الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نتفُ ريش الدجاجة في اقتصاد العراق العجيب
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
2023 / 12 / 10
الادارة و الاقتصاد
في فقه الاقتصاد.. الذي لا أرغبُ أبداً الكتابة فيه ..
فإنّ العراقيَّ "العاطل" عن العمل، ليس لديهِ فرصةً للعمل الدائم، والدخل الدائم، إلاّ من خلال "الدولةِ" المُمسِكةِ بالريع.
وهذا "العاطل" الذي سيتحوّل بفعل "مكرمات" الدولة النفطيّة إلى "موظّف - عاطل"، لا يستطيعُ الإفلات من الضريبة.. لأن "وعاء" ضريبتهِ، دون جميع أوعية "الضاربين" في صحون الريع الباذخة، ممسوكٌ من رقبته من قبل الحكومة التي تدفع الراتب للموظف، وتستوفي ضريبتها منه من خلال هذا "الوعاء".. وبالتالي فإنّ هذه "الدولة" تستطيعُ "خنق" الموظف من رقبته النحيفةِ متى تشاء، وعليه أن لا يتذمّر من شعوره بالاختناق، وأن لا تصدر عن حنجرته اليابسة "حشرجةٌ " ما، قد يتمكن من خلالها أن يصرخ مُحتجّاً على اجراءات الحكومة، في احدى تظاهرات الزمن الديموقراطيّ الجميل.
وإذا كانت ضريبة الدخل، ضريبة مُباشِرة وصريحة من حيث الاحتساب والتأثير، فإنّ ضريبة التضخّم، أو ضريبة انخفاض "الدخل الحقيقي" مقابل ارتفاع "الدخل النقدي"، بفعل تراجع قيمة الدينار مقابل الدينار( على سبيل المثال لا الحصر)، هي ضريبة غير مُباشرة، ومُستَتِرة، وضِمنيّة، يدفعها المواطن صاغِراً، وراضيّاً مرضِيّا، سواء أدرك ذلكَ، أو كان غافِلاً عنه.
ولا يقتصر الأمر هنا على فرض ضريبة الدخل على رواتب الموظّفين الحكوميّين، بل يتعدّاه إلى فرض ضريبة "الاستقطاع المباشر" (وهي ضريبة دخل أيضاً) على رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص "المُنظّم" ( مشاريع وشركات وكليّات ومصارف خاصّة..)، بينما لا يدفع لا أرباب العمل، ولا العاملين في قطاع وأنشطة العمل "غير المنظّم"، أيّة ضريبة مقابل "دخلهم" الخاص.. لأنّ بإمكانهم "الإفلات" من ذلك بشتّى الوسائلِ، ولمختلفِ الأسباب.
إنّ "الدولة" العراقية لا تعرفُ "أنّ الضرائبَ هي "تجسيدٌ لتكلفة العيش في مجتمعٍ مُتحَضِّر" .
وهذا يعني أنّ المواطن لا ينبغي عليه تحمُّل تكلفة "إضافيّة" للعيش، في مجتمعٍ غير متحضّر.
لا ينبغي على الأنسان دفع الضرائب في مجتمعٍ كهذا .
في مجتمعٍ غير متحضّر، ستكونُ الدولةُ غيرُ متحضّرةٍ بالضرورة .
لذا.. لمن يدفعُ المواطن الضرائب.. و لماذا.. ومن أجل من؟
قبل ثلاثة قرون، قال وزير المالية الفرنسي" COLBERT أنّ تحصيل الضرائب هو أشبهُ ما يكون بنتفِ ريش الأوزة.. فأنتَ ترغبُ في الحصول على أكبر عددٍ من ريشها، وأدنى قدرٍ ممكنٍ من صراخها " .
وبعد ثلاثة قرونٍ من مقولة COLBER هذه ، تأتي حكومات تريدُ أن "تنتفَ" أكبر قدرٍ ممكنٍ من ريشنا، وأن تسمع أقلّ قدَرٍ ممكنٍ من صراخنا .
انّ الحكومة تريد أن تقول للمواطن البسيط " المنتوف" أصلاً في أمنه الشخصي والعام، وفي صحتّه، وتعليمهِ، و بُنيتهِ التحتيّة والفوقيّة، ما يأتي :
لأنّ انخفاض أسعار النفط قد "ينتَفَ" ريش الموازنة العامة للدولة، فإنّنا قد تنتِفُ ريشكَ أنتَ أيضاً في أيّةِ لحظة.. وعليكَ أن تقبل بذلك.. وليس مسموحاً لكَ بأن "توقْوِق".. و لا أن تصيح من شدّة "النتفِ" المُفاجيءِ للراتبِ أو للمخصَّصات، أو "للمكرمات" التي تمّ منحها لكَ اعتباطاً : "قيق".. "قيق".. "قيق".
لا أشو "دولة" مثل "دولتنا" هاي.. ما عدها غير النفط".. تَرُشُّ ريعهُ علينا عندما يرتفِع سعره، و "تنتفُ" ريشنا عندما ينخفِضُ سعره.. هذه "الدولة - الدجاجة" تستحِقُّ أن "ننتُفَ" ريشها، وأن نصيحَ في وجهها دائماً..
قيييييق .. قاااااااااق .. قييييييق .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شد وجذب بين الجزائر وفرنسا..فهل يتفاقم ليطال العلاقات الاقتص
.. بحضور 3 رؤساء وزارات ..اليوبيل الذهبي لخريجي كلية الهندسة بج
.. مو?شرات دولية.. مصر في المقدمة عالميًا في ا?نتاج عدة محاصيل
.. نحو المستقبل.. تطوير المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي
.. نحو المستقبل.. مجمع مصانع إنتاج الكوارتز