الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يطحنون الزعفران فى اضواء الريمبو المبهجة!

أشرف توفيق

2023 / 12 / 11
حقوق مثليي الجنس


(إذا ظهرت في أمتي خمسٌ فعليهم الدمار : التلاعن، والخمر
والحرير،والمعازف، واكتفاء الرجال بالرجال،والنساء بالنساء)
رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفعت أعلام القوس قزح في حفل مشروع ليلى في سبتمبر 2017 بمصر أم الدنيا في تعبير عن الهويات والتعبيرات الجندرية والميول الجنسية المختلفة لمجتمع الميم وهو ما أدى إلى رد فعل مجتمعي عنيف في أغلب الأحيان واستهداف من قبل الدولة تمثل في القبض على عدد من النشطاء والأشخاص ذوي التعبيرات الهويات الجندرية والميول الجنسية المختلفة وحبسهم لمدد متفاوتة.وبالرغم من أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تطرح فيها قضايا متعلقة بمجتمع الميم وبالرغم من استهداف أفراد هذا المجتمع من قبل الدولة وغير فاعلي الدولة هو أمر مستمر، إلا أن اختلاف هذا الحادث كان مرتبط بكونه من الوقائع الأولى التي شهدت تعبيرا علنيا في تجمع بهذا القدر من الشعبية والتغطية الإعلامية عن وجود هذه الهويات وأحقية وجود أجسادها.
ومنذ ذلك الوقت شكلت المثلية الجنسية أحد المواضيع الجاذبة للرواية العربية، وتأتي جاذبيتها من كونها موضوعا مثيرا ومسكوتا عنه في آن وتناولت الرواية موضوع المثلية بشقيه الذكري والأنثوي، معالجة موضوعا كان يعتبر إلى القريب واحدا من المحرمات الممنوع تداولها روائيا، رغم وجودها بكثرة في كتب التراث العربي الإسلامي وتورد "سحر عامر" العديد من القصص الأخرى التي وردت في الكتب العربية،مما ورد أيضاً في حكايات ألف ليلة وليلة وغيرها، للدلالة على أنه في العالمين العربي والفارسي، كان يتم التسامح مع العلاقات الجنسية المثلية بين النساء بشرط عدم التفريط بالعذرية ،فالعلاقات تلك هي عبارة عن انتظار أو نوع من تسكين الشهوة لحين عودة الرجال، لبدء النشاط الجنسي" الفعلي" إذ كانت المثلية بهذا المعنى نوع من الألعاب الجنسية المتسامح معها لا أكثر،بانتظار الزوج الغائب أو العريس المنتظر،حيث يبدأالجنس الحقيقي الذي يتضمن (اختراقاً والتفافاً وقذفاً) ..
والمثلية الأنثوية في النصوص العربية القديمة تسمى"السحاق" ولم يعتير السحاق مرضاً أومساً من الشيطان أو انحرافاً عن جادة الدين القويم، بل كانوا يعتبرونه اضطراباً فطرياً لا إرادياً وكما جاء في كتاب نزهة الألباب للتيفاشي:"فذكر بعض الأطباء أن أصل هذا الداء خِلقة في النساء"،وكلمة سحاق هي من المصدر سحق أي طحن أوفرك،كما يورد ابن ماسويه أن السحق يتولّدمن تغذي المرضعة بالكرفس والجرجير والحندقوق فإذا أكثرت منه وأرضعت انتقل إلى شفري المولودة فتتولد هناك حكة"،وفى الأدبيات القديمة أن هند بنت النعمان (580-602) ساحقت بعد مقتل زوجها الرائية من بعد "زرقاء اليمامة" فإذا أرات اللقاء ارسلت لها رسالة تقول بها: (أحضرى لنطحن الزعفران) فكانتا أول من عرفا من السحاقيات.ففي نزهة الألباب للتيفاشي:"تنام السفلى على ظهرها وتمد فخذها الواحد وساقها وتضم الأخر وتفرج عن فرجها مائلة لإحدى شقيها،وتأتي العليا فتحتضن الفخذ وتضع أحد شفريها بين شفري السفلى وتحك ذاهبة وجائية،في طول البدن سفلاً وعلواً ولذلك يشبهونه بسحق الزعفران لأن الزعفران يسحق على هذا المنوال" بل يورد التيفاشي أيضاً العديد من الأشعار التي تبيّن فضل "السحاق" على الممارسة الغيرية، للخلاص من خشونة الذكورة،وللخوف من الحمل كما من إقامة حدّ الزنا ولكن مع مجىء الاسلام حرمت المثلية الذكورية"اللواط"،والمثلية الأنثوية "السحاق" قال رسول الله (صلعم) :(السحاق زنى النساء بينهن)..
وظهرت المثلية فى الحكاية بقص شهرزاد وتذكر هنا قصة "الست بدور" من حكايا ألف ليلة وليلة،من أنها بعد فقدانها زوجها قمرالزمان - الذى تغيب بعد معركة حرب عاد منها نصف الجنود واعتبر الباقى مفقوديين- تنكرت بثياب الرجال،وضربت خيمتها قرب مدينة تدعى مدينة الأبنوس وملكها "أرمانوس"،فعند رؤيتها استحسنها كذكر،وكانت له بنت وحيدة تدعى "حياة النفوس"،فزوجها منها لاعتقاه بذكوريتها على أن تصبح ملك البلاد،لم يكن لبدور أن ترفض لئلا تنكشف شخصيتها وتمّ الأمر،لكن العروس"حياة النفوس" تتعجب من أن العريس لايقربها أبداً.ولا يفض بكارتها ،بل يقوم بتقبيلها فقط واحتضانها يكتفى بالمداعبات،والإحتضان بمايشي بنوع من الألعاب الجنسية المثلية إلى أن حضرالزوج الغائب"قمر الزمان"من الحرب ليتخذهما معاً زوجتين.
وقد ظهرت "الغلاميات" اللاتى يشبهن (الست بدور) فى الف ليلة،أي الفتيات اللواتي يرتدين ملابس الصبيان،وظهرن فى الدولة الاموية بالفعل وقت الخليفة الأمين فيقال إن والدة الأمين هي من بدأت بإدخال هذه المزية من أجل تحويل ميول ابنها عن ملاحقة الخصيان،حيث كانت الفتيات يتنكرن بملابس العبيد الذكور، بل كن يرسمن الشوارب واللحى ويتعطرن بعطور الذكور لإكمال السياق وجعل الخليفة ينسى ميوله "المنحرفة" ويتركن انفسهن له يأتيهن من حيث يشاء قبلُ أو دبر؟! وكتب العديد من المؤلفين من القرن التاسع إلى القرن السادس عشر،عن انتشار تلك العادة بين الطبقات العليا في المجتمع،وعن"مدارس السحاق" حيث تتعلم النساء كيفية توفير المتعة لبعضهن.والمثلية الجنسية في الرواية النسوية العربية توضح لنا العلاقة القائمة بين الرواية كعمل ادبي محض والجنس كممارسةاجتماعية،وكيف كان الكاتبات وهن كثريدخلن الشخصيات المثلية في النصوص ويجعلن منها شخصيات رئيسية فهل كانت هذه الكتابات تجارب واقعية عاشتها الكاتبات؟..ام هي مجرد خيال لغوي لا يخدم الا جمالية النص وحده,؟!
وعالجت بعض الروايات الموضوع بشكل عرضي من خلال مشهد عابر ضمن سياق الرواية،أي اكتفت بالإشارة إلى وجود الظاهرة دون التطرق إليها ولأسبابها،وبعضها الآخرعالجه بشكل جذري جاعلا منها موضوعا للرواية برمته، ففى رواية ملامح للكاتبة السّعوديّة "زينب حفني" تعطي نموذجًا للعلاقات المثليّة النّسائيّة الّتي تنشأ كبديل وتعويض عن العلاقة مع الرّجل وذلك حينما تُحرم المرأة من الزّواج فتعاني من الوحدة إنّ ما آلت إليه هند، التي رفض إخوتها أن يزوجوها،حتى لا تذهب ثروتها إلى غيرهم فتحولت إلى مثلية.أوحينما تقع الأنثى ضحيّة للاغتصاب "فسماهر" تهرب إلى علاقة مثليّة بعد أن اغتصبها والدها منذ سنّ العاشرة ولمدّة خمس سنوات،تشكوه ويتمّ زجّه في السّجن وتصرّح: «لو كان الأمر بيدي لألقيت الرّجال جميعهم في حفرة وأضرمت النّار فيها ص113»ويمكننا أن نلاحظ في الفترة الأخيرة تكاثر الروايات تتحدث عن المثلية ومن اشهر تلك الرّوايات: رواية حبّات النّفتالين للكاتبة العراقيّة عالية ممدوح ورواية (جنّات وإبليس) للكاتبة المصريّة نوال السّعداوي، ورواية (بنات حارتنا) للكاتبة السّوريّة ملاحة الخاني،ورواية الصّحفيّة اللبنانيّة رحاب ضاهر "لا نقاب للشّمس" ورواية (نساء يوسف) للكاتبة لينا كريديّة، ورواية (الحمامة بعباءتها السّوداء ) للكاتبة السّعوديّة ليلى عقيل...
والغريب أن كل هذه الرويات منعت من التداول فى معارض الكتب العربية،رغم ترجمة معظمها للفرنسية والإنجليزية؟! فالرقابة نظرت لتلك الروايات باعتبارها تحمل خطاباً قَحْبَوِي أو إباحي موجّه لعقل القارئ المكبوت الهش قليل التجربة المكبوت عاطفيا و جنسيا و المهيّئ لتبني خطاب إثارة الاستمناء «الكتابة الآثمة ».ويعتبر بعض الباحثين أنّ تناول الكاتبات العربيّات للعلاقة المثليّة الأنثوية في نصوصهنّ يأتي في مستويين:أحدهما:إنّ هذه العلاقة هي احتجاج ومقاومة ضدّ تجاهل الرّجال للنّساء في المجتمع العربيّ، وثانيهما: تعتبر هذه العلاقة بديلاً للعلاقة مع الرّجال، حيث انّ النّساء في العلاقة المثليّة يبقين صاحبات الدّور الفعّال والنّشِط وتعبر عن ذلك بوضوح رواية "مسك الغزال" للكاتبة اللبنانيّة حنان الشيخ لتبيّن انّ توظيف المثليّة الجنسيّة النّسائيّة هدفه مقاومة الأعراف المجتمعيّة الذّكوريّة والاحتجاج على إهمال الزّوج لامرأته وانشغاله في السعي وراء المال والعمل،والتّأكيد على دور النّساء الفعّال واختلال دور الرّجال في المجتمع العربيّ." تحكي الرّواية عن نور المرأة الخليجيّة الّتي تعاني من غياب زوجها صالح المسؤول في الدّولة لانشغاله بالتّجارة في أرجاء العالم.،وسهى الّتي تأتي مع زوجها باسم إلى إحدى دول الخليج هربًا من الحرب في لبنان وسعيًا نحوحياة أفضل. تنشأ علاقة بين نور وسهى، بعد أن تداوم سهى على زيارة نور كي تعلّمها فنون السّباحة وتنجح نور في استمالة معلّمتها سهى نحو ممارسة جنسيّة تتطوّر مع الأيّام،رغم توجّس سهى في البداية وإنكار كونها مثليّة كنساء أخريات،لكنّها تؤكّد أنّ مثليّتها هذه في المجتمع الخليجيّ المنغلق،هي متنفّس مؤقّت للحرّيّة لأنّها تنجذب بطبيعتها للرّجال.تقول سهى وهي تصف ممارستها المثليّة الجنسيّة الأولى «نور تقبّلني وما فكّرتُ كما في الواقع أنّ القبل هي بين الرّجل والمرأة،بل تمنّيت المزيد،وكانت (نور)كلّما وصلت نقطة في جسدي أيقظتها وتركتها قلقة ص 47»" والرواية لاتقول لنا عن المكان الذى تجرى فيه الرواية إلا أنه صحراوى وكأنها تقول فى آى مجتمع مغلق ذكورى نتوقع ذلك؟!ولعل أفضل معالجة للمثلية الانثوية كانت من (إلهام منصور)في روايتها «أنا هي أنت» من خلال رؤية تحررية نسوية تنظر إلى المثلية كحق من الحقوق الفردية،التي لايحق لأحد التدخل فيها،تحكي الرواية عن استاذه جامعية اسمهاليال تتعرض للاغواء من احدى طالباتها وتسمى سهام تتخلق الاعذار والحجج كي تتملص من امها لتحظى بلقاء مع استاذتها ليال،وكلما شارفت على البوح لها بما تكن من عشق مثلى تتفاجا بزائر او امر يخطف منها ليال ويجبرها على ان ترجئ حديثها وتصدمنا الرواية بميمي المتزوجة المثلية. تدخل الرواية عالم المثلية الأنثوية من خلال تسليطها الضوء على حالات مختلفة،منهاقصة سهام التي لا تجد نفسها إلافي المثلية،وميمي المتزوجة التي تمارس الجنس المثلي والغيرى معا بحكم زواجها، ود.ليال، وبعدها د.نور، ونفهم أن هناك امرأة شاذة لشهوتها المثلية مع بنات جنسها،وأن هناك (شذوذ واعى) يرضى بالجنس والرجل والخلفة والاولاد ويبقى فى باطنة سره بمعاشرة نفس جنسه الانثوى بلذةوتشوق؟!
ودافعت الرواية بشكل ضمني عن حق بطلتها في الاعتراف بهويتها وحقها في إشهارها حيث نجد لغة متعاطفة مع البطلة تشرح عذابها وضياعها وتشرّد شهواتها.من هنا تبدأ رواية الوهم- لأن القصة لم تبدأ كي تنتهي - لطفلة اكتشفت "مثليتها" في الثامنة من عمرها،وكانت لمسات أمها على ظهرها هي التي تفجّرحنينها الى معلمتها،غيران تداخلاً بين يد الأم ويد المعلمة هو تداخل يسقط كل مقدّس،وكل محرّم!!الغريبة التي تجتاح جسد سهام منذ المرحلة المتوسطة أنها رفضت أنوثتها،ولكن الأم كانت تستعيض عن أنوثة ابنتها"الضائعة" بنشاطها، وذكائها، ونجاحها،حتى إذا بلغت "سهام" سنتها الثانوية الثالثة التي تخولها دخول الجامعة،قررت الأم ارسالها إلى باريس وسرعان ماصارت باريس (المكان اليوتوبي الملعون،والحكايةالموهومة التي ينسب اليها العهر لا الثقافة)
هناك التقت"سهام"،"بكلير" وأقامت معها علاقة مثلية فالرواية تجد النساء والبنات هنا وهناك من لبنان لباريس- مثليات- وكأن الطبعيات فنوا من الكون؟! تنتقل بنا سهام الى ليال ثم الى كلير وصولاً الى الدكتورة نور التي ظنت سهام انها وجدت فيها ضالتها "هذه هي،لقد وجدت ماتريد "نور" امرأة في منتصف العقد الخامس وتقول :"ولكن صهرها الخنزير أتى ليخطفها مني.لكني سأحرق قلبها وأستبدلها بالدكتورة ليال.ومن رثاء كلير تنتقل سهام الى رثاء نور "يا مطر عمري، وذبلت ورودي من قلة المورد،صارت أيامي بلا شمس،وغاب عن ليالي همس القمر" وإذا بلبنان يضج بنسائه الفاجرات في الجامعات وبمقاعد الدراسة، والشرفات، وفي صفوف المتزوجات والعازبات والأرامل فميمي المتزوجة ملَّت معاشرة جارتها الأرملة العجوز وصارت تتمنى لو أن ليال تمارس الجنس معها. فهذه البطلة الطارئة وبعد أن أنجبت ولدين تغيرت علاقتها بزوجها،لأنها لم تشعريوماً باللذة معه!
كانت تحب مداعباته لجسدها قبل أن يدخلها،لأنه حينذاك لاتعود تشعر بشيء،أما جارتها الأرملة فقد ساعدتها على اكتشاف جسدها وهذا ما لم يفعله زوجها؟! وتعتبر رواية “أنا هي أنت” الرواية الوحيدة التي عالجت موضوع المثلية الجنسية من خلال رؤية تحررية تنظر إلى المثلية كحق من الحقوق الفردية التي لا يحق لأحد التدخل فيها باعتبارالمثلية نتاج لأسباب(جينية/داخلية) فسهام التي تكتشف مثليتها أثناء دراستها في فرنسا تكتشف أمها علاقتها مع صديقتها (كلير) فتتذمر من هذا الوضع لتعود سهام إلى لبنان الغارق في حربه، تحمل معها حيرتها وهويتها الجنسية التي لا تعرف كيف تتعامل معها في مجتمع لا يعترف بأمر كهذا وتعنفها أمها تقول لها بلهجة قاسية تعكس نظرة المجتمع للظاهرة : (أموت ولا أريد أن أعرف أنك منهن).. وتأتى رواية (رائحة القرفة) للكاتبة السورية سمريزبك وهى اشهر"الروايات المثلية" فقد تناولت الموضوع وهى تحكي علاقة سيدة من دمشق بخادمتها الصغيرة وتغوص في عالميهما السفلي[ المدقع بالفقر (للخادمة "عليا") وعالم الطبقة المترفة التى منها (سيدتها "حنان")وتحول هذه العلاقة إلى لعبة قوية في يد الخادمة وتجعل منها المبرر الوحيد لشعورها بإنسانية مفقودة،وتفتح عوالم مغلقة لأنها تمس أكثر مكامن الوجع في روح الإنسان الخائف والمقموع ويبدو أن حنان تحب عليا والتي تختزل الحب بمعنى من المعاني لتكون خليلتها.ومع ذلك ففى أحد الأيام تروح عليا بالنوم في سرير"حنان"وفي الصباح تثبت الخليلة العلاقة الهرمية: (كيف تسمحين لنفسك بالبقاء في فراشي حتى الصباح؟) لتظهر لنا علاقة دونية تركز على الفروقات الطبقية.بين امرأة وخادمتها. والعلاقة المثلية كانت تأخذ شكل ملجأ،أو بديل،من جهة للزواج غير المقنع،ومن جهة مقابلة كطريقة للقفزعلى الطبقية والفقر،وهذا يمنع الخادمة من رفض مقاربة سيدتها.وهذه السيدة،منذ أول الأمركانت تبحث عن ملجأ من حياتها البورجوازية المضجرة. ونكتشف من الرواية أن عليا الخادمة مستغلة جنسيا من قبل مخدوميها (الزوج والزوجة) وعموما في حين أن العلاقة بالرجل تختصر ببساطة إلى عمل جنسي كانت علاقة المرأتين تتطور لشيءآخرفمع هذه الافتراضات لا يمكن لهذه العلاقة أن تستمر،فالمثلية الجنسية فيها تمثل علاقة سلطوية بين سيدة وخادمة سوداء،ولكنها كانت تنسف نمطا بطريركيا جنسيا لكليهما (كانت الخادمة مصدر لإنجذاب (حنان) تتلذذ بأصابعها إذ تلعب وترسم على ظهرها ولكنها تشعر بالغرابة من لون أصابع خادمتها السمراء القاتمة على لحمها الأبيض الناعم ص44.) ومن الواضح أن البطلتين لاتعرفان نفسيهما بهوية سحاقية مهما كان السبب وراء ذلك وهو مختلف لكل منهما بالطبع فحنان مع أنها مغرمة جدا بعليا، لم يكن يبدو أنها محبة بل هو نوع من الامتلاك والانتقام من زوجها،الذي أجبرت على الاقتران به دون حب (تفتح حنان عينيها وتتلمس بطنها الذي لم ينجب وريثا للعائلة.البطن الذي كانت تلعب فوقه عليا بأصابعها وشفتيها قبل ساعات تتذكرها الآن وهي ممددة على سريرها،تحاول معرفة من كانت عليا،ومن كانت هي؟ص99)
وهكذا عالجت سمر يزبك في روايتها المثلية كنتاج لأسباب اجتماعية طبقية من خلال علاقة سيدة بخادمتها،حيث تدخل علاقة السيد والعبد بقوة في تحليل العلاقة المثلية،مرجعية الأمر في أحد جوانبه إلى علاقة سيطرة فالسيدة تفرض قوتها على مخدومتها لتغدو الأخيرة خاضعة لها لا بفعل مثليتها بل بفعل ضعفها.فهي مجرد فقيرة لا تستطيع رفض طلب سيدتها وولية نعمتها ومن جهة أخرى فهي بحاجة إلى حنان (أيا كان هذا الحنان) ثم نجد أن الأمور تنقلب فتصبح السيدة عبدة بين فخذي مخدومتها وتصبح الخادمة سيدة في الليل وخادمة في النهار.
ونجد أن الخادمة تسعى لفرض سلطتها من خلال انتقامها من سيدتها التي نهرتها يوما لأنها نسيت نفسها في فراشها حتى الصباح فتقيم علاقة مع زوجها لتنتقم من سيدتها التي أهانتها،الأمر الذي يجعل من ممارسة المثلية لدى الخادمة مجرد سبب لتحقيق أهداف معينة أي أنها مثلية عارضة،مكتسبة بفعل خارج فرض لأسباب اجتماعية) :الفقر والطبقية( .بالنسبة للسيدة "حنان" فنجد أن المثلية أيضا تبدو مكتسبة فهي ناتجة عن إهمال الزوج وغياب الحب وفراغ الوقت،ونتيجة الإحساس بثقل القيم الزائفة التي يفرضها مجتمع الطبقات المخملية أكثر مما هي حاجة داخلية لدى السيدة أي أنها تعويضا عن غياب ما !? هنا نلاحظ أن سمر يزبك في روايتها تعيد المثلية الجنسية إلى أسباب خارجية تفرضها عوائق الحياة ويمكن لهذه المثلية أن تختفي بمجرد انتفاء الأسباب المؤدية لها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عكار فتحت قلوبها امام النازحين ولكن المعاناة فيها مضاعفة (01


.. نازحون سودانيون من ذوي الاحتياجات الخاصة يتحدثون عن معاناتهم




.. يونيسف تحذر.. الحرب الإسرائيلية دمرت حياة أطفال لبنان


.. اعتقال مقربين من نتنياهو بعد تهم بتسريب معلومات أمنية حساسة.




.. ليبيا.. ترحيب رسمي بتمديد مجلس الأمن عمل بعثة الأمم المتحدة