الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توسنا والاقصاء اللغوي

عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)

2023 / 12 / 11
حقوق الانسان


رفضت وزارة التعليم تسمية مدرسة بمدينة زوارة باسم توسنا وتعني "المعرفة" باللغة الأمازيغية، مثل هذه الإجراءات غير القانونية تستمد جذورها من ثقافة الاستبداد الاقصائية البائدة، التي بدورها تستند إلى نهج قومجي إقصائي وفتاوي متخلفة منها، أن النبي عربي وأن لغة أهل الجنة عربية وأن الخطبة لا تصح إلا باللغة العربية، والأمير أو الامام يجب أن يكون قريشيا، وبذلك فإن الإسلام دين العرب والجنة لن يدخلها مليار مسلم من غير العرب مالم يستوردوا أمراء من قريش، والتي لم يعد لها وجود. هذه الترهات شاعت في عقود التأخر والاستبداد الذي عانى منه الليبيون والكثير من الدول لأربعة عقود عجاف، ونتج عنه حكومة عميقة متخلفة تتحكم في مقاليد الأمور بعد انهيار ذلك النظام البائس الى يومنا هذا. لا أحد يبالي أن يتم تسمية البدلة الليبية بالبدلة العربية ولا القهوة التركية بالقهوة العربية ولا حتى الحصان العربي أو الكلب العربي، لان ذلك لغط العامة كأشخاص طبيعيون لهم الحق في التعبير عن آرائهم بحرية. ولكن أن تفرض الإدارة القانونية للتعليم رأيها وبأدلة واهية مثل أن القانون رقم 24 لسنة 2001 بشأن منع استعمال غير العربية ساريا فهدا محظ تدليس، هذا القانون سبقه سبعة عشرة عاما من الاضطهاد الثقافي والديني أي منذ إعلان الثورة الثقافية القذافية سنة 1973م بزواره، وفي المولد النبوي الشريف، والدي كان من تعليماته النقاط الخمس أهمها زج كل النشطاء المناهضين للاستبداد في السجون، حيث، منعت السنة النبوية وصدرت كتب المذهب الإباضي وكل الحركات الإسلامية وثم تجريم الأحزاب. أن يبقى القانون 24 لسنة 2001 ساريا فتلك طامة كبرى لكل الليبيين لأنه يقيد الحريات العامة للشعب الليبي وهو قانون إقصائي لا يمت الى روح العصر.
رفض الإدارة القانونية بوزارة التعليم تسمية مدرسة توسنا وهي "المعرفة" بكل معانيها، في كتابها رقم 3813072 بتاريخ 19 أكتوبر 2023 بحجج واهية رغم اعترافها بان اللغة الامازيغية توجد في أوراق معاملاتها الرسمية وأوراق الحكومة جلها، سبقه رفض السجل المدني للتسمية بالأسماء الامازيغية في العديد من المرات منذ سنة 2014م الى الان، والغريب أن السجل المدني يستند الى القانون السابق وبدعم من مجمع اللغة العربية، وهو مؤسسة غير تشريعية علما بأنه من ركائز دعم الاستبداد في النظام البائد، ولقد أصدر هذا المجمع قائمة الأسماء الممنوعة، دعما للقانون السيء السمعة.
بقاء هذا القانون ساريا مفعوله وهو يمس الحريات العامة التي تكفلها المواثيق الدولة ومنها أعراف الأمم المتحدة حول استعمال لغة الام والمحافظة عليها وتنميتها، وعدم الفرض القصري للغة أو الثقافة أو الدين سبه في جبين المؤسسات القانونية الليبية ومنها مجلس النواب والمجلس الأعلى للقضاء. من الناحية العملية لا وجود لهذا القانون بل يستعمل من الحكومة العميقة لتمرير أجنداتها، في حين أن القوانين الجائرة الأخرى قد تلاشت بإصدار الإعلان الدستوري بعد ثورة 2011، ومن هذه القوانين تلك المتعلقة بتحريم الأحزاب، والبيت لساكنه والسيارة لمن يقودها، ومنع تركيب الستاليت أو شراء طابعة أو حاسوب إلا بموافقة أمنية، وعدم السفر إلا بإصدار تأشيرات الخروج، بل حتى سب القائد سيعرضك للسجن لعقود طويلة فيما مضى، جل تلك القرارات تعطلت بالإعلان الدستوري وليس بقوانين بديلة.
لو عقدنا مقارنة بين إسرائيل التي يسكن بين جنباتها أكثر من 3 ملايين فلسطيني نجد أن اللغة العربية لغة رسمية حتى سنة 2018م، والفلسطيني يسمى أسماء أبنائه ما يشاء، وكذألك مدارسه ومحاله وشركاته والسجل المدني والمراسلات الرسمية للمدن التي يوجد بها عرب تنشر بالعربية، والمدارس الفلسطينية يدرس بها الطلبة باللغة العربية وتدفع ميزانيات على تلك المناهج والكتب التي تطبع باللغة العربية من الدولة الإسرائيلية والشوارع تكتب أسمائها باللغة العربية والعبرية، كما يسمح بإنشاء اذاعات والقنوات التلفزيونية بالعربية، بل الأكثر من ذلك يحق للنواب العرب في الكنيسيت أن يلقوا خطاباتهم باللغة العربية. هذا البون الشاسع بين المؤسسات الليبية والإسرائيلية هو سبب تخلف معظم دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وأن إسرائيل أكثر تحضرا وتقبلا للتنوع الثقافي واللغوي من الأجهزة الحكومية الليبية مثل التعليم او السجل المدني أو مجلس النواب.
في القرن الواحد لم تعد اللغة جزء من هوية بل وسيلة للتواصل ولكل فئة من المجتمع له شخصيته ولغته ولا ضيرفي ذلك، وللدولة هوية واحدة ترتكز على الجغرافيا والتاريخ المشترك. وجود هكذا عقليات متخلفة لا تعبا بالإعلان الدستوري الذي يقول في المادة الأولى " ليبيا دولة ديموقراطية مستقلة...، وقانون رقم 18 لسنة 2013 الذي يتحدث عن حقوق المكونات الثقافية الامازيغية والعربية والتباوية، وبقاء تلك العقليات كحكومة عميقة سيؤخر كثيرا من بناء الدولة بحرصه على بقاء قوانين الاستبداد الجائرة، وأن التحول الديمقراطي في ليبيا سيأخذ وقتا طويلا، ويحتاج إلى جيل متفتح، مثقف يتعامل بمفاهيم وتقنيات العصر لتغيير الوضع الحالي، وإلى جهد كبير من النشطاء والمثقفين في جميع أنحاء ليبيا ليكون التغيير ماثلا للعيان، ولك الله يا ليبيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. خطوات جديدة للحد من الهجرة وقلق بين أوساط الجاليات ا


.. بين صراع الظلم والمجاعة: الفلسطينيون يواجهون قسوة الأزمات ال




.. رسالة #الجولاني لـ #بشار_الأسد ورؤيته لمستقبل #سوريا ووضع ال


.. مندوب العراق في الأمم المتحدة: أحكمنا السيطرة على حدودنا مع




.. مسلحون يقتحمون سجن السويداء المركزي جنوب شرق سوريا ويطلقون س