الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية والامبريالية قادتا البشر للهلاك وتهدد الكوكب بالدمار

بن حلمي حاليم

2023 / 12 / 10
العولمة وتطورات العالم المعاصر


قادت الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى والامبريالية العالم إلى حربين عالميتين امبرياليتين، فقد أشعلوا نيران الأولى في 28 حزيران 1914، واتفقوا على وقف نيرانها بينهم في 11 تشرين الثاني 1918 بما أطلقوا عليه " هدنة"؛ وذلك بعد ما سحقوا من استطاعوا ، وقسموا الكوكب بينهم، غير مهتمين بما تسببوا فيه من قتل ودمار.

الصراع والحرب المدمرة

شكل كل من: المملكة المتحدة لبريطانيا، والجمهورية الفرنسية والإمبراطورية الروسية، وايرلندا، تكتل سياسي أطلقوا عليه " دول الحلفاء".
وشكل كل من: الإمبراطورية الألمانية، والإمبراطورية النمساوية – المجرية، والمملكة البلغارية، والإمبراطورية التركية /العثمانية تكتل سياسي أطلقوا عليه " دول المحور". وخاضوا حرب شرسة، أضرت مصائبها كل العالم، وغيرت خرائطه السياسية.

فقد جمع الامبرياليين لهذه الحرب أزيد من سبعين مليون عسكري من أبناء الكادحين (70 مليون)، منهم نحو ستين (60 مليون) من القارة الأوروبية وحدها، وعشرة ملايين (10 ملايين) من أبناء كادحي الشعوب التي احتلوها بالقوة، أو من كانت تحت نفوذهم بمعاهدات واتفاقيات مع انظمه سياسية ما قبل الرأسمالية ، و قد وصفوا حربهم هذه بأنها ستنهي جميع الحروب؟.

خلفت حرب الرأسماليين الإجرامية نحو تسعة ملايين قتيل من الجنود الشباب أبناء الكادحين، ونحو سبعة ملايين ضحية من السكان المدنيين؛ وعدد كبير من المعطوبين بعاهات مستديمة، وأمراض نفسية وعقلية لا توصف، ومجاعات وأوبئة فتاكة.

هذا ما فعل المتحكمين بالصناعة والمال والسلطة بالناس، دفعوهم إلى اللهيب والنيران، من اجل إنهاء كل الحروب، التي لم تنتهي، ولن تنتهي مادام المال والسلطة تحت يدهم.
فمن لهيب هذه النيران القاتلة انفجرت ثورة عمالية وفلاحية وعسكرية، وقوميات مضطهدة ضد النظام الاستبدادي بروسيا، والطبقات الرأسمالية الحاكمة، لتقرر مصيرها، وسلكت طريقا مناقضا للنظام الذي قاد البشر للهلاك؛ فمن شباط 1917 إلى تشرين الأول من السنة ذاتها، وقع أهم حدث في تاريخ البشرية، بحيث لأول مرة ينجح الكادحين بالوصول إلى السلطة، ويشيدون نظام حكمهم؛ فالإمبراطورية الروسية كلفت الروسيين نحو مليوني قتيل من المجندين والضباط بخوضها هذه الحرب، إضافة للخسائر المادية الكبرى.
ففي آذار 1917 سقط رأس النظام بتخلي القيصر نيقولاس الثاني عن عرش الحكم، وتشكلت حكومة مؤقتة، لكنها لم تفلح أمام الثورة العمالية، ولم تفكر في أبناء الكادحين، الجنود الذين يقتلون في نيران حرب القيصر.
وفي تشرين الأول 1917 تسلمت المجالس التي تمثل الطبقة العمالية والفلاحية والجنود السلطة، واتخذوا أول قرار، بوقف الحرب العدائية ضد روسيا، وعودة أبناء وبنات روسيا الذين واللواتي نجوا من الموت سالمين إلى بلدهم، فقد نشر القيصر قوات قتالية مكونة من النساء وسارت على ذلك الحكومة المؤقتة.

وكانت الامبريالية حشدت النساء بحربها بكل المجالات، الأعمال الشاقة بالقطاعات المنتجة التي تركها الذكور الذين تحولوا إلى حطب نيران الامبريالية، و شغل النساء أعمال كثيرة بالمعسكرات.

وفي 15 كانون الأول 1917 وقع نظام المجالس العمالية بقيادة لينين في منطقة بريس ليتوفسك اتفاق هدنة فعلية مع النظام الألماني لإنهاء معارك الحرب. وفي 3 آذار 1918 وقعت معاهدة بالتخلي عن بولندا ودول البلطيق وفنلندا؛ حيث 30 بالمائة من سكان روسيا، وكان ذلك من اجل السلام الحقيقي وحماية الشعوب من الهلاك، والأمل بقدرة العمال وكل المضطهدين على تغيير الأوضاع مستقبلا.

المدافن الجماعية بدل المصحات

فالرأسماليين والامبرياليين قاموا بكل شيء لحماية أنظمتهم، وشيدوا مصانع الأسلحة، وطوروها لكي تكن اشد فتك بالبشر، ونظموا أسواقها وتجارتها، وبذلك ربحوا المال الطائل من عرق الطبقة العاملة، و قاموا بإنتاج وسائل حربية لقتل الكادحين، بينما هم مخفيين بالقصور فوق الأرض وتحتها؛ فانتشرت المدافن الجماعية بكل مكان في العالم.
كان الناس بحاجة لتغذية سليمة ونظافة وسكن، وماء وانارة، ومدارس وجامعات ومعاهد، ومصانع الأدوية ومختبرات البحث، وصناعة الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة، وتشييد المصحات والمشافي، وتجهيزها بجميع الوسائل الضرورية في العلاج، لكن النظام الرأسمالي كان همه الأساسي، هو حماية ذاته، واحتلال غيره ونهب ثرواته.
ففي منتصف 1918 أثناء حرب اللصوص والمجرمين، انتشر وباء الزكام الحاد/ انفلونزا في أوروبا قادما إليها من جنوبها، وكانت أعراضه هي : صداع بالرأس، وعسر الأعضاء التنفسية، والسعال الحاد، وارتفاع درجة الحرارة؛ أطلقوا عليه" الانفلونزا الاسبانية" - وسبب هذا الانتساب كان هو الصحافة الاسبانية التي تحدثت عنه في أيار 1918 قبل الجميع – وانتشرت الجائحة بالمعسكرات والثكنات، والخنادق حيث الجنود أبناء الكادحين حطب نيران الحروب الامبريالية والأنظمة الاستبدادية بكل مكان وزمن.
واجتاحت قرى الفلاحين الفقراء وأحياء البؤس والقذارة بالمدن، مخلفة نحو خمسين مليون ضحية (50 مليون) ماتوا بسبب المرض سنة 1918، كان الناس يتساقطون بالآلاف في الساعة الواحدة، أما الذين واللواتي أصابهم الوباء بكل بقاع العالم، ونجوا من الموت فكان خمسمائة مليون (500 مليون).
ففي ظرف أسبوعين أصاب الوباء نحو مائة ألف (100 ألف)، وهذه المصائب الحرب والوباء وضحت للجميع أين تصرف الأموال؟ فقد عجزت المستشفيات عن مواجهة العدو الحقيقي للبشر، لان الرأسماليين كونوا المحاربين والضباط العسكريين والطيارين المقاتلين، وصنعوا الأسلحة، وشيدوا القلاع والثكنات، ولم يفكروا في تكوين الأطباء والممرضين – ات، و لم يفكروا بصناعة الأدوية لمواجهة الأوبئة والأمراض الفتاكة.
ففي صيف 1918 اجتاح الوباء فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، والمجر والنمسا، والسويد، وانتقل إلى كندا وجنوب افريقيا، وقد رصدت حالات في آذار بالسنة نفسها بالولايات المتحدة الأمريكية قبل أن يجتاحها.
إن الرأسمالية والامبريالية يقودانا إلى الحروب الطاحنة والأمراض والأوبئة الفتاكة، وقد تدمر الكوكب بعدما تسببوا له بالكوارث الطبيعية المتنوعة التي تهلك الآلاف من البشر كل شهر.

و في 9 تشرين الثاني 1918هزت ألمانيا ثورة أسقطت الإمبراطور غليوم الثاني عن عرش الحكم، وأعلن عن تأسيس النظام الجمهوري؛ للأسف الشديد، لو كان حزب ثوري عمالي واشتراكي ديمقراطي حقيقي في ألمانيا، ونجح في استلام السلطة وبناء نظاما اشتراكيا ، كان سيتغير بذلك مسلك النظام العالمي بصورة جذرية لفائدة البشر، ولكن هكذا سارت الأمور، ومن الأفضل استخلاص المغزى، والفائدة للقادم من الزمن، وهل استخلص فعلا منذ ذاك الوقت؟

اتفاق الحلفاء والمحور ضد الثورة

تفككت الإمبراطوريات وتشكلت خرائط جغرافية - سياسية جديدة، وتأسست منظمات دولية على مقاسها، صاغ المنتصرين قوانينها.
ففي أواخر حزيران 1919 وقعت معاهدة بين الامبرياليين أطلقوا عليها " سلام فرساي" وعهد رابطة الأمم، هدفها حسب أكاذيبهم دائما، تعزيز التعاون الدولي، وتحقيق السلم والأمن في العالم، وعدم خوض الحرب، والالتزام بذلك، وربط علاقات عادلة بين الأمم، وتأسيس قانون دولي يحتكم إليه أثناء النزاعات، والاتفاق على ميثاق عصبة الأمم...الخ.

وفي 10 كانون الثاني 1920 تأسست عصبة الأمم، وانطلقت سلسلة خلق المؤسسات الدولية بعد تدمير البلدان، وقتل ملايين البشر، وتبذير الأموال الضخمة، فتأسس المعهد الدولي للتعاون الفكري، الذي سيفرز(اليونسكو) بهدف التعاون الواسع بدل العمل الضيق الوطني حسب إيديولوجية الرأسماليين، لكن روح النظام الرأسمالي تتعارض مع مصالح الشعوب، والأمم في تقرير مصيرها بنفسها، وظلت الامبريالية تعمل ضد أي نظام يخالف سياستها.

الحروب المقدسة ضد العلم والأفكار الثورية

وبعد الحرب العالمية الامبريالية الأولى، مباشرة بدأت الأفكار الماركسية الثورية تنتشر بكل الكوكب، وانطلقت محاربتها بكل الوسائل، واتفق على ذلك من أشعل نيران الحرب العالمية الأولى، وعملوا جميعا ضد الاتجاه الجديد للاقتصاد والاجتماع والسياسة، ونسقوا فيما بينهم على إجهاض هذه الثورات في الرحم، وقتل بعضها في المهد؛ الحلفاء والمحور توحدوا ضد الثورة الاجتماعية، وأنصار الطبقة العاملة تقاتلوا.
وتزعمت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المهمة منذئذ، وحمت أوروبا من نزع الملكية الخاصة ومصادرة أملاك وأموال الملوك والقياصرة والأسر والعائلات والمجموعات القليلة المسيطرة على المال والسلطة.

تصميم خرائط لحروب ساخنة لم تنتهي

هلاك البشر وتقسيم الكوكب، وتصميم الخرائط وإنشاء الكيانات السياسية على المقاس، عرقيا ودينيا، فقد احتل الامبرياليين البلدان العربية وطوروا اقتصادهم على حساب شعوب القارات، ففرنسا وبريطانيا اتفقوا بعد حربهم العالمية الأولى على ذلك، وحموا الحركة الصهيونية وساعدوها على إنشاء كيانا سياسيا لليهود على أساس عرقي وديني، عنصري في فلسطين، وجعلوا الأنظمة الرأسمالية الاستبدادية، وأقسام من البورجوازية العربية الكبرى تعيش تحت حمايتهم، وجعل كادحي – ات المنطقة تلتهمهم نيران الحروب المتتالية؛ التي لم تنتهي.
إذن العدو الحقيقي للبشر هو النظام الرأسمالي، والمطلوب من البروليتاريا في كل مكان، هو انقاد البشرية من الهلاك، وحماية الكوكب من جرائم الرأسماليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي