الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى، ضربة في مقتل.

عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)

2023 / 12 / 10
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


عيد العرش اليهودي يبدأ مساء 29 سبتمبر. ويستمر حتى يوم 6 أكتوبر. ويرتبط بذكرى ضياع اليهود في صحراء سيناء وسكنهم تحت الخيام.
يعني كان هنالك عيد واسترخاء وسهر واحتفالات ومشروبات. واليوم الموالي، كان "يوم شبات" مُخصّص للراحة. وكانوا ينتظرون مظاهرات كبرى يوم الأحد في تل أبيب يشارك فيها سود إسرائيل احتجاجا على الميز العنصري ضدهم. وعرب 48 احتجاجا على انتهاكات المستوطنين للفلسطينيين والاعتداءات المتكررة عليهم. ومظاهرة أخرى عنيفة ضد قرار نتنياهو بتعديل القانون القضائي وتجاوز المحكمة العليا.

هذا يعني أن طوفان الأقصى آستُخدمت فيه المُباغية وحسن "اختيار الوقت". واستُخدِم فيه التمويه والايهام. وهذا كلّه يُسمّى بمفردات الحرب "الخداع الاستراتيجي". زد على ذلك الإطمئنان ليقين الغرور السائد في الوعي الص هيوني، على أن جيش إسرائيل مُحصّن ومتفوّق ومُهاب، بحيث لا يمكن للجيوش العربية مجتمعة التجرّؤ عليه، فما بالك بالفلسطينيين الذين لا دولة لهم ولا جيش.

من بين ما يندرج ضمن الخداع الاستراتيجي، استخدمت المقاومة السلاح البدائي المتمثل في "مسيّرات الزواري" الاستطلاعية والهجومية، المتكونة من جناحين ومحرّك صغير، والتي لا يتعدى وزنها عشرين كلغ. فلقد أدّت بساطتها إلى عجز أكثر الرادارات الإسرائيلية تطوّرا على رصدها، لأنها لم تتمكن من قراءتها.
وكذلك تمّ إطلاق خمسة آلاف صاروخ محلّي الصُّنع في زمن قياسي وعلى عدة محاور، ليس بغاية تدمير أهداف محدّدة بقدر ما كانت الغاية منها:
أ/ التغطية على العُبور.
ب/ التّلهية للتغطية على الأهداف الأمنية الحقيقية من العملية، والتي لم تُعلن عنها لا المقاومة ولا إسرائيل إلى الآن.

بعد البحث وجمع التقارير والمعلومات تبيّن أنّ عملية طوفان الأقصى حقّقت أهدافها الأصلية البلاثة، والتي تتعلق جميعها بالحصول على معلومات أمنية استخباراتية:

العملية الاولى وهدفها:
السّاعة السادسة صباحا اقتحمت مجموعتان من عناصر النخبة التابعة للمقاومة على معبر بيت حانون أو معبر ايرز (بالعبرية) وهو حاجز أمني يقع في أقصى شمال القطاع، في الحدّ بين غزة والأراضي المحتلة. ومعبر ايرز تحت إدارة وسيطرة وحدة من "الشين بيت" (وهو جهاز الإستخبارات الداخلية في إسرائيل، الخاضع مباشرة لرئيس الحكومة)، والمسؤول على كلّ ما يجري في الأراضي المحتلة، بما في ذلك غزة.
لحظة الاقتحام قامت المجموعة الأولى بالتعامل مع حراسة المعبر والجنود المسلّحين، فيما تكفّلت المجموعة الثانية بالاستيلاء على كل الأجهزة والحواسيب والوثائق الالكترونية والمعلومات وملفات الأمن والاستعلامات حول جميع التنظيمات الفلسطينية، وجميع العملاء والمخبرين الذين يتجسّسون لصالح إسرائيل. ثمّ أخذت مع كل هذه الأجهزة والحواسيب والسّرفورات، ضابتين يشتغلان في وحدة الاستعلامات. وعلى الساعة التاسعة صباحا كانت مجموعتي النخبة والاجهزة وضباط الاستعلامات في أنفاق غزة.

العملية الثانية وهدفها:
مجموعتان من النخبة تقتحم قاعدة أوريم العسكرية "يَرْكون". وهي من أهم منشآت التجسس وجمع المعلومات الاستخباراتية. تضم 30 هوائيا وصفًّا كاملا من الأطباق الفضائية والرّادارات وهي مقر عمل الوحدة 8200 التي تعد أبرز وحدات المخابرات العسكرية الإسرائيلية والمعروفة اختصارا باسم "أمان" والمرتبطة مباشرة برئيس الاركان. وحتى نفهم أهمية الوحدة 8200 نُذكّر بأنها هي التي التقطت المكالمة الهاتفية بين عبد الناصر والملك حسين أياما قليلة قبل حرب 67. وهي التي التقطت المكالمة الهاتفية التي دارت بين ياسر عرفات ومختطفي سفينة "أكيلي لاورو" يوم 7 أكتوبر 1985(*). وهي الوحدة التي بفضلها أصبحت إسرائيل ثاني دولة في العالم في التنصّت بعد الولايات المتحدة. وتتمركز هذه القاعدة غرب صحراء النقب جنوب فلسطين، في منتصف المسافة بين قطاع غزة وبئر السبع.
بنفس الطريقة اقتحمت مجموعتان من قوات النخبة الفلسطينية قاعدة "أوريم". المجموعة الأولى تعاملت مع جنود الحراسة. والثانية اقتحمت مبنى الوحدة 8200. فاختطفوا ضابطين مهندسين مُختصّين في التجسّس السّبراني، وجميع ما طالته أيديهم من الأجهزة والحواسيب والسّرفورات والوثائق الالكترونية والورقية، من بينها كل ما تملكه إسرائيل من معلومات حول البرنامج النووي الإيراني، وعن الجواسيس، وقائمات علماء إيران وخبرائها في المجال النووي بالإسم واللقب والعنوان ومن قُتِل منهم، ومن ينتظر الدور... وقس على ذلك بخصوص الجيش المصري وحزب الله والمعارضة الاردنية... على أن الوحدة 8200 تجمع المعلومات، ثم تقدّمها إلى جهتين: المخابرات الخارجية (الموساد)، والمخابرات الحربية (أمان).
جمع شباب النخبة هذا الكنز، واختفوا تحت الأرض. وبعد ساعات قليلة تم التحقيق مع الضباط المختطفين وتم توثيق ذلك في فيديوهات، يُقال أنها وصلت إلى المعنيين بها خارج فلسطين. ولذلك وقع لقاء يوم 13 أكتوبر في لبنان حضره ممثّلين أمنيين عن الدول المعنية المُستهدفة بالتجسّس. وأعتقد أن مثل هذه المعلومات لها أثمانها قد يكون المقابل سياسيا وديبلوماسيا، وقد يكون عسكريا وماليًا.

العملية الثالثة وهدفها:
مجموعتان من وحدات النخبة التابعة للمقاومة الفلسطينية، اقتحمت مقر الجيش الإسرائيلي في القطاع الجنوبي. وهناك أيضا تم الاستيلاء على ضابطين من "أمان"، إضافة إلى الأجهزة والحواسيب والسّرفورات والوثائق الالكترونية والورقية. وعادوا إلى الأنفاق. وقد تبيّن أن من أهم تلك المحتويات كل الخطط العسكرية الجاهزة لاجتياح قطاع غزة.

هذه هي الأهداف الأساسية التي حققتها المقاومة يوم 7 أكتوبر. أما كل الصواريخ والطائرات المُسيرة والغُبار والضجيج الذي أُثير في المستوطنات،، كلها كانت عمليات تغطية وتلهية لإنجاز الأهداف الخفيّة. وهذا هو حجم الإخفاق الأمني والاستراتيجي الذي جعل نتن ياهو وعصابته يُصابون بالجنون، ويستخدمون كل وسائل الانتقام، ويرتكبون هذه الجرائم التي أسّست لتفكيك الكيان الصهيوني، على غرار تفكك نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا.
-------------------------------

(*) اختطاف سفينة "أكيلي لاورو": أدى الهجوم الذي شنته القوة 17 التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في 25 سبتمبر 1985 على يخت إسرائيلي في لارنكا (قبرص) حيث قُتل ثلاثة إسرائيليين من القوات الجوية، إلى قصف مقر منظمة التحرير في بُرج السّدرية في تونس يوم 1 أكتوبر 1985 حيث دُمِّر المقر بالكامل في هذا الهجوم وآستشهد 60 من أعضاء منظمة التحرير ومن كان معهم. ويعتقد أن اختطاف "أكيلي لاورو" المتجهة من سواحل إيطاليا إلى فلسطين المحتلة يوم 7 أكتوبر من نفس العام، كان عملا انتقاما لشهداء برج السّدرية. وظلت إسرائيل والولايات المتحدة تتّهمان أبا عمّار بالوُقوف وراء العملية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة