الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوق الغزل يقتل الحياة البرية في العراق

محمد رضا عباس

2023 / 12 / 7
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


في العراق لا توجد قوانين تحمي الحيوانات البرية , واذا كانت هناك قوانين فأنها لم تفعل , بل ميته لا يعرف أحدا عنها , وبذلك أصبحت رغبة كل صياد استعمال كل أنواع الصيد المحرمة من اجل صيد اكبر عدد من الحيوانات . ان استمرار الصيد الجائر بكل انواعه سيؤدي الى القضاء على عدد كبيرة منها ويقضي على جمالية أماكن تواجدها ويحرم البلاد من ثروة وطنية تستفاد منها الأجيال القادمة , وهي السياحة الترفيهية او العلمية , حيث من المعلوم ان اهوار العراق مكتظة بالحياة البرية لأنواع من الحيوانات وخاصة الطيور المهاجرة القادمة من مناطق اسيا الباردة لتقضي موسم الشتاء في اهواره .
لا ادعو الى منع الصيد , لان شغلة الصيد موجوده منذ ان خلق الله الأرض وخلق الانسان , ولكن ادعوا الى تنظيمها مع المراقبة الشديدة من قبل دوائر الدولة , والتي تشمل نوع الحيوان المسموح صيده عالميا , حيث ان بعض الطيور بدء اعدادها بالتناقص بسبب التغير المناخي و التمدد العمراني و استعمال المواد الكيماوية في الزراعة , حصة كل صياد من الصيد , وتعين بداية ونهاية موسم الصيد . هذا يعني ان المحافظات التي تستقبل الطيور المهاجرة عليها تنظيم حجم الصيد وذلك عن طريق بيع اجازات الصيد ينتهي عمرها بنهاية موسمها , عمر الصياد , تاريخ حياة الصياد بحيث انه غير متهم سابقا بالاعتداء على الاخرين , ونوع السلاح المستخدم في الصيد.
سبق وان كتبت مقال حول حال طير النحام " الفلامنكو " في العراق بعد ان تعافت اهواره من الجفاف المصطنع خلال نظام حزب البعث في العراق , باسم حماية الحدود الشرقية والامن القومي . لقد فرح طير النحام بعودة الحياة الى الاهوار العراقية, ولكن لم يكن بخلد هذا الطير الجميل ان يكون مصيره ان يباع على قارعة الطرق وسوق الغزل ليكون وجبة " ثريد محترمة" و بأبخس الأسعار , وبهذه الطريقة ضاع الخيط والعصفور على العراقيين , حيث عرف هذا الطير انه غير مرحب من اهل العراق وانهم يحدون سكاكينهم في استقباله , فغير وجهته الى بلاد تحترمه وتحب حمرة اجنحته وحركاته المميزة , وبذلك ضيعت مدن اهوار العراق مصدر رزق محتمل وكبير , حيث ان دخول 100 الف زائر للتمتع بمناظر الطيور يعد دخل الى قطاعات اقتصادية كثيرة ومنها المطاعم والفنادق وسيارات الأجرة و ومحلات بيع الهدايا التذكارية .
بينما اصبحت الأسلحة بكل أنواعها سلعة رائجة في العراق وتقتل الأبرياء بسبب شجار أطفال في حارة او بسبب دخول بقرة في حقل غير حقل صاحبها , فان ابتلاء الحيوانات البرية بهذه الأسلحة اكبر . الصيد له ادواته الشرعية والقانونية وان استخدام الكلاشنكوف لاصطياد ذئب او ضبع او غزال ليس من الأسلحة المشروعة ويجب معاقبة كل شخص يستخدم هذا السلاح للاصطياد . هذا السلاح خطر على الاخرين وغير مخصص للصيد وانما للحروب , ومع هذا يخرج صياد عراقي على اليوتيوب وهو يحمل بندقية الكلاشنكوف من اجل اصطياد ضبع !
من هذا العاقل من البشر ان يربي ضبع في بيته او في حقله ؟ وكيف ينام شخص وهو يسمع صوت ضبع ؟ وما جمالية هذا الحيوان وهو في قفص ؟ انه حيوان غير الليف وغير قابل للتعايش مع البشر . ومع هذا الحال فقد شاهدت في زيارتي الأخيرة الى العراق وفي سوق الغزل حيوانات للبيع من المفروض على الحكومة العراقية او المختصين بالبيئة منع بيعها . لقد لاحظت طيور اللقلق معروضة للبيع وكذلك الباجر . البوم , و الصقر العراقي.
سوق الغزل فسر لي لماذا غاب اللقلق عن مآذن وابنية بغداد القديمة , وفسر لي كيف غابت البوم ونحن في وسط الليل نسمع صوتها , لنردد بعد سماعها " سكينة وملح" , وفسر لي لماذا تراجع عدد الطيور الزائرة للعراق من سيبيريا ومناطق أخرى من العالم. وانا في السن العاشرة من عمري كنا ننتظر سرب الطيور مساءا وهي تغطي السماء , ولكن لم الاحظها في سفرتي الأخيرة الى بغداد . بكل تأكيد , الحيوان البري في لا يعيش ايام جميلة في العراق بعد ان كثرت السكاكين من حوله.
والغريب انني شاهدت النسر العراقي يباع في سوق الغزل, والتي تعده الحكومة العراقية رمز لها . فتجد قادة الجيش وشرطة يحملون اشارته , منصة حديث رئيس الوزراء تحمل مجسم للنسر , وتجد مجسمه في مجلس البرلمان العراقي. وبالحقيقة اصبح النسر في العراق جائع , مرهق , ومكبل وهو يباع في سوق الغزل ولا ناصر له حتى من قبل مسؤول حكومي يحترم شعار بلاده !!
احب الحيوانات البرية بكل أنواعها واشكالها وعلى العالم حمايتها من الانقراض لأنها الجزء المكمل للإنسان في هذه الأرض . انها تضيف حركة وجمالية و تنوع لكرتنا الارضية , ولهذا السبب بالغ الفلاسفة والمثقفين في احترام حقوق الحيوان . يقول سيزار تشافيز "اللطف والرحمة تجاه جميع الكائنات الحية هي علامة على مجتمع متحضر، وعلى العكس من ذلك، فإن القسوة، سواء كانت موجهة ضد البشر أم ضد الحيوانات، ليست حكرًا على ثقافة أو مجتمع من الناس". ويقول آرثر شوبنهاور "الافتراض بأنّ الحيوانات بلا حقوق والوهم بأن معاملتنا لها ليس لها أهمية أخلاقية هو مثال مشين بشكل إيجابيّ على الفظاظة والوحشية الغربية." ويقول إيمانويل كانت "من قاسى على البهائم يشق أيضًا في تعامله مع الناس". وتقول ماريان مور "إذا لم نستطع أن نكون ودودين تجاه صوف هذه المخلوقات، أعتقد أننا نستحق أن نتجمد" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل