الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتائج تجاهل الفلسطينيين وإنكار كونهم شعبا

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 12 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نهاد أبو غوش
في السابع من أوكتوبر 2023 انفجر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على نحو لم يسبق له مثيل على امتداد 75 عاما لهذا الصراع المزمن. فاللطمة التي وجهتها المقاومة وحركة حماس في ذلك اليوم هي الضربة الأعنف التي تتلقاها إسرائيل في تاريخها. كما أن حرب الإبادة والتهجير والتدمير التي ردت بها إسرائيل غير مسبوقة ايضا في مستويات عمليات القتل والتدمير. فقد ألقت القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، هذا الجيب الصغير والمُطوّق والمحاصر، أكثر من 35 ألف طن من المواد المتفجرة أي أكثر من ضعف القدرة التدميرية للقنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين. ويتبين أن حصة الفرد الفلسطيني في غزة من المواد الشديدة الانفجار تزيد عن 15 كيلوغراما، بينما حصته من المواد الإغاثية على اختلافها من ماء وطعام وأدوية لا تزيد عن ربع كيلوغرام!
لتبرير حربها لجأت إسرائيل إلى وسيلتين دعاويتين متلازمتين، هما "دعشنة" حركة حماس ونزع الصفة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني لتبرير حرب الإبادة ضده، ومن الواضح أن أوساطا نافذة ومقررة في الولايات المتحدة والغرب الأوروبي ترغب في تصديق هذه الادعاءات، ولذلك ترى أن حق إسرائيل المزعوم في الدفاع عن نفسها هو حق مطلق، بينما تغض النظر عن الفظائع اليومية التي ترتكبها إسرائيل والتي وصفتها المنظمات الدولية المحايدة (مثل الاونروا والصحة العالمية واليونيسيف) بأنها جرائم حرب.
لم تأت شيطنة الفلسطينيين ونزع الصفة الإنسانية عنهم من فراغ، فالقادة الإسرائيليون منذ دافيد بن غوريون وغولدا مائير وصولا لبنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش لا يرون أن الفلسطينيين شعب، وفي أحسن الأحوال يطلق عليهم "عرب ارض إسرائيل"، أو "سكان المناطق". المرة الوحيدة التي أُقِرّ فيها بكون الفلسطينيين شعبا وردت على لسان رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين في رسائل الاعتراف المتبادلة التي مهّدت لاتفاق اوسلو عام 1993، والمصطلح المستخدم في اللغة الانجليزية (People) ملتبس في حد ذاته لأنه يمكن أن يعني شعبا أو مجموعة من الناس. لكن الالتباس سرعان ما يتبدد في لغة السياسة والمقاربات التي اعتمدتها الحكومات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، والتي لم تُجاوز التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم "سكانا" لهم حقوق معيشية واقتصادية وإنسانية، ولكن ليست لهم حقوق سياسية وسيادية على الأرض التي يقيمون عليها والتي لا يُعترف بها ك"وطن" للفلسطينيين، هذه الرؤية مكرّسة في القوانين الإسرائيلية وتحديدا في قانون أساس القومية (قانون له قوة الدستور) الذي أقر في يوليو من العام 2018 والذي ينص حرفيا على أن حق تقرير المصير في أرض إسرائيل هو حق حصري "للشعب اليهودي".
وزير المالية سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية يترجم هذه الأفكار إلى وضع الفلسطينيين أمام خيارات ثلاثة لا رابع لها وهي: أن يقبلوا بوضعية العبيد في خدمة اليهود، أو أن يتم ترحيلهم طوعا أو قسرا، أو أن يموتوا إذا أصروا على ممارسة حقوقهم الجماعية. يترجم نتنياهو ذلك إلى خيارات أكثر تنميقا وحَذَرا من قبيل "السلام الاقتصادي". وفي جميع مبادراته السياسية لم يأت نتنياهو على ذكر اي حقوق سياسية للفلسطينيين، معتبرا أن ذلك مؤجل إلى ما بعد استكمال التطبيع مع العرب، لذلك هو راهن على مقايضة حقوق الفلسطينيين السياسية في الدولة والعودة وتقرير المصير بجملة من التسهيلات المعيشية كتصاريح العمل وكميات الوقود ومساحة الصيد البحري وما شابه ذلك من فُتات.
نتنياهو لم يكن يرى الفلسطينيين، وظنّ أنه قادر على تجاوزهم في مبادراته السياسية الإقليمية، فجاءه الرد صاعقا مزلزلا من هؤلاء الفلسطينيين الذين قلل من شأنهم وقدرهم، والذين على الرغم من كل الخسارات التي تكبدوها في الحرب على غزة، أثبتوا من جديد أنهم الرقم الصعب والعنصر الأهم في معادلة الصراع في الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية