الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور المقاومة والإرهاب

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 12 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


خلال القرن الأول الميلادي، ثار أتباع طائفة الزيلوت اليهود Zealots في مقاطعة يهودا Judaea جنوب فلسطين ضد الإمبراطورية الرومانية، وقاموا بالعديد من العمليات العسكرية استهدفت العديد من المتعاونين البارزين مع الحكم الروماني مثل الصدوقيين Sadducees الذين كانوا يسيطرون على إدارة المعبد الثاني وقاموا بعمليات مقاومة يمكن تسميتها اليوم بالإرهابية. ثم أنشقت عن الزيلوت طائفة أكثر تشددا تدعى «سيكاري - Sicarii» وتعني رجال الخنجر. كانت جهودهم موجهة ضد من أسموهم «المتعاونون اليهود» وكذلك كهنة المعبد والصدوقيون والهيروديين وآخرين من النخبة الثرية الحاكمة. وكان السياكاريون يخبؤون خناجر قصيرة The sica تحت معاطفهم، ويختلطون بالحشود أوقات الأسواق العامة أو الاحتفالات لإغتيال ضحاياهم، ثم يختفون بين الجموع الخائفة. وكانت أهم عملياتهم هي إغتيال الكاهن الإسرائيلي الأعلى جوناثون.
كان أعضاء السيكاري يطاردون ظلال العالم القديم وهم يحملون السكاكين تحت معاطفهم أو في أيديهم، بينما لا يبدو أن أحدًا يعرفهم أو يتحدث عنهم في كتب التاريخ، ما عدا مؤرخ يهودي استسلم للرومان وأصبح مواطنا رومانيا متعاونا مع المحتلين. فكل ما نعرفه عن طائفة السيكاري الدموية رواه هذا المؤرخ اليهودي يوسيفوس Josephus أو يوسف بن ماتيتياهو (יוסף בן מתתיהו) (38-100 للميلاد )، كان أديبا مؤرخا وعسكريا يهوديا عاش في القرن الأول للميلاد واشتهر بكتبه عن تاريخ منطقة يهودا، والتمرد اليهودي على الإمبراطورية الرومانية والتي تلقي الضوء على الأوضاع والأحداث في فلسطين خلال القرن الأول للميلاد، وأهم مؤلفاته كتاب تاريخ حرب اليهود ضد الرومان المعروف باختصار بـ «حروب يهودا»: صدر في عام 78 للميلاد باللغة اليونانية ومن المحتمل أن يوسيفوس كتبه بالآرامية أولا، ثم ترجمه إلى اليونانية، غير أنه لم تبق إلا النسخة اليونانية. في هذا الكتاب يسرد المؤلف أحداث آخر أيام حكم الحشمونيين على منطقة يهودا، احتلال المملكة من قبل الرومان، التمرد اليهودي على الرومان وفشله حتى سقوط آخر تحصينات المتمردين في قلعة مسادا أو مسعدة بالعربية.
كانت القرون الأخيرة قبل الميلاد والقرن الأول والثاني الميلادي فترات متوترة في العالم المعروف آنذاك حيث كانت روما تتحكم في نطاق واسع من العالم بقبضة حديدية. فقبل أكثر من ألفي سنة، كانت روما تحكم العالم من إنجلترا إلى أفريقيا ومن سوريا إلى إسبانيا، ويقال بأنه عاش ومات واحد من كل أربعة أشخاص على وجه الأرض في ظل القانون الروماني وتحت سلطة القيصر. لقد مزجت الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي بين التمدن والوحشية، وكان من الممكن أن تنتقل فجأة من صورة الحضارة والقوة والقانون إلى الإرهاب والطغيان والجشع. وقد امتد نطاق هذه الإمبراطورية الدموية شرقًا حتى فلسطين ومصر، وغربًا حتى إسبانيا وفرنسا. غير أن المنطقة التي تهمنا من هذه الإمبراطورية الشاسعة هو قطعة أرض صغيرة تسمى يهودا، تقع فما نعرفه الآن باسم فلسطين وإسرائيل، حيث تكونت في الزوايا والأزقة المظلمة للقدس وأحيائها والقرى المحيطة جماعة سرية مقاومة للإحتلال الروماني عرف أعضائها بإسم السيكاريون.
لقد بدأ السيكاريون كمجموعة منشقة عن مجموعة سابقة من المتعصبين اليهود المسمون بالزيلوت the Zealots والتي بدأت في العقود التي سبقت تدمير روما للقدس في عام 70 م. تألفت هذه المنظمة السياسية في معظمها من الشباب اليهود الغاضبين، وهم رجال كانوا يعارضون بشدة فكرة أن يعيش الرومان في مدينتهم كمحتلين. وبينما حاولت مجموعات يهودية أخرى العمل مع الاحتلال الروماني والتعاون معه أو حاولت محاربته سياسيًا، اتخذ الزيلوت وسائل مختلفة وأكثر راديكالية. وفي كثير من الأحيان، كانوا يشعلون النار في العربات وينفذون عمليات اغتيال، مما يؤدي إلى إثارة الرعب في أماكن التجمعات والأسواق العامة. ولكن تحت غضب المتعصبون الزيلوت كانت هناك طائفة أكثر قتامة وأكثر عنفا، أطلق عليها الرومان اسم السيكاري Sicarii أصحاب السكاكين، المشتق من اللاتينية sicarius، حامل الخنجر أو السكين. في أيامهم الأولى، كان السيكاريون معروفين بضرب أهدافهم بدقة وسرعة مثل الثعابين. وكانوا يهاجمون المسؤولين الرومان في يهودا والمتعاونين وأنصار الرومان اليهود على حدٍ سواء. عندما يتم القتل، يذوبون مرة أخرى في الحشد ويختفون في الزحام، ولا يسمع أحد عنهم مرة أخرى حتى العملية التالية. وقضى الرومان وقتًا طويلاً في محاولة العثور عليهم وإستئصالهم. ويبدو أن السيكاريون، المتمركزين في الجليل في البداية، كانوا يقاتلون الرومان والطبقة اليهودية الثرية في نفس الوقت من أجل ثورة اجتماعية، في حين كان الزيلوت في القدس أقل تركيزًا على الجانب الاجتماعي، والسيكاري لم يربطوا أنفسهم أبدًا بعائلة معينة ولم ييهتموا بالوصول إلى السلطة. غير أن كلا المجموعتين اعترضتا على الطريقة التي كانت تدير بها العائلات الكهنوتية أمور الهيكل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في