الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الثانية على رحيله ... حامد فاضل الراسخ المجرّب

عامر موسى الشيخ
شاعر وكاتب

(Amer Mousa Alsheik)

2023 / 12 / 13
الادب والفن


مرّت علينا قبل أيام الذكرى السنوية الثانية لرحيل القاص والروائي العراقي حامد فاضل ( 1950- 2021 ) وفي هذه الذكرى ، نحاول الحديث عن تجربة أدبية تعد من التجارب العراقية المهمة في مجال السرد بأنماطه القصصية والروائية والكتابية .
ولو حاولنا تأطير هذه التجربة عبر رسم مخطط بياني لها ، نجد أنها تجربة تقف على ركيزتين واضحتين ، الأولى هي ركيزة القصة القصيرة التي ترسخت في مجال كتابة القص وفي كتبه الصادرة ( حكايات بيدبا ) و( ما ترويه الشمس ما يرويه القمر ) و( المفعاة ) وهي مجموع اصداراته القصصية الممتدة لسنوات ، وقدمت هذه التجربة نفسها بأنها من التجارب المميزة عبر آليات اشتغالها وابتكاراتها .
الركيزة الثانية في تجربة حامد فاضل هي ركيزة التجريب ، إذ استطاع ومن خلال كتبه ( مرائي الصحراء المسفوحة ثقافة الأمكنة ) و( رواية بلدة في علبة ) و ( ألف صباح وصباح متوالية حكائية ) و ( رواية لقاء الجمعة ) أن يطأ حقولا جديدة على مستوى تجربته الشخصية عبر التجريب ، ويدشن مشروعه الخاص في ما يسمى في الدرس النقدي ( سرديات الواقع الجديد ) أو ( السرد غير الطبيعي ) . تجسدت هذه المفاهيم بالتحديد في كتبه الأخيرة ، من خلال تجسيد مقولات تلك المفاهيم التي تجاوزت الكلاسيكيات السردية ، والتحول باتجاه فتح الآفاق على الوجود المحيط بصورة أوسع ، اذ استطاع أن يحيل الأمكنة والجمادات والموجودات إلى أبطال مؤثرين في الفعل السردي ، فضلا استعمال التقنيات السردية أخرى من قبيل جعل جثة الميت ناطقة ، إضافة إلى تقنية استدعاء شخصيات أو حكايات من التراث ومن ثم زجها في عوالم غير عوالمها ، والباسها أثوابا جديدة ، وصناعة أحداث لها لم تألفها من قبل في عوالمها الأصليّة ، وهذا واضح وجلي في مشروعه ، وضمن هذا الإطار نجد أن (بلدة في علبة ) بطلها صندوق الصور ، و(مرائي الصحراء المسفوحة ) بطلها المكان البدوي الصحراوي وكل حمولاته التاريخية ، وفي ألف صباح وصباح البطلة شهرزاد لكنها بطلة في خيمة وليس في قصر ، وهي الملكة التي يُحكى لها ، والبطل هو الراوي العليم وليس شهريار ، و استطاع من خلال فعل التجريب كسر النمط المستقر في التلقي العام على سبيل المثال حول حكايات ألف ليلة وليلة ، ونجده في هذا العمل أنه قلب الموازين تماما ، زمانيا ومكانيا ، من خلال التقابل المضاد ، فالعنوان يقابل ألف ليلة وليلة ، والخيمة تقابل القصر ، والضحية شهرزاد صارت هي الحاكم ، والرجل هو ضحية ، فضلا عن مفاهيم أخرى تضمنها هذا الكتاب ، تنم عن قابلية فريدة كانت لدى حامد في السعي في حقل التجريب السردي .
وفيما يخص لغة حامد ، فإنها تتميز بأنها لغة شعرية بامتياز اعتمدت على الاستعارات والتشبيهات الجمالية التي تحمل معان خاصة ، وفائض المعنى من تلك الاستعارات ، التي سوف تحقق أفق المعاني الوَلاّدة مع الزمن عبر فعل التلقي لهذه النصوص مع الزمن .
رحل حامد جسدا وبقى في قلوب محبيه حيا من خلال سجاياه ، وفضائله ، وكتبه التي زادت من رقع الجمال في ثقافتنا العامّة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل