الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


“النهمة”… فن البحارة العريق وأصالة شعوب الخليج

عبدالرحمن محمد محمد

2023 / 12 / 13
الادب والفن


لكل شعب من شعوب الأرض عادات وتقاليد راسخة، لا يمحوها الزمن ولا يلغيها ولا يدثرها التقدم العالمي، والتطور التقني والمعرفي، لأنها باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتها وقصة بقائها.
عرفت “النهمة” منذ القدم في دول الخليج العربي، كأبرز طقس من طقوس الصيد، وهي طقس غنائي مرافق للبحارة، وخاصة في رحلات صيادي اللؤلؤ، وهي من أبرز الحرف والأعمال، التي عرف بها سكان الخليج العربي، وكانت لهم الريادة في ذلك.
أما “النهام” فهو الشخص الذي يتم اختياره بعناية ليكون متميزا بصوته الشجي، لبث الهمة والنشاط في طاقم السفينة (اليزوة)، الذين بدورهم يقسمون لمجموعات، كان لكل مجموعة منهم عملها مثل “الميداف”، وحين رفع الشراع الكبير، يسمى بـ “الخطفة”، وفن “الجيب” أثناء رفع الشراع الصغير طيلة رحلة الغوص، التي تمتد أشهر عدة.
كان للنهام دور بارز في رحلات صيد اللؤلؤ، التي كانت تمتد لأشهر طويلة، إذ إنه بصوته المميز يبث الحماسة والامل في نفوس البحارة، ويحثهم على المزيد من النشاط والتمسك بالأمل في العثور على رزق وفير وصيد كثير، وكانت أغنياته من مفردات التراث الشعبي والموروث الأصيل، وهو يرددها بصوت شجي ومنها “أوه يا مال”، “جم انا بانوح”، كما يلهج لسانه بـ “لا إله إلا الله”، وغيرها من الكلمات الأخرى التي يشدو بها.
اختيار النهام كان غالبا يتم عن طريق “النوخذة” وهو قائد السفينة، وكانت من أبرز الصفات المطلوبة في النهام الصوت القوي، والشجي، وحفظ الكثير من الأهازيج الشعبية، والأناشيد والاشعار، التي تحض على العمل والأمل والمثابرة والصبر، وحفظ الأهازيج والأغنيات الخاصة بالرحلات والأسفار البحرية.
النهمة من الفنون الشعبية القائمة بحد ذاتها، وقد تحولت مع مرور الزمن إلى فن “بحري” له قواعد أساسية لأدائه، وتقام له مناسبات ومسابقات في مجمل دول الخليج حفاظا عليه من الاندثار.
كان للنهام وما يزال دور في تخفيف العناء عن البحارة والحث على التحلي بالصبر، ويضم أشكالا من أغانٍ متنوعة شعبية وخفيفة تخضع لقواعد معينة، وكذلك أغاني الزهيري، والموال، بالإضافة إلى ترانيم واستهلالات وأدعية، وابتهالات كلها تدخل ضمن ما يغنيه النهام خلال رحلات الغوص،
التي تمتد لأربعة أشهر، وعشرة أيام متواصلة.
لم يقتصر هذا الفن على دولة أو منطقة معينة في الخليج، بل شمل سواحل الخليج العربي في كل من السعودية، والبحرين، وقطر، والكويت، والإمارات، وعمان، ويحتوي هذا الفن على أغانٍ من نوع اليامال والخطفة والمداوى، والفجري، والأغاني الشعبية الخفيفة، التي تخضع لقواعد معينة، بالإضافة إلى أغاني الزهيري، والموال، والابتهالات، والاستهلالات، والترانيم، وأدعية يغنيها “النهام”. يتميز هذا الفن بعدم استخدام أدوات الموسيقا المتعارف عليها، بل يعتمد على بث الحماس في نفوس الصيادين مع تشجيعهم على بذل الجهد في لتحقيق الصيد الوفير.
أنواع النهمات
الخطفة: يختص هذا النوع من الغناء برفع أشرعة السفينة من أجل إبحارها باتجاهات مغايرة، وتنقسم هذه الخطفة إلى عدة فروع مختلفة من الضرب والغناء، أهمها: خطفة البومية، خطفة الشومندي، خطفة العود، خطفة الجيب، خطفة الكابية، خطفة دواري القلمي.
اليامال: يختص هذا النوع من الغناء بالسرد الإلقائي على ظهر السفينة وخارجها، ومن أنواع اليامال: يامال محرقي، يامال راكد، يامال البدينة، يامال ياهي.
الحدادي: آخر نوع من فن النهمة وهو الحدادي، يأتي هذا النوع في الأوقات، التي ينال التعب فيها البحارة، ويخلدون للراحة، لاستعادة نشاطهم. يشكل هذا الفن للوحدة الفنية القائمة بذاتها، والتي تندرج تحت قائمة ما أسميناه بالفنون البحرية الخفيفة، هذا النوع من الغناء يقوم به البحارة خلال وقت فراغهم من عمل معين، لاتخاذه وسيلة من وسائل المرح واللهو.
والحدادي في حد ذاته ينقسم إلى قسمين: النوع الأول يأتي بعد انتهاء العمل مباشرة من أجل مواصلة عمل آخر، ومنها
جفت الشراع، والياملي، والسيملي، ولمة المجيب.
النوع الثاني من فن الحدادي يهدف هذا النوع إلى الترويح عن النفس بعد فترة العمل، مثل: الحدادي الحجازي، الفجري، الشيبثي، الحدادي المسروق، السنكني، الحدادي الحساوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان