الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب غزة والسقوط السياسي والأخلاقي للأنظمة العربية

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2023 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


دخلت الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة شهرها الثالث دون ان تتمكن من تحقيق إي من أهدافها وهي القضاء على حركة حماس، تحرير الرهائن، السيطرة على غزة، وإجبار أهلها إلى النزوح لسيناء المصرية. وعلى الرغم من استشهاد 17500 وجرح ما يزيد عن 48000 فلسطيني، وتدمير معظم بيوت غزة وبنيتها التحتية، ومستشفياتها، ومدارسها، وأسواقها، وحتى مخابزها فإن الفلسطينيين ما زالوا صامدين يتصدون لأقوى جيش في الشرق الأوسط ويوقعون به خسائر فادحة، ويسجلون ملاحم اسطورية تدل على ذكائهم، وجلدهم، وتكاتفهم، وصبرهم، واستعداهم لبذل المزيد من التضحيات دفاعا عن وطنهم، وكرامتهم، ومستقبل أمتهم العربية.
كل ذلك يحدث في ظل تخاذل القادة العرب المهين الذين لم يحركوا ساكنا في وجه الآلة الوحشية لدولة الاحتلال وما تقوم به من قتل وتدمير للشعب الفلسطيني، واكتفوا بإصدار خطاباتهم الرنانة، وبيانات الشجب والاستنكار، وأرسلوا وفودهم لاستجداء الولايات المتحدة والدول الأوروبية المشاركة في هذا العدوان بالسلاح والمال والرجال والدعم السياسي، والطلب منها الضغط على دولة الاحتلال لقبول وقف دائم لإطلاق النار. لكن جهودهم هم ووفودهم فشلت، ووجهت لهم " حليفتهم وصديقتهم " الولايات المتحدة الأمريكية صفعة مدوية باستخدامها حق النقض" الفيتو " لإفشال قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بوقف الحرب على غزة.
قادة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المشاركة في هذه الحرب البربرية القذرة على أهلنا في غزة لا يحترمون القادة العرب، ولا يهتمون بتهديداتهم وبياناتهم وتصريحاتهم لأنهم فقدوا مصداقيتهم، وكرامتهم، وشهامتهم العربية، ويكذبون على شعوبهم. وإذا كانوا صادقين في تهديداتهم، فلماذا لا يقطعون علاقاتهم الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل؟ ولماذا لا يطلبون من سفراء أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا المغادرة ويستدعون سفرائهم احتجاجا ويسحبون أرصدتهم التي تقدر بمئات بمليارات الدولارات من البنوك الأمريكية والأوروبية؟ وهذا " أضعف الإيمان!"
هذا السقوط الأخلاقي لمعظم القادة العرب خاصة قادة دول التطبيع ليس غريبا بل متوقعا لأنهم يتقاسمون مع دولة الاحتلال كرههم للمقاومة، وينسقون معها لتطويقها وضربها وإفشالها، ولأنهم عملاء مخلصين للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المؤيدة لإسرائيل، وأسهموا في المجازر التي تقوم بها دولة الاحتلال في غزة بشراء أسلحة إسرائيلية بما يعادل ثلاث مليارات دولار، أي إن 24% من الصادرات العسكرية الإسرائيلية توجهت لدولهم للدفاع عن أنظمتهم، واستمرارهم في قهر وتكبيل شعوبهم خدمة لمصالح الغرب وإسرائيل!
لكن آخر سقطاتهم السياسية والأخلاقية وردت في الأنباء التي ذكرت أن الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال وقعتا اتفاقا لتشغيل جسر بري بين مينائي دبي وحيفا، مرورا بالأراضي السعودية والأردنية بهدف تجاوز قرار الحوثيين بالتصدي لجميع السفن المتجهة لموانئ دولة الاحتلال عن طريق البحر الأحمر الذي يمر منه 80% من تجارتها، وقالت وسائل الاعلام إن شركة " تراكنت " الإسرائيلية بدأت تشغيل هذا الجسر البري فعلا لدعم الاقتصاد الإسرائيلي وإنقاذه من الانهيار.
موقف القادة العرب المهين، المخجل أخلاقيا، الغير مسبوق من الحرب على غزة، أثبت لشعوبهم وللعالم أجمع فشلهم في حماية أوطانهم، وسماحهم بتسليم موضوع وجودي عربي مثل الموضوع الفلسطيني لإسرائيل والولايات المتحدة والدول الأوروبية لتفعل به ما تشاء حسب مصالحها ومعتقداتها الأخلاقية والسياسية والدينية المزيفة المنحازة المعادية لكل ما هو فلسطيني وعربي، واكتفوا بالاحتجاجات الكلامية، واستجداء دول العالم للضغط على دولة الاحتلال لوقف حربها البربرية على غزة، ونسوا أن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة العربية لا يبذل هذه التضحيات الجسام للدفاع عن وطنه فقط، بل عن الوطن العربي، وأن الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين الآن ستمتد لدولهم إذا استمروا في تخاذلهم وانهزامهم وتطويق وإذلال شعوبهم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟