الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواقف المخزية لحكام ونخب الدول الغربية الفاعلة

فتحي علي رشيد

2023 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قيم الحضارة الغربية والإنسانية :
من المؤكد أنه كان للشرائع التي سنتها البشرية على مدى آلاف السنين بدءا بشريعة حمورابي مرورا بالشرائع الدينية والوضعية والقيم والقوانين التي سنتها نخب الدول الغربية مثل هوبزوروسو وفولتير ومونتسكيو وانتهاء بالقوانين والمبادئ التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة بمشاركة نخب الدول الأخرى ـ كان له دور حاسم في الحد من عمليات التعدي على حقوق الغيرولتحقيق العدالة والمساوة مما أتاح المجال للجماعات والمجتمعات البشرية للعمل بحرية في تراكم منجزات انتاج الحضارة ، وفي بقاء واستمرار النوع البشري وتنظيم حياة البشر وللحفاظ على السلم أطول فترة مما أتاح للبشرية التقدم والتطور حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم من تقدم .بما يعني أن الحفاظ على هذه الشرائع والقيم والقوانين والإلتزام بتنفيذها شرط أساسي لبقاء واستمرار النوع البشري .وهو ماجعل ويجعل منها قيما ومبادى عامة للبشرية كلها وملكا لها كلها وليس نتاجا خاصا بالغرب يتوجب علينا جميعا أن نتمسك بها ونحافظ عليها .حتى لو تبين لنا أن ثمة قوى معينة في تاريخ البشرية عملت على هدم تلك القيم والقوانين والمبادئ .
وهو ما يدفعنا للقول بأن كل من يخالف هذه القوانين والقيم والمبادئ يفترض أن يوضع خارج المجتمع البشري والحضارة البشرية كلها ويسقط . وإن لم نفعل ذلك وبحزم ,فإننا نعطي له الحق بارتكاب أبشع الجرائم والعودة بنا إلى الهمجية و قوانين الغاب . وهو مما يهدد المجتمع البشري كله بالفناء . لذا كان ويجب على البشر العقلاء والأسوياء الوقوف بحزم ضد هذه الدولة أوالجماعة أو تلك التي تنتهك هذه القيم .وهو للأسف لم يحصل حتى اليوم مع كثير من الجماعات البشرية ،واتضح بشكل خاص الحكام فيما قام به المستبدين والطغاة بتمويل من ـ ودعم المرابين اليهود وإسرائيل منذ ظهورها وحتى اليوم . وسنتخذ مما جرى تجاه المنطقة من قبل حكام الدول الغربية واليهود منذ عام 1800 حتى اليوم خاصة بعد العدوان الأخير على غزة موضعا للدراسة والبحث ، بما يمكننا من التوصل إلى استنتاجات قد تجعلنا نعزل ونحيد تلك القوى الغاشمة لنعيش بسلام ووئام .
حق الدفاع عن النفس :
من الواضح أن بعض الدول يمكن أن تتخذ من حق الدفاع عن النفس الذ ي اقرته الأمم المتحدة كوسيلة لمنع قيام أي طرف بالتعدي على الطرف الآخر لتبرير الاعتداءات التي ستقوم هي بها ضد غيرها من الشعوب والدول .
ولتجنب ذلك الاستخدام المناقض لذلك الحق وضعت الأمم المتحدة قيودا كثير على استخدامه .وأول تلك القيود أن تكون الدولة أساسا ومنذ البداية ملتزمة بميثاق وقرارات الأمم المتحدة .وهو ما لا يجيز لحكام إسرائيل استخدامه لأنها لم تلتزم حتى بالقرارين 181 و194 والذين تم على أساسهما تشريع إقامتها على أرض فلسطين .
وثانيها أن لا تكون محتلة لأراضي الغير وهو ما لا يتوفر لإسرائيل التي احتلت ما يقرب من 30% من مساحة المنطقة التي خصصت لها عام 1947ومن ثم احتلال كل من الضفة الغربية والجولان واراضي أخرى في جنوب لبنان عام 1967.
وثالثها أن تترك تلك الدولة المجال للمفاوضات والوساطات قبل أن تقوم بالرد على العدوان الواقع عليها .وهذا لم تقم به إسرائيل . حيث قامت فورا بالرد على ما قامت به حماس يوم سبعة تشرين دون استشارة أو توسط احد بما فيها الأمم المتحدة .
ورابعها : إذا كان لابد من الرد فيجب أن يكون رد الفعل متوازنا او موازيا للفعل دون استخدام القوة المفرطة .وخامسا : التقيد بقوانين الحرب ـ خاصة ـ فيما يتعلق بحماية المدنيين والمشافي والمدارس والصحفيين ..الخ .
بما يعني ان حكومة إسرائيل خالفت جميع تلك القيود .وبأنها على الرغم من عدم التزامها بحل الدولتين الذي وافقت عليه منذ حوالي ثلاثين عاما .ورغم مرور أكثر من خمسين يوما على القصف والتدمير وعلى الرغم من مناشدات دول ونخب شعوب حليفة لها وقف إطلاق النار والذهاب لطاولة المفاوضات ، إلا أنها رفضت ذلك وراحت تضع شروطا تعجيزية بهدف تحقيق أغراض سياسية جديدة لم تكن مطروحة من قبل .مثل نزع السلاح كليا من غزة ورفض عودة سلطة رام الله لغزة إلا إذا واقفت بشكل صريح وعملت معها على تجريد غزة من السلاح واعتقال كل من يحمله من فصائل المقاومة كما فعلت في الضفة الغربية .وهو ما ينفي عن تلك الحرب صفة رد الفعل بل تأكيد على وجود أهداف مبيتة .
بما يعني تدخلها العلني والرسمي بالشأن الداخلي الفلسطيني ، وهو ما يخالف القانون الدولي وقرارات الأمم المتعلقة بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ـوالدفاع عن أنفسهم ، ,تحرير أراضيهم المحتلة بكل الوسائل المتاحة :بما فيها السلاح .
وإذا تجاوزنا كل تلك المخالفات ودققنا في أعداد القتلى والجرحى لدى الطرفين فإن " قتل أناس أبرياء أكثر من المسلحين هو إرهاب " ولا يعود دفاعا عن النفس ,وكما يرى "هربرت ماركوز " .يصبح "إبادة جماعية للمدنيين " . وهو ما تجلى بقتل هذا العدد الكبير من المدنيين وخاصة الأطفال والنساء .وهو ما يشير أن ما تقوم به إسرائيل لم تعد حربا ضد مقاتلين بل حرب إبادة للمدنيين . وقتل هذا العدد الكبير منهم لا يمكن اعتباره نصراً لذلك الجيش .بل تأكيد على عجزه وجبنه ونذالته .
أما إذا دققنا في طبيعة الجرائم المرتكبة وعلى مرآى ومسمع العالم كله . فسنجد أنها تجاوزت ما قامت به كل من النازية والفاشية ضد اليهود في المحرقة من بشاعات . مما يتطلب ادانة أوسع لا تأييد وثناء كما فعلت اعلب حكومات الدول الغربية .وهو بحد ذاته فقط ـ امر مخزي ومعيب .
أما إذا وضعنا بعين الاعتبار أن إسرائيل هي دولة محتلة قامت ولاتزال تقوم بحصارغزة وتجويع شعبها ومنع الماء والدواء والطعام والكهرباء منذ عشرون عاما .فاننا نكون أمام إجرام مطلق يقوم به كيان خارج عن القانون الدولي وعن الإنسانية . يتوجب على جميع دول وشعوب العالم المتحضر أن تقف ضد ما قامت وما تزال تقوم به . وأن تطالبها فورا بوقف تلك الأعمال المنافية كليا للاخلاق . وإن لم تستجيب فيفترض بحكومات تلك الدول أن تتخذ بحقها اشد العقوبات حتى توقف العدوان وتتراجع عن جميع الإجراءات التي اتخذتها وكانت سببا في دفع حماس او غيرها القيام بما قامت به .وطالما أنها لم تفعل ذلك بل عارضت أي قرار دولي لإدانة إسرائيل وقدمت لها كل الدعم المادي والمعنوي .للقيام بجرائم يندى لها جبين الإنسانية . عندها تصبح شريكة في تلك الجريمة .
ـ وبالتالي فان جميع الدول التي كان ومازال لديها القدرة او الفعالية التي تمكنها من وقف القتل ،ولم تستخدمها فإن السقوط الأخلاقي يطالهم بذات القدر ـ أيضا
ونحن إذ نتناول بالنقد والتحليل مواقف الدول الغربية وخاصة حكومات الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا اوروبا فليس لموقفنا السابق منها لما قامت به ضدنا . بل لأننا نعرف اليوم أنها وحدها القادرة على وقف تلك الجرائم التي تتناقض مع المبادئ التي وضعتها نخبها ومنظريها .ولأنها الأقدر على لجمها ومنع استمراها و الأقدر على دفع إسرائيل للذهاب إلى طاولة المفاوضات .
لكنها بدلا من ذلك راحت تقدم لها الدعم المعنوي والغطاء السياسي والدعم المادي والسلاح والمشين فعلا أنها بدلا من أن تدين أعمال إسرائيل . راحت تصف كل من يدينها بأنه معادي للسامية . بما شكل غطاء لإسرائيل للاستمرار بتلك المجازر والتمادي بارتكابها .
وبما أن تلك الأطراف الفاعلة تعرف أن جميع الحروب مهما طال أمدها لابد من أن تنتهي بالمفاوضات للتوصل لحل ما . فهذا يعني أن حكوماتها عندما لاتدعوا للمفاوضات فوراً، أو عندما تتأخر في الدعوة لها . تكون بعلم او بدونه مع الحرب والاستمرار بالعدوان وتشجيع لارتكاب مزيد من المجازر .
وهو ما يفهم منه أنها إذ وقفت وتقف مع إسرائيل ولم ترغمها على وقف القتال والذهاب للمفاوضات فإنها تكون شريكة لها في كل تلك المجازر . ويجب او يفترض بمحكمة العدل الدولية محاكمتها على تلك الجرائم كشريكة لإسرائيل . ولعدم اتخاذها المواقف القادرة على اتخاذها لوقف القتل أو للتقليل منه .
استنتاجات أولية :
1: مع أن حكام ونخب كل من أمريكا ودول أوروبا الكبيرة تعرف أنها بذلك الوقوف المشين إلى جانب إسرائيل ودعمها المطلق لما قامت وتقوم به سوف يلحق بها لاحقا ـ خسائر كبيرة معنوية ومادية على المستويين الداخلي والدولي خاصة لدى شعوب العالم الثالث والحكومات والشعوب الصديقة أو المتحالفة معها . وقد يكون سببا في قتل كثير من الأمريكيين والأوروبيين الأبرياء في دولها وكثير من دول العالم . كما حصل سابقا لأسباب واهية . وسوف يفقدهم كثير من الدعم من قبل شعوبهم ذاتها وغيرها من الشعوب بما قد يفقدهم مواقعهم الساسية ويضرب مصالحهم الاقتصادية في العالم .إلا إذا كانت حكومات تلك الدول تتقصد الاستمرار بتلك المواقف المشينة وسواء أكان ذلك ناتج عن عمل ممنهج أو نابع من حقد أعمى على المقاومة وكل من يرفع رأسه أم ناتج من عدم قدرتهم مخالفة المصرفيين اليهود أم عن عدم دراية وقلة معرفة ؟
وهذا ما يبرر لنا طرح السؤال القديم مجددا .
هل تتحرك حكومات الدول الغربية وفقا لما يريده المرابين والصيارفة وأصحاب رؤوس الأموال اليهود الصهاينة في بلدانهم ولما يخطط له العسكريين الصهاينة بالتحالف مع الحاخامات اليهود في إسرائيل ؟ أم وفقا لما تمليه عليهم مصلحة بلدانهم وشعوبهم ؟
وهو ما يجعل من تقديم إجابة صحيحة او أكثر صحة ودقة . مسألة سيتقرر على ضوئها اتخاذ شعوب ونخب العالم الشريف والحر مواقف جديدة ترسم مستقبلا جديداً للبشرية ,رؤية ستضع حكام الدول الغربية والعربية مع حكام إسرائيل في واد وشعوب ونخب العالم الحر والنظيف في واد آخر.وهو ما تجلى في المظاهرات التي عمت أغلب مدن وشعوب العالم .التي هتفت لا لإسرائيل .بما يجعل اتهامها بمعاداة السامية مسخرة .
2: إن وقوف أغلب حكومات ونخب الدول الغربية إلى جانب الحكومة اليمينية الدينية المتطرفة والتي تحكم إسرائيل تحديدا منذ عام 1996 (بعد مقتل رابين وتسلم نتنياهو الحكم ) مع أنها تزعم أنها ترفض تدخل رجال الدين في السياسة أو قيام حكم على أساس الدين في بلادها أو في أي بلد في العالم وخاصة في الوطن العربي أمر مشين ومخزي .
مازال مستمرا بعد أن تحولت حكومة نتنياهو إسرائيل إلى دولة دينية يتخذ فيها رجال الدين اليهود التوراتيين والأكثر تشدداً ويمينية وتطرفا .للقيام بسن قوانين جديدة تخالف جميع القوانين السارية في العالم .
والملفت هو أن هؤلاء الحكام على الرغم من إعلانهم الوقوف ضد تدخل رجال الدين المسيحيين أوالمسلمين في رسم السياسة العامة الخارجية في بلدانهم وفي البلدان العربية والإسلامية .إلا أنهم سكتوا وما زالوا يسكتون ويغضون الطرف عن تحكم رجال الدين اليهود في رسم جميع سياسات حكومات إسرائيل الداخلية والخارجية منذ ربع قرن .
3: كان يفترض بنخب وحكومات تلك البلدان حسب قوانينها المعمول بها (استنادا لايديولوجتيها العلمانية الليبرالية الديمقراطية ) أن تقف مع المتظاهرين اليهود المطالبين بالديمقراطية والذين هبوا من حوالي عشرة أشهر لإسقاط حكومة اليمين الديني المعادي للديمقراطية والليبرالية في إسرائيل . لكنها لم تفعل ذلك بل العكس وقفت مع حكومة نتنياهو الاستبدادية وساندتها ..وهو ما يتناقض جذريا مع قيم تلك الدول ومبادئها النظرية ومواقفها المعلنة حول الديمقراطية وحقوق الانسان ولو بعيدا عن العدالة والمساواة بين الشعوب .
4: وما يجب او يفترض بنخب الدول الغربية ان تنبه حكوماتها له : هو أن السكوت على هيمنة رجال الدين اليهود المتحالفين مع المستبدين الفاسدين والمعادين للديمقراطية على الحكم في إسرائيل كان لابد أن يقود ـ و هو الذي دفع ويدفع حكومتهم اليمينية حاليا ـ على التطرف في مواقفها الداخلية والخارجية وإلى استخدام العنف ضد الخارج .لإبعاد الأنظار عن الاستبداد الداخلي والمشاكل الداخلية ـ خاصة الفساد الذي طال نتنياهو.
مما يعني أن حكومات الدول الغربية تتحمل أيضا مسؤولية كبيرة في تمكين هؤلاء المستبدين من الحكم (في إسرائيل.. ) بما يمكنهم من خدمة مصالحهم والقيام بالعدوان على غيرهم .وهو ما يدفعنا للشك والتشكيك في كل مزاعم حكام ونخب الغرب بوقوفهم ودفاعهم عن الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والسلام ومحاربة الظلم والاستبداد .ويدعونا بالتالي إلى إعادة النظر في كل مواقفهم العملية المتناقضة مع اطروحاتهم النظرية وشعاراتهم ومع ما يقولونه في إعلامهم .وخصوصا تجاه ما ارتكبته وترتكبه إسرائيل من جرائم .وهو ما يبرر لنا ولشعوب العالم إعادة النظر في كثير من المفاهيم التي حاولوا الكذب بها على الجميع . وإلى طرح عدة تساؤلات .مثل هل كان حكام ونخب تلك الدول يستخدمون تلك المفاهيم والشعارات للضحك علينا وعلى شعوبهم ؟ بما يجعل الجميع يقتنعون بأن ما ينطبق على الجميع بما فيها شعوبهم لا ينطبق على اليهود وإسرائيل ؟.
هل قبل الغربيين على أنفسهم أن يكونوا منذ أن تحولوا للرأسمالية والاستعمار والإمبريالية أدوات للمرابين والمصرفيين والحاخامات اليهود ؟ هل وافقوا على اعتبار أنفسهم أغيارا "غوييم " يحق لليهود استخدامهم لتنفيذ أغراضهم الدنيوية .كما قبل حكام العرب على انفسهم أن يكونوا عبيداً لدى أبناء عمومتهم اليهود ؟
مع أن التوصل لجواب صحيح ودقيق على هذه المسألة أمر ملح وضروري وهام جدا ،وبالتالي سنرسم استنادا لتلك الرؤية النظرية سياساتنا العملية مستقبلا بشكل مختلف .سواء تجاه الغرب والصهيونية واليهودية والأديان بصورة عامة ، واتجاه حكوماتنا ونخبنا وأحزابنا .وبما أن هذا موضوع كبير وشائك ومعقد ويحتاج إلى بحث طويل وخاص .لذلك سنتركه لوقت آخر ونكتفي بضرورة التنبيه إليه وإعادة البحث والنظروالتفكير في كثير من المفاهيم التي تربينا عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال