الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يصنع العرب...طغاتهم

ماجدة منصور

2023 / 12 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


هذه الكثافة التي فيها أضحك--هي بالضبط عمامتكم العاصفة.
تنظرون الى الأعلى حين تريدون القيام, أنا أنظر الى الأسفل لأني علوت.
من منكم قدر , في ذات الوقت, على الضحك و على التعالي؟
من يصعد أعلى الجبال يسخر من مسرح الحياة و جديتها.
غير عابئين, ساخرين , عنيفين --هكذا تريدنا الحكمة::: الحكمة إمرأة و هي لا تقدر أن تحب إلا المحارب.
تقولون لي : الحياة حمل ثقيل!!و لكن , لما جعلتم الصباح غروركم و المساء خضوعكم!!
الحياة حمل ثقيل! إذا لا تفرطوا في الرٌقة و الوداعة فنحن جميعا حميرا و أتان محمًلة كما يجب.
ماذا لنا من مشترك مع برعم الوردة إذ يرتجف لأن قطرة ندى قد وقعت عليه!!!
الحق: إننا نحب الحياة , لأننا متعودون , لا على الحياة, و لكن على الحب.
يوجد في الحب دوما شيئ من الجنون, و لكن يوجد في الجنون دوما شيئ من العقل.
حتى أنا , أنا المندفع الى الحياة , أجد أن الفراشات و كرات الصابون و ما يشبهها من الناس,, هي التي تعرف السعادة بشكل أفضل.
إن رؤية هذه الكائنات الصغيرة و الخفيفة والمجنونة و اللطيفة و المتنقلة يعطي زرادشت الرغبة في البكاء و الغناء أيضا.
لا أقدر أن أؤمن إلا بإله يعرف الرقص...إله راقص هو إلهي.

و عندما رأيت شيطاني وجدته رزينا , عميقا, طقسيا , إحتفاليا::: كانت تلك روح الثقالة ومن روح الثقالة...كل الأشياء تسقط.
لا يقتل الإنسان عن غضب و إنما يٌقتل لأنه يضحك ...إذا لنقتل معا روح الثقالة.
تعلمت المشي و منذاك الوقت صرت أسمح لنفسي بالركض.
تعلمت الطيران و منذاك الوقت ما عدت أنتظر أن يُدفع بي لأغًير مكاني.
إنني الآن خفيف, الآن أحلق, الآن أراني فوق ذاتي , الآن إله في داخلي يرقص,

هكذا تحدث زرادشت

____________________________________________________________________________________________________________________________________________________
قد يبدو للقارئ أن ما سأقوله غريبا و عجيبا و قد يجد آخرون مما سأقوله منفرا و مستفزا و ربما وجد بعضهم شيئ من الصدق في قولي ..لا يهم على أي حال..ما يهمني أن أقول ما أجده صوابا.
لاحظت منذ طفولتي بأن العرب يمجدون طغاتهم و جبابرتهم و سارقيهم و قاتليهم و مجرميهم و سفاحيهم و عرصاتهم لدرجة أنهم يصنعون تماثيل لهؤلاء الطغاة و منهم من يرفعهم لدرجة ( القداسة) و العبادة أيضا وكم كان جسمي يقشعر حين
كنا في سن التتلمذ و الدراسة ,, حيث كانت مدربة الفتوة في سوريا الأسد, تأمرنا كل صباح بعد إنتهاء تحية العلم البعثي ,,تأمرنا بالجعير صائحات: بالدم ...بالروح نفديك يا حافظ.

لكن سجلوا عندكم:: إني كنت أحرك شفتاي فقط و أتظاهر بالجعير مع جوقة الصراخ و الجعير...إذ كانت مدربة الفتوة و إسمها سميرة خللو...تراقب حتى شفاهنا .
كان البعثيون الوضعاء يحكمون كل مفاصل الحياة في سوريا لدرجة أننا كنا نرتعب من أحلامنا.

لكن مساحة حلمي أقوى من كل أجهزة مخابرات و جواسيس الأسد فلا يستطيع كائن من كان إختراق أحلامي.
كنت أمشي في الساحات و الأسواق و الشوارع الفقيرة ,,و التي كانت تعج بالمساجد و ثماثيل حافظ الأسد...
كانت صوره تٌلصق في كل مكان...و تحتها جملة تقول: الى الأبد ...يا حافظ الأسد!!

وحين مات طاغية سوريا حافظ الأسد...قفز بشار الأسد الى سدة الحكم و أعلن نفسه وريثا لمملكة سوريا الأسدية...و علمت أن جملة ( للأبد يا حافظ الأسد ) ليست جملة إنشائية فقط بل أنها مقصودة و مدروسة بعناية من قبل قوى شيطانية تعمل بالخفاء
و الظلمة كالشياطين تماما.

و وجدت في بشار الأسد :: أن ما كان يكتمه الأب المقبور, يعبر بوضوح عن نفسه لدى الوريث بشار أو بمعنى آخر فإني قد وجدت لدى الإبن ....سر الأب...منكشفا.

ومع ذلك فإني أقول الآن :: لترحم آلهة قريش حافظ الأسد.
كبرت و كبرت معاناتي و توسعت ثقافتي و نضج وعيي و عركتني الحياة بشتى أنواع العذابات و وجدت نفسي بأنني قد إخترت المنفى القسري ,,و ليس الطوعي,, حيث أنني قد فررت فرارا الى المنفى حين سمحت لي الظروف بذاك الفرار النهائي.

لو كانت الأرض منبسطة ,,و ليست كروية.. لوجدتم بأني أعيش على حافة الكرة الأرضية.
في المنفى إنكببت على __صناعة__نفسي و مستقبلي و تعليم ذاتي و تطوير مهاراتي و وجدت بأن كوكب أستراليا الودود و الصديق هو أروع مكان لبناء الإنسان و شخصيته و الحق أقول لكم بأن أستراليا قد أعادت ( تأهيلي ) من جديد لدرجة
أنني أحسست بأني أولد ثانية في تلك القارة البعيدة.
إبتدأت أرى الأمور بمنظار مختلف عما كان و وجدت بأن كل العرب يمجدون طغاتهم و قاتليهم و ليس السوريون فقط!!

إنهم يمجدون الطغاة الحاليون و كذلك طغاة التاريخ أيضا...و تلك مصيبة كبرى أيتها السيدات و السادة

إنهم يمجدون حتى الإرهابيين و يطلقون عليهم لقب ( الشهداء) في الوقت الي تمجد فيه الأمم المتحضرة علماءها و مثقفيها و تضعهم في قمة الهرم الإجتماعي.
ها أنا أرى بعين بصيرتي بأنه لن تقوم للعرب قائمة إلا حين يتخلصون من ثقافتهم العنيفة و هذا لن يتم إلا بموجب أوامر ملكية فوقية قسرية لأن العرب يقدسون كل ما يأتي من فوق...من الأعالي...من السماء...فهم ليسم كبقية الشعوب التي تطورت بناء
على مثقفيها و علماءها و حكماءها لأننا الشعب الوحيد و الأوحد بالعالم كله...نفهم بالمقلوب...أو غصبا عننا...
لم أجد حاكما عربيا واحدا يعمل على بناء الإنسان بالطريقة المثلى فكيف يستطيع الحاكم العربي بناء إنسان حقيقي و هو نفسه متمسك و متعمشق بتراث فاطس لم يعد يصلح حتى للتعامل مع الحيوانات في وقتنا هذا!!!
كيف يستطيع أي حاكم عربي أن يبني إنسانا حقيقيا في وقت نجد أن تراثنا العربي ما زال يحتفي بالطغاة و يمجد القتلة و يضفي قداسة على مجرمي التاريخ القديم و الحديث أيضا!!!!!!!
كيف يستطيع أي حاكم عربي أن يبني إنسانا حقيقيا في وقت نجد فيه أن خيرة شباب و شابات الأمم العربية يهجرون أوطانهم الى غير رجعة!!!!!!!
بالله عليكم أيها العقلاء قولوا لي:
! : هل يوجد في مصطلحات لغتنا العربية مصطلح الرئيس السابق؟؟؟ أو الرئيس المستقيل!!!!!
لا و ترليون لا...فنحن لا نجد في مصطلحاتنا العربية إلا مصطلح الرئيس المخلوع أو الرئيس المرحوم أو الرئيس المخوزق أو المشنوق أو المقتول أو المسحول أو المحروق أو الرئيس الفاطس أو النافق...أو ما شئت أيها القارئ .
إن للعرب باع طويل في تزوير التاريخ و تشويه الحاضر و تدمير المستقبل و نحن نعيش الآن أشد أيامنا قتامة و ظلاما و بؤسا و فقرا و بهدلة و تعتيرا و تشردا و ها هي دمائنا تمتلئ بها شاشات التلفزة في كل أنحاء العالم و جثث أطفالنا و أطفال جيراننا
اليهود تتناثر أيضا فويل للعرب جميعهم من قادم الأيام لأنني أرى بعين بصيرتي بأنه لن تقوم للعرب قائمة و لن تكون هناك قيامة إلا بقيام و نهضة و تألق الوعي النخبوي و الذي نحن بحاجة ماسة له الآن...فأين هو العقل النخبوي؟؟؟؟؟
أين هي النخب الواعية و الغير مؤدلجة لتساعد الحكام في تنمية الوعي الحقيقي للإنسان العربي!!! أين إختفت تلك النخب و التي قادت الجماهير في أوربا و أمريكا و استراليا و وضعتها على طريق الحداثة و النمو و التحضر ...قسرا تارة....و طوعا
تارة.
إن فصل الدين عن الدولة بطريقة ذكية و واعية و مدروسة هي الحل السحري لكل مشاكل العرب و أقترح على الحكام العرب جميعهم بأن يجعلوا من ( التجربة الأسترالية ) نموذجا يحتذون به ..و ليس عيبا أو قلة قيمة بأن ننقل عن الأمم تجاربها الحية
و الحقيقية بل العار كل العار أن نتجمد في مكاننا ...و رؤوسنا تلتفت الى الوراء...إلى تراث عتيق لم نجني منه سوى الخراب و الموت.
هنا أقف
من هناك أمشي
و ربما
للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
على سالم ( 2023 / 12 / 11 - 22:58 )
استاذه ماجده منصور , رأيت على اليوتوب نقاش هام جدا وصادم , السيده سهيله مصطفى مصريه يوتوبر تنشر كثيرا من الفيديوهات حول امور العرب المزريه وخاصه عن الاحوال الان فى غزه ومعاناه الناس هناك , اخر لقاء استضافت فيه ضيف فلسطينى من غزه على الهواء لكى يشرح لنا الوضع ولكى نعرف تحديدا كيف يفكر اهل غزه وماهى علاقتهم بعصابه حماس الاجراميه , الفيديو اكيد صادم وصاعق ويعرى حماس ويفضح حقيقتها السوداء تجاه اهل غزه , ارجو ان ترى الفيديو وتكتبى فى مؤشر البحث فى اليوتوب اسم سهيله مصطفى ثم تختارى الفيديو بعنوان فلسطينى يتحدث من غزه , يعنى العربان من يومهم واقعهم اسود ومزرى


2 - مقال حيوي
منير كريم ( 2023 / 12 / 12 - 08:27 )
لم اجد افضل من كلمة حيوي لوصف مقالك الذي ينبض بالحياة والحرية
فعلا كما بينت ان تراثنا علمنا صناعة وتقديس الطغاة
واضيف علمنا هذا التراث كره الحرية وحب العبودية
ولا سبيل للخلاص الا بالتنوير والعلمانية والديمقراطية
شكرا لك


3 - ماجدة منصور
ابن العراق ( 2023 / 12 / 12 - 10:08 )
اشد على يدك على المقال
عندما يريد المسلم العربي اكمال دينه عليه ان يصبح منافقا من الدرجة الاولى ويتهجم على غيره من الاديان
هذا هو ديدن العربي المسلم ويمدح طغاته
هذا ما يستوجب قوله للمنافقين
تقبلي تحيتي


4 - شعوبنا ضحية للانظمة والخرافة الدينيةوالمؤدلجين
د. لبيب سلطان ( 2023 / 12 / 12 - 11:41 )
شكرا لك استاذتنا العزيزة ماجدة على هذين الجزئين المنشطين الاول في حكمة الحب الزرادشتي ويذكر بحكمة خليل جبران الالهامية في كتابه النبي ( يدرس في جميع الجامعات الاميركية كنموذج للادب الروحاني لطلبة الادب الانكليزي) ..ومقالتك عن الطغاة هو ماغاب عن جبران ونيتشه وزرادشت .. ربما لم يعيشوا في عصر الايديولوجيات والانحطاط التمجيدي لشخصيات ونظم ديكتاتورية..مرض ظهر بعدهم ....فتك بالمجتمعات كالطاعون..ووصل لبلادنا المسكينة ..فالتئم عليها ثلاث..انظمة قمعية مؤدلجة..ودين خرافات وغيبيات وتأليب..ومؤدلجون لايعرفون غير التزويق..ثلاثة ان اجتمعت دمرت..وهذا ماحصل لنا
لك الف تحية ولك الثناء على هذه الوقفة العميقة

اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل