الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال فلسطين والحاجة إلى حماية اجتماعية عاجلة

مؤيد عفانة
كاتب

(Moayad Afanah)

2023 / 12 / 13
القضية الفلسطينية


منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، يرافقها تضييق وحصار وتقطيع أوصال الضفة الغربية بمئات الحواجز الثابتة والمتحركة، إضافة الى اغلاق المناطق المحتلة عام 1948 "داخل الخط الأخضر" أمام الفلسطينيين، الأمر الذي يعني اغلاق سوق العمل داخل الخط الأخضر أمام العمالة الفلسطينية، والتي يبلغ عددها تبعاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حوالي (164) ألف عامل/ـة، في حين تشير بيانات غير رسمية إلى أن العدد يصل الى (205) ألف عامل/ـة مع اعتبار العمالة غير المنظمة والعمالة بدون تصاريح عمل، مما يشكّل حوالي (20%) من القوى العاملة في فلسطين.
وقد رافق ذلك قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية بتاريخ 2/11/2023، الاقتطاع من أموال المقاصّة التي تجبيها اسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، بخصم المبالغ المخصصة لقطاع غزة، إضافة للخصم الشهري للأموال المخصصة لذوي الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال، الأمر الذي قابلته السلطة الفلسطينية برفض استلام أموال المقاصّة منقوصة، وبالتالي لم تستطع السلطة الفلسطينية الوفاء بالتزاماتها وعلى رأسها صرف رواتب موظفي القطاع العام، والفئات الأخرى المستفيدة من الانفاق الحكومي، خاصّة وأن ايرادات المقاصة تشكل حوالي ثلثي الإيرادات الفلسطينية، والتي تعاني بالأصل من أزمة مالية بنيوية مزمنة، وبالتالي فإن عدم استلام أموال المقاصّة أدى إلى عدم قدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب موظفي القطاع العام، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، والذي يقدر عددهم بحوالي 150 ألف موظف/ـة، إضافة إلى قرابة 50 ألف مستفيد/ة (أشباه الرواتب). عدا عن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على دفع مخصصات الفقراء، ضمن برنامج المساعدات النقدية، والتي تستفيد منها حوالي (120) ألف أسرة فقيرة معظمها من قطاع غزة.
الأمر الذي يعني خروج ما لا يقل عن (405) آلاف من القوى العاملة من دورة الاقتصاد والإنتاج، إضافة إلى تعطّل الحياة بشكل كامل في قطاع غزة، وبالتالي انكماش الدورة الاقتصادية في فلسطين كَكُل، كونها دورة مترابطة الحلقات، وأثر سلباً على العمالة المحلية في مناطق الضفة الغربية، والذين تعرض الآلاف منهم إلى التسريح الدائم أو المؤقت، وتحديداً في القطاعات الخدماتية، من سياحة ومطاعم، ونقل عام، وغيرها، خاصة مع إجراءات على المستويين الرسمي والخاص، ساهمت في ذلك، مثل تعطيل دوام الجامعات الفلسطينية، وتحوّلها للتعليم عن بعد، وعدم انتظام الدوام المدرسي، وتحوّله نسبياً عن بعد، وغيرها، الأمر الذي أكده تقرير سلطة النقد الفلسطينية "نتائج مؤشر سلطة النقد لدورة الأعمال" لشهر تشرين أول 2023، والذي أشار إلى تدهور المؤشر الكلي في فلسطين مسجلاً تراجعاً كبيراً ليبلغ نحو -38.6 نقطة، جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ففي الضفة الغربية، انخفض المؤشر الكلي بشكل حاد من 4.8 نقطة في أيلول إلى -26.7 نقطة في تشرين أول، أما على صعيد قطاع غزة، فإن العدوان الإسرائيلي قد جاء بآثار تدميرية وكارثية، وشلّ الحياة بكافة جوانبها، ووفقاً للمعطيات والتقديرات، فإنه يتوقع أن يتراجع المؤشر في قطاع غزة بشكل كامل إلى -100 نقطة في تشرين أول.
ولغاية كتابة هذا المقال، لم تصدر عن الحكومة الفلسطينية إجراءات لتأمين الحماية القانونية والاجتماعية بما يعزز صمود العمال والموظفين، الذين فقدوا مصادر دخلهم، وخاصة الشيكات والفوائد البنكية وغيرها، وما صدر عن سلطة النقد الفلسطينية تعميم موجه للمصارف العاملة في فلسطين بخصوص المفترضين المقيمين في قطاع غزة لتأجيل الأقساط، وتوجيهات عامة للتخفيف عن المواطنين والمنشآت في كل المحافظات، من خلال تسهيلات مؤقتة.
وفي ضوء المؤشرات التي تشير إلى طول أمد الحرب، وعدم وجود انفراجة سياسية – اقتصادية في المدى القريب، فإن على الحكومة الفلسطينية، والقطاع الخاص، والجهات الدولية، مسؤولية المساهمة في تأمين الحماية القانونية والاجتماعية للعمال والموظفين، الذين فقدوا مصادر دخلهم، إضافة الى خطوات لتحفيز الاقتصاد المحلي منعاً ووقايةً من مزيد من الانهيار والتدهور، من خلال جملة إجراءات منها: ضرورة العمل على دفع رواتب موظفي القطاع العام، من خلال الإيرادات المحلية، واللجوء للبنوك العاملة في فلسطين والاقتراض منها، وفاءً بالتزاماتها تجاه الموظفين، ولتحفيز عجلة الاقتصاد المحلي، وضرورة التنسيق مع سلطة النقد لإصدار تعليمات للبنوك المختلفة بالتعامل بمرونة مع التزامات العمال والموظفين من القروض، وتأجيلها الى ما لا يقل عن ثلاثة أشهر بدون فوائد أو عمولات، إضافة الى منح تسهيلات مؤقتة خاصة بالشيكات، كذلك تعميم الحكومة على القطاعات الخاصة والهيئات المحلية المقدمة للخدمات الأساسية (ماء، كهرباء، اتصالات) بتسهيلات للدفع للمواطنين المتأثرين، وضرورة قيام البنوك العاملة في فلسطين بتحمل مسؤولياتها الوطنية والمجتمعية، من خلال مساهمتها المجتمعية، وضرورة إعادة النظر في توزيع أولويات الانفاق الحكومي نحو تعزيز العدالة الاجتماعية. وضرورة العمل على تخصيص جزء من أرباح صندوق الاستثمار الفلسطيني، أو تسييل جزء من أصوله، والتي تبلغ (960.7) مليون دولار، من أجل دعم الخزينة العامة للخروج من الأزمة المالية الحالية. أما على المستوى الاستراتيجي، فتوجد ضرورة للعمل الفعلي على انفاذ قانون ضمان اجتماعي حمائي وموثوق للعمال، وضرورة العمل على الانفكاك الاقتصادي الفعلي عن إسرائيل، والتحرر من قيود بروتوكول باريس الاقتصادي، والتحوّل نحو آليات تكفل استقلالية وحق السلطة الفلسطينية في أموالها، من خلال حملة عالمية قانونية وسياسية، وأن تتحمل الدول الراعية للاتفاقية مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، إضافة إلى العمل على تفعيل شبكة الأمان المالي العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش