الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلاوس في عنبر العقلاء (قسم النساء)

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2023 / 12 / 8
الادب والفن


(الفرصة)
أنهت عملها كالمعتاد ومرت بروضة الأطفال لاصطحاب ابنها إلى البيت ، وفي طريق العودة لم يتوقف الصغير عن الحديث وسرد تفاصيل يومه المليء باللعب والغناء والتعلم ، لم تكن تستمع ولكنها سألته : يعني إنت إنبسطت النهاردة؟
إطمأنت من جوابه المؤكد لسعادته فتابعت شرودها حتى وصلا البيت .
عليها الاسراع في إعداد الطعام و مساعدة الصغير في حل فروضه ، والمرور على والدها في بيته لتتأكد من تناوله لأدويته ثم العودة لكتابة بعض تقارير العمل المتأخرة بالفعل عن تسليمها .

كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساءاً حين قبلت صغيرها النائم وتوجهت إلى غرفة المكتب إستعداداً لإنهاء عملها ، أعدت كوباً من الشاي وأشعلت سيجارة إحتفالاً بإنتهاء يومها الطويل .

إتصال متكرر ولحوح دفعها للرد ، إنه ابن خالتها
محسن ، يتصل بها كل فترة للاطمئنان عليها وعلى الصغير ، لم يكن يتصل بها وبزوجها أبداً ولكن هذه الاتصالات تزايدت بعد حصولها على لقب الأرملة الشابة .

سألها بعد التحيات والسؤال عن الصغير , إن كانت تفكر في الزواج ثانيةً ، ثم تابع بخبث عن حاجة المرأة لوجود رجل في حياتها ، وهل هذه الحاجة ملحة كما عند الرجال ؟
أجابته بتحفظ أن غريزة الأمومة هي الغريزة المسيطرة على النساء بشكل أكبر ولذلك لا يفكرن في أي من هذه الأمور لو رزقن بأطفال .
انهت المكالمة بعجل ، وأطرقت تفكر فيم قال قريبها ، والذي سمح لنفسه أن يعرض عليها شيئاً كهذا وهو متزوج لمجرد أنها أرملة .
اعترفت لنفسها أنها تحتاج بالفعل إلى رجل في حياتها ، كتفاً تستند عليه وحضناً يحتويها بحماقتها وآلامها ، تشتاق إحساساً بالأمان ووهي تبيت ليلاً في بيت يحميه رجل .
ودت أن تخبر قريبها انها ربما لا تحتاج إلى الجنس بقدر ما تحتاج إلى رجل ، يحبها هي وابنها ، وألا يعتبر زواجه من أرملة تفضل منه .
وحتى لو عثرت عليه ، فكيف تقنع أهله و أهلها وعائلة زوجها السابق أنه من حقها أن تتزوج من جديد ، دون أن تفقد إبنها ، ومن دون الحكم عليها بأنها إمرأة فاجرة تسعى وراء الزواج بشهوانية .


( صورة )

منذ ست ساعات وهي تجوب الشوارع تحمل على كتفها كاميرا ثقيلة ، وتفتش عن لقطة مميزة تستحق الاقتناص ، لتكون الصورة الأروع التي ستعرض في حفل "اليوم العالمي للمرأة" ، قد تكون اي صورة مناسبة ، ولكن في يوم كهذا وفي حفل تحضره السيدة الأولى للبلاد ، كان عليها أن تلتقط صورة إستثنائية ، وفكرة أن تصور أم تحمل صغيرها أو سيدة تقود سيارة أجرة ، سيارة نقل كبيرة أو حتى جرار زراعي باتت فكرة مستهلكة ، لن تنال إعجاب أحد وبالأخص السيدة الأولى .
قررت أن توقف البحث قليلاً وأن تريح قدميها وظهرها ، وتتناول وجبة خفيفة تعينها على إستكمال مهمتها ، توجهت إلى مطعم صغير داخل موقف للحافلات ، وعلى الطاولة المتواضعة وضع النادل صحناً به شطائر من الفول والفلافل وكوباً من الشاي ، وبينما انهمكت في إفتراس طعامها ، تعالت الأصوات بوتيره توحي بأن خطب ما يحدث ، رأت رجل يسحب إمرأة مخرجاً إياها من سيارة أجرة وانهال عليها ضرباً بيديه وقدميه ، كان يصرخ : إلى أين تظنين نفسك ذاهبة ؟
وهي بضعف شديد يجيب بصوت عجزت عن سماعه ، ولكنها فهمت أن السيدة تصر على الرحيل ، كان الرجل يسحبها بقوة وكانت تقاوم بإصرار وكلما زادت مقاوة المرأة كانت ضربات الرجل تزداد قوة حتى أنه ارقدها أرضاً وراح يركلها بغل غريب .
فزعت المصورة مما ترى ، حاولت أن تتدخل ولكن إحدى البائعات في الموقف نهرتها : لا تتدخلي ، إنها زوجته ولن يمنعه أحد .
إندفعت بين الرجل وزوجته ، إحتضنت السيدة ، وتلقت ضربتين بضهرها ، توقف الرجل وتدخل البعض ولكنها أصرت أن تحمي المسكينة وأن تحقق لها رغبتها الوحيدة في أن تستقل السيارة وترحل لأهلها .
وبعد شجار طويل ، اخرجت الكاميرا وإلتقطت الصورة لسيدة متورمه العين وشعر متطاير وبشفاه نازفة تبتسم ملوحة من شباك السيارة .


(المتعة الحرام )

كانت تتابع بقلق يد الطبيبه الممسكة بجهاز السونار الذي تحركه يميناً ويساراً حول بطنها المنتفخ ، منذ ساعتين وهي لا تشعر بحركة جنينها ، أسرعت إلى المشفى لتطمئن ، وجه الطبيبة لا ينذر بالخير .
الطبيبة : أنا لا اسمع نبض الجنين ، وهو لا يتحرك بالفعل ، أنت إمرأة مؤمنة .
إنهالت دموعها وقبل أن تسأل ، أمرت الطبيبة بإعداد غرفة العمليات ، وإبلاغ الجراح بالحالة ، يجب أن نخرج هذا الجنين .

كانوا يعدونها في غرفة العمليات ، لم تكن تشعر بشيء سوى بمراره فقد صغير إنتظرته لسبعه أشهر ، كانت تتوق شوقاً لضمه و مداعتبه وشم رائحته البريئة كالجنة ، لم يارب ؟ لم يتبقى سوى شهرين
لم تأخده بهذه السرعه من قبل حتى أن تراه ؟
دخل الطبيب ، رجل في العقد الخامس بلحية بيضاء طويلة ، نظر ما بين ساقيها ثم فزع مردداً : أستغفر الله العظيم ، تخدير كلي يا جماعة .

أفاقت في غرفتها بالمستشفى ، لقد تولى زوجها كل الاجراءات ، ألم رهيب يعتصرها من القلب ومن موضع الولادة ، أمضت يوم آخر في المشفى ببكاء صامت برغم كم المهدئات والمسكنات التي تناولتها .

وفي صباح اليوم التالي قابلتهم الطبيبة ، فحصت جرحها ووصفت لها بعض الأدوية الجديدة ، وقالت :
ستتناولين هذه الأدويه لمدة إسبوع ، ومن اليوم ستتناولين مانع الحمل لمده شهرين على الاقل حتى يستعيد الرحم عافيته ولا علاقة زوجية قبل إنقطاع دم النفاس ، هذا الغسول مهم لجرح الطهارة !!!!!!

صرخت بذهول : طهارة ؟ هل أجريتم لي عملية ختان ، ومن دون موافقتي ؟
الطبيبة ببرود : الدكتور محمود رأى أنك تحتاجينها وبعدين يا ستي دي سنة ، إنت هتكفري ولا ايه ؟
إرضي ربنا علشان حملك الجاي يكمل على خير !!!!!

أطاح زوجها بالطبيبة كالثور الهائج وإنطلق يبحث عن هذا الطبيب المجرم ، وانهال عليه ضرباً حتى تدخل الأمن ، وفي قسم الشرطة أنكر الطبيب فعلته ولم يكن مع الزوجين ما يثبت روايتهما .
وبعد إلحاح حرر الضابط للزوجين محضراً بروايتهما مراعاة لفاجعتهما بفقد الجنين ، مع إقرار من الزوج بعدم التعرض للطبيب مرة أخرى .

وبعد سنة
تتسلل الزوجة من السرير مغادرة غرفة نومها ، تأكدت من نوم زوجها وأحكمت غلق الباب ثم إنفجرت بالبكاء ، لم تعد تشعر مع زوجها بأي شيء ، لم يمت جنينها فقط ذلك اليوم ، لقد قتلوها معه ، لم تعد تشعر بأي متعة مع زوجها ولا تستطيع إمتاعه كما في السابق .
لقد جمدوا حرارة لقاءهما ، لقد فشلت حتى في أخذ ثأرها من ذلك الطبيب المجرم ، لم تجد محامياً واحداً على إستعداد لتبني قضيتها ، لم يكونوا مقتنعين بحقهما على الإعتراض من الأساس .
لا تزال تذكر ما قالته لها آخر محامية لجأت لها : "كيف اترافع عن الباطل ضد الحق ، كيف أقر حقك في متعة حرام ؟ بل من يجرؤ على مقاضاة رسول الله ؟!!!!

( تمت )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟