الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد الحداوي، باحث مغربي في مجال التاريخ، يتحدث عن اليهود والثقافة اليهودية

مصطفى عنترة

2006 / 11 / 21
مقابلات و حوارات


ـ ارتفعت مؤخرا بعض الأصوات المطالبة بإدماج الثقافة اليهودية في المقررات الدراسية، ما هي قراءتكم لهذا المطلب؟
هذا هو رأيي و هذه ةهي قناعتي. فاليهودية كديانة هي أصل التوحيد كفضاء روحي يجمع اليهودية و المسيحية والاسلام. و المؤرخون المسلمون الأوائل المؤسسون للتأليف التاريخي العربي الاسلامي، و أعني الطبري و اليعقوبي و ابن الأثير و ابن كثير و ابن حجر العسقلاني و من سار على نهجهم كابن خلدون اهتموا بتكوين شعب اسرائيل و تطور الديسانة اليهودية و أنبيائها و تركاتهم، و فصلوا في ذلك حسب مناهجهم و مستنداتهم و تصوراتهم. و قد استند هذا الاهتمام الاسلامي المبكر و المفصل باليهود و اليهودية على قوة الاستشهاد القرأني بتاريخ بني اسرائيل و أنبيائهم، الذين هم حسب صريح القرأن أنبياء الله ينبغي أن يؤمن بهم المسلمون، و استند هذا الاهتمام أيضا على وحدة القصص التوراتي و القصص القرأني و شيوع الكثير من الطقوس التوراتية بين المسلمين كعيد الأضحى.
و من جانبهم ساهم اليهود في اغناء الحضارة العربية الاسلامية باجتهداتهم في قراءة التوراة و علم الكلام اليهودي، و ليس ابن ميمون وحده هو المثال الأبرز في هذا المجال فالرابي عمران الفاسي يعتبر مدرسة رائدة في اللاهوت اليهودي و يعتبر سلطة مرجعية لدى رجال الدين اليهود و لدى دارسي التوراة و علم الكلام اليهودي.
أضف الى هذا أن اليهود ظلوا مكونا اجتماعيا و اقتصاديا لكيان اسمه المغرب، و قد براعوا في التجارة و الحرف و من خلال الملاحات يعتبرون جزءا لا يتجزء من تاريخ المدينة المغربية، و كل اهتمام بثقافتهم و ديانتهم و تاريخهم الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و ما الى ذلك ضمن مقرراتنا المدرسية هو بمثلبة اقتحام لمجال رئيسي من التاريخ المغربي و ينبغي أن يحصل ذلك بعيدا عن الحسابات الكلامية أو الاتنية، فالمقاربة التأريخية أو السوسيولوجية أو الأنتربولوجية المستندة الى التطورات العلمية في مجال العلوم الاجتماعية أو الدقيقة هي التي ينبغي أن تسود في برامجنا التعليمية و في مقاربتنا للاسلام و اليهودية و المسيحية و كل ظاهرة تاريخية أو اجتماعية و ما الى ذلك. و لا بد لنا من ايلاء المسيحية الأوربية مكانة في برامجنا التعليمية لأن تطور هذه الديانة الذي انتهى الى تصالح الدين مع الدولة الدنيوية و منهجيتها المتمثلة في الديمقراطية و الاقتراع العام و بالتالي قبول رجال الدين بحصر دورهم في العبادات و تكريس الدول لخدمة الناس و ترك هذا الدور لرجال و خدام الدولة جدير بالتأمل.
في هذا الباب أتمني لو يتفضل المسؤولون عن حيانتا الوطنية بتعديل اسم وزارة الأوقاف و الشؤون الاسلامية باضافة و العبادات و الحوار بين الديانات، و ان تخصص لليهودية و المسيحية في المغرب نسبة من عائدات الأوقاف.


ــ في نظركم ما هي الأسباب التي جعلت الثقافة اليهودية تظل علـى الهامش لدرجة تم إقصاؤها كمكون من مفهوم الهوية الثقافية المغربية؟
ينبغي الحذر في مقاربة هذه الظاهرة فالتعاطي مع الشأن الثقافي و الهوية الثقافية المغربية ما يزال مسكونا بالانفعالات و متأثرا بالأمزجة لا عتبارات كثيرة في مقدمتها أن الثقافة المغربية ما تزال غير ملقحة ضد مختلف أشكال التطرف و العنصرية، كما أنها ظلت وفية للنهج القديم و لم تنل حظها من التطور الذي عرفته التثقافة العالمية الا في العقود الأربعة الأخيرة. هناك مخاض للتدرج من الثقافة العالمة بمفهومها الفقهي الى الثقافة القومية ببعدها السياسي و الثقافة الجامعية ببعدها الأكاديمي، و ضعف الاهتمام بالجاني اليهودي يوازيه ضعف الاهتمام بجوانب أخرى من الثقافة المغربية لأسباب موضوعية بالأساس لكن و بالرغم من ذلك فالثقافة المغربية أكثر نضجا و رشدا من السياسة المغربية، و المثقف أكثر رشدا من السياسي و الميدان هو الحكم في هذا الرأي. و اذا كان من اقصاء فالعامل السياسي هو المتحكم فيه. أضف الى هذا أن الهجرة الجماعية المتوالية لليهود المغاربة منذ انشاء دولة اسرائيل حرم المهتمين من ذاكرة هذه الجماعات و مستنداتها التي كانت ماتزال الى عهد قريب مجالا بكرا، و هناك عامل الانغلاق التقليدي على الذات و الارتياب الجماعي من الأخر الذي يطبع الجماعات المغربية سواء مسلمين أو يهودا حضريين أو قرويين و الذي ليس ظاهرة مغربية بل هو ظاهرة كونية.


ـ في رأيكم هل يرجع هذا الأمر إلى طبيعة ثقافة اليهود المغـــــــــــاربة؟
لقد أشرت الى العوامل الذاتية في الثقافات و منها الثقافة اليهودية المسكونة بالأسرار و الألغاز. و قد زاد من هذا الانكماش قي الثقافة اليهودية المغربية خلال القرون الأخيرة هيمنة الطابع الأندلسي على ثقافة المدينة المغربية و على الحياة الاجتماعية في المدن و أو شك هذا الطابع أن ينحصر في الطقوس و الحفلات. لكم للثقافة اليهودية و لليهود المغاربة النصيب الأوفر من ضعف الاهتمام من الجانب اليهودي و العمق اليهودي في الثقافة المغربية، لأن ةاليهود لم يكونوا يفكرون في اشاعة ثقافتم خارج جامعاتهم تجنبا للصدام و احتياطا من الأخر.

ـ لماذا فشلت الأحزاب السياسية وخاصة المحسوبة على الصف الديمقراطي في إدماج اليهود داخل تنظيماتها؟
ظهرت بعض الفعاليات اليهودية كأطر رائدة لتجربة اليسار. فالحزب الشيوعي بالمغرب كان على رأسه اليهودي ليون سلطان قبل أن تؤول القيادة فيما بعد لعلي يعتة، و كذلك الشأن بالنسبة لأبراهام السرفاتي و سيون أسيدون و شمعون ليفي الذين لهم نصيبهم في تأسيس و قيادة و تأطير تجارب اليسار بالمغرب. لكن هذه الأمثلة لا تعني أن تطبيع وجود شخص يهودي على رأس حزب سياسي أصبح أمرا مقبولا، فمنذ عقدين أثار انتخاب جو أوحنا في مكتب مجلس النواب ضمن نواب رئيس هذه الهيئة الدستورية جدلا و اعتراضا لدي قيادات أحزاب المعارضة البرلمانية التي اعتبرت نفسها الممثل الوحيد للخيار الديمقراطي في المغرب، و قد كتب أحمد رضا كديرة مستشار الملك الراحل الحسن الثاني افتتاحية بيومية لو ماتان مغلفة لاستنكار هذا الموقف و هي على كل حال تعبير عن رأي الملك الراحل. و قناعتي أن أغلب الأحزاب المحسوبة على الصف الديمقراطي لا تختلف في الغالب عن الأصولية في موقفها من اليهود. و قد زاد من تعميق هذا الارتياب مشكل الشرق الأوسط الذي ترعرعت بموازاة تطوراته مل الأحزاب السياسية المغربية، و احتياط أغلب اليهود من الحركة الوطنية المغربية.

ـ كيف تفسرون نجاح اليهود المغاربة في المجال الاقتصادي والتجاري والمالي وفشلهم في فرض وجودهم في المجال السياسي؟
في هذا المجال هناك وزن التاريخ، فاليهود لم يكونوا يشاركون في الحروب باعتبارهم من أهل الذمة، و لذلك ظلوا بعيدا عن الوظائف السياسية لأن ذلك شأن المسلمين في دولة الاسلام. هذه هي القاعدة السياسية و كان اليهود فابلون بهذا لذلك توجهوا الى التجارة و الحرف بسبب استقرارهم في المدن، أي وجودهم في قلب السوق و قد ظلت ترسبات هذا الموقف حاضرة في الضمير اليهودي المغربي و هو ما سهل الاقتناع بالهجرة الى اسرائيل قبيل و في فجر الاستقلال. لكم لا يمكن نعث اليهود المغاربة بالفشل السياسي، فلهم رصيدهم من تشكيل اليسار الذي كان دافعا قويا للتغيير السياسي في المغرب و أدت عناصر بارزة منهم ضريبة النضال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-