الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب القرار الإسرائيلية

ماجد علاوي

2023 / 12 / 6
القضية الفلسطينية


كتب توماس فريدمان قبل بضعة أيام مقالة نصح فيها القادة الفاشيون في الكيان الغاصب - من موقع الحرص المطلق على مصالح الكيان ووجوده - مستشهدا بالقول المنسوب إلى كونفوشيوس (قبل أن تشرع في رحلة انتقام، احفر قبرين - أحدهما لعدوك والآخر لنفسك) قائلا: (الذي جعلني حذرا جدا من غزو إسرائيل لغزة بهدف القضاء التام على حماس لم يكن بالتأكيد بسبب أي تعاطف مع حماس... كان ذلك بدافع القلق العميق من أن إسرائيل تتصرف بدافع الغضب الأعمى، وتهدف إلى تحقيق هدف بعيد المنال - محو حماس من على وجه الأرض).
وقبلها ألقى وزير الدفاع الأمريكي كلمة في منتدى ريجان السنوي للدفاع الوطني ضم كبار العسكريين الأمريكان وصرح فها بالحرف (السكان المدنيون هم مركز الثقل. وإن دفعتهم إلى أحضان العدو، ستكون النتيجة هزيمة استراتيجية بدلا من نصر تكتيكي).
وعلى نفس الإيقاع تأتي هذه المقالة لمستشار سابق لوزير الدفاع في إدارة ترامب وفي موقع يكفي أسمه (The American Conservative) علما لتوجهاته المغرقة في يمينيتها، وعنوان المقالة لا يلف ولا يدور، وإنما يسمي الأمور بأسمائها "حرب قرار" أي "تعني حربًا استباقية أو حربًا عدوانية مع وجود سبب للحرب المصنعة أو بدون سبب". ويستشهد الكاتب بسابقة تاريخية حيث قامت ألمانيا بتسوية مدينة وارشو بالأرض بعد انتفاضتها لكن: (أن أرتال الرجال والنساء البولنديين الباقين على قيد الحياة كانوا يتدفقون إلى خارج وارشو وهم يرددون بتحد الأناشيد الوطنية). ويذكر بالحرب الأخرى حيث (صدّق الرئيس الأوكراني زيلينسكي الرئيس بايدن والأمين العام لحلف الناتو عندما وعدا بأن الدعم الأمريكي والحلفاء سيضمنون انتصار أوكرانيا على روسيا، ولكن مستقبل أوكرانيا يعتمد الآن على القرارات التي تتخذ في موسكو، وليس في واشنطن أو بروكسل. يجب على نتنياهو أن يحيط علما بذلك.)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


حرب القرار الإسرائيلية
يمكن أن تصبح حملة الانتقام الإسرائيلية بسهولة حالة دائمة للحياة في الشرق الأوسط.

دوغلاس ماكجريجور
The American Conservative
29 تشرين الثاني 2023
ترجمة ماجد علاوي

وفقا لعومير بارتوف، وهو مؤيد قوي لإسرائيل ومراقب ذكي للأحداث منذ 7 أكتوبر، "باختصار، يبدو أن إسرائيل ليس لديها خطة سياسية ولكن لديها خطة عسكرية محفوفة بالمخاطر للغاية، ولا يمكنها أن تلوم إلا نفسها - ليس نتنياهو فقط، ولكن أيضا القيادة العسكرية - لأنها وصلت إلى هذا الوضع".
والسؤال المطروح على الإسرائيليين، والأميركيين الذين يدعمونهم، هو ما إذا كانت الحرب الحالية في غزة هي حرب رد فعل بحتة دون هدف سياسي يمكن تحقيقه ويتجاوز المستوى المذهل من العنف الذي يدمر غزة ويطرد سكانها العرب. والأهم من ذلك، هل الدولة النهائية المرغوبة لإسرائيل هي "دولة إسرائيلية خالية من العرب من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط؟"
إذا كان الجواب "نعم"، فإن الشرق الأوسط يسير بالفعل على طريق حرب مقررة مسبقا، حرب ستحكم استمرار وجود إسرائيل والمدى المستقبلي للنفوذ الاستراتيجي الأمريكي في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وهذا يشير إلى أن الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط التي ستترتب على ذلك لن يكون لها علاقة تذكر بالأخلاق، وكل ما يجري تقرره القوة.
ولكي تصمد إسرائيل فن حرب قرار إقليمية، سيتعين عليها تحويل مجتمعها إلى قلعة مدججة بالسلاح، دولة مسلحة لديها القدرة على تحمل حصار طويل ومدمر. لقد عرف الإسرائيليون منذ نشأة إسرائيل أن قيام دولة يهودية في الشرق الأوسط لا يمكن أن يستمر إلا بقوة السلاح، ولكن التحول إلى قلعة أمر جديد. إنه يحول إسرائيل إلى سفينة حربية ذات مساحة مناورة محدودة للغاية.
إن أولويات السفينة الحربية، (أو حاملة الطائرات الحديثة)، في الحرب والسلام، هي من أجل أن تنجو ابق عائما، واستمر عائما. ولبقاء دولة اليهودية في منطقة معادية لها بشكل لا فكاك منه، يجب على إسرائيل أن تتخذ قرارها بين ما يمكن أن تحققه بالقوة العسكرية (بما في ذلك القوة العسكرية الأمريكية) مقابل ما قد تخسره من حيث دعم الرأي العام.
قد يؤدي تطرف الرأي العام الإسرائيلي إلى التحول نحو التوجه القتالي، لأن المشاعر الناتجة عن 7 أكتوبر طاغية اليوم. إن خطر السماح للعاطفة، والتطرف الذي ينبع من العاطفة، بتحديد سير الحرب يمكن أن يكون قاتلا. ويمكن أن تصبح حملة الانتقام الإسرائيلية بسهولة، حالة دائمة للحياة في الشرق الأوسط. وكما هو الحال دائما، من المفيد استعادة السوابق التاريخية.
خاض البولنديون من 1 آب إلى 1 تشين الأول 1944، معركة رائعة، ولكنها ميؤوس منها للسيطرة على وارشو ضد الدبابات والمدفعية وقاذفات اللهب والأسلحة الآلية الألمانية. قتل المقاتلون البولنديون ما يقدر بنحو 26000 من الجنود ألمان والقوات المتحالفة معهم - ومعظمهم من الأوكرانيين - لكن أكثر من 200000 رجل وامرأة وطفل بولندي فقدوا حياتهم في القتال. وقامت تشكيلات قوات الأس أس والشرطة والتشكيلات الهندسية القتالية في النهاية بتدمير المدينة وتسويتها بالأرض. ومع ذلك، أفاد الضباط الألمان عندما انتهت الحملة التي استمرت 60 يوما في 1 تشرين الأول 1944، أن أرتال الرجال والنساء البولنديين الباقين على قيد الحياة كانوا يتدفقون إلى خارج وارشو وهم يرددون بتحد الأناشيد الوطنية. إن الدرس المستفاد من الحرب العالمية الثانية واضح: إن القتل لخروج المرء من مشكلة ما نادرا ما ينجح.
إذا كان الجواب على خيار الحصن هو "لا"، فيجب على الإسرائيليين إنهاء الصراع من خلال الوسائل السياسية أو الدبلوماسية. في الوقت الحالي، يبدو هذا الخيار غير مرجح. فالأعداء الألداء لا يمكن أن يتعايشوا جنبا إلى جنب بشكل مريح داخل دولة موحدة. ومع ذلك، لا ينبغي للإسرائيليين أن يستبعدوا إمكانية التوصل إلى حل. فالإسرائيليون، في نهاية المطاف، هم أسياد مثل هذه المفاوضات، وقد استثمروها في مناسبات عديدة.
قد يرفض نتنياهو هذه الفكرة اعتقادا منه أن واشنطن ستدعم دون قيد أو شرط نهج الأرض المحروقة تجاه غزة واتجاه أي خصم محتمل آخر في المنطقة. إن القادة السياسيون في واشنطن يميلون إلى العمل دون أن يأخذوا كثيرا في حسبانهم الناخبين الذين نصبوهم، بيد إن واشنطن تستجيب للتقلبات الكبيرة في الرأي العام الأمريكي. لقد توتر الناخبون الأميركيون بالفعل بسبب سلسلة التدخلات الأميركية الفاشلة في الشرق الأوسط، وهناك معارضة متزايدة لسلوك إسرائيل في الحرب على غزة.
حتى كتابة هذه السطور، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بضمان استمرار وجود إسرائيل، وعدم تدمير السكان الإسرائيليين أو استعبادهم أو دفعهم إلى البحر. ومع ذلك، ليس من مصلحة الولايات المتحدة أبدا تعزيز أو دعم الأعمال التي ينظر إليها العالم على أنها أعمال إبادة جماعية أو تطهير عرقي أو تتعارض مع القانون الدولي. لم ينس الأمريكيون الفظائع التي ارتكبتها حماس، لكنهم يشعرون بالرعب أيضا من خلال التقارير في صحيفة نيويورك تايمز بأن عدد المدنيين أو غير المقاتلين الذين لقوا حتفهم خلال الشهرين الماضيين في غزة أكثر من عدد القتلى في أوكرانيا خلال 18 شهرا من حرب تقليدية عالية الكثافة.
إن تناسب الرد في تدمير المنازل وحياة الأطفال لا يعتبره معظم الأمريكيين دفاعا عن النفس. علاوة على ذلك، ليس سرا أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية من فلسطين هي قنافذ عسكرية كاملة محاطة بالأسلاك الشائكة والحاميات والأسلحة المخزنة. وهي مصممة لتطويق العرب الفلسطينيين على أرضهم، وفي نهاية المطاف، لإجبارهم على المغادرة.
لا يكاد يوجد أمريكي أو أوروبي على قيد الحياة اليوم لا يعرف أن اليهود كانوا ضحايا للإبادة الجماعية خلال الحرب العالمية الثانية، لكن هذه التجربة لا تمنح الحق في إنزال العقاب الجماعي بالناس الذين يعيشون في غزة. إن ارتفاع عدد القتلى من الضحايا المدنيين يجعل من الصعب على البيت الأبيض الاستمرار في دعم سياسة إسرائيل لطرد السكان العرب من غزة.
وبالنظر إلى أن بقاء إسرائيل القومي هو الالتزام الاستراتيجي لإسرائيل أو أولويتها القصوى، إلا أنه من الصعب أن نتخيل كيف ستنجح سياسة "أمة مسلحة". إن الاقتصاد الإسرائيلي هش بالفعل. وبدون ضخ أموال كبيرة من واشنطن، ستنهار الدولة الإسرائيلية. وسيكون من الخطأ الجسيم أيضا تجاهل جدية تعهد الرئيس التركي أردوغان بتقديم إسرائيل إلى العدالة بشأن "الجرائم المرتكبة في قطاع غزة"، إلى جانب إصراره على أن الجنود الأتراك سيقاتلون يوما ما في غزة.
لقد صدّق الرئيس الأوكراني زيلينسكي الرئيس بايدن والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ عندما وعدا مرارا وتكرارا بأن الدعم الأمريكي والحلفاء سيضمنون انتصار أوكرانيا على روسيا. ولكن مستقبل أوكرانيا يعتمد الآن على القرارات التي تتخذ في موسكو، وليس في واشنطن أو بروكسل. يجب على نتنياهو أن يحيط علما بذلك.

دوغلاس ماكجريجور، العقيد (متقاعد) هو زميل أقدم في The American Conservative، والمستشار السابق لوزير الدفاع في إدارة ترامب، وهو من قدامى المحاربين الحائزين على أوسمة، ومؤلف خمسة كتب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس