الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صَابِر يستعرضُ بفاس ظروف ومُلابسات ترجمة كتاب «دراسَات صحرَاوية»-

ادريس الواغيش

2023 / 12 / 10
الادب والفن


متابعة: ادريس الواغيش

ضمن أنشطة مؤسسة لسان الدين بن الخطيب لحوار الحضارات والثقافات بفاس، استضافت إحدى قاعات العروض التابعة للمدرسة العليا للتكنولوجيا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، صباح يوم الخميس 19 يناير 2023، عرضَا حول كتاب: "دراسات صحراوية"، تقدم به المترجم إلى من الإسبانية إلى العربية الدكتور أحمد صابر، وهو عميد كلية الآداب سابقا بجامعة ابن زهر في أكادير، عن نصه الأصلي بالإسبانية، ألفه المستشرق الإسباني خوليو كارُو بارُوخَا (Julio Caro Baroja). حضر هذا العرض رئيس مؤسسة لسان الدين بن الخطيب الدكتور إبراهيم أقديم، عميد ونائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله سابقا، بالإضافة إلى عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس-فاس بالنيابة الدكتور سمير بوزويتة والأستاذ عبد السلام الزروالي مندوب وزارة الاتصال بفاس والعيون سابقا، ومجموعة من أساتذة الجامعة وطلاب الدكتوراه ومهتمون وإعلاميون من المدينة.
اللقاء كان علميا شائقا بامتياز، قدّم خلاله المترجم الظروف والملابسات التي رافقت ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، أوضح فيه عن أيّ صنف من الكتب نتحدّث، وعن أيّ صحراء من الصّحاري تحدث الكاتب الاسباني في هذا الكتاب المترجم: "دراسات صحراوية"؟ وهل يمكن لنا القول بأننا نتحدث عن الصراء المَعروفة اليوم؟ أم صحراء بحدود جغرافية أخرى؟ وهل يتعلق الأمر بالصحراء المغربية التاريخية المعروفة إلى ما بعد شنقيط؟ وخلص المؤلف إلى أنه "يصعب تصنيف الكتاب، من حيث وحدة موضوعاته وتعدّد مقارباته". الكتاب في جانبه الانثروبولوجي يتحدث عن الخيمة، بصفتها فضاء للعبادة وأيضا مكانا للسكن، وعن طريقة نسج صوف الغنم وشعر الماعز وَوَبَرُ الجمال، من أجل نسج الخيمة كسكن، وبعض الأغطية والألبسة الأخرى. يتحدث في الكتاب كذلك عن كيفية تثبيت أوتاد الخيمة في الرّمال، وكيف تصبح الصحراء، رغم قساوة مناخها وطبيعتها، مكانا صالحًا للفلاحة. ولكن الكاتب يظهر لنا في مؤلفه عكس ذلك، وإلا ما كان قد كتب عن المنجل وزراعة الشعير في الصحراء. الغريب في هذا الكتاب، يقول صابر، هو هذا "التدقيق الذي يصف به المقاييس الدقيقة، وطريقة صنع المنجل في الصحراء، والدقة في تركيب أسنانه"، ولكن هناك أشياء لا نقف عندها، مثل الطاحونة(الرّحى)، ومع ذلك يصفها الكاتب باروخا وصفا دقيقا. وهناك نماذج أخرى كثيرة ترتبط بالمحراث الصحراوي، والفرق بينه وبين المحارث الأخرى في باقي المناطق المغربية.
يتحدث باروخا(Baroja) في كتابه أيضًا عن الشعر الصحراوي وأنواعه، وتدخل النساء فيه كمبعدات. ويقف عند دور المرأة الصحراوية في الحياة العامة، ويتساءل عن سرّ الخيمة، ومن يتحملها؟ هل الرجل أم المرأة؟ وفي هذا المؤلف يتحدث باروخا عن التعليم العتيق في الصحراء المغربية، وكيف أن أهل الصحراء يفضلون التدريس العتيق الذي كان يقوم به الموريتانيون، وكيف كان يرافق المُدرّس الرُّحّل في تنقلاتهم عبر ربوع الصحراء. كما يتحدث في نفس الكتاب عن الشاي المغربي الصحراوي، وعن كتلة الطقوس التي ترافقه. ويتساءل المترجم عن مدى "توفّق باروخا في الجمع بين تعدّد المقاربات والمواضيع في هذا الكتاب"، وعن نصيب "الحياد في كتابة الأحداث التاريخية من طرف الكاتب؟"
يقول الدكتور صابر أن إسبانيا "جاءت بالمؤلف ليقوم بعمل موجّه، ودراسة ميدانية لفائدة المستعمر الإسباني"، ويتساءل: «كيف يمكن للمؤلف أن يُوَفق بين رغبة المستعمر وأهدافه من جهة؟، وحيادية المؤلف في الكتاب من جهة أخرى؟". ويستطرد المُترجم بالقول أن"الكاتب جاء للصحراء، ورأى شراسة المقاومة عن المغاربة، ومع ذلك لا يتحدث عنها"، وفي المقابل نجده يتحدث عن "تواجد عساكر المستعمر الاسباني في سيدي إفني، كما في غيرها من المناطق الصحراوية"، ولذلك يبدو أن "الكاتب سيق إلى هذا الموضوع، لأنه إسباني، وإسبانيا كانت حاضرة كدولة مستعمرة بلغتها، بالإضافة إلى تواجد الحسانية والأمازيغية، وهو ما يقرّ به الكاتب نفسه".
وهنا يطرح الدكتور صابر عدة أسئلة، بعض أجوبتها تبقى معلقة، لأن الترجمة الأولى إلى العربية حصلت بعد سبعين سنة من تأليف الكتاب، والكاتب جاء إلى الصحراء سنة 1952، وقد وصلتنا الطبعة الأولى إلى العربية ناقصة، لأن دار النشر حذفت منها الكثير، وهو ما يطرح عدة أسئلة، وأبعد الترجمة عن الموضوعية، ولذلك "اضطررت إلى إعادة طباعة هذا الكتاب" يضيف صابر. وهنا قد نشاركه نفس التساؤل: المستعمر الإسباني، كما الفرنسيون، عرفوا عنا كل شيء، ونحن لم نخرج هذا النص إلى العربية إلا متأخرين، والكتاب كما نعرف فيه عدة مغازي، ومن أجل فهم المغازي في اللغة الحسانية، كما في اللهجة الفاسية أو المراكشية وغيرها، يجب النبش فيما هو أنثروبولوجي بعيدا عن جوهر اللغة". لأن هناك طرق انفعال وسلوكيات مغايرة تختلف من منطقة لأخرى، حسب الحمولة الثقافية لكل جهة.
نعرف أن الترجمة آلة محايدة، ولكن من حق المغاربة أن يتساءلوا: هل كانت مرآة صادقة أم خائنة؟ وكيف كان يتواصل الكاتب الأصلي مع أهالي الصحراء؟ يقول صابر، نعرف أن "بريكة ولد علي مولود، كان مترجمًا مع أناس آخرين، ولكن المترجم يقوم بترجمة مضاعفة، لأن الكتاب كتب «كما شيء له". ويتساءل صابر ضمن مجموعة من التساؤلات: هل كان الكاتب الأصلي وفيا؟ أم أنه كتب وفق ما كان يريد منه المستعمر؟ ولذلك، يقول المُحاضر، أن "الترجمة كانت مُضاعفة". هناك أشياء نعرفها، ولكن ترجمتها تضع مشكلة أمام المترجم، بما في ذلك الترجمة من الحسانية إلى العربية، فإنها تضعك في مشكلة"، ونحن من جعتنا نتساءل معه كقراء: ما الغرض؟ وما ظروف استخراج نص سيناريو وشريط وثائقي من كتاب "دراسات صحراوية" الذي شاهدناه في ختام عرضه حول الكتاب؟ وما هو المقصود من السيناريو؟ وهل لنا الحق في معرفة من يكتب تاريخنا؟ وهنا يجيب صابر: «القصد من الترجمة ببساطة، هو استنطاق النص الأصلي، وإخراج كل التباس منه «، ونحن أيضا يحق لنا أن نتساءل دائما وأبدا، ولنا الحق في أن نعرف من يكتب تاريخنا، لأن الحيادية في كتابة التاريخ لا وجود لها، كما هو الحال في الترجمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى