الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يهتم بأمرهم أحد الجزء الخامس

رياض رمزي

2023 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


م يهتم بأمرهم أحد. يحيى عيّاش ابن صابر ورقية. الجزء الخامس. رياض رمزي
هذا الوليد الجديد لم يكن يأمل بشيء، في آخرته حين أصبح نزيلا في فردوس، غير علامة على صدره هي وردة مشكوكة في عروة سترته تقديرا لثقل عذابه حين كان هنا وحين رحل وأخفق أعدائه في فرض السيطرة عليه لأنهم لم يهتدو لفك رموز همته غير خالق صنعه. أعجب الملائكة بثبات أم لم تشق الجيوب أو تلطم رأسها. قالت أن الله حين عجن طينة ابنها حولها أولا إلى صلصال ثم خلقه باثّا فيه حالة تجلٍ روحية جاءت من شدة خفقات قلب كانت تسمع من بعيد، حتى أن الملائكة، حين سمعوا الصوت العالي لصراخه، قالوا أنه يريد إثارة الانتباه لقدومه، فكانت الرسل تحدق معجبة بالأم وحاسدة للوالد. هي المرة الأولى التي توقفت فيها الملائكة على التفاصيل. كان الطفل يشبه أفعى الأناكوندا الأسطورية التي تعيش في الوحل وتحصل على غذائها من سمك طازج. لكن حدثا تناسليا غامضا جعلها تقترن بثعبان يقال أن مقاتلا إسلاميا استنسخ الثعبان في روحه، وأدخل عليه الكثير من تحسينات تتجاوز نواقص جسمه. كان فحيح الثعبان من الكثافة بحيث يمكن إطلاق انفجار لا يسمح لأسماك القرش من الخلود لغفوة، مثل بركان قديم كان غائبا عن انتباه علماء البراكين. التزم الصمت زمنا، حين كان البشر يمرون قربه وهم يتساءلون" ما الذي يعمله بركان نكرة من شغل مساحة من الأرض هنا؟". البركان كان يلزم الصمت ويقول وقد ظهرت على جانب فمه بادرة ابتسامة ساخرة" لست بركانا سيء الحظ، ولكن وقت انفجار حممي سيأتي حين يركبني الغضب". جاءت أسماك قرش دخيلة من بحر بعيد فاقتلعته من نهره ورمته على اليابسة. حين سمع الثعبان ما يقال عن سبب لزوم وجوده قرر العودة إلى ماء ولد فيه هو وكل أرومته. قال هذا الثعبان سأدفن مرحلة النوم على رمال الشاطئ. كان قرارا صارما جعل شأنه ملحوظا وبهمة تبدو للعيان وباتساع صورةٍ وصيت كان التاريخ منذ أزمان يفتش عنهما ببحث دائب كي يجعلهما البداية في سلم تراتبية الخلود منذ زمن حياة الكهوف عندما لم يكن للتاريخ لسان. الله هو من يلمح طرائد صغيرة وحشرات ضعيفة ينتهي بها الأمر لتكون في أول صفحة من سجل الخلود. هو من قرر أن يكون للعنكبوت شأن، فبدلا من أن نواسي وجوده، بتنا ننظر إليه بتقدير قدسي حين أمره الخالق بأن ينتج غزلا سميكا وثقيلا كخيوط غزل سوداء ليستمر مفعولها فتصيب عقول المشركين غشية فيتراجعون هاربين كمن أجلاهم الحريق عن المكان. العنكبوت أوفر حظا من كل ملوك الغابة. الخالق من جعل الحوت والعنكبوت أوفر حظا من كل مخلوقاته لنيل الخلود. هو من جل جلاله أمر العنكبوت بغزل نسيج حول مدخل كهف متحملا لوحده مسؤولية الحفاظ على سيد الأنام، حاسما النزاع الأبدي: من له سلطة الموت والحياة. الموت والحياة ليس من اختصاص يهوا بل الرب واهب الحياة. كان الله حريصا ألا يكون موضع سخرية من المشركين. لحظات مشهودة منها وصيته بخلق حوت ببطن تتسع لحمل يونس. للحوت، والعنكبوت والثعبان الفلسطيني، سلطات بيد رب معروف، لم يأت اسمه كواهب للموت والحياة من فراغ. لم يقف الرب على حافة شرفته في السماء السابعة متفرجا، ولم تكن الملائكة مرتدية ربطات عنق، بل أمرها بارتداء ملابس عسكرية، كي تتدخل في معركة بدر ، قتلهم، حيث أعانهم على المشركين ، وما رميت حين رميت - أيها النبي - ولكن الله رمى، فأوصل الرمية التي رماها إلى وجوه المشركين؛ وليختبر المؤمنين بالله ورسوله ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات. أوصلت الملائكة رسالة من المتعالي أن يخبر الثعبان بنسيان مرحلة النوم على رمال الشاطئ. قال الخالق من يرغب بالانتصار سننبتُ فيه شجاعة مثل شجاعة أجدادهم في معارك الإسلام غير المتكاقئة التي كان النصر فيها ضربا من محال، حققنا به ما كان موضع شبهة جعلت أمما تبدل من خط سيرها وتتداول شجاعات الرعيل الأول في جلسات روحانية ستظل جرعات دوائية عندما تصاب الأمم بألم الهزيمة. وهو ما دفع السيد الرب في وضع أبطال الإسلام بأمر خاص منه في أول سلم الجدول الدوري للبشر، مع حوت وعنكبوت أنقذا الأنبياء.
*************************
حين شاهد يحيى عياش ابن صابر ورقية كثرة النساء المتوشحات بالسواد وهن يعلقن مفاتيح على صدورهن انتابه قنوط، انحرف فكره عن مساره. راح يتمنى الرحيل. لم يكن أمامه من مثال غير جنود داعش.
برغم أنه يعرف أنهم يسعون للذهاب بهدف الحصول على مغانم هناك. كيف كان شكل حالته؟. شعر بالهزيمة، أناخت على وجهه تعبيسة تشي بعدم رضاه عن دنياه، شق عليه رؤية أمه والمفتاح أطال المكوث على صدرها. غمرته كآبة غاص فيها حتى الركب. بدأ في حزم حوائجه للرحيل كي يحصل على مغانم هناك. لم يكن يفكر بالموت في سبيل أمه وآخرين. لكي ينسى أندفع نحو الكحول كي لا يلقي بالا لصورة أمه والمفتاح. لم تكن اندفاعاته محط ترحيب من أمه. كان أشبه بمن يضع يده على عيينه اتقاء شمس الذكرى. كان ينظر في الأنحاء كمن يتحين فرصة للهروب. لم يكن ينظر نحو والدته كي لا يرى مفتاحا معلقا يوقد شمعة في ظلام روحه. كلّت اليدان فانفردت شمس الذكريات اللاهبه حارقة وجهه، قرر أن يكذب على نفسه بالقول أسلّم مقاليدي للخالق، وأن الفجائع تحدث لأننا نستحقها. تمسك بذلك الهروب تمسُّك غريق بعوامة إنقاذ. سمع من يقول له: حالة العقل تجسيد للحالة الذهنية لساكنه. بدأ يشعر بالصمم فراح يتلفت في الأنحاء ليرى من ردع الأصوات عن بلوغ مسامعه. حينما رفع رأسه نحو السماء وقت الغروب شاهد عصافير الدوري تعود إلى أعشاشها من مناطق بعيدة. بعد تعذّر حصولها على طعام في أماكن قريبة فقررت النقر في مرابع بعيدة. قال هي ذي عصافير خّلقت لتعطيني درسا. لدى العصافير- كما قال- الكثير لتفتخر به. حين عاد إلى البيت وقف أمام المرآة شاهد زرقة غيظ تحيط بعينيه مصدرها نوبات أسى بوادر هزيمة. قال هذه مرارات تدفع مكابدها للانتحار. جرى مسرعا نحو مكتبة أبيه مدرس اللغة العربية كمن ينزف دما ويخشى فقدان ما لديه. لأنه يعرف من والده أن الشعر ديوان العرب سحب ديوان شعر ولم يكن غير ديوان المتنبي. لم يستبن ما حدث له من نكوص في عزيمته. تجمعت حول عينيه هالات سوداء مثل ثوب من قطيفة سوداء تلألأت عليها قطع من ترْتر أبيض. فتح الديون وراح يقرأ مثل مصدوم يتلجلج قبل الإجابة. لديه شبه كبير مع ما يقرأ، ما يمكن عدّهما أخوين هو والمتنبي. شعر وهو يقرأ " أنا أشبه بذبابة دخلتُ في حبة فول فانطبقت عليّ. ما المسكينة جاءت ضجرا لتأكل فدخلت الخلود، قرأ فتعجلت روحه الخلود". شعر المتنبي أشبه بنقطة حبر انتشرت في كل ثناياه.
في وقت ما كاد المتنبي أن ييأس لكنه تدارك نفسه وقال:
أطاعن خيلا من فوارسها الدهر. وحيدا..توقف المتنبي عن الكلام وتسائل: وحيدا؟، إذن يوجد لدي، كما قال، القليل مما أفتخر به، قال أقسم بشرفي، لكن صوتا صرخ في داخله قال" إن كان لديك شيء منه". لم يكن أمامه كما يقال أما أن يصمت أو يسحب السكين. استنكر قوله: وحيدا. كرر متسائلا عدة مرات وحيدا؟ توقف كمن يأخذ فاصلة ليكتب رسالة، ليقول"ما قولي كذا ومعي الصبرُ".
أقوى العهود شعر مكتوب في ديوان العرب. شيء ما يولد فيه . جلس تحت شجرة يفكر في" وحيدا". شجرةٌ أغصانها تصل إليها وهو مغموم فخرجت منه أبيات شعر تشبه خروج حواء من ضلع آدم.
وأشجع من كل يومٍ سلامتي/ وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر. هو يشعر أن نفسه تضمر أمرا خالدا سيحكم علاقته بحياة آفلة.
أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ
وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ
وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي
وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِها أَمرُ
تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها
تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ
وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي
سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ
ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها
فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ
ما هدفه من سعيه للبقاء قبل المغادرة الأخيرة . يجيب أبا الطيب. كي أترك دويا ورائي.
وتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما
تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟