الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطيّة و حرّية التعبير – القاعدة الإقتصاديّة هي العامل الحيويّ ! ( الجزء 3)

شادي الشماوي

2023 / 12 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


أتاش / الشعلة عدد 145 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماوي )
جريدة " الثورة " عدد 832 ، 11 ديسمبر 2023

ملاحظة الناشر : هذا المقال نُشر باللغة الفارسيّة في آتاش / الشعلةعدد 145 ، ديسمبر 2023 على موقع أنترنت cpimlm.org و ترجمه إلى الأنجليزيّة متطوّعون من موقع أنترنت revcom.us . و الكلمات و الجمل بين معقّفين أضافها المترجمون من أجل مزيد الوضوح . و قد جرى نشر الجزء الأوّل والجزء الثاني سابقا على موقع revcom.us.
والمصدر الأساسي لهذه السلسلة من المقالات هو كتاب بوب أفاكيان،" الديمقراطيّة : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك؟" و غيره من أعماله حول الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة .
----------------------
في القسمين السابقين ، ناقشنا جوهريّا أنّ الديمقراطيّة البرجوازيّة دكتاتوريّة برجوازيّة . و تفحّصنا أيضا كيف أنّ التناقض بين المثل الأعلى الديمقراطي و الواقع مصدرهعديد الأوهام و النظريّات البرجوازيّة الصغيرة لإصلاح و توسيع الديمقراطيّة البرجوازيّة ، و أنّ حدود أيّة دولة و بنيتها الفوقيّة العامة بما فيها الديمقراطيّة ، تتحدّد بقاعدتها الإقتصاديّة . و في هذا القسم ، سنناقش لماذا و كيف أنّ القاعدة الإقتصاديّة لأيّ نظام إجتماعي تحدّد مضمون و أبعاد" حقوقه " و خاصة كيف يشكّل ذلك " حرّية التعبير " بما هي مظهر من المظاهر الأكثر إحتفاءا و إعجابا بها في الديمقراطيّة البرجوازيّة . و في نهاية المطاف سنبيّن أنّ لتخطّى الأفق الضيّق ل " الحقذ البرجوازي " ما من سبيل آخر عدا الإطاحة الثوريذة بالطبقة الحاكمة و بناء نوع من الدكتاتوريّة / الديمقراطيّة المختلفة راديكاليّا .
و المشكل الأكثر جوهريّة هو أنّ في كلّ نظام إجتماعي ( أي النظام الرأسمالي أو النظام الإشتراكي ) ، البنية الفوقيّة السياسيّة يجب أن تخدم االنية التحتيّة الإقتصاديّة . و هذه ليست مجرّد تجريد نظريّ بل لها معنى ملموس . و هذا يعنى أنّ السياساتو التحرّكات التي هي ضد أو تقوّض البنية التحتيّة الإقتصاديّة ستؤدّى إلى الفوضى و تفكّك النظام بأكمله . إذا كانت القوانين ( التي هي جزء من البنية الفوقيّة السياسيّة ) في نزاع مع علاقات الملكيّة الأساسيّة ، ستتفسّخ كامل القاعدة الإقتصاديّة و المجتمع ( بمعزل عن ما إذا كان النظام الاجتماعي رأسمالي أو إشتراكي ) لن يقدر على السير .
تصوّروا ، على سبيل المثال ، أنّ الحاجيات الأساسيّة للحياة يتواصل إنتاجها كما تُنتج الآن في المجتمع الرأسمالي . يعنى الغالبيّة العظمى يُنتجها اعمّال الذين يبيعون قوّة عملهم مقابل أجور في المصانع [ أو المزارع ] يملكها الرأسماليّون ، و يبيع الرأسماليّون المنتوجاتالتى يملكونها و يتحكّمون فيها [ ملكيّة خاصة ] . ثمّ ، تصوّروا أنّ في هذه الظروف ، يقع تمرير قانون يقول ليس على أحد أن يدفع مقابل حصوله على حاجياته و أنّ بوسع كلّ فرد أن يأخذ [ أيّ شيء ] حسب حاجياته من ما تمّ إنتاجه ! واقع أنّ هذا يبدو عبثيّا ، و من غير الممكن تطبيقه مطلقا ، تعبير عن واقع جوهريّ : علاقات الإنتاج ( أي البنية التحتيّة الإقتصاديّة ) للمجتمع [ تحدّد إطار ] البنية الفوقيّة الإيديولوجيّة و السياسيّة بما فيها القوانين .
لكن ليست كافة النظريّات التي تتصادم مع القاعدة الإقتصاديّة الرأسمالية بوضوح غير واقعيّة كما هو حال هذا المثال الذىمرّ بنا ذكره . فمثلا ، هناك عديد نظريّات الديمقراطيّة البرجوازيّة التي ترتئى توزيعا عادلا للثروة أو حتّى التوزيع الادل لوسائل الإنتاج [ الأرض و الآلات و المصانع إلخ ] . تقول ، على سبيل المثا ، إنّ كلّ فرد يمكن أن يُمنح قطعة أرض ليفلحها و متى بدأ أيّ أحد في التقدّم على ألاخرين ، يمكن تسليط أداءات على الفائض و إعادة توزيعه من جديد ! لكن المشكل هو أنّ الإنتاج و التبادل السلعي سيؤدّيان على أساس نمط الإنتاج الرأسمالي هذا ذاته و بطريق الحتم إلى اللامساواة و إلى إستقطاب في المجتمع ؛ و حتّى لو تمّ العمل بحصّة متساوية من وسائل الإنتاج . و إضافة إلى ذلك ، هناك واقع أنّ قطع الأرض المتساوية لا يمكن أبدا أن تكون متساوية بشكل مطلق إذ أنّ بعض الأرض أخصب أو أقرب من الماء أو موقعها أفضل إلخ – و منتوجات هذه الأراضي يجب أن تروجبالسوق في تنافس مع منتوجات أخرى ، و [ مع ] المزارع من بلدان أخرى . و على هذا النحو ، قانون القيمة يربط جميع هؤلاء المنتجين المنفصلين من خلال السوق و يفرض معيارا معيّنا من النوعيّة و الفعاليّة عليها . و في النهاية ، عاجلا أم آجلا ن ستتطوّر اللامساواة بين هؤلاء المنتجين و مع تدخّل الحكومة لفرض المساواة [ في الملكيّة ] ستتعمّق الإنقسامات في المجتمع إلى درجة أنّ البعض سيحمل السلاحو يتمرّد على الحكومة التي تمنعهم من توسيع الإنتاج !
و إذا أرادت حكومة أن تمنع هذه السيرورة من أن تؤدّى إلى اللامساواة ، يجب أن توقف الإنتاج للسوق العالميّة ، و هذا مرّة أخرى ، غير واقعي و غير عمليّ ضمن إطار النظام الرأسمالي . لذا لا يهمّ مدى جودتك أو كمّية السياسات و القوانين التي تصدر للترويج للمساواة . طالما تسيرون ضمن إطار الإنتاج و التبادل السلعي الرأسمالي و تحويل قوّة العمل إلى سلع، ستولد اللامساواة .
لهذا ، في " العالمالوقاعي " ، تحديدا في المجتمع الرأسمالي ، هذا قانونيّا تماما لشركة ترفض أن تؤجّر الناس على أساسأنّ توظيفهم لن يكون مفيدا حتّى إن كان ذلك سيتسبّب في الجوع و فقدان المأوى للعاطلين عن العمل ( و ربّما لعائلاتهم ) . و إذا إحتلّ هؤلاء العاطلين من الفاقدين للمأوى فىمكان ما و أخذوا الغذاء و الثياب من مغازة ما دون دفع مقابل سيُعاقبهم جهاز [فرض ] الدولة – لأنّه عمل يمضى ضد سير البنية التحتيّة الإقتصاديّة للرأسماليّة ز لهذا من القانوني تسريح الناس الذين هو غير قادرين على جعل دفوعات الرهن او الإيجار . يمكن لشركة طاقة أو شركة ماء أو غاز أن تقطع الكهرباء و الماء و الغاز إذا لم تدفعوا الفواتير ، و هذا قانونيّ تماما .
و هذه القوانين التي تخدم و تنسجم مع مبدأ الملكيّة الخاصة و تبادل السلع [ في ] الإنتاج ، ليست مجرّد قوانين متّصلة بمجال الماليّة و الاقتصاد ، ولا تعكس أيضا مباشرة نمط الإنتاج . بالأحرى ، ترتبط بعض القوانين بالحفاظ على البنية الفوقيّة السياسيّة و الثقافّة و العسكريّة ، و هذه ، بدورها ، تخدم حماية و تعزيز علاقات إنتاج البنية التحتيّة . و على سبيل المثال، حرّية التعبير الممدوحة جدّا في " البلدان الديمقراطيّة " ليست في تناقض مع دكتاتوريّة البرجوازيّة بل هي قائمة بالأحرى ضمن ذلك الإطار و تتحدّد به لسببين إثنين . أحدهما هو أنّ الطبقة الحاكمة تهيمن على و تحتكر تشكيل الرأي العام . لهذا السبب ما كتبه ماركس و إنجلز في " بيان الحزب الشيوعي " أصحّ من أيّ يوم أبدا : " الأفكار السائدة في كلّ عصر أو أيّ مجتمع هي دائما أفكار الطبقة الحاكمة " . و ثانيا ، تهيمن الطبقة الحاكمة و تتحكّم في القوّات المسلّحة و تستخدمها لسحق الأفكار و التصرّفات التي تمثّل تهديدا جدّيا لنظامها .
و يحدث هذا بالضبط أمام أعيننا اليوم . حرب إسرائيلضد فلسطين قادت إلى إستقطاب حاد حول العالم . ليس من الممكنلملايين الناس أن يبقوا مكتوفى الأيدى لامبالين تجاه مذبحة في حقّ أكثر من 11 ألف إنسان في 40 يوما فقط ، فصارت الشوارع و الجامعات مواقعا للإحتجاج . إلاّ أنّ ردّ " الديمقراطيّات البرجوازيّة " لم تعترف بحرّية التعبير لمساندى فلسطين بل منعت- من شعارات المظاهرات إلى حمل علم فلسطين إلى لباس الكوفيّة .(1) بينما وسائل الإعلام و شبكات الأخبار الإفتراضيّة شوّهت بشكل واسع أو محت أخبار و آراء مساندى فلسطين . و هي تقوم بذلك بحماس كبير لأنّ إسرائيل حليف هام للديمقراطيّات الغربيّة و عدم الدفاع عنها يعنى دارة الظهر إلى المصالح الجوهريّة لنظامها .
و يسمون مجموعة حماس ب " الإرهابيّة " لكن لا سرائيل و لا أيّ شخص يخدممصالح الإمبرياليّة الأمريكيّة ينعت ب " الإرهابي " و رغمأنّ صمت وسائل الإعلام قد شهد تراجعا نظرا إلى درجة معيّنة غلأى إستقطاب المجتمع حول القضيّة الفلسطينيّة و تشديد الإنقسامات في صفوف الطبقة الحاكمة ، فإنّ وسائل الإعلام لم تستطع بعدُ أن تُعالج علنا مسألة ما إذا كان للولايات المتّحدة حقّ إدانة " الإرهاب " أصلا إعتبارا لجرائم الحرب و الممارسات الوحشيّة للولايات المتّحدة حول العالم . إنّ التحكّم و التصرّف في وسائل إعلام الطبقة الحاكمة كما نرى في هذه الأمثلة مظهر هام من الممارسة الشاملة لدكتاتوريّة البرجوازيّة في البناءالفوقيّ للمجتمع الرأسماليّ. لا وُجود للحرّية و المساواة للجميع ، لا في مجال الفكر السياسي و لا في العلاقات الإجتاعيّة و لا في العلاقات الإقتصاديّة للبنية التحتيّة . في جميع هذه المجالات ، لا وجود سوى للحكم الطبقيّ . و تكشف أوقات كهذه الدكتاتوريّة البرجوازيّة المخفيّة في حرّية التعبير .
و في إطار الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة ، مفهوم حرّية التعبير نفسه يتأثّر أيضا بالبنية التحتيّة الإقتصاديّة و الإنتاج و التبال السلعي ، و مفهوم " سوق الأفكار " تعبير عن علاقات الملكيّة ال{اسماليّة . أحد منظّرى الحقوق البرجوازيّة ، جون ستوارت ميل ، دافع عن حرّية التعبير للجميع بما في ذلك للآراء غير الشعبيّة قائلا إنّ حجج أيّ نظريّة يجب الإستماع إليها ليس فقط من معارضيها بل أيضا من أفضل المدافعين عن هذه الفكرة . و يمكن تقسيم هذا الموقف إلى إثنين : فمن جهة ، ما يدافع عنه جون ستوارت ميل هو حقّ الأفراد في حوز ملكيّة فكريّة (2) و توماس جيفرسن ( أب الديمقراطيّة الأمريكيّة ) كان ينظر إلى ملكيّة الأفكار و الآراء كشكل من أشكال الملكية الخاصة ، و حماية الملكيّة بأي شكل من الأشكال أهمّ مهمّة تضطلع بها الحكومة .
في سوق الأفكار ، حرّية التعبير تعنى أنّ كلّ شخص مالك لأفكاره . إذا كانت لديه فكرة جديدة ، يجب أن " يسجّلها " على نحو يفيده ( مثل براءة الإختراع ) قبل الخروج للعموم بهذه الفكرة خشية أن " تسرق " منه . و بعد جعلها عامة ، يجب أن " تتنافس " مع أفكار أخرى من أجل أفضل قيمة ( حتّى إن لم تكن هذه القيمة ماليّة بصفة مباشرة ) . و في هذه السيرورة ، الشيء الوحيد الذى لا يهمّ هو ما إذا كانت الفكرة تخدم الحصول على فهم أفضل للحقيقة ، على فهم أفضل للعالم ، و تغييره خدمة لمصالح معظمالبشر . و هكذا تمسى الأفكار لا شيء أكثر من ملكيّة أصحابها ، لذا فإنّ تحدّيها بأيّة طريقة كان بمقارنتهابالواقع الموضوعي تُعتبر هجوما على مبدع الفكرة لأنّ ما يهمّ ليس الحقيقة بل فكرتى . " (3)
هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، ما يدافع عنه جونستوارت ميل كحرّية تعبير هو كذلك مهمّ جدّا بالنسبة إلى وجهة النظر المرتبطة بمستوى من الواقع الماديّ ( سواء في المجتمع أم في الطبيعة ) ، تتحرّك و تتطوّر بإستمرار و من غير الممكن معرفتها دون نقاش و جدال حول الأفكار المتعارضة – و مع أفضل المدافعين عن هذه الأفكار . و يولّد النزاع بين الأفكار قدرا كبيرا من الطاقة في المجتمع لإكتشاف الحقيقة ، و فيه بإمكان الأفكار الصحيحة أن تثبت نفسها مجدّدا ، أو تصلح أخطاءها . أجل ، يجب أن يكون الجميع أحرارا – من الإضطهاد و من حدود الملكيّة الخاصة للأفكار – للتعبير عن آرائهم. لكنّ هذه ليست حرّية لبضعة أفراد فقط . أكثر من أيّ شيء آخر ، يجب أن تكون الجماهير الشعبيّة العريضة حرّة ، أثناء هذه السيرورة ، لبلوغ الحقيقة حول الأشياء و حول العالم ، في مظاهرها المتنوّعة و الأعمق ، و يجب تمكينها من البحث عن المعرفة العلميّة و إكتشاف الحقيقة . و فقط على مثل هذا النحو يمكن للناس التوصّل إلى أن يصبحوا مسيّرين حقّا للمجتمع و سادته .
و المظهر الآخر للمشكل هو أنذ " حرّية التعبير غير محدودة " في نظريّة جون ستوارت ميل لم توجد قط عمليّا . و حتّى إذا لم توج سياسة للمنع القانوني لأفكار خاصة ، لا يمكن لكلّ الأفكار و وجهات النظر في العالم أن تنعكس بشكل متساوى في وسائل الإعلام و المنشورات إعتبارا لإكراهات الوقت و الموارد . عمليّا ، ما يحدث في المجتمع الطبقي الرأسمالي هو أنّ مجموعة أفكار تتماشى و مصالح الطبقة الحاكمة تتنافس بينما يُزعم أنّه لا وجود لقيادة لهذه السيرورة . لكن البرنامج في المجتمع الإشتراكي ، آخذين بعين النظر الحدود الموضوعيّة ، هو حماية مروحة واسعة من الأفكار المتنوّعة والمتناقضة . و تتمّ قيادة هذه السيرورة على نحو يخدم بلوغ الحقيقة في أعلى مستوى ممكن بدلا من طريقة في ظرف معيّن تفيد الدولة ، أو حتّى الحزب الشيوعي . كلّ الحقائق فىنهاية المطاف تخدم مصالح البروليتاريا .
و لا حاجة إلى قول إنّه بالرغممن أنّ كافة القوانين و الحقوق المدنيّة في الديمقراطيّات البرجوازيّة تعتمد على تعزيز و توفير الاستقرار لدكتاتوريّة الطبقةالحاكمة ، فإنّ القوانين نفسها تؤوّل كذلك و تحوّر و تُستخدم ضد الناس من قبل الشرطة و المحاكم و السلطات القائمة عامة . و على سبيل المثال ، ليس في الجمهوريّة الإسلانميّة فحسب أنّ " حرّية التجمّع " مُعترف بها في الدستور (4) غير أنّها تُداس في التطبيق العملي . إبّان تمرّد جينا ، جرى قتل مئات الناس أو جرت إصابتهم بالعمى كما جرى إيقاف آلاف الآخرين . و في الولايات المتذحدة ، يعترف القانون بذات الحقوق للرجل الأسود في حمل سلاح و إستعماله للدفاع عن النفس شأنه في ذلك شأن الرجل الأبيض . لكن ، إذا وُجد رجل أسود نفسه وجها لوجه مع شًرطيّ ، من المرجّح جدّا أنّه سيخسر حياته ، و سيُعدّ قتله على يد الشرطيّ على الأغلب " قتلا مبرّرا " . القمع ، سواء في شكل قمع الأفكار أم في شكل القمع [ الجسدي ] من قوات الأمن أو الجيش ، يدلّل على وجود الدكتاتوريّة الطبقيّة ، و العامود الفقريّ للدكتاتوريّة الطبقيّة هذه هو جيشها و قوّاتها العسكريّة . لهذا ، لا يمكن أن يوجد شيء مثل " الثورة السلميّة " .
و الثورة تعنى تغيير القاعدة الإقتصاديّة و البنية الفوقيّة للمجتمع ؛ و هذا يتطلّب تعويض طبقة حاكمة بطبقة أخرى . و لم يشهد أيّ عصر في التاريخ طبقة حاكمة " تتخلّى " طواعيّة عن موقعها الطبقيّ إلى طبقة ترغب في إلغائها . و الثورة تعنى حلولطبقة حاكمة محلّ طبقة أخرى . و هذا أيضا ضروريّ للثورة في هذا العصر ، الثورة الشيوعيّة . لكن هدف الثورة البروليتاريّة ، على عكس هدف الثورات البرجوازيّة في القرن 18 ن هو إلغاء كافة العلاقات الإستغلاليّة ، كافة الإنقسامات الإضطهاديّة في العمل ، و كافة المؤسّسات السياسيّة و الأفكار [ التقليديّة ] التي تمثّل إنقسام المجتمع إلى طبقات. (5)
و رغم أنّ كلّ هذا وقع فضحه في ما يتّصل بالطبيعة الحقيقيّة للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة و جذور كّ الإضطهاد و الإستغلال و الحرب و الإبادة الجماعيّة التي نشاهدها ، فإنّ ذلك لا ينفصل عن الأسس الماديّة / البنية التحتيّة ل" الحقوق الديمقراطيّة " و آفاق الديمقراطية البرجوازيّة لا توجد و لم توجد قط في أيّ مكان ، ديمقراطيّة للجميع ، حرّية تعبير للجميع، مساواة بين المستغِلّين و المستغَلّين . في نظام الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، لا يمكن أبدا أن نحصل على عالم أفضل من ذلك الذىلدينا في الوقت الحاضر . لكن الآن ، مع ثورة فعليّة ، من الممكن أن ننشأ نظاما مغايرا كلّيا . و مع ذلك ، فإنّه بالنسبة على معظم الناس في العالم ، لا تزال الثورة شيئا غريبا بعدُ ، و يفضّل الكثيرون أن ينغمسوا في النضال لنيل المزيد من و أفضل " الحقوق الديمقراطيّة " حتّى مع أنّ تغيّر المناخ و التهديد بحرب نوويّة يهدّدان جدّيا الإنسانيّة في وجودها .
و في القسم القادم ، سنناقش ذلك رغمأنّه سيكون لدينا نوعا أفضل بكثير من الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة في المجتمع الإشتراكي، و صنف مغاير نوعيّا من الحرّية ، لن يكون إمتدادا للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة أو تحسينا لها .
ملاحظة ختاميّة من المترجمين للمال إلى اللغة الأنجليزيّة :
من أجل شرح أساسي للمصطلحات العلميّة التالية فىالمقال -1) وسائل الإنتاج 2)الإنتاج السلعي 3) قانون القيمة – الرجاء الإطّلاع على " السلع و الرأسماليّة – و التبعات الفظيعة لهذا النظام ، شرح أساسيّ " لبوب أفاكيان . [ تجدونه معرّبا بالموقع الفرعي لشادي الشماوي على صفحات موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت ]
الهوامش :
1- مثلا ، في ما يتعلّق بالمنع في فرنسا :
2- حول الملكيّة الفكريّة ، بوب أفاكيان 2008 ، الفصل حول " حرّية الوعي كملكيّة خاصة " ، السوق الحرّة للأفكار – و بحث مختلف راديكاليّا و بدرجة أبعد دون عراقيل عن الحقيقة " .
3- المصدر السابق .
4- وفق المادة 27 من دستور إيران ، " تنظيم تجمّعات و مسيرات دون حمل سلاح مسموح به طالما لم يشوّش على مبادئ الإسلام ".
5 " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " ، بوب أفاكيان ، بانر براس 1986 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل