الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة نهاية المعركة. بداية الحرب

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2023 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يتحدث الكثيرون عن ضرورة إنهاء الحرب على غزة ، من المنظور الأخلاقي . لكن هذا الطرح يبدو مجتزئا من سياقه الأيديولوجي. فالمعركة التي تدور رحاها الآن فى الشريط الضيق، ما هي إلا واحدة من سلسلة معارك فائتة وسلاسل قادمة لن تنتهي إلا بفرض أحد طرفي الصراع قدرته على التحول الديموغرافي واللوجستي، القادر على الإحلال الكلي لأحد طرفي الصراع مكان الآخر، بحيث يكون البقاء الخالص لليهود، أو البقاء المتفرد للفلسطينيين دون نزاع ، وقد أظهرت الدراسات الجديدة استحالة نفاذ حل الدولتين، فعلى المستوى الأيديولوجي الفلسطين، هناك حق منتهك مسلوب منذ عام 1948 وحتى تاريخ كتابة تلك الورقة، يقابل ذلك المعتقد عند الأجيال الجديدة من الصهاينة ، أن ما يسمى بإسرائيل هي دولتهم التاريخية ووعد الرب لهم. لذا فنحن أمام قطبين متنافرين تماما التنافر. هذان القطبان على مدار 75 عاما يعيشان حالة الاشتعال الداخلي ، كل يحاول فرض منظوره على أرض الواقع، وكانت الغلبة دائما للكيان المحتل، من حصار وسجن وقتل بدم بارد ومحاولة إذلال أصحاب الأرض وهزيمتهم معنويا. هذا الطرح على مدار ثمانية عقود، لم يكن سوى مادة شحن للفلسطينيين، الذين على ما بدا فى أحداث 7 أكتوبر، أنهم لم يرضخوا لتلك الممارسات غير الإنسانية، بل زادهم القمع إصرارا على مواصلة الحرب، التي هي سلسلة من المعارك المنفصلة منذ الاحتلال وحتى تاريخ المعركة الدائرة حاليا. فبينما كان العرب مشغولون فى التهافت على عملية التطبيع، كانت هناك مسارات مغايرة لقوى الرفض الفلسطيني، من استعداد لبدء معارك مع الكيان المغتصب، فالفرضية الآن أصبحت واضحة لكلا القطبين الفلسطيني والصهيوني- الوجود مقابل الفناء – يتحدث أمراء الحرب والمفكرون داخل الكيان عن ضرورة محو محور المقاومة تماما، بينما مسارات الحرب واضحة للعيان، وهي الفرضية الإحلالية بضرورة تهجير الفلسطينيين عن أرضهم، فى المقابل تأتي تصريحات قادة المقاومة وعلى رأسهم عراب المقاومة يحي السنوار، عن ضرورة إنهاء الاحتلال قسرا وجبرا تحت أغطية النار، لذا ومن ذلك المنطلق العقائدي عند الطرفين، فالهجوم على غزة ومحاولة محوها ببشرها وحجرها، هي عقيدة وليست مخطط مستحدث لشرق أوسط جديد، وفى المقابل، لن يتنازل الفلسطينيون عن شبر واحد من أرضهم المسلوبة منذ 1948 وليس بعد نكبة 1967 .
غزة معركة وليست حربا. فالمعركة و إن انتهت الآن ستشتعل مرة أخرى ما لم يتم التوصل لاتفاق عادل يمنح الفلسطينيين حقهم المشروع. لكن هذا الاتفاق المزعوم بحل الدولتين فى ظل قناعات عقائدية راسخة، ما هو إلا درب من دروب اليوتوبيا، أو أطروحات لذر الرماد فى العيون، أما من يسجل موقفا تاريخيا أمثال الفيلسوف الألماني الشهير هيبرماس، وإن كان موقفه بشعا ومناقضا لتشدقه بالأخلاق التي صدعنا بها فى كتاباته، فيرى من الباب الخلفي رؤية الصهاينة فى الوجود الإحلالي بفلسطين، وهذا ما صرح به عن حق الكيان فى الدفاع عن نفسه، متناسيا ومتغاضيا عن بشاعة الجرائم المنتهكة فى حق المدنيين.
أصبحت القضية واضحة الآن أكثر من ذي قبل. لا مفاوضات على الحقوق، هذه الرؤية الراسخة عند محور المقاومة، وسترسخ معركة غزة تلك الفكرة فى ضمير أجيال قادمة، رأت بأعينها بشاعة و إجرام الصهاينة، مما يعني تعظيم قيم المقاومة والثأر الذي هو غريزة بشرية عامة وليست خاصة بالفلسطينيين وحدهم. القضية الآن أصبحت حل الدولة الواحدة، وستستمر الحرب ولو انتهت معركة غزة، على تلك الفرضية ، وسيحسم الزمن وحده تلك القضية ، فترقبوا مزيدا من الدماء فى السنوات القادمة ، ما لم ...؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح