الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الجواد سيد - مقتطفات من السيرة الذاتية

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


عبدالجواد سيد - مقتطفات من السيرة الذاتية ،،،
ولدت فى 27 مارس من عام 1954م بحى باكوس بمدينة الإسكندرية. حى شعبى كبير شهير تعيش به نسبة كبيرة من الطبقات الوسطى والشعبية معا . فكلما إتجهت شمالا ناحية البحر زادت نسبة الطبقات الوسطى وكلما إتجهت جنوبا إلى خط السكة الحديد زادت نسبة الطبقات الفقيرة. وكنت أنا أعيش فى وسط الحى تماما بالقرب من محطة ترام باكوس . كان الحى يحتوى على كل شئ تقريبا. على نسب عالية من الجمال ونسب عالية من القبح. شوارع نظيفة طويلة تمتد بحذاء شريط الترام وأزقة وحارات متناثرة هناوهناك. كان هناك كنيسة كبيرة جميلة تقع عند تقاطع شارع الفتح مع شارع عمر طوسون ومسجد جميل يسمى الجامع الصينى يقع بين محطة باكوس ومحطة فلمنج. كان هناك فيلال جميلة تركها الأجانب وأشجار ياسمين وبامبوزيا فى كل مكان وكان هناك مقاهى شعبية وشجارات وخناقات وسباب وحتى حوادث قتل. وبإختصار كانت مصر كلها هناك. لاأعرف إذا كان حى باكوس قد ترك أى تأثير على نفسى وفكرى ولكنى واثق أن نشأتى وحيدا كان لها التأثير الأعظم. فقد كنت الإبن الوحيد لأبى الذى كان يعمل طباخا فى أحد شركات الملاحة ولذا فقد كان يسافر كثيرا ويتركنى وحيدا مع أمى أو بالأحرى زوجة أبى التى قامت بتربيتى وهى سيدة من رشيد تدعى أمينة عوض يوسف وذلك بعد أن إنفصل أبى عن أمى الحقيقية بعد سنة واحدة من إنجابى. لم يكن هناك أهل ولا أقارب فأبى قد غادر أهله فى أحد واحات مصر منذ شبابه المبكروأمى أمينة كانت من رشيد بعيدة بدورها عن أقاربها ولذا فقد حل الجيران والأصدقاء محل الأهل والأقارب منذ المراحل الأولى لحياتى وظلوا هكذا حتى النهاية.

ألحقنى أبى فى طفولتى المبكرة بمدرسة حضانة مسيحية إسمها سانتا تريزا كانت تقع فى حى باكوس بشارع عمر طوسون أو شارع الإذاعة كما كان يسمى ومازلت هذه الحضانة هناك حتى اليوم. وربما كان لهذه السنوات المبكرة تأثيرا على خيالى فيما بعد لإننى تشربت منها مبادئ التسامح فقد كانت الراهبات تتعامل معنا بحنان الأمهات كما لم يكن أهلينا يشعرون بأى حساسية تجاه إيداعنا حضانة مسيحية فقد كان ذلك هو طبيعة تلك الأيام وذلك الزمن الجميل. وبعد الحضانة إلتحقت بمدرسة حكومية إبتدائية إسمها مدرسة باكوس المشتركة مازلت تقع على محطة ترام صفر حتى اليوم قضيت بها السنوات الأربع الأولى من الدراسة الإبتدائية ثم إنتقلت إلى مدرسة إبتدائية أخرى بحى شدس إسمها مدرسة عمر بن الخطاب الإبتدائية حصلت منها على شهادتى الإبتدائية حوالى سنة 1966م ثم إلتحقت بمدرسة عبدالعزيز جاويش الإعدادية الواقعة بحى صفروحصلت منها على شهادتى الإعدادية حوالى عام 1968م وبعد ذلك إنتقلت إلى المرحلة الثانوية وإلتحقت بمدرسة الناصرية الثانوية الواقعة بشارع رياض بحى باكوس والتى أصبحت تسمى بمدرسة مبارك بعد ذلك ولاأعرف بماذا أصبحت تسمى اليوم؟. قضيت الصف الأول الثانوى فى هذه المدرسة فقط ومنها إنتقلت إلى مدرسة أخرى بحى لوران نسيت إسمها الآن حيث أنهيت الصف الثانى وبعد ذلك تم نقل المدرسة كلها إلى مدرسة جمال عبدالناصر العسكرية التى كانت قد بنيت حديثا آنذاك تخليدا لذكرى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بجوار مدرسة فيكتوريا( كوليج). وفى مدرسة جمال عبدالناصر قضيت أياما سعيدة أخرى من حياتى فقد بدأت أتجاوز مرحلة المراهقة وهدأت قليلا روح التمرد الشديدة التى لازمتنى فى صباى وإنتخبت رئيسا لإتحاد طلبة المدرسة وكنت أحظى بإحترام أساتذتى وزملائى على السواء. وفى سنة 1973م – سنة حرب أكتوبر - حصلت على شهادة الثانوية العامة من القسم الأدبى بتقدير حوالى 70% وإلتحقت بكلية آداب الإسكندرية قسم التاريخ وبدأت المرحلة الحاسمة فى حياتى الفكرية.

كنت منذ طفولتى قد إكتسبت أنبل الهوايات التى يمنحها الله للإنسان وهى هواية القراءة. فكنت فى طفولتى المبكرة قارئا نهما لمجلات ميكى وسميرالتى كنت أشتريها أحيانا وأستعيرها معظم الأحيان من سامية إبنة الجيران – إبنة عم عبدالرحيم صاحب بقالة النجم الذهبى الشهيرة فى حى باكوس آنذاك -. وعندما تجاوزت مرحلة الطفولة إلى الصبى أقبلت على قراءة الروايات بنهم شديد وكنت أشترى منها ماأستطيع وأستعير منها ماأستطيع من مكتبة قصر ثقافة الحرية آنذاك. كنت أقرأ كل شئ ، الروايات المترجمة والرواية المصرية وأذكر إننى إستعرت يوما كتابا من مكتبة قصر ثقافة الحرية بعنوان الذباب لمؤلفه جان بول سارتر وقد كنت فى المرحلة الإعدادية ولا أتذكر شئ من ذلك الكتاب الآن لكننى أتذكر أن رجلا كان يجلس بجوارى فى نفس الترام التى كنت أستقلها عائدا من محطة الرمل إلى باكوس قد لاحظ عنوان الكتاب فى يدى وأبدى تعجبه من قراءة صبى فى مثل سنى لمثل ذلك الكتاب . أصبحت قارئا نهما للروايات. قرأت كل ماكتبه نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وفتحى غانم وأمين يوسف غراب وعبدالحليم عبدالله قرأت أشياءا كثيرة لايمكن أن أتذكرها الآن وكنت أقرأ كل ماتصدره مجلة الهلال من روايات مترجمة وكذلك أصبحت عضوا مشتركا فى مجلة الجديد التى كان يصدرها الدكتور رشاد رشدى فى حدود سنوات دراستى الثانوية. وأخذت أوطن نفسى منذ مرحلة مبكرة من حياتى أن أصبح كاتبا روائيا. لم أكن قد عرفت قراءة التاريخ بعد.

فى صباى كنت ناصريا قوميا عربيا مثل معظم من عاش فى ذلك الزمن ونشأ وتربى على حب بابا جمال عبدالناصر وعندما مات جمال عبدالناصر وكنت فى حوالى السادسة عشرة من عمرى وفى الصف الأول الثانوى سافرت إلى القاهرة للمرة الأولى فى حياتى مع صديقى رفعت رسمى وصديقى عادل عباس على ظهر قطار مجانى دون أن يكون معنا مايكفينا من مصروف خلال الرحلة التى لم نكن نعرف مداها والتى قضيناها نبكى فى شوارع القاهرة ولاأعرف كيف سافرنا ولاكيف عدنا ولاكيف سمح لنا أهلينا بهذه المخاطرة الشديدة فى مثل ذلك العمر المبكر لكن عواطفنا كانت جياشة كالطوفان وما كان أحد يمكن له أن يمنعنا من أن نسافر لنبكى البطل الذى نشأنا وتربيناعلى حبه إن لم يكن على عبادته. لكن مرحلة الدراسة الجامعية كانت ذات تاثير حاسم على معظم تفكيرى فقد تحولت من الناصرية إلى الإشتراكية اليسارية العالمية وتحولت قراءاتى فى هذا الإتجاه مع إستمرار حبى لقراءة الروايات وأذكر أننى فى هذه المرحلة من حياتى قرأت كل أعمال دستويفسكى التى ترجمها سامى الدروبى. وبرغم أن قراءة التاريخ قد بدأت تقتحم حياتى وتفرض نفسها على عقلى وفكرى فقد إستمر حبى لقراءة الروايات إلى أن تخرجت من الجامعة تقريبا وأصبح التاريخ يستولى وحده على عقلى بعد ذلك وكذلك بدأ تفكيرى السياسى يتغير مرة أخرى فقد أيدت بشدة توقيع أنور السادات لمعاهدة السلام مع إسرائيل سنة تخرجى من الجامعة تقريبا وهتفت بحماس هستيرى مع الجماهير المحتشدة لكارتر والسادات عندما كانا يمران على كورنيش الإسكندرية أثناء مفاوضات السلام فى مصر قبل التوصل إلى المعاهدة ولاأعرف كيف حدث هذا لكنها كانت بداية الإنكسار مع الفكر اليسارى المصرى حيث كان العداء لإسرائيل ومازال أحد الدعائم الأساسية لهذا الفكر .

وفى رحلة القراءة الطويلة أتذكر بعض كتب كان لها تأثير كبير على عقلى وروحى. الأولى كانت رواية للكاتب الإنجليزى سمرست موم وكانت بعنوان عبودية الإنسان وقد قرأتها مترجمة عدة مرات إلا أنى قرأتها بنصها الإنجليزى الأصلى بعد ذلك وبعد أصبحت أجيد اللغة الإنجليزية. وقد تاثرت فيها بمعاناة فيليب وعبوديته لعشق ميلدرد وكنت قد عانيت من مشاعر مماثلة لذلك فى حياتى . أما الكتاب الثانى فقد كان كتاب بونابرت فى مصر لمؤلفه كريستوفر هارولد ومترجمه فؤاد أندرواس وقد ظل ذلك الكتاب يداعب خيالى على مدى سنوات طويلة من عمرى وقرأته لأكثر من مرة وتأثرت بأسلوب المترجم الرائع وبطبيعة حدث الحملة الفرنسية ذاته والذى أعتبره من أعظم أحداث التاريخ المصرى. وأعتقد إننى كنت قد أصبحت منذ صغرى عاشقا للحضارة الغربية ولذا فقد كنت سعيدا بمجئ حملة نابوليون إلى بلادنا ومازلت كذلك إلى اليوم تداعب خيالى بين الحين والآخر رومانسية تلك السنوات القليلة الجميلة . أما الكتاب الثالث فقد كان ذا تاثير حاسم على مجمل فكرى وهوكتاب تاريخ الدولة العربية لأستاذ التاريخ الإسلامى الدكتور السيد عبدالعزيز سالم وقد درسته فى السنة الأولى من دراستى بقسم التاريخ بكلية الآداب. وقد لفت ذلك الكتاب نظرى إلى الطبيعة السياسية للإسلام وأخذت منذ ذلك اليوم أتتبع ذلك الإكتشاف حتى إكتملت صورته فى ذهنى تماما خلال سنوات قليلة فقط. أما الكتاب الرابع فكان هو العهد القديم وقد حصلت عليه مصادفة أثناء نزولى بأحد فنادق سنغافورة فى التسعينيات عندما كنت أعيش فى إندونيسيا وأزور سنغافورة لتجديد إقامتى فى إندونيسيا كل عدة أشهر. ففى كل غرفة من غرف فندق سمر فيو الذى كنت أنزل به فى سنغافورة كان يوجد كتاب مقدس مسيحى (البايبل) مطبوع بالإنجليزية. وفى أحد المرات أخذت أقرأ فى هذا الكتاب ولكن بعقلية المؤرخ وليس بعقلية المتدين وهنا جاء الإكتشاف المتأخر فى حياتى وهو التشابه الكبير بين نصوص العهد القديم أو التوراة والتى تشغل الجزء الأول من (البايبل) مع نصوص القرآن خاصة فى سفر التكوين والخروج وسفر الإشتراع ومعظم المكتوب فى التوراة حتى إننى قد وضعت يدى على بعض الآيات المتشابهة تماما مع التوراة مثل العين بالعين والسن بالسن وأشياء أخرى كثيرة مثل تشابه طقوس خيمة المعبد التى أقامها موسى فى صحراء سيناء مع طقوس المعابد المصرية القديمة. وهكذا عند مغادرتى الفندق طلبت من إدارة الفندق السماح لى بشراء ذلك الكتاب فسمحوا لى بشرائه مقابل عشرين دولار سنغافورى فإقتنيته وإنكببت على دراسته وتعرفت منه على مدى إرتباط الفكر التوراتى بأساطير الشرق الأوسط القديم ومدى التشابه الكبير بين اليهودية والإسلام ومازال ذلك الكتاب عندى فى مكتبتى الضخمة فى منزلى فى إندونيسا حتى اليوم.

وبعد نهاية السنة الدراسية الأولى فى كلية الاداب سافرت إلى باريس للعمل أثناء فترة الصيف هناك كما كانت عادةالطلبة فى ذلك الزمن وقد قضيت هناك حوالى ستة أشهر عملت فيها فى غسل الصحون بالمطاعم وفى جمع العنب بالمزارع وبرغم معاناة العمل فقد إزداد عشقى للحضارة الغربية ولنمط الحياة الغربى لكننى قررت العودة فى نهاية الأمر لمواصلة دراستى. كان المرض قد بدأ بأمى أمينة قبل سفرى وكانت قد إنتقلت للحياة مع بناتها فى رشيد وعندما عدت كانت فى النزع الأخير وماتت بعد وصولى بأيام وذلك فى يناير سنة 1975م وكأنها كانت تنتظرنى فقط. وأثناء إحتضارها وعندما كنت فى زيارتها للمرة الأخيرة أشارت نحوى وقالت لطبيبها المعالج والذى كان حاضرا بالمصادفة وهمست قائلة هذا إبنى وعندئذ أدركت مدى حبها لى ومدى عمق صداقتنا على مدى العشرين عاما الذى عشنا فيهما معا كأم وإبنها وأدركت انها كانت تودعنى فركعت على قدمى بجانبها وأجهشت ببكاء مرير طويل وكأننى بدورى أودعها. وماتت بعد ذلك بيوم واحد وأكملت رحلة الحياة بعدها وحيدا فقد ظل ابى على سفر كما كان دائما.

تخرجت من كلية الآداب عام 1978م ثم عملت مدرسا لمادة التاريخ ( المواد الإجتماعية) بمدرسة إعدادية بأحدى قرى محافظة كفر الشيخ. كانت سنة شديدة المعاناة والقسوة. كانت المدرسة تقع بقرية شديدة الفقر. ليس فيها أى وسيلة من وسائل الحياة الحديثة . مجرد بيوت من طمى متناثرة بين الحقول بشكل غير مرتب ولا مفهوم بينما كانت المدرسة تقع عند أول طريق الأسفلت الذى يربط القرية بمركز الحامول أحد مراكز محافظة كفر الشيخ. إستأجرت غرفة بأحد بيوت الفلاحين وكانت السلوى الوحيدة هى زيارة زملائى السكندريين الذين كانوا يعانون نفس المصير وكانوا أربعة تقريبا . وبينما كانت علاقتنا بالتلاميذ حسنة فلم تكن علاقتنا بأهل البلد كذلك والذين كانوا يعتبروننا غرباء جاءوا من مدينة أجنبية فكانوا ينظرون إلينا بعين الريبة والتوجس كما أنهم لم يكونوا راضين عن علاقتنا الطيبة بالتلاميذ. كانوا يتصورون أن المدرس مدرس والتلميذ تلميذ وأن الشدة والخوف هى العلاقة الطبيعية بينهما. كانت حياة القرية صورة من حياة العصور الوسطى فى كل نواحيها. كنت أعود إلى الإسكندرية كل خميس وجمعة ولم يكن الراتب الشهرى الذى كان يبلغ حوالى الثلاثين جنيها يكفى لكل هذه النفقات وهكذا وبعد مرور حوالى سنة من هذه المعاناة وجدت أن من العبث الإستمرار وأخذت ابحث عن عمل بديل.
كان لمرفت خطيبة صديقى رفعت بهجت قريبة إسمها مدام فاطمة كانت تعمل سكرتيرة لنائب فندق سان ستفانو القديم ، الأستاذ محسن ، وقد عرفت منها أن إدارة التدريب بالفندق تبحث عن دفعة من خريجى الجامعات لتدريبهم على العمل فى فنادقها الثلاثة سان ستفانو وفلسطين وسيسل فتقدمت على الفور للإختبار وبسبب توصية مدام فاطمة وإجادتى للغة الإنجليزية قُبلت على الفور وهكذا إنتقلت من العمل بالتدريس إلى العمل بالفندقة. قضيت ثلاثة سنوات أعمل بفندق سان ستفانو قضيت السنة الأولى منها كمتدرب فى المطبخ ثم تخرجت بوظيفة رئيس صف أو كابتن بسبب إجادتى للغة الإنجليزية و هكذا قضيت السنتين الأخيرتين ككابتن فى المطعم أو متر كما يقال . كانت تجربة جميلة أفضل كثيرا من تجربة التدريس فى قرية كفر الشيخ. وقد إلتقيت خلالها بكثير من الناس وتعلمت كثيرا من الأشياء وأصبح لدى متسع من الوقت لممارسة هواياتى مرة أخرى فدرست بالمركز الثقافى الإنجليزى بالإسكندرية وحصلت على شهادة بإجادة اللغة الإنجليزية تصدرها جامعة جامبردج بواسطة المراكز الثقافية البريطانية فى جميع أنحاء العالم كما إزداد دخلى إلى الضعف تقريبا لكن المحصلة النهائية كانت أن كل ذلك لاينفع أيضا لبناء مستقبل كما لايناسبنى كإنسان مازال يبحث عن دور مناسب فى الحياة. وهكذا وفى السنة الأخيرة من عملى بالفندق عرفنى أحد أبناء جيراننا برجل سعودى يدعى سعيد الأسمرى جاء إلى مصر لتوظيف بعض الشباب المصريين لإدارة مكتب التوظيف الجديد الذى كان على وشك . كان يبحث عن محاسب ومراسل ومترجم . جاء إلى زيارتى فى الفندق ورآنى وأنا أؤدى عملى وتبادل معى بعض كلمات قليلة قرر بعدها أن أكون أنا ذلك المترجم. وهكذا قررت ترك مهنة الفندقة والإنتقال للعمل فى السعودية كمترجم لدى سعيد محمد حسن الأسمرى صاحب مكتب صهلاء القبائل للإستقدام والذى كان يقع فى حى نسيت إسمه الآن ربما فى منطقة الملز بالعاصمة السعودية الرياض. وكان تأثير تلك التجربة سيئاً جداً على حياتى ، لكن توقيت السفر جاء فى وقته تماما ولعل هذا ماعجل من قبولى لفرصة العمل هناك دون أن أتدبرها جيدا إذا لم يكن الراتب مغريا أبدا. كان ألفين وخمسمائة ريال فقط . كان أبى قد أحيل إلى التقاعد ولم يعد منزلنا يسعنا معا. هو وأصدقائه وأنا وأصدقائى. فقد كنت قد إعتدت لسنوات طويلة حياة الوحدة والحرية وأصبح منزلى مقرا لمعظم أبناء الحى تقريبا وعندما أحيل أبى إلى التقاعد وعاد إلى منزله أصبحت أنا غريبا فيه. فلم تكن العلاقة بينى وبين أبى جيدة تماماً ، وكنت قد إعتدت غيابه منذ طفولتى تقريبا وهكذا فعندما عاد أخيرا إلى منزله أصبحت أنا غريبا فى هذا المنزل وإرتبكت حياتى كلها وكان السفر السريع إلى السعودية هو المخرج.ربما كان ذلك هو أحد الأسباب ولكن السبب الرئيسى بالطبع - شأنى فى ذلك شأن كل أبناء جيلى - كان هو البحث عن فرصة عمل أفضل فى بلاد النفط،،، ومن السعودية سافرت إلى إندونيسا فى مهمة عمل ، ولم أعد مرة أخرى،،، وللحديث بقية ،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة