الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الماركسية نظرية استعمارية نمطية؟!!/4

عبدالامير الركابي

2023 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لعل اخطر ماقد واجهه الغرب وحداثته الموصولة باثر الانقلاب الالي، وقوعه برغم ماقد حققه من منجز شامل، تحت وطاة القصورية التاريخيه الملازمة للعقل وادراكيته بازاء الظاهرة المجتمعية، ومع محاولاته الاقتراب من الجانب المشار اليه وانجاز المطلوب على هذا الصعيد، الا انه لم يتمكن بالفعل من ازاحة النقاب عن منطويات الظاهرة المجتمعية وكينونتها، ومن ثم اهدافها وبناء عليه مسارات تطورها، وقوانين تفاعليتها.
واهم جانب وقف العقل الغربي امامه عاجزا جانب الاحادية الغالبه على التصور البشري للظاهرة المجتمعية، مع مايترتب عليه من منظور من صنفه تعاقبي خيطي، يحصر المسار العقلي، والتعبيرية المجتمعية، ضمن وحدة هي افتراض، اصله الاعتقاد الجازم بوحدة النمطية المجتمعية، وهيغل احد اهم علامات الفكر الغربي الحديث مثلا، يضع لهذه الجهة استخلاصا يجعل تطور التعبيرية والفكر البشري مراحل متعاقبه تتدرج، من الاسطورية، الى الدينيه، الى "الفلسفية"، جاعلا المجتمعات وانواع تعبيرها عن ذاتها، وحده محكومة للتتابع، وبناء عليه "المصدر"، فلايرد في باله، هو او غيره على الاطلاق، احتمال، لابل حقيقة ان المجتمعات "ازوداج"، والتعبيريه كذلك، وان الابراهيمه السماوية، لاشي يربطها بالفلسفة اليونانيه الاغريقية، فالفلسفة هي قمة التعبيرية الاحادية الارضوية في درورتها الاولى، بينما الابراهيمية هي التعبير الابتداء، الحدسي اللاارضوي ببعده الكوني.
وعلى هذا فان الغرب بالاضافه لتشويهه صورة التعبيرية العقلية والاعقال البشري، يضع نفسه بموقع الذروة والنوع الاعلى ترقيا على مستوى المعمورة، مصادرا على الاخرين، وعلى موقعهم، فلا تجري بناء علية على الاطلاق، ولم يسبق ان جرت، مقابلة بين سقراط وارسطو وافلاطون، وابراهيم وعيسى ومحمد، مع ان كلا من المجموعتين نتاج مجال مجتمعي وجغرافي بعينه، فلا انبياء ظهروا في اوربا، ولا فلاسفه كانوا ابناء الشرق المتوسطي، هذا عدا الفعالية المتقابله ونوعها بين الموضعين، مابين انصبابيه احادية غربيه اوربية امبراطورية، واختراقية مجتمعية شرق متوسطية مقابله، تحول الغرب الى الازدواج بدل الاحادية، وهو ما يعرفه شرق المتوسط على المنقلب الشرقي ايضا، مع الانصبابية الشرقية الفارسية، المقابلة للرومانيه، ونتيجتها وماتفضي اليه من اختراقية ابراهيمه مضاده، تمتد انتشارا الى حدود الصين والهند.
والاهم في الظاهرة المنوه عنها، هو مايترتب عليها من مصادرة للاليات، فالتعاقبية الادراكية ووحدتها المفترضة، تحجب عن غيرها الاستقلالية على مستوى التطور، واذ ينظر للمفهوم اللاارضوي السماوي النبوي الابراهيمي، على انه مرحلة سابقه، تم على يد الغرب اليوم تجاوزها، فان المشهد يصبح ختامية لاارضوية منقضية ومنتهية، مقابل ارتقائية فلسفية في مرحله ثانيه بعد اليونانيه، مايمنع على اللاارضوية ان تكون اليوم حاضرة، او في طور التشكل الثاني غير ذلك الاول، الحدسي النبوي بصيغته الاعلى الاكمل الابراهيميه.
وهنا نقف امام جانب اخر من جوانب حصر التطور التعبيري "احاديا" من دون فصل، هو بالاحرى واجب، لان المجتمعية ليست واحده، وكما كان هنالك انصباب اول روماني اوربي تم الرد عليه بالاختراقية النبوية الاولى المسيحيه، فان الانصباب الحالي الراهن، لاشيء يمنع من ان ينتج عنه حال من الاختراقية المتناسبه مع طبيعته، ومدى فعله، ونوعه، خاصة مع الانتقال الالي المتاخر، وماقد ترتب عليه من علو في الديناميات المجتمعيه الغربية، عدا عن نوع الوسائل، ومصادر القوة التي صارت متاحه على الصعد كافه.
من حق مجال التعبيرية الابراهيمية اللاارضوية، ان تكون له رؤيته التعاقبية المضادة، مابين الانصباب المزدوج، والاختراق المضاد، فهنا بالاحرى يتعدل المشهد، وتكتسب اللوحة التفاعلية المجتمعية الكونية، ديناميات ابعد واثرى، اكثر اتصالا بالعملية التحولية المجتمعية الكونية نوعا، ومن حيث البعد الزمني ففارس احتلت العراق لاكثر من عشرة قرون، وخنقت الجزيرة باحتلالها للخليج العربي بعدها التجاري ومتننفسها، بينما ظلت منطقة الساحل الشامي ومصر تحت النفوذ الروما ني عموما، هذا مع العلم بان منطقة الانهار والصحراء والساحل، موضع بدئية وتاسيس للمجتمعية، منجزها الاسبق على روما وفارس لايضاهى، ولايمكن ان يقارن بمن جاءوا لاحتلالها، مستغلين خضوع تاريخها لمتوالية الدورات والانقطاعات، واليوم تتصور اوربا الالية، ان ثلاثة او اربعة قرون ـ وافقت حالة ثانية من الانقطاع، حل على المنطقة بعد القرن الثالث عشر مع سقوط بغداد ـ كافية لان تجعل منها المحطة الاخيرة للتاريخ البشري، من دون اية احتمالات اخرى.
وهنا تصبح اوربا ضد التاريخ، ومعاكسه لسيرورته، ولجوهر التطور المجتمعي البشري، في حين يلتحق ماركس بداهة بهذا النوع من الاعتقاد الذي يصادر على حركة التاريخ المضمرة غير المكشوف عنها النقاب، ليكون بموقع المضاد لاحتمالية الاستمرارية التطورية، او مامعتاد وصفه ب "الرجعية" التي تصر على اسقاط اية افاق او ممكنات اخرى موالية ولاحقة على الحاصل لاوربا بفعل الاله، وماقد نتج عنها وترتب على حضورها، بما قد يجعل من انصبابها الحالي، عاملا وقوة فعالة لازمة وضرورية لاجل ذهاب العالم الى الطور التاريخي اللاارضوي الثاني، مابعد النبوي الحدسي.
يكتمل المنظور الادراكي الكوني البشري عند اللاارضوية التحولية، ارقى واعلى مراحل تطور العقل البشري، وهو مالايمكن بلوغه والوصول اليه، الا مع مشارفه عالم الانصبابية الاليه وهيمنتها الافنائية، التي تسلط على ارض اللاارضوية الاولى منذ الحضور البريطاني العسكري عام 1914، ارض مابين النهرين، ومجالها الكياني الاوسع الشرق متوسطي بانماطه الثلاثة، نمط اللادولة الاحترابي الجزيري، ونمط مصر النيلي احادي الدولة، والشامي الذي لايتبلور كيانيا، اضافة لنمطية ارض الرافدين الازدواجية وتفاعلها، المتوقع ان ينتج من هنا فصاعدا، صيغته التعبيرية الاخيرة: اللاارضوية العليّة السببيه، خاتمة ونهاية العلوم واعلاها.
الغرب وماركس يقارنون حالهم الراهن بحال الشرق، والشرق المتوسطي واختراقيته الاولى، بما هم عليه او ماقد اصبحوا عليه اليوم مع الالة، علما بان الاختراقية الاولى هي حال التبلور ضمن اشتراطات الانصباب الاول، الذي لايجب ان ينظر له على انه نهائي، مادامت الاشتراطات التي اوجدته في حينه، ماتزال هي ذاتها، في حال تفاعل مع الانصبابية الحالية الالية، وهو ماقد لايستوجب عشرة قرون حتى نتوقع انبلاجه، بناء على الكينونة المجتمعية الاساس البدئية المختلفة نوعا انماطيا، مما سيلغي اية حيثيات متعلقة بموضوع الصراع الطبقي والانقلابيه الطبقية"الشيوعيه". التي خرجت اليوم من التداول، ولم يعد هنالك مايبرر استحضارها كمادة منطوية على احتمالية جدية، بينما تصدر جريدة الاومانتية، جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي بصورة لماركس وعلى وجهه دوائر من الخيار، لاجل تجديد شبابه، وهو ماحدث منذ اكثر من ربع قرن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر