الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الطاقة النووية فى حل مشكلات المناخ

ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)

2023 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


حذر الأمين العام للأمم المتحدة العالم كله من تأخير الفعل اللازم لحماية جو الأرض من التغيرات المناخية قائلاً: "التأخير يعنى الموت"، فالكارثة المناخية لا تزال ماثلة، والتأخير في مواجهتها يعنى خراب العالم.

إن أحدث خطط مناخية للدول تضع الأرض في مسار ترتفع فيه درجة حرارتها 2.8° مئوية حال تطبيق السياسات الراهنة والاستمرار فيها، فإذا كان هذا الفعل غير مشروط قد ترتفع درجة الحرارة إلى 2.4° مئوية، لكنها لا تزال فوق 2 ° مئوية التي هي سقف الحرارة الذى لا يمكن تجاوزه.

بَيْدَ أننا نستطيع أن نعبر فجوة الابتعاثات البالغة حوالى 16-22 مليار طن ثانى أكسيد كربون معادل، ونحافظ على سقف درجة حرارة لا يتجاوز 1.5 ° مئوية، إذا استثمرنا في حافظة طاقة من سبع تكنولوجيات تشمل: (1) كفاءة الطاقة، و(2) الطاقة الشمسية، و(3) طاقة الرياح، و(4) طاقة حرارة باطن الأرض، و(5) طاقة الكتلة الأحيائية، و(6) الطاقة النووية، و(7) اقتناص الكربون وتخزينه، والمدى الزمنى المطلوب لانتشار هذه التكنولوجيات السبعة يجب ألا يتجاوز عام 2050، بما يُمَكِّن الدول من تثبيت غازات الدفيئة في المدى القصير إلى المتوسط.

وتقدم القوى النووية في هذا المزيج من التكنولوجيات المقاومة لتغير المناخ خياراً يتبوأ مكاناً متقدماً بين مزيج الحلول القائمة، وتوقعات توسيع استخدام الكهرباء والحرارة النووية تتنامى في تصاعد مستمر، يُسَاق ذلك بالنمو في الطلب على الطاقة، وهموم تجنب ابتعاثات غازت الدفيئة، والأداء القوى الثابت للقوى النووية.

وإذا كانت القوى النووية في هذه الخيارات تمثل واحداً من سبعة أسباع الطلب المتوقع على الطاقة فإنها تنطوى على أهمية خطيرة في الحلول محل أي عجز في مساهمات خيارات الطاقة الأخرى نظراً لوجود مصادر الوقود النووي على نحو وفير في العالم، والتقدم الهائل الذى أحرزته القوى النووية في الأمان ومعاملة الوقود المستنفد.

وفي ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة في بعض أجزاء من العالم، يبدو جلياً أن ارتحالاً جوهرياً في النظام العالمى للطاقة صار مطلوباً الآن لتجنب الأثر الأسوأ لتغير المناخ.

وبغض النظر عن الجهود المبذولة بواسطة صناع السياسات في بعض الدول لحفز "التعافى الأخضر"، فإن جهوداً أكبر إلى حدٍ بعيد ستكون مطلوبة لدفع المدى والسرعة اللازمين للتحول التكنولوجى الضرورى لاستبقاء الدفيئة العالمية عند 1.5 – 2 درجة مئوية بحلول عام 2050.

وتتراوح مخططات الطاقة الحالية للمدى الطويل على نطاق واسع بين تلك المخططات التي تفترض تغييراً طفيفاً أو لا تغيير مطلقاً في سياسات الطاقة وتغير المناخ، والمخططات التي تستدخل مسارات مجدية تكنولوجياً، بل متحدية سياسياً، للحد من تغير المناخ، وتحسين نوالية الطاقة، وتقليص تلوث الهواء.

ويؤدى مزيج الطاقة في هذه المخططات دوراً محورياً في الإفادة بمصادر الطاقة الصديقة للبيئة والمناخ المتاحة عالمياً، والمتاحة على نطاق كل دولة على حدة، وعلى رأسها مصادر الطاقات المتجددة، والطاقة النووية، والهيدروجين كحامل للطاقة.

وعَبْرَ كل السيناريوهات يتعاظم دور القوى النووية لما لها من كمون عال في مكافحة غازات الدفيئة، ويتعاظم بالأكثر في السيناريوهات المناخية الطموح، التي كلما استهدفت انخفاضاً أكبر في ابتعاثات ثانى أكسيد الكربون كلما زادت مشاركة القوى النووية في المزيج الكلى للطاقة.

فالقوى النووية تتزايد لأكثر من ضعفها الحالي تحت سيناريوهات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لزيادة لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية في حرارة جو الأرض، وتبلغ نسبة نمو 85% تحت السيناريو الصفرى لخبراء "بريتش بروليم".

وعلى المستوى العالمى ترتئى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تصل مشاركة القوى النووية في المزيج الكلى للطاقة الكلية عام 2040 إلى ما يربو على 17% بالمقارنة بمشاركة لم تتجاوز 5% من المزيج العالمى للطاقة الأولية عام 2023، وذلك بمعدل نمو يبلغ حوالى 6.9% سنوياً خلال الفترة: 2023 – 2040.

ولذلك تنتظر القوى النووية نمواً متواصلاً في جميع المخططات المستقبلية، وتتسع أكثر فأكثر في سيناريوهات الوقوف عند 1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة جو الأرض.

وتستشرف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المزيج الأمثل للتوليد الكهربى العالمى الذى يفى بمتطلبات حماية جو الأرض من التغير المناخى بمشاركة للقوى النووية تبلغ 26% عام 2040.

فإذا أدركنا أن مشاركة القوى النووية في التوليد الكهربى العالمى عام 2023 لم تزد على 10% من إجمالي المزيج العالمى لتوليد الكهرباء، بالمقارنة بالمشاركات المنتظرة لها عام 2040 التي تصل إلى 26%، سنقف على أهمية وخطورة الدور الذى تؤديه القوى النووية للعالم أجمع في التصدي لمخاطر التغيرات المناخية، والانتصار عليها جملة واحدة وإلى الأبد، في الوقت الذى تُؤَمِّنْ فيه الطلب على الكهرباء على نحو جوهرى للعالم أجمع.

وتشير الدلائل الحالية كلها إلى دور متعاظم للطاقة النووية في الوفاء بالطلب على الكهرباء لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اتساقاً مع الرؤيا العالمية المستقبلية لمزيج طاقة آمن ومستقر يجابه على نحو فائق مخاطر تغيرات المناخ.

وفوق ذلك كله.. فإن محطة القوى النووية هي مصدر للكهرباء المستدامة المستقرة صديقة البيئة، حيث لا يصدر عنها أبداً ثانى أكسيد الكربون أو ملوثات الهواء أو الإشعاعات أثناء التشغيل.

وتقدم القوى النووية الفرصة للاتساع في الروابط التي لم تستغل بعد بين الطاقة النووية والتكنولوجيات المتجددة، فحيث تقدم إمداداً قوياً ثابتاً منخفضه الكربون لأحمال الأساس، تضمن في الوقت ذاته انتشاراً متواصلاً للمتجددات إلى مستويات اختراق أعلى بكثير. والقوى النووية تبدو كذلك مصدراً واعداً جداً للهيدروجين منخفض الكربون بأسعار يمكن دفعها، وتؤدى في الوقت ذاته دوراً رئيسياً في تكامل قطاع الطاقة، كما تولد عدداً كبيراً من فرص الأعمال المستقرة، ذات الجودة العالية، التي ستكون في غاية الأهمية للانتعاش الاقتصادى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت