الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الثقافية اولا

محمد خضير سلطان

2006 / 11 / 20
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا


لمجرد قراءة هذا العنوان ( المصالحة الثقافية )، يخطر في اذهان الكثيرين من المثقفين، من انها دعوة آخرى لاسهام المثقفين العراقيين في مشروع المصالحة الوطنية مثلما اسهمت القوى السياسية والدينية والعشائرية والقبلية، وسيعتقد من يعتقد باقتراح مؤتمر للمثقفين العراقيين، يستجمع قواه لاطلاق صيحة مدوية في وجه الظلام ، نعم ....، ولكن ليس بطريقة اصطفاف المثقفين بين المكونات العامة في المجتمع العراقي على طريق التعايش السلمي ،والانضمام الى اصوات الآخرين في مشروع المصالحة، وانما العمل على اصطفاف الثقافة والتحليل الثقافي داخل المكونات السياسية نفسها، واضاءة كل الاطراف من قبل المثقفين لما تفتقده من البعد الثقافي (الموحد) ، دافعها على العمل ومنطلقها نحو المشاركة وعدم المشاركة ايضا واؤكد على كلمة موحد والمعنى الموحد لكلمة موحد...،ما يهمنا هنا هو تشخيص النظرة الثقافية لكل الاطراف المشاركة وغير المشاركة وعلاقتها سلبا وايجابا بالفعالية السياسية القائمة في الواقع،ومن ثم علاقة السلوك السياسي لهذا الطرف او ذاك بالبناء الفوقي ونظرتنا الجامعة الى الارادة العليا لشعب العراق، هل بوسعنا ان نكتشف (انا) الشعب العراقي بدلا من (انا) الفرقة العراقية، كيف لنا بدون الشعارية، ولنوضح الصورة دون ان ننسى بان الاخوة الكورد في ادائهم السياسي هم الصيغة الوحيدة التي تنسجم عمليا مع الوضع الراهن وتلتقي مع الطموحات الوطنية الانية والمستقبلية وتتخطى الحواجز الاثنية والقبلية في درجة حاسمة من الوضوح والجلاء الثقافيين وثيق الصلة بالمفاصل العامة،
ونعود الى الاطراف الآخرى باستثناء هذا النموذج، فان كل طرف و كتلة في البرلمان وخارج البرلمان له نظرة ثقافية الى الاحتلال والسيادة الوطنية على سبيل المثال رفضا وقبولا، والمثال هنا اعتباطي وما يشتمل عليه، ينطبق بنفس الدرجة على النظرة الى العملية الدستورية ، الديمقراطية، التعددية وغيرها، وأي طرف لايتجزأ بالنظر الى مفردة دون آخرى، ولعل هذه النظرة تختلف ثقافيا من طرف الى آخر بين الرفض والقبول العلني والضمني ولكننا نكتشف ان الاعتراف والرفض (الضمنيين) نجده الآن داخل العملية السياسية في البرلمان والحكومة من خلال مواقف الفئات التي تشكل مجموع القوى البرلمانية والحكومية، ولانبتئس هنا لأن الاعتراف والرفض الضمنيين ، يمثل نظرة دافعة ألا انها تفتقد الى الصيغة الواضحة والمستقرة في ابعاد التوافق اذا لم نقل الانسجام مع مقاربة البناء الفوقي،وغياب الصيغة الواضحة، يعطل تداول الفهم في الفضاء الاجتماعي فيما نجد الرفض القاطع والصريح خارج العملية السياسية، تمثله جهات معروفة،ومن المؤكد ان الطرف الرافض والخارج عن المشاركة، هو واضح في نظرته الثقافية الى استحالة الجمع بين السيادة والاحتلال والديمقراطية والتعددية والدستور، وهو الاكثر وضوحا في سلوكه السياسي ازاء المحتل والعملية السياسية ولافرق عنده بين عجلة عسكرية ، ترفع العلم العراقي او عجلة آخرى تحمل علما اجنبيا ،وهذا الرفض الصريح، يشكل موقفا عدائيا غير ان الطرف الرافض والمعترف( ضمنا ) في العملية السياسية لم يبد نظرة ثقافية واضحة بالرغم من وضوح سلوكه السياسي السائد باعتباره مالكا لزمام الواقع ، وتبعا لذلك، نحتاج الى مقولة او اطروحة فكرية ، تثبت نظرتنا الى الاحتلال وغيره بلا مواربة داخل المكونات، ليس على طريقة الاسود والابيض، الرفض والقبول وانما بطريقة انتاج الصيغة المعبرة عن الوضع السياسي والتي في ضوئها ، يتحقق التداول السياسي والاعلامي والمجتمعي، وعلى سبيل المثال فان الاعلام العربي المعادي للعراق في وضعه الراهن، يتصل بادوار الصيغة المنتجة لرفض الاحتلال في الوقت الذي لم ينتج الاعلام العراقي صيغة مضادة تحد من التداول السياسي والاعلامي والمجتمعي للفضائيات العربية وحتى العراقية منها والمتوافقة معها، وشيئا فشيئا تشتبك الابعاد في داخل صورة الوضع طالما تفتقد الى مقولة واطروحة الرد على الوضع الراهن، وحين نتقصى مركبات التجذر الديني والسياسي لهذا الطرف او ذاك وبالرغم من الوضوح والغموض السياسيين الا اننا نجد الهوية السياسية لكل طرف، تطابق المركبات التاريخية- الدينية له وتدفع باتجاه تبلورها داخل السلوك، واحيانا يلتقي المركب التاريخي الرافض للعملية السياسية بنظيره آلاخر الفاعل فيها مثلما حدث لانضمام التيار الصدري باعتباره احد وجوه المدرسة الدينية المعروفة، الى التمثيل التشريعي والحكومي ضمن كتلة الائتلاف الموحد بغلبة الهوية الشيعية وسيرورة الفعل السياسي والتقاء كتلتي التوافق والحوار داخل المشاركة السياسية بغلبة الهوية السنية .
وعبر هذه الافكار الاولية، حري بمؤسساتنا التشريعية ان تتبنى فكرة انشاء صيغة مقابلة ، تسهم في التداول الاجتماعي المعطل للقناعات الراسخة، وتقترب من كشف تصور لارادتنا العليا ولا يتم الامر بدون هيئة للمثقفين العراقييين في مجلس النواب، اجازها الدستور ضمن ما تنص عليه احدى المواد كما اجازت لهيئة نزاعات الملكية والرقابة المالية وغيرها ، وهذا ما يقع على مسؤولية المثقف العراقي اولا في العمل على كتابة مسودة مشروع الهيئة وطرحها على الجلسات البرلمانية.
وعن هذه الطريق، نرى ان تشارك الثقافة في المصالحة الوطنية وليس باطلاق صرخة، ترتطم في سقوف قاعة المؤتمرين ثم تتلاشى في شاشات التلفزة ، ونعتقد انها صرخة في وادي الوضع الامني الذي يزداد عمق خطورته ويستعر جحيمه لحظة بعد آخرى، وسواء جاءت هذه الصرخة من المثقفين او العشائريين فهي لا تلبث حتى تستحيل الى ترتيل جنائزي في قافلة الاموات ومع ذلك لابد ان نجد متسعا تضامنيا لصيحة الجميع مهما اشتدت واختنقت فرصة الامل والتفاؤل بانفراج الوضع الامني او بلغت درجة اليأس حدا من الجسامة بحيث لن يتخلى الانسان العراقي في غمار عنائه الخرافي عن البحث في الزمن عن لحظة لانطلاق و بناء مشروعه السياسي والاعماري وسط الخراب وزفير الدم وتحطم العويل الثاكل على الانقاض، واحتباس مشاعر الغضب ازاء الجرائم القديمة وتبلد المشاعر بالقهر ، لأن حزما من الجرائم الجديدة، تراكمت باكثر من تراكم الزمن المهدور فلاتستطيع ملكة الخلد الانساني التقاط الانفاس وايجاد اللحظة المناسبة لاطلاق الغضب والمقارنة والفصل بين مرحلة وآخرى في ظل استمرار اللهب وتصاعد الموت الى الدرجة التي اصفرت فيها وجوه حفاري القبور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم