك الخارقة المُعجِبه والمعجزة المدهشة وهى شق البحر الأحمر لهم. فأمر " سيد الخلق" من تابعوه على دينه من النازحين واليثاربة بصومه لأنهم أحق به , إذ إنهم مثل اليهود يؤمنون بنيوة موسى الذى حظى بتكليم ربه إياه, والقصد الخبئ والغرض الخفى والهدف المستتر من ورائه هو المشى خطوة أو عدة خطوات نحو استئلاف أولاد يعقوب.
" وقال القرطبى: لعل قريشًا كانوا يستندون فى صومه " يوم عاشوراء" إلى شرع من مضى كإبراهيم, وصوم رسول الله يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما فى الحج
وأذن الله له فى صيامه على أنه فعل خير, فلما هاجر ووجد اليهود يصومون وسألهم وصامه وأمر بصيامه احتمل أن يكون استئلافًا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم ويحتمل غير ذلك.
وعلى كل حال فلم يصمه اقتداء بهم فإنه كان يصومه قبل ذلك, وكان ذلك فى الوقت الذى يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنه عنه .." [ المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: لشيخ الإسلام القسطلانى ـ المجلد الثانى ـ ص 453, 454 ـ 1421هـ / 2001م ـ دار الغد العربى بمصر].
فى هذا النص نجد أن القسطلانى نقل عن القرطبى وهما إمامان كبيران ونجمان ساطعان فى فلك العلوم الإسلامية أن " سيد ولد عدنان" عندما وصل إلى يثرب وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فصامه وكلف تبعه بصيامه, وأن فعله الشريف هذا من الجائز قصد به استئلاف بنى إسرائيل مثلما استألفهم باستقبال قبلتهم أى بيت المقدس ـ فى الصلاة ـ وأنه فى ذياك الإبان دأب على موافقة أهل الكتاب فى مالا يخالف الديانة الشريفة التى يبشر بها.
إن هذا الأثر بالغ الثمانة, عالى القيمة, موفور القدر. فضلاً عن أنه ثر بالدلالات عنى بالمعانى ملئ بالإيحاءات.
إنه يؤكد ما سبق أن زبرناه أن السلف من المؤلفين والمصنفين بعكس المحدثين المفاصرين على درجة رفيعة من المسئولية الفكرية, ورتبة عالية من الأمانة العلمية, ومستوى منيف من الإلتزام بالموضوعية.
[ 3 ]
لماذا يوم الجمعة
فى الإسطير المقدس عند إسرائيل أن ربهم أنجز الخلق وفرغ منه فى ستة أيام واستراح فى اليوم السابع.
سبق أن رقمنا أن العدد سبعة له قداسة لدى الديانات الإبراهيمية الثلاث نقلاً عن الديانات السامية القديمة التى خيمت على شعوب المنطقة قرونًا متطاولة.
ومن ثم فإنه يعتبرون السبت ( اليوم السابع ) يوم بطالة وعطالة وراحة وفيما بعد أطلق عليهم القرآن المجيد أصحاب السبت.
وكبادرة وداد قرر " سيد ولد عدنان" اعتبار يوم الجمعة يوم اجتماع عام فغدت له نكهة خاصة ومذاق متميز وطعم منفرد عن سائر أيام الأسبوع, وحتى الآن وبعد مرور أربعة عشر قرنًا وقرابة ربع قرن يتخذ المسلمون منه يوم عطلة تغلق فيه المصالح الحكومية والمتاجر ...إلخ.
ويوم الجمعة هم اليوم السابق مباشرة ليوم السبت ومن يحاج فى أن هذه خطوة موادعة لبنى يعقوب من قبل " المعصوم من الناس" لنا لأن نسأله: لماذا لم يتخذ يومًا آخر مثل الإثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء أو الخميس يوم اجتماع عام, خاصة يوم الإثنين, فقد حُفظ عنه أنه فيه ولد وفى ليله التقى ملاك الرب جبرائيل لأول مرة فى مغارة حَرَى ؟!.
هذه واحدة.
أما الأخرى فهى أن " سيد الخلق" ظل بعد أن أعلن ديانة الإسلام فى قرية القداسة بكة ثلاث عشرة سنة فلماذا لم يأمر باتخاذ يوم الجمعة يوم اجتماع عام؟.
ذكرت مؤلفات سيرته المعطرة أن أول جمعة أقيمت فى قرية يثرب فى محلة بنى سالم بن عوف بعد أن نزل بقباء على شيخ بنى عمرو بن كلثوم بن الهدم, وطفق يجلس مع اليثاربة ويحادثهم فى بيت سعد بن خيثمة لأنه عزب " غير متزوج" وقضى بها ( = قباء ) عدة أيام بنى فيها مسجدًا أسس على التقوى, ولاشك أنه إبانها خبر أحوال أثرب ونقه ثِقل وخطر يهود فيها, فسنة موادعتهم والتقرب إليهم واتحاذ خطوات فى هذه السكة ومنها " التجميع".
[ 4 ]
الصحيفة
عندما استقر" سيد الكائنات" فى يثرب كتب ما يُسمى بالصحيفة, وقد وصفها البُحَاث بأوصاف لا تنطبق عليها فعل سبيل المثال أطلق عليها الشيخ محمد سيد طنطاوى [ حاليًا يتربع على دست رئاسة شئون التقديس فى مصر المحروسة ] " معاهدة", وهذا توصيف خاطئ, لأن شروط المعاهدة لا تنطبق عليها, فاليهود لم يوقعوا عليها, وقد أورد ذلك فى الرسالة التى تقدم بها لنوال إجازة العالمية [ يسميها الأزهريون الآن الدكتوراه متابعين فى ذلك الفرنجة ]. وعنوانها " بنو إسرائيل فى القرآن والسنة" , وقد مشى الشيخ طنطاوى وراء عبد الرحمن عزام الذى وصفها بأنها من أنفس العقود الدولية وأمتعها وأحقها بالنظر. [ الرسالة الخالدة : لعبد الرحمن عزام ـ ص 65 نقلاً عن ( بنو إسرائيل فى القرآن والسنة ) لمحمد سيد طنطاوى ـ ص 144ـ طبعة نوفمبر 1997م ـ دار الشروق بمدينة نصر القاهرة ].
لاحظ وصف للصحيفة التى أطلق عليها معاهدة بأنها متعة وهو وصف لايليق بها, وهذا يؤكد ما سنذكره بعد قليل أن عزامًا هذا ليس له فى الفكر نصيب, وفى صعيد مصر ينعتون المرأة التى ترضى الرجل عند المفاخذة أنها " مَرَة مِتْعَة" بكسر الميم.
وعبد الرحمن عزام, الذى تابعه طنطاوى, رجل سياسة " تولى منصب أمين عام جامعة الدول العربية" وليس له فى العلم عير ولا نفير وبعض الكتبة نفح " الصحيفة" لقب دستور وزايد عليه غيره فقال إنها أول دستور فى العالم.
ثم نرجع بعد هذه التفريعة إلى سياقة التنقير: { ذكر ابن كثير: قال محمد بن إسحق وكتب رسول الله كتابًا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه اليهود} [ البداية والنهاية لابن كثير ـ جء 3 ـ ص 224 نقلاً عن ( بنو إسرائيل فى القرآن والسنة ) لمحمد سيد طنطاوى ـ ص 138 ].
والذى يهمنا فى هذه الفقرة المنقولة عن ابن كثير أنه سماها ( كتابًا ) لامعاهدة ولا دستورًا كما تصنع جوقة التعظيميين والتفخيميين من الكتبة المحدثين, ولا شك أن " أول من تنشق عنه الأرض" استهدف من الكتاب أو الصحيفة موادعة أولاد يعقوب
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل