الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرخت ملك: -امي، امي-، فشعرتُ بالسعادة. هل هذا جُرم؟

جدعون ليفي

2023 / 12 / 8
القضية الفلسطينية



كانت عطلة نهاية الأسبوع هذه تهز المشاعر، لا يمكن لأحد أن يبقى غير مبال إزاء صور العائدين، النساء المسنات والأطفال، مثل آلاف المسلسلات التلفزيونية ذات النهاية السعيدة. ان ترى أميليا البالغة من العمر 6 سنوات فتبكي، وأوهاد البالغ من العمر 9 سنوات فترتعش؛ ترى حانة كتسير، التي أعلنت حركة الجهاد الإسلامي وفاتها، ويافة ادر، التي صمدت في الأسر في عمر 85 عامًا، فتشعر بغصة في الحلق. حقيقة أن الجميع في حالة جيدة هي أيضًا مفرِحة للغاية. هكذا تبدو السعادة الوطنية الممزوجة بالحزن والقلق والضائقة الذي تعمّ إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر). نريد أن يعودوا جميعًا الآن.

إسرائيل في فرحها المختلط، والفلسطينيون أيضاً في فرحهم المختلط. فهل يجوز أن نفرح لفرحهم؟ أصلًا، من يُسمح له أن يكون سعيدًا في هذه البلاد؟ شرطة المشاعر وضعت حدودا: لا يسمح للفلسطينيين أن يفرحوا. لقد قام ممثلو الشرطة الإسرائيلية بزيارة منازل المحررين في القدس الشرقية وحذروا سكانها من أي مظاهر فرح. يحق لنا أن نفرح بعودة أبنائنا، ولا يجوز لهم أن يفرحوا بعودة أبنائهم. لكن الحظر لا ينتهي هنا. ممنوع أيضًا أن نشاهد فرحتهم.

غداة عودة المخطوفين، طلع الصباح على غزة. كان هذا هو اول صباح، بعد 50 صباحات متتالية، لم تكن فيه سماء غزة مغطاة بسحب الدخان والغبار الناجمة عن القصف. في هذا الصباح لم يهرب الناس الى اي مكان، ولم يشعروا عاجزين أمام القنابل والصواريخ التي لا أحد يعرف متى ستسقط على رؤوسهم، وواصلَ الأطفال التبول في أسرّتهم (هذا إذا بقيت لديهم أسرّة) من شدة الخوف. فهل يجوز لنا في اسرائيل أن نفرح بذلك أيضاً؟

وعلى مسافة ساعة بالسيارة من المستشفيات التي عمت فيها الفرحة الوطنية بلمّ شمل الأسرة، حدثت مشاهد مماثلة في القدس الشرقية والضفة الغربية. الأب، الذي لم ير ابنته منذ ثماني سنوات التقى بها في عناق دامع، وركضت أم بشكل هستيري إلى ابنتها التي كانت مسجونة منذ سبع سنوات. رأيت والدة ملَك سلمان من بيت صفافا تعانق ابنتها وتبكي. صاحت ملَك: "أمي، أمي"، وشعرت بالسعادة. هل هذا جُرم؟ خلل عقلي؟ خلل أخلاقي؟

39 امرأة وفتى فلسطينيين شقوا طريقهم من السجن إلى عائلاتهم والى الحرية. أدينَ بعضهم بالطعن بالسكين أو حيازة سكين أو محاولة قتل، والبعض الآخر برشق الحجارة أو مخالفات أبسط منها. ولا أحد منهم بريء من الجريمة، جريمة المقاومة العنيفة للاحتلال، ومسموح للدولة بمحاكمتهم ومعاقبتهم. لكن هم بشر أيضًا. من المؤكد أن الأطفال هم أطفال، حتى عندما يتعلق الأمر براشقي الحجارة الصغار، الذين يُحكم عليهم في إسرائيل بعقوبات غير متناسبة وبظروف أشد قسوة من أقرانهم اليهود. كنت سعيدًا برؤيتهم يتحرَرون أيضًا. وأعلم أنه ممنوع مني ذلك.

في إحدى اللحظات غير العادية من التغطية التلفزيونية أحادية الجانب الى درجة الايلام في إسرائيل، بثت القناة 13 أمس لمحة من الفرح الفلسطيني بعودة فتاة. الموغ بوكر، المراسل الميداني الذي يتحول من حرب إلى اخرى إلى قومجي أكثر، والذي لم يعد قادرًا على نطق كلمة حماس دون إرفاق كلمة "النازيين"، صرخ من مكانه بغضب مقدس: "لا يجوز بث ذلك". حاول رفيف دروكر إقناعه بأهمية إظهار الفلسطينيين سعداء، من أجل الكشف عن وجوههم بعد أن فشل في محاولته الإقناع بضرورة بث كل شيء لأنه ببساطة هكذا تعمل الصحافة.

يعتقد بوكر أنه في الحرب يجب فقط إظهار ما يخدم أهداف إسرائيل. وبالفعل، في الإعلام الإسرائيلي، ليس فقط ممنوع إظهار معاناة غزة، بل ممنوع أيضًا إظهار فرحة الأهالي بعودة ابنتهم من السجن، خشية أن يُغرّر بنا ونظن أنهم هم أيضًا بشر، ومع مشاعر أيضًا..

هذه هي الآن أيام من أرجوحة المشاعر. "قطار الجبال" يصعد وينزل، لكن يمكن ان نترك فيه مكانًا صغيرًا لفرحة الفقراء الفلسطينيين. الحرب، كما تقول الحكومة، هي فقط ضد حماس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د